لم تكذبْ مواقعُ الإنترنت ولا الفضائياتُ العالميةُ، إثنان من الجنود السودانيين يجلدان إمرأة علناً، تصرخُ ويواصلان، تتوسلُ، بلا نتيجةٍ؛ منظرٌ يكفى فى حدِ ذاتِه للتأكيدِ على فروقِ المعتقداتِ فى الشمالِ عنها فى الجنوبِ، شاسعةٌ بالقدرِ الذى يؤكدُ فى حدِ ذاتِه على وجوبِ انفصالِ الجنوبيين. الفيديو لا يكذبُ، ليس مؤامرةً، سجلُه سودانيون، راجعوه بأنفسِكم لو سمحَت قلوبُكم
كيف يحترمُ فتي في بداياتِ حياتِه الأنثي وهو يري والدَه يسيء معاملتَها، زوجةً كانت أو إبنة؟ كيف يتعاملُ مع الأنثي بهدوءٍ وهو يري أبطال الأفلام العربيةِ يلطعونها بالقلمِ علي وشها كي تتبدي بالقَوي رجولتُهم؟ كيف ينظرُ لها باحترامٍ وهي آداةُ الإعلانات الرئيسيةِ بدءاً من السيراميك وصولاً لمعجونِ الأسنانٍ؟ فضائياتُ التنفيرِ تصورُ الأنثي علي أنها مستودعُ إفسادِ الرجلِ، لا مخَ له ولا إرادةَ، لا بدَ من تغطيتِها وحبسِها. المناخُ العام لا يحضُ علي احترامِ الأنثي، لماذا إذن لا يستبيحُها ويتحرشِ بها بكل ما يمكنُه؟
الأعيادُ، مواسمٌ للتحرشِ، جحافلٌ من الصِبيةِ والشبابِ تغزو المدن، القاهرة والأسكندرية، من أين يأتون عادةً؟ من العشوائياتِ؟ من الأريافِ المتاخمةِ؟ يحتمون في أعدادِهم، يجدون في كثرتِهم شجاعةً، يتحرشون بالإناثِ، ببجاحةٍٍ وفُجر، واستباحةٍ، المجتمعُ كرسَ هذا المفهومَ الَمرَضي فيهم، البيت أولاً، ثم الفضائياتِ التنفيريةِ، وفي الإعلامِ، فاضل إيه؟ المجتمعُ من ضبابيتِه اعتبرَ الإناثَ مسؤولاتٍ عن التحرشِِ بهن!! نفسُ منطقِ فضائياتِ الإظلامِ، الرجلُ كائنٌ لا يستطيعُ السيطرةَ علي نفسِه، أمام الأنثي هو عيلٌ، و ورقة كمان!!
في المجتمعاتِ الغربيةِ حيث الإباحيةِ والحريةِ علي مصراعيها يستحيلُ التحرشُ بالإناثُِ، تكادُ تنعدمُ جرائمُ الاغتصابِ، لماذا؟ لأن الحدودَ بين حرياتِ الأشخاصِ قاطعةٌ فاصلةٌ، التعدي عليها مستحيلٌ، عقابُه بتارٌ؛ المرأةُ كائنٌ مكتملُ الإحساسِ، حقاً، ليست كنظيراتِها من دُررِِ المجتمعاتِ الشرقيةِ اللائي يتعرضن لكل أنواعِ القهرِ لمجردِ الإنعامِ عليهن بالزواجِ. حكايةُ اللحمِ المكشوفِ التي اخترعَها مفتي أستراليا، وبسببِها عُزِل، أخفقت في تبريرِ انعدامِ التحرشِ في الغربِ ومعه لماذا في الشرق العربي السعيدِ يتبادلُ الأزواجُ والزوجاتُ المكسياتُ القتلَ؟ فَبركةُ كلامٍ، الحكايةُ إذن ليست في اللحمِ المكشوفِ إنما في الاقتناعِ الحقِ لا الإكراهَ.
مجتمعاتُ الشرقِ بالفُصامِ مصابةٌ، بعين واحدةٍ وبنصف دماغ تري مشاكلَها، من فرطِ فشلِها تري المرأةَ سبباً لكلِ المشاكلِ، لا جزءاً منها. سى السيدِ يجبُ أن يكونَ محورُ حياتِها الوحيدُ، حتى لو كان عرجان كحيان صدمان تعبان عدمان خَرفان. المرأةُ، فى السودان يجلدونها علناً، فى مصر يتحرشون بها ببجاحةٍ، فى الخليج يركننوها على جنبٍ، وفى أفغانستان يقطعون أنفها عقاباً، عظمة على عظمة، يا ست.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق