الخميس، 9 أكتوبر 2008

الرجلُ المناسبُ في المكانِ المناسبِ .. والنسبيةُ العربيةُ


ما أكثرَ الأقوالَ المأثورةَ في العالمِ العربي، عالمُ الأدبِ، المندثرِ، والشعرِ، الذي كان. تراثٌ فخمٌ من الحِكَمِ مُصاغةً في أبياتِ شعرٍ ونثرٍ مسجوعٍ، تنصحُ، توضحُ، تتعجبُ. ما أبدعَ ما صاغَ حكماءُ العربِ، أُجزِلَ لهم المقابلُ، أحياناً، عُذِبوا واِِبتلعَتهم السجونُ كثيراً. يبتغون كمالاً مطلقاً، لا يعترفُ بالزمانِ والمكانِ، إنما بالصوابِ وحدِه. الحكامُ لا يتلذذون إلا بما يتغني بهم، تطورَت وسائلُهم، من التنكيلِ بكل من لا يروقُهم، حكماءٌ أو أئمةٌ، إلي التلاعبِ بالمأثوراتِ ذاتها، تأويلها، عِندَهم المنافقون والمرتزقةِ، كُثرُ، موهوبون في الخداعِ والمغالطةِ ولي الحقائقِ، إبليسُ تلميذٌٌ لهم.الرجلُ المناسبُ في المكانِ المناسبِ، قولٌ دخلَ المأثوراتِ، عمرُه أربعة عقودٍ، واكَبَ الثورةَ واِستمرَ واِنتشرَ بعدما اِنهارَت العديدُ من نغماتِها. معناه علي الورقِ علي نقيضٍ من تطبيقِه، من المفترضِ أنه يعني اِنتقاءَ من يقومُ بمَهَمةٍ علي أساسٍ من كفاءتِه وخبرتِه، طُبِقَ بمعناه في أحيانٍ قليلةِ، عند الضرورةِ، بعد النكساتِ والنكباتِ. الواقعُ اليومي شاهدٌ علي صراعاتِ المناسبين مع أماكنهم، مع زملائهم، إنهم مُنتَقون لأدوارٍ ما، إنهم مناسبون لها ولو كَرِه الجميعُ، بحقٍ. الجامعاتُ، الصحفُ، مختلفُ المؤسساتِ، مسارحٌ لتنافرٍ شديدٍ مع المناسبين، وجودُهم مقصودٌ لاِمكاناتٍ لا تتوفرُ لسواهِم، الطاعةُ لمن عينوهم، الترويجُ لهم، كتمُ أنفاسِ زملائهم ولو فاقوهم، ليسوا أصحابَ فكرٍ، لا رأي لهم، القولُ الفصلُ لمن بيدِه أمرُهم، إنهم من الكراسي والمناضدِ والدواليبِ، ولو توهموا غيرَ ذلك، قطعُ أثاثٍ ناطقٍ بالباطلِ، مناسبون تماماً للمرحلةِ، مُعبرون عنها، تستقبلُهم مخازِنُ الهالكِ بعد اِنتهاءِ مَهَمَتِهم.إنها النسبيةُ العربيةُ، تَحَوَلَ الرجلُ المناسبُ في المكانِ المناسبِ، بفعلِ فاعلِ، من اِنتقاءِ من يتناغمُ مع المكانِ ليُحسنُ إدارتَه إلي من يلائمُ الزمانَ ليدير المكانَ، بالقهرِ، بالكبتِ، بالخداعِ، بالغشِ. لا عجبَ إذن أن يعتبرَ أحدُ عباقرةِ العربِ نفسَه بطلاً للديمقراطيةِ في العالمِ، ديمقراطيةٌ الكراسي، من صنعِ خيالِه، الكراسي للشعبِ، بها يحكمُ، بمنطقها يتكلَمُ، العالمُ يضحكُ ويسخرُ، الكراسي نطقَت.العالمُ يتقدمُ لأنه يُطبقُ الصوابَ بمعيارٍ مطلقٍ، ينتقي الأفضلَ للصالحِ العامِ، أما في عالمِنا التعِسِ فالمعاييرُ نسبيةُ، تضيقُ وتتسعُ، حَسب الحاجةِ، حاجةُ الحاكمِ أو المذاهبِ ولو اِدعَت العَدلَ، لا اِعتبارَ لما يتعارضُ معها، الرجلُ المناسبُ، مناسبٌ لها، وحدُها، يتغيرُ إذا تغيرَت، فقط، لا غير،،

ليست هناك تعليقات: