حوادثٌ مروريةٌ، في أي مكان وفي أي وقت، ضحايا بالعشرات، حزنٌ وبكاءٌ ونسيانٌ سريعٌ وعَودٌ أسرعٌ لنفسِ المسلكِ المستهترِ ولرَدِ الفعلِ الحكوميِ المرتعشِ والإعلامي المُهَيِّج المتباكي. سيناريو قديم، شاهده المجتمعُ عشرات المرات، ومهما مَلَه سيشاهدُه مرارًا مع الأسف، لماذا؟ لأن المجتمعَ هو كاتبُه ومخرجُه وممثلُه، إنها حياتُه. حوادثُ الطرقِ أسلوبُ حياةٍ عبثيةٍ مستهترةٍ متواكلةٍ، دوس بنزين وخلاص، في أي حاجة، في مخالفات المباني كما في الطرقِ، السائق كأنه في الطريق وحدُه، وكذلك الماشي، كُلُه لا يرى سوى نَفسَه!! المتربصون بالحكمِ يرونه مسؤولًا عن كلِ مُخالفٍ ومُحَشِش، والحكومةُ مزنوقةٌ غلبانةٌ، دائمًا. الكلُ مخطئ، هل رأيتم التلاميذَ يقذفون القطارات وترام الإسكندرية بالطوب بعد خروجِهم من المدرسةِ؟! هذه الفلسفةُ الطوبيةُ مسؤوليةُ من؟! ليست الحكومةُ وحدَها، كلُ بيتٍ أيضًا.
فلسفةُ إلقاءِ التهمِ وفلسفةُ إنكارِها، كُلُها فلسفاتٌ طوبيةٌ، غيرُ مسؤولةٍ، الكلامُ قديمٌ، تمامًا مثل كلِ حادثةٍ، ما بين طريقٍ ومبنى، تصادمٌ، انهيارٌ، حريقٌ، أسواقٌ عشوائيةٌ، مقاه في كلِ مكان؛ الحوادثُ لا بدَ ان تكونَ ركنًا فيها، غيرُ ذلك مستحيلٌ، نُخطئ ونتباكى، نبحثُ عن الخطأ في سوانا !!
في مشهد من فيلمٍ أبيض وأسود "عنبر" يظهر "أنور وجدي" جالسا في سيارته على مقعد القيادة، وتظهر إلى جواره "ليلى مراد" حيث يدور بينهما حوارٌ عَزبٌ، تغني بعده "ليلى مراد" أغنيةً تفيضُ بساطةً ورقةً ونعومةً:
- هي: أنا فرحانة
إجري ... إجري قوام ...
دوس ...
دوس بنزين ...
دوس بنزين على الاخر ...
- هو: بس يمكن يحصل حاجة ...
- هي: ولا يهمك ...
دوس على الدنيا ...
دوس على الدنيا وامشي عليها ...
فاكرين الأغنية؟ إنسوها، لا تسمعوها ولا تعملوا بها ...
Twitter: @albahary
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق