أعطى الإخوانُ رسالةً سريعةً، لا لبسَ فيها، مصلحتُهم في خطٍ يتعارضُ مع مصلحة الدولةِ المصريةِ. بدايةًً، الإفراجُ عن غُلاةِ التطرفِ والعنفِ وكأنهم لم يُحاكموا ويُدانوا؛ رسالةٌ مزدوجةٌ، لا احترامَ لحكمِ القضاءِ عندما يتعارضُ مع مرادِ الإخوانِ، أيضًا زمنُ التطرفِ والعنفِ باسم الدين آتٍ لا محالةَ. ثم، فتحَ المعابرَ مع غزة وتركَ الأنفاقَ على الواسعِ، ليمرُ منها من قتلوا مصريين ساهرين على الحدودِ، وليَنفُذُ منها من لم يُعرَفوا بعد. خطوتان في المقدمةِ، لكن ما سبقَهما كثيرٌ وكثيرٌ جدًا.
التكويشُ على الإعلامِ المقروءِ والمرئي بدا قبيحًا فجًا، لجانٌ تُشكلُ لتعيين رؤساءِ تحرير تفصيلِِ، وزيرُ إعلامٍ أتوا به لفرضِ صِبغتِهم على التليفزيون والفضائياتِ، وزيرُ استثمارٍ سُحِبَ من بطنِ الغيبِ، استهلَ قعدتَه على الكرسي بتهديدِ الفضائياتِ الخاصةِ بدلًا من بحثِ ما مصر فيه من مصائبٍ، تَعامى عن فضائياتِ التطرفِ والكراهيةِ الحلالِ. طبعًا السيطرةُ على مستوى مجلسي الشعب والشورى فاقَت ما وردَ في كتبِ الأساطيرِ، أما الوزراءٌ فجلَبوهم لتنفيذِ ما يؤمَروا به بدونِ هَشٍ ولا بَمٍ ولا تَمٍ.
ما يلفتُ النظرَ بطريقةٍ مُنفرةٍ، المتحدثُ الإعلامي لرئاسةِ الجمهوريةِ الذي لا يجيدُ إلا التبريراتِ الهَزليةَ السطحيةَ الفارغةَ، وأخرُها أن الرئيس تغيبَ عن جنازةِ شهداءِ رفح حتى يترك الجماهيرَ تُعبرُ عن حزنِها بحُريةٍ!! أيضًا المتحدثون باسم الإخوان وصبيانُهم على الإنترنت الذين أصبحَ همُهم الأوحدُ سَبَ من يُعارضُهم والدفاعَ عن كل خطايا الإخوانِ، وكأنهم مُنَزهون مَعصومون، وكأن الباطلَ لا يعرفُ لهم طريقًا!! وعلى نفسِ الخطِ إبن الرئيس الذي طلعَ في المقدرِ بسرعة جدًا وبدري جدًا جدًا!!
لكن، أليس من حقِنا التساؤل، كيف يؤتمنُ الإخوانُ على أمنِ مصر القومي وأجندتُهم ومذهبُهم لا تعترفُ بحدودٍ ولا وطنٍ؟ ألم يبدأوا بفتحِها مع غزة؟ ألم يرسلوا غاز مصر وكهربائها إليها على حسابِ شعب مصر؟ كيف تعملُ أجهزةُ المخابراتِ وأمنِ الدولةِ ضد الإرهابِ والتطرفِ ولمن تُسلمُ تقاريرَها؟ وعندما يضعُ الأخوانُ عليها يدَهم لمن يسلمونها؟ لتنظيمهم الدولي؟ كان الله في عونِ أجهزةِ الداخليةِ وقد حوربت عمدًا حتى تحلُ محلَها مليشياتٌ وهيئاتٌ لإجرامٍ بمسمياتِ نهي عن المنكرِ.
البوصلةُ اهتزَت في يدِ القواتِ المسلحة، تطاولَ السُفهاءُ ومرضى النفوسِ عليها، جَرَحوها، بتشجيعٍ من الإخوانِ، بالقطعةِ، حسب مصلحتِهم؛ جيشُ مصر يُعاني الغَدرَ، داخليًا قبل خارجيًا، ممن يأخذُ أوامرَه؟ وماذا إذا تعارضَت مع الإخوانِ كُلِهم ومذاهبِهم؟ مصرُ لم تَثُرْ، لم تتغيرْ، إنها تَئنُ، تتألمُ؛ الإذاعة المصريةُ وكذلك التليفزيون بقنواتِه تحولوا إلى علاماتٍ مؤكدةٍ لنفاقِ الحاكمِ، أيًا كان لونُه، دلالاتٌ واضحةٌ على محنةِ مصر وحالِها، تمامًا مثل غيابِ الأمنِ والبلطجةِ في المصانعِ والشوارعِ. مُحافِظا شمال وجنوب سيناء النموذجُ النمطي لكل مسؤولي مصر، نَفيا أي إرهابٍ في سيناء، أنكرا الحقائقَ، كذب في كذب، لماذا؟ الكرسي المُقدس.
متى تبدأ مائةُ يومِ برنامج الإخوانِ الموعودِ؟ ما تبدأُ إلا الفَلفَصةُ والحَمرآةُ والتمَلُصُ والتحللُ وإلقاءُ التهمِ كلما تَسربَت أيامُها، طبعًا مصرُ فيها مُغَفَلون، أهكذا يراها الإخوانُ؟ مصر تريدُ حياتَها وحريتَها والإخوانُ ما رأوا وأرادوا إلا بقاءهم، ولو على الأنقاضِ،،
Twitter: @albahary
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق