الجودةُ أصبحَت الهدفَ المُعلَن للقائمين على العمليةِ التعليميةِ، وأصبحَ ترديدُ متطلباتِها صنعةَ الكثيرين، مدفوعين بطموحاتٍ شتى. العمليةُ التعليميةُ فى الجامعاتِ والمدارسِ تعانى بشدةٍ من أمراضٍ اجتماعيةٍ ضربت العمليةَ التعليميةَ بقسوةٍ وأصبحَ علاجُها مشكلةً على المجتمعِ كلِه أن يحلَها قبل المؤسساتِ التعليميةِ. وعلى سبيلِ المثالِ، الدروسُ الخصوصيةُ والتغيبُ عن المحاضراتِ والفصولِ وانهيارُ علاقةِ الاحترامِ بين الطالبِ والمؤسسةِ التعليميةِ. أضف إلى ذلك غيابُ ثقافةِ النظافةِ وللنظرُ إلى مظهرِ عمال النظافةِ وإلى حال الفصولِ والمدرجاتِ والمعاملِ ودوراتِ المياه. بعضٌ من وضعٍ متردٍ لاسبيلَ للتغافلِ عنه إذا كان هناك من يسعى بأمانةٍ ومنطقٍ لتحقيقِ الجودةِ المفقودةِ منذ زمنٍ طالَ ولأجلٍ غيرِ محدودٍ.
ما دفعنى لهذا المقالِ ما يُرى من نفقاتٍ باسمِ تحقيقِ الجودةِ، ناس داخلة على الكليات وناس خارجة، تفتيشٌ ومراجعةٌ، طبعاً ببدلات، وحداتٌ للجودةِ، طبعاً بفلوس. دوراتٌ مطلوبٌ عقدُها، طبعاً بمكافآت، فإذا كانت النيةُ فعلاً التجويدَ فلماذا إذن لا تكون مكافآت حضورِ دوراتِ التجويدِ تلك بمقابلٍ لحاضريها كمدريسها على حدٍ سواءٍ، ألا تستأهلُ الجودةُ الصرفَ؟ أم أنها لناسٍ بعينِهم؟ ولماذا لا يكونُ حضور تلك الدورات للقائمين على العمليةِ الإداريةِ جميعاً بدءاً من رؤساءِ الجامعاتِ حتى أصغر معيد وموظف؟
الغريبُ أن زياراتِ التفتيشِ على التجويد لم تبحثْ إلا فى أوراقِ وكلماتٍ ينقصُها حرفٌ ونقطةٌ، ولم ترْ إلا أبوابٍاً لا تُغلَقُ لعيبٍ فى الكالون. لم تتطرقْ حقاً لما يضربُ العمليةَ التعليميةَ والبحثيةِ، لمْ تسالْ أو تعلمْ أن هناك ظاهرةٌ أخذت فى الاستشراءِ بما يقتلُ تماماً المدرسةَ البحثيةَ فى الكلياتِ العمليةِ، ما هى؟ بكلِ الأسفِ هروبُ العديدِ من المعيدين فى تلك الكلياتِ إلى دولٍ خليجيةٍ بعينِها للحصولِ على الدكتوراة فى أحدث العلومِ. وضعٌ كارثى يقتلُ مستقبلَ الكلياتِ العمليةِ علمياً ومع الأسفِ اجتماعياً، وطبعاً المجلس الأعلى للجامعات ولا على باله، لن يتحرك إلا بعد أن تعمَ البلوى.
مطالبةُ الكلياتِ والمدارسِ بحلِ مشكلاتٍ اجتماعيةٍ مستعصيةٍ لن تُحققُ الجودةَ، وستُطيلُ من حلقةٍ مفرغةٍ تتسعُ وتتسعُ، كما أنها ستزيدُ من تبديدِ طاقاتٍ ومواردٍ، أللهم إلا إذا كانت كثيرةً ونظنُها شحيحةً. تحقيقُ الجودةِ يكونُ أولاً بكسبِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ لا بزيادةِ شعورِ النفورِ لديهم، وهو مع الأسفِ أحدُ أهمِ معوقاتِ تحقيقِ الجودةِ، أضفُ إلى ذلك وجوبُ الموضوعيةِ فى الأهدافِ والشفافيةِ فى النفقاتِ، فالحالُ يشى بتقتيرٍ على أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ وبعضِ البغددةِ على أهل الجودةِ، مالياً وإدارياً. لستُ ضد الجودة، الكلامُ أكثرُ وأكبرُ من مقالٍ واحدٍ ومن طاقةِ قراءةٍ غابَت من ضمن ما غابَ. الجامعةُ الأمريكيةُ اِعتُمِدَت، بسرعةٍ، بدون دوراتٍ، ألف مبروك، هل هناك من يجرؤ على خلاف ذلك، سؤال برئ، نُص نُص،،
هناك تعليق واحد:
كل كتاباتك هادفةو تعبر عن أنسان يحترم و يحب أخية الأنسان
إرسال تعليق