في حياة الأشخاص للعاطفة مكانٌ كبيرٌ ولكن في آخر المطاف للعقل القولُ الفصلُ، أو هكذا يجب أن يكون. أما في حياة الشعوب فالعقلُ هو أساس كل شيء، تخطيطٌ وتدبيرٌ بامانة، بلا عفينة واستقواء أو خداع. أقول ذلك بسبب ممارسات وأقوال أثارت كثيرًا من الغضب خلال الأسابيع الماضية.
لنبدأ من الآخر حيث أثارت الغضبَ والاستغرابَ تصريحاتُ وزير الصحة عن مجانية عبد الناصر التي تسببت في ما آل إليه التعليم والصحة من تدهور. فاتَ جدًا السيد الوزير أن الدولةَ ليست تاجرًا وأن عليها وظيفةٌ اجتماعيةٌ في الحفاظ على صحة الشعب وتعليمه حتى ترتقي بين الدول، غائبٌ تماما عن عقل السيد الوزير أن الدول الأوروبية بغربها وشرقها، وكذلك الولايات المتحدة الامريكية بجلالة قدرها، توفرُ تعليمًا أساسيًّا مجانيًا، وان التأمين الصحي بها أحد أهم وسائل تحقيق أمن المواطن وبالتالي أمن الدولة ورُقيها. هل تَذكَر السيد وزير الصحة كوبا، تلك الجزيرة اللاتينية الصغيرة التي عانت لعقود من حصار أمريكي طاحن؟ كوبا بها أفضل تعليم وأفضل صحة، حتى في الرياضة لا تغيب عنها ميداليات الأولمبيادالذهبية الحقيقية. هل أصبح الوزير فيلسوفًا مُفكرًا في كل المجالات مُتناسيا حدود دوره التنفيذي في السياسة العامة للدولة. هل هو تصريح عفوي أم هو تعبيرٌ عن تَوجُه للدولة؟ أم انه يستشعر انه تَوجهٌ فبادر به بعد أن أعجبه بالكرسي؟ مع الاسف كلُها أسئلة بلا إجابات مريحة.
اما أزمة رغيف العيش التي تسببت في خروج الناس للشوارع في بعض المحافظات، واحتلت مساحات شاسعة في الإعلام الخارجي، فإنها نتيجة لعدم تقدير الأمور ولاستعجال الظهور، مع المبالغة في تقدير رغبة القيادة السياسية في الحد من الدعم. الأسوء المكابرةُ ونسبةُ غضب الناس للمؤامرات والشماعات المعتادة!!
ثم نآتي الى السيد وزير التربية والتعليم الذي قال عن البوكليت أنه فكرة عبيطة. جاء البوكليت في عهد سابقه، الله اعلم من فكر فيه، لكن من المؤكد أنهم من داخل الوزارة، فهل رحلوا مع الوزير السابق؟! هل هي سياسة وزارة، أم سياسة وزير داخل ووزير طالع؟! في الحالتين الإجابة غير مريحة.
اما عن تهديدات أحد أعضاء البرلمان باستخدام الجِزمة فهي واقعة بلا سابقة، لأنها تنقل الجِزمه من أداة للمشي الى سلاح برلماني للتأديب الشامل وإصابة المخالفين!! وهناك تنبيهٌ آخر حاد، من أحد أعضاء البرلمان، لمذيع توك شو فضائي، بضرورة الحذر عند مخاطبة أعضاء البرلمان. انتفخت ذات السيد العضو البرلماني، م الآخر كده!! طبعًا لا يفوتنا أن نُذَكِر بمقولة ميسي اهبل، التي أثارت ضجة في الصحف العالمية، وَجَب الاعتذارُ عنها.
إعمالُ العقل أساسُ السياسات والإدارة، لا بد من التآني والتروي والدراسة. من الضروري عدمُ نسيان أن للدولة وظيفةً أساسيةً وهي توفيرُ الحياة الكريمة للمواطنين، وأن تعليمَهم وصحتَهم وراحتَهم ورضاهم أساسُ بقائها وتقدمِها. الدولةُ ليست تاجرًا تسترزقُ وتتكسبُ من مواطنيها. والأهمُ أن الشعوبَ حادةُ المزاج، لا تعرفُ حاكمًا إلا بقدر ما أعطاها لا ما أخَذ منها.
لسانك حصانك على القهوة، أما عدا ذلك فعقلك هو من يصون،،
نُشِرَت بجريدة السبورة يوم الأربعاء ١٥ مارس ٢٠١٧
نُشِرَت بجريدة السبورة يوم الأربعاء ١٥ مارس ٢٠١٧
Twitter: @albahary
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق