جَاءَ في رسالةٍ ما قاله أستاذ عاق لأستاذه الذي بلغ السبعين من عمره "انتهى عمرك الافتراضي". هذا بالفعل حال الجامعات الآن، يشكو كل من يقوم بالعملية التعليمية على كل مستوياتها من سوء سلوكيات وتجاوزات في حق الأكبر، وكأن الأستاذ تساوى مع تلميذه. ومع الأسف لقد أصبح هذا المسلك نهجًا في الدولة، تذلفًا تارة وعجزًا أخرى. أيضًا، نُشِرٓ بإحدى الصحف الإلكترونية خبرٌ عن تحرش عميد كلية إقليمية بعضوة هيئة تدريس، فصرخت حتى تجمع خلق الله. هذا هو الخبر، فما هو تعليق القرّاء؟ كانت التعليقات ستة، إثنان منها تَهَكَما على الموضوع، وإثنان جاءا خارج الموضوع تمامًا وكانا عن ضرورة التخلص من الأساتذة المتفرغين لإتاحة الفرصة للشباب، وإثنان ردا عليهما ما دخل الأساتذة المتفرغين بحكاية التحرش وبالخبر أصلًا؟!
نغمةُ التخلص من الأساتذة الذين بلغوا السبعين عامًا وكأنها المفتاح السحري لحل مشاكل الإقتصاد وإعطاء الفرصة للشباب تؤكد مع الأسف على مرضٍ في الطرحِ وفي الحلِ، وعلةٍ متأصلةٍ في النفسِ. فالأساتذةُ المتفرغون مهمشين لا يشغلون أية مناصبًا إداريةً، ويُدرس معظمهم لمرحلة الدراسات العليا. ثم، كم يبلغ ما يتقاضونه حتى تُحَلُ أزمة الاقتصاد الفطسان؟! لنكن صرحاء، كثيرٌ ممن ينادون بالتخلص من الأساتذة فوق السبعين هم من يتصورون أن في ذلك مٓسحٌ لماضيهم غيرِ المشرف سلوكيًا وعلميًا، وهو قطعًا معلومٌ للأساتذةِ الكبار الذين درسوا لهم وخَبِروا نفوسٓهم وممارساتِهم ومسلكٓهم.
وإذا كان توفير الميزانيات لازم، ألا يجبُ التخلصُ من الصغار الشباب النغانيغ الذين لا يترقون في الميعاد، والذين يعطون محاضراتٍ منقوصةً زمنًا وعددًا، والذين يقضون وقتهم في الانتدابات هنا وهناك، والذين بكلِ البجاحةِ يسرقون علميًا، والذين يلهثون على فيسبوك وغيره سعيًا وراء المنظرة الفاضية؟ وماذا عن البذاءاتِ مع الطلابِ؟ أليست تلك الممارساتُ الفضائحيةُ معلومةً وعلى مرآى من الجميع؟
ميشيل تامر رئيس البرازيل المؤقت |
كم من الأساتذة تخطوا السبعين ويتواجدون في مكاتبهم من السابعة صباحًا، ولم يخرجوا من الدنيا إلا بسيارة انتهى عمرها الافتراضي من ثلاثين عامًا؛ تعفٓفوا وما زالوا، يتألمون من الحقد والغدرِ وسؤ الطوية. هل تُبنى دولةٌ بالغدرِ بمن أعطى طول العمر ولم يخرج في إعارة هنا وهناك؟! هل تُبنى دولةٌ بالحقد؟ هل تُبنى دولةٌ بمن يريدون غسلٓ ماضيهم؟ ثم هل يشيخ العلم؟
Twitter: @albahary
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق