الخميس، 29 يناير 2015

في اللجان العلمية للترقيات .. مين يحاسبنا مين مين؟!!

أكتبُ لرفعِ الأنظارِ المخلصةِ بشدةٍ إلى أنه بناءً على العملِ منذ شهر مارس ٢٠١٤ بقواعد الدورة الحادية عشرة  لترقيات أعضاء هيئات التدريس بالجامعاتِ، فقد ظهَرت العديدُ من المشكلات في التطبيق وهو ما يثيرُ لغطًا شديدًا في الجلسات التي يفترض أنها علمية.  لذا لا بدَ من الكتابة إليكم حفاظًا على سلامة ِونزاهةِ أعمالِ اللجانِ العلميةِ وبحثًا عن بحثٍ علمي حقيقي أضاعَه التحايلُ والإدعاءُ والغشُ:

١. فَتحُ بابِ تحديدِ نسبةِ مشاركةِ المتقدم للترقية في الأبحاث للأقسامِ العلمية نَتجَ عنه حصول بعض المتقدمين على نسبِ مشاركةٍ تصلُ إلى ٩٠٪ ولو تعدَدَ المشتركون في البحث، وأيضًا ولو كان البحثُ مأحوذًا عن رسالةٍ علميةٍ.  هذه النسبُ غيرُ الواقعيةِ تجعلُ بعضَ المتقدمين يحصلون على درجاتٍ مرتفعةٍ لا تعبرُ عن مستواهم ولا عن مستوى الأبحاثِ. 

٢. وُفِقَت القواعدُ المعمول بها للدورة الحادية عشرة في تحديد كيفيةِ حساب درجاتٍ مُعَبِرة بدقة عن المجلات العلمية (مادة ٤٠)، لكنها في ذات الوقت أخفقَت تمامًا في تحديدِ الدرجاتِ المعبرةِ عن القيمةِ العلميةِ للمؤتمرات، مما وصلَ بالأمر لنتيجةٍ مؤداها أن مؤتمرًا عُقِدَ بالخارج ولو تواضعَ مستواه يُقدرُ بسبع درجاتٍ وهو ما يَزيدُ عن درجاتٍ تُقَدَرُ للمجلات العلمية وفقًا لذات القواعد، وهو ما يفتحَ بابَ خلافاتٍ شديدةٍ في الاجتماعات. 

٣. المفترضُ أن اللجانَ العلميةَ لجانٌ أكاديميةٌ وَلَيْسَ نقاباتٍ مهنيةٍ يعملُ ممثلو كلِ جامعةٍ بها على الدفاعِ عن متقدميها أيًّا كان مستواهم. لكن عدم توفيق المادة ٤٠ من القواعدِ، إضافةً إلى فتحِ بابِ الإلتفافِ حولها بتحديدِ نسبِ مشاركةٍ غيرِ واقعيةٍ في الأبحاثِ، جعلَ المؤتمراتِ العلميةِ بابًا خلفيًا تحت مَظلةِ ممثلي الأقسامِ العلميةِ باللجنةِ، للحصولِ على درجاتٍ مرتفعةٍ يعجزًُ المتقدمون للترقيةِ في الحصولِ عليها من خلال النشرِ الحقيقي في مجلاتٍ علميةٍ حقيقةٍ. 

٤. تصورُ بعض أعضاءِ اللجانِ العلميةِ أنها نقاباتٌ مهنيةٌ، وتماديهم في الدفاعِ عن متقدمي أقسامِهم بالباطلِ قبل الحق، يُعتبرُ ظلمًا شديدًا للمتقدمين من جامعاتٍ ليس لها ممثلين باللجنة، أو للمتقدمين من جامعاتٍ يلتزمُ أعضاءُ اللجنةِ بها بأمانةِ تقويمِ ملفاتِ الترقيةِ ولو كانت من أقسامِهم العلمية. 

٥. عدم النصِ في القواعدِ على وجوبِ النشرِ في مجلاتٍ علميةٍ وصلَ إلى نتيجةٍ مؤداها أنه من الممكن الحصولُ على درجاتِ النجاحِ بالنشرِ في مؤتمراتٍ فقط، ولو تواضعَ مستواها.  

٦. للأسف هناك  البعضُ من أعضاء اللجان العلمية تقدَمَ بهم العمرُ فتصوروا أن عضويتَهم في اللجان حياةً جديدةً تسمحَ لهم باستعادةِ نفوذهِم في أقسامِهم العلميةِ وفي اللجانِ على حدٍ سواء.

٧. هناك من يرفعُ في اللجانِ العلميةِ شعارَ نحن قضاةٌ، لكن ليس بمعنى العدل المجرد إنما بمعنى إعمل ما بدا لك "مين يحاسبنا مين مين" !!

٨. هناك من يتصورُ من أعضاءِ اللجانِ العلميةِ أنه وصلَ إلى مرتبةٍ من العلمِ والنبوغِ والألمعيةِ مع الفتونة فيتفقُ مع متقدمين للترقيةِ من جامعتِه على وضعِ إسمه "فِردة" على أبحاثٍ مُقدمةٍ للترقيةِ  حتى تمرُ بدون تحكيمٍ  في المجلات المحليةِ التي يستحيلُ بطبيعة الحال النشرُ في غيرِها، ثم بِلي ذراع اللجان العلميةِ "انتو مش عارفين أنا مين وعندي كم سنة بعد السبعين؟". 

٩. عند رفعِ أي أمرٍ من اللجانِ إلى أمانةِ المجلس الأعلى للجامعاتِ تكونُ الإجابةُ أن قواعدَ الدورةِ الحاديةِ عشرة استرشاديةٌ وهو ما يعني عدم تصويبِ آداءِ اللجان، إنما التصريحُ باستمرارِه. 

السكوت وتمشية الحال قد تفتح البابَ لمنصبٍ هنا أو هناك، لكنه لا يصلحُ عندما يُرادُ تكريسِ العدالةِ. الكتابةُ واجبٌ، حفاظًا على مستوى البحثِ العلمي وممارساتِه وأخلاقياتِه وأمانةِ مسؤوليةِ عضويةِ اللجانِ العلميةِ، وحتى لا تتحولُ اللجانُ العلميةُ إلى ساحاتٍ لخلافاتٍ أو لنقاباتٍ مهنيةٍ، وتحقيقًا للنزاهةِ الواجبةِ بين المتقدمين من كافةِ الجامعاتِ. 


Twitter: @albahary