عاملُ التراحيلِ، لا زمانَ له ولا مكانَ، يعملُ في عزِ الحرِ. وفي البردِ، صباحًا وارد، مساءًا وماله، في صحراءٍ، على جبلٍ، في بحًٍر أو ترعةٍ، يعيش ُيومًا بيومٍ، بالتساهيلِ والرزقُ على الله، لا يُخَطِطُ لمستقبلٍ، واقعُه يستغرقهُ، هو كلُ حياتِه. مصرُ أصبحَت شعبًا من عمالِ التراحيل، الموظفون والجالسون في بيوتِهم، رجالًا ونساءًا، كبارًا وصغارًا، سياسيين وثوريين وناسَ الإعلام!!
النزولُ إلى الشارعِ، من منزلٍ أو محلِ عملٍ، من مقهى أو نادٍ، لا يعني بالضرورةِ إنجازًا؛ قد تكونُ الطرقاتُ مقطوعة، أو وسائلُ المواصلاتِ معطلةٌ، قد تعزُ الكهرباءُ؛ مظاهرةٌ هنا، اعتصامٌ هناك، مسيرةٌ سلميةٌ بالمولوتوف، طوبٌ متطايرٌ، حجارةٌ من كلِ اتجاهٍ، كاوتشٌ مشتعلٌ، مُنَغِصاتٌ بأي طريقةٍ. ابتكرَ المصريون شيئًا، كيف يكونُ وقفُ الحالِ، وقفُ حالِهم !! في أجواءٍ هذا حالُها يستحيلُ التدبيرُ، حكومةً وشعبًا، القرارُ وما في البالِ، قد يكونُ مُجردَ خاطرٍ، لن يخرج إلى حيزِ الوجودِ، وقد يخرجُ، كٌلُه بالتساهيل !!
قد يكونُ الطريقُ سالكٌ وقد يتعلقُ المصعدُ في العَتمة والخانقة ما بين دورين، وفي انتظارِ الفرجِ والحَزقة ينقطعُ الأملُ والرجاءُ في انصلاحِ الأحوالِ. هَمٌ يُبكي وهَمٌ يُضحكُ، لكنه هَمٌ، كُلُه مربوطٌ بكلمةٍ واحدةٍ، التساهيل. هل يستمرُ العامُ الدراسي؟ الله أعلم. هل ستذهبُ إلى الطبيبِ؟ الله أعلم. هل سيزدادُ الإنتاجُ؟ الله أعلم. هل ستأتي من عند البقالِ؟ الله أعلم. أسئلةٌ لا تتجاوز اللحظةَ الحاليةَ، بلا إجاباتٍ، كُلُه بالتساهيلِ، حَي حَي حَي ي ي !!
طالت فترةُ وقفِ الحالِ وباخَت، شاخَت معها الأمالُ وبهتَت، وأخرتها؟ دولةٌ هذا حالُها لا تَبقى، وشعبٌ، لا يفكرُ إلا في الكسلِ بأجرٍ، الجوعُ حلالٌ فيه، بلدٌ لا يحافظُ عليه أهلُه لا يَحِقُ لهم، خسارة فيهم،،
إيييه، خليها على الله، ومشيها وياله، يُغنيها عمالُ التراحيلِ. يستحيلُ أن تظلَ مصر، شعبًا وسياسيين وحكومة، من عمالِ التراحيلِ،،
Twitter: @albahary
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق