الجمعة، 30 مارس 2012

قادمٌ من تونس الخضراء ...




قضيت أربعة أيام في حمامات المدينة التي تَبعُدُ بساعةِ زمنٍ عن تونس العاصمة، مُشاركاً في أحد المؤتمرات العالمية التي نُظمت بكل المهارة والحفاوة وكرم الضيافة، وهو ليس بمستغربٍ عن ثقافةِ شعوب البحر المتوسط.  ولما كان في السفر من الفوائدِ الشئُ الكثيرُ فإنه من الضروري أن أشارك فيها من يهتم، لعل وعسى.

مشاركةُ الجامعات المصرية في المؤتمرات العالمية المعترف بها أمرٌ بالغُ الأهمية، فهو يساعد على التعريف بمصر العلم إضافة إلى إطلاع المصريين على أخر المستجدات العلمية، وما يبعثُ على السرورِ حصول بحث من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا على جائزة أفضل بحث. التآكيد على المؤتمرات العلمية المعترف بها أمرٌ لا بدَ من الوقوف عنده بعد أن انتشر بين العاملين في الجامعات المصرية النشر في مؤتمراتٍ ومجلات لا تدققُ فيما تنشر، طالما أن المعلوم تم سداده، وهو ما يسئ إلى سمعة المناخ العلمي في مصر خاصة وأن العديد منها له من الزبائن المصريين نصيبٌ كبيرٌ، استكمالاً لمسيرتهم في التحاذق ودهان الهوا. من الأساسي ألا تدعم جامعاتنا المُقتِرة أصلاً نفقات نشرِ أبحاثٍ فشنك، في مجلات ومؤتمرات تدخل تحت طائفة العشوائيات. 


أما الشعب التونسي فهو راقٍ مثقفٌ مضيافٌ ذواق، إجراءات الحصول على التأشيرة سهلة بلا تعال، الإجراءات في مطار قرطاج سلسة وسريعة، طبعاً التونسيون مُستثنون من الوقوف في طوابير المطار وهو ما يجب أن نتعلمه في مصر. 


يجبُ ألا ننسى، رغمًا عن من يريدون للكل أن ينسى، أن الفنَ المصري صاحبُ فضلٍ عظيمٍ في نشرِ اللهجةٍ المصريةِ وهو ما يجعلُ المصري لا يشعرُ بالغربةِ أينما حَلَ، كما أنه يُوَحِد الشعوبَ العربيةَ على فنانيه وإبداعاتِهم  وهو حتى الآن الحدُ الأدنى الوحيدُ والممكنُ، فقد ملآت الأجواء أغاني أم كلثوم ووردة ونجاة الصغيرة، وهذا الفنُ الجميل يسمو على دعاوى التحريم ووأدِ حريةِ الفكرِ والتعبيرِ تحت مسمياتٍ ما وراءها إلا العزلةُ والعذابُ.  وإذا كان الفنُ المصري قد لمَ الشملَ فقد مَزقَه المنتسبون كذباً ومرضاً للرياضةِ سواء كانوا في الإعلامِ أو في الإداراتِ أو في المدرجاتِ، فرَقوا بين مصر والعرب، وبين المصريين في القاهرة والمصريين في بورسعيد وغيرها. 


لقد حسَمَ حزبُ النهضة الإسلامي نزاعَ الدستور بكل الواقعية والتعقل، لم يستحوذ ولم يحتكر؛ هل يتعلمُ منه الإخوان، أم تأخذهم العزةُ بالإثم؟ التجمعاتُ الفئوية بأشكالها وتصنيفاتها أيضًا موجودة وإن كانت بدرجةٍ أكثر هدوءًا مما نعاني منه في مصر. 


في الدولِ العربيةِ كثيرٌ من الخيرِ، في البشرِ والطبيعةِ، من الخسارةِ أن تتخلفَ في زمنٍ قاسٍ لا يرحمُ، من المؤلم أن تُظهرَ الرياضةُ أسوء ما في الثقافةِ والطباع العربيةِ، لكن أليس من الضروري أن نسأل من يتحملُ المسؤوليةَ؟ إذا واصلنا خداعنا لأنفسِنا فاللومُ على المؤامراتِ والحقدِ على حضارتنا وتاريخنا،،


Twitter: @albahary 

ليست هناك تعليقات: