أثارَت لجنةُ تطويرِ قانونٍ للجامعاتِ ضجةً كبيرةً، لماذا وما من أحدٍ سَمِعَ بها؟ بمنتهى البساطة لأنه فعلًا لا حسَ عنها ولا خبرَ؛ التوجسُ من قانونٍ يظهرُ بليلٍ يفاجئ الجامعاتِِ. لقد أثارَ نشري ببريد الأهرام يوم الأحد ٤ يناير ٢٠١٥ رسالةً عن مطالب الأساتذةِ المتفرغين ردودَ أفعالٍ تعبرُ عن همومٍ وشجونٍ مترفعةٍ غيرِ راضيةٍ عن حالِ الجامعاتِ، هموم من؟ همومُ الأساتذةِ المتفرغين. لا ينسى المجتمعُ الجامعي ما كان عام ٢٠٠٠ لما أصدَرَ وزيرًا للتعليم العالي كنيته المبيد قانونًا لاغتيال أساتذة الجامعات فوق السبعين وألقاهم في الشارعِ ومنهم من لم يخرجْ في إعارةٍ إئتناسًا بالعملِ في جامعتِه. لقد كان هذا الاغتيالُ عنوانًا لعصرٍ لم يكنْ للجامعاتِ فيه دورٌ؛ وفي مايو ٢٠١١ بعد إحدى عشر عامًا مُظلمةٍ ظالمةٍ أُلغي هذا التعديل على قانون الجامعات لكن ذكرياتِه وجراحَه لازالت حيةً لم تغلقْ.
مع الأسفِ وبكلِ صراحةٍ لازمةٍ، الوضعُ الآن في البلدِ بكلِ مؤسساتِها يحاربُ من هو أكبر، وكأن الثوريةَ تطاولٌ على الكبيرِ وإنكارٌ لدورِه، وركوبٌ على أكتافِه، وكأن العملَ يبدأ اليوم فقط، ما من أمسٍ. الجامعاتُ تقومُ على تواصلِ الأجيالِ لا على تطاولِ الأصغرِ على الأكبرِ وإلا نشأ المجتمعُ مريضًا سئ السلوكِ، يتطاولُ فيه الطالبُ على أستاذِه لأنه "يأفور"، بالضبط كما يتجاوزُ عضوُ هيئة تدريسٍ أصغرُ في حقِ الأكبرِ منه. هل يكونُ قانونُ الجامعاتِ السري في صفِ إعادةِ عصرٍ ألقى أساتذةِ الجامعاتِ الكبارِ في الشارعِ؟ هل يكونُ مسايرًا لموجةِ حالية من التجاوزِ في حقِهم وفي حقِ كلِ كبيرٍ؟ قانون التعليمُ العالي يعبرُ عن نظرةِ للدولةِ للعلمِ ولأساتذةِ الجامعاتِ، ولا تُنسى خطاياه وأشخاصُه أبدًا.
منحَ رئيسُ الجمهوريةِ أوسمةً لعددٍ من أساتذةِ الجامعاتِ ومراكزِ البحثِ العلمي، نتمنى المزيدَ من التقديرِ للعلمِ والعاملين عليه، حتى تكونُ جوائزًا حقيقيةٍ في منحِها لا مجرَدَ احتفالياتٍ، وحتى يكون قانون الجامعاتِ الجديدِ صورةً لدولةٍ تحترمُ العلمَ وأشخاصِه لا صكًا لبقاءِ وزيرٍ على كرسيه.
Twitter: @albahary
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق