أعلنَ الرئيسُ حسنى مبارك تنحيَه فى السابعة من مساء يوم الجمعة الموافق 11 فبراير 2011، صفحةٌ طُوِيَت وفُتِحَت أخرى جديدة تماماً بدأت بالأفراحِ والصياحِ فى كلِ شارعِ من كلِ مدينةٍ، الفرَحُ الغامرُ حقٌ بعد طولِ معاناةٍ وحزنٍ وقلقٍ وسهرٍ. ليرقصُ المُحتفلون وللننظرُ إلى المستقبلِ، أشعرُ بالراحةِ لانتهاءِ حالةِ التوترِ الذى حَرَمنى كغيرى النومَ الحقيقى، لكننى أشعرُ فى جزءٍ من فكرى بالتوجسِ، بخوفٍ خفى لم يفصحُ عن هُويتِه، أريدُ أن أتبينَه فى هذه السطورِ.
مصر سَتُحكَمُ من خلالِ مجلسٍ عسكرىٍ، وَضعٌ كان مُتَوقعاً فى أيةِ لحظةٍ، وقد حَدَثَ. على من سيتولون الأمرَ الاتعاظُ من تجاربِ التاريخ، تاريخُ الديمقراطيةِ، كيف تمَ بناؤها، كيف تنشأ الديكتاتوريةُ؟ أية ديكتاتورية، فردية، طبقية، دينية. الديكتاتوريةُ واحدةٌ أياً كان مُسماها، موجودةٌ فى يومنا هذا فى دولٍ كثيرةٍ، صاخبةٌ، عاليةُ الصوتِ، مرفوعةُ الشعاراتِ الزائفةِ الخادعةِ، شعاراتٌ كالنارِ تلتفُ حولها الفراشاتُ حتى تسقطُ فيها محترقةً. الوضعُ وصلَ فى مصر إلى الفوضى، انتشرَ اللصوصُ فى كلِ مكانٍ، بالليل وبالنهارِ، بُوِرَت الأراضى الزراعية ومصرُ جائعةٌ، القصورُ الأثريةُ هّدِمَت لتعلو أبراجاً بلا أصلٍ ولا فصلٍ، حتى من امتهنوا السياسة اختلفوا بكلِ ما فى قوتِهم. اِنتُهِكَت مصرُ من كلِ من هَبَ ودَبَ، تَدَخلَ الكلُ فى شئونِها، أشخاصٌ ودولٌ وفضائياتٌ.
أمام من سيتولون الأمرَ مهاماً جِساماً، استعادةُ النظامِ وإيقافُ الفوضى، بدءُ خطواتِ بناءِ الثقةِ بين المختلفين سياسياً وعقائدياًٍ، إقامةُ مصر الديمقراطية المدنية، الحفاظُ على أراضيها كاملةٍ محميةٍ من أيةِ مؤامراتٍ تبغى التعدى عليها. مصرُ تدخلُ التاريخَ من بابٍ واسعٍ، بأحدثِ وسائلِ العصرِ، بتكنولوجيا الإنترنت، بالاتصالاتِ، اخترَقَت حوائطَ سجونِ المنعِ والحَجبِ؛ عالمُ اليومِ بلا حدودٍ، الفكرُ لا جنسيةَ له ولا دين، هذا ما حَرَك ثورةِ مصر. قَدَرُ مصر أن تكتبَ التاريخَ، لتستمِر مصر فى كتابةِ تاريخٍ سيُدَرَسُ بعد أن تصورَ الجميعُ أن تاريخَها انتهى عند ماضيها.
حفِظَ الله مصرَ من أية ديكتاتورية، تحت أى مسمى،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق