احتلَ من ينتهجون فكر القاعدة أراضٍ شاسعةٍ في مالي، وبدأوا فورًا في تطبيق ما يرونه شريعةً إسلاميةً، بدأ المجتمع الدولي يُعدُ لإسقاطِهم. قبلها اجتاحت القوات الأثيوبية الصومال، أسقطت دولة المحاكم، شهور قليلة أمضتها المحاكم فيما يشبه السلطة، كرَرت الخطابَ العتيقَ، المتشنجَ، المانعَ، الرافضَ، تجبرت رغم هشاشتها، ثم، اندحَرَت وفرت وهربت. الفضائيات لم تكذب، علي الملأ أذاعت مظاهر الفرحة بسقوطها، قهرت شعبها باسم الدين، هكذا كلُ جبارٍ متسلطٍ، تحت أي شعار، من أجل الشعب البطشُ وبه الاستغاثةُ عند الغرق٠
قبلها كان إقصاء طالبان بعد أن قدمت نموذجًا يستحيلُ أن يُحتذي. وبنفس الإخراج، أُبعد حزب الله عن جنوب لبنان، أُجلي عن أرضٍ كان يعتبرها حصنَه وملاذَه، يتغني بالنصر عن بُعد، بالمراسلة، يطالب بالثمن من استقرارِ لبنان ووحدتِه، يلعب بشارعٍ يسودُه التقلبُ والغوغائية. وبمحنة الجلوس علي كراسي السلطة اِبتليت أيضاً حماس، انتخبها الشعب أملاً في الخلاص، لم تستوعب العصر، اتشحت بنفس سلاح القهر، باحتكار الصواب، برفض الآخرين، بإنكار التاريخ، المعاهدات، الاتفاقيات. العالم الآن شديد الحساسية لهذا الخطاب، لا يصدقه، لا يثق به، يري فيه التنمر عند المقدرة، الخيانة المبررة٠
ثم كيف سقطت الدولة العثمانية؟ لقد ضربها الفساد والعنصرية الدينية والعرقية، حتى تحللت وسَهُل على الغربِ اسقاطِها تقسيمها ٠
في مصر تجربة مماثلة تبدأ، تتصورُ في نفسِها القوةَ، تستغلُ سلطةَ الدولةِ، بوضعِ اليدِ سيطرَت علي شوارعٍ وجامعاتٍ ونقاباتٍ، تغلغلَت باسمِ التجارةِ وفعلِ الخيرِ، أساءت لكل من فَكَرَ علي خلافها، سلاحُ الدين مُشهرٌ، به تمنحُ وتمنعُ، تبيحُ وتحللُ، تقودُ المطحونين لويلاتٍ أكبر منهم. ما أخطر سيطرتِِهم وحكمِِهم، المعاهداتُ التي ينكرونها ستهدُرُ أرضاً غاليةً، إنكارُُ المواطنةِِ سيمزقُ الوطنَ، لا يملكون إلا كلامًا براقًا متلونًا وتاريخًا محدودَ النماذجِ، بالهوى يروونه وبواقعٍ بائسٍ يائسٍ فقيرٍ معدمٍ يتصورون إعادتَه٠
بنك فيصل نموذجٌ سيكبرُ، نظامٌ قَبَليٌ يستبعدُ المخالفين في الديانة، يستغلُهم ولا يسمحُ بمشاركتِهم في اتخاذِ القرارِ، في الحكمِ، كلُه باسم الدين. الوضعُ خطيرٌ، مصر تُمَزَقُ، لا نملكُ ترفَ المجاملةِِ، إخفاءَ الحقيقة والمخاوفِ، الدفاعَ عن أنظمةٍ فيها عظاتُ كلِ عاقلٍ، الترويجَ لمن يرون أنهم الحل، ليسوا إلا الدمار علي عجل، الخروج من التاريخ والجغرافيا٠
العالمُ يمتلكُ القوةَ والمقدرةَ، الشعبُ هو الضحيةُ، مصر الدولة. الحكمُ الديني يعني سقوطَ الدولةًِ، مصر تُفَتَتُ، سيتكاثرُ عليها كلُ من يعارضُ حكمًا دينيًا في عالمِ اليومِ٠
بعد الإعلان الدستوري والانتهاءِ ما بين طرفةِ وعينٍ وانتباهتِها من دستورٍ مشبوهٍ، أُعلِِن التباهي بأبهى عصور الإسلام، بفتحِ مصر، من جديد. هل تتفقُ مصلحةُ الإخوان ومشايعيهم دينيًا مع مصلحةِ مصر؟ يا قلب المخلصين عليك يا مصر ٠٠٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق