كتاب طريقي للدكتور/ كمال الجنزوري شبهُ سيرةٍ ذاتيةٍ لمشوارِه الطويلِ مع العملِ الحكومي، متسلقًا درجاتِه حتى مُنتهاها. عِظمُ المسؤوليةِ يجعلُ الكتابَ على قدرٍ عالٍ من الأهميةِ، فصاحبُه شافَ ورأى وسمعَ، وعانى، قد تكونُ معاناةُ كلِ طَموحٍ، لكنها ضريبةُ المنصبِ في مصر. مما عانى الدكتور/ الجنزوري؟ من الكيدِ.
الكيدُ هو المكرُ السئ، هو الإيقاعُ بين زملاءِ العملِ، هو نشرُ الجستابو بين المرؤوسين، ينقلُ همساتِهم ولفتاتِهم، هو التحريضُ على كتابةِ الشكاوي في حقِ من يُرادُ التدبيرُ ضدهم. سلوكٌ مريضٌ، لا يعرفُ سنًا، ولا مسؤوليةً، إنما نفسيةٌ غيرٌ سويةٍ. في المصطلحِ العامِ، فلان زُمبجي، أي يخبط بالزمبةِ، يفقعُ زُمبة. ما هي الزُمبة، آلةٌ حديديةٌ صُلبةٌ مُدببةٌ، يستخدمُها حدادو المسلحِ والسباكون، وهي من أقوى الأدواتِ التي في حوزتِهم، تفوتُ في الحديدِ، وفي أي حائط.
من عاني منهم الدكتور/ الجنزوري وعَلَموا عليه هم من عِليةِ زمانِه، من سُلِطَت عليهم الأضواءُ، لكن من المؤكدِ أن الزِمجيةَ في مصر يتراوحون ما بين من هم فى أعلى درجاتِ السلمِ ومن هم مازالون صراصيرًا. الزُمبجي يتصفُ بشخصيةٍ مؤمراتيةٍ، لا يحب أحد ولا يصدق أحد، لا غالي عليه ولا عزيزَ، يضحكُ بصفارٍ، ويتكلمُ بهدوءٍ وحكمةٍ مصطنعةٍ، يَتَمسكنُ حتى يتمكنُ، وإن تَمَكَنَ فالفُجرُ كلُه، أماراتُ النفاقِ كلُها مُركزةٌ فيه.
الزَمبَجةُ لا تعرفُ مكانًا، قد تكون في مصنعِ، في مؤسسةٍ حكوميةٍ، في نادٍ، في مدرسةٍ، في جامعةٍ، لا أخلاقَ لها، تحريضُ الطلابِ على كتابةِ شكوى في أحدِ أساتذتِهم، تحريضٌ موظفٍ على الكيدِ لآخر على وشك الترقيةِ، مقالٌ مُلفقٌ في صحيفةٍ ولو من تلميذٍ في حقِ من علَمَه. كم من قصصٍ عن زُمبجية طلعوا لفوق، بالزُمبة صعدوا وبها استمروا. مناخٌ الزُنبِ مريضٌ لا ينتجُ عنه إلا أداءا متخلفًا فاسدًا.
الكيدُ، مصيبةُ سلوكياتٍ ونفوسٍ. الزُمبة منتشرة في مصر في المؤسساتِ وأجهزةِ الحكومةِ والخاصِ، أكثر مما هي في أيدي الصنايعية، وعجبي،،
Twitter: @albahary
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق