الثلاثاء، 11 نوفمبر 2008

نصرة قوية يا أوباما..


أوباما، أسودٌ أمريكي، فازَ برئاسةِ الولايات المتحدة الأمريكيةِ، أقوي دولة في العالم، اختارَه البيضُ قبل السودِ، كفاءتُه أهلَته، بلا واسطةٍ، ولا أهلٍ ولا أقاربٍ، مقطوعٌ من شجرةٍ، لم يساندْه إلا مجهودُه واقتناعُ شعبٍ واعٍ ناضجٍ حرٍ. انتخابُه أيقظَ مواجعَ العالمِ كلِه، حتي أعتي ديمقراطيته، لم يصل أسودٌ بها إلي كرسي السلطةِ في أعلي مستوياتِها، تجربةٌ تثيرُ غيرةَ من يحسُ ويشعرُ ويفهمُ.
ردودُ الأفعالِ في عالمِنا العربي تفاوتَت ما بين الشارعِ والرابضين إلي الأبدِ علي كراسي السلطةِ. الشارعُ فرِحَ، تصورَ أن مع أوباما الحلُ للمظالمِ والمعاناةِ، في العراق وفلسطين ولبنان، سايرَه بعضٌ من الإعلامِ، اللاعبُ علي الأوتارِ الحساسةِ، أياً كانت، أما محتلو السلطةِ فلا همَ لديهم إلا كراسيها، بعثوا ببرقياتِ التهنئةِ، من المستبعدِ أن يؤثروا ولو بمقدارِ شعرةٍ، السياسةُ الأمريكيةُ لا تخضعُ لفهلوةِ العربِ ونصاحتِهم وشطارتِهم وحكمتِهم، ترسمُها مؤسساتٌ حقيقيةٌ حرةٌ، لا تتأثرُ بمن يجلسُ علي كرسي المسئوليةِ.
أوباما لن يغيرَ بين يومٍ وليلةٍ، لن ينحازَ للسودِ، لن يجاملَ دولاً أفريقيةً، مستشاروه خليطٌ من العاملين مع الرئيس الأمريكي الحالي وممن سيضيفُهم طبقاً لرؤيةِ حزبِه، أهمُهم العاملون بوزارةِ الدفاعِ والخارجيةِ، أقربُهم يهودي أدارَ حملتَه الانتخابيةِ بمهارةٍ. من ينظرون للسياسةِ الأمريكيةِ بمنظورهِم، بمفهومِ الحكمِ الأسري والعائلي والعشائري والطائفي غافلون، أعماهم نهمُ السلطةِ عن حقائقِ عالمٍ سريعِ التغيرِ، عاجزون عن استيعابِه، وكذلك الديناصوراتُ والسلاحفُ. قدمَ المجتمعُ الأمريكي نموذجاً في احترامِ الآراءِ المتعددةِ والأعراقِ المتنوعةِ، لو كان أوباما في بلدٍ عربيٍ لاشتغلَ في غسيلِ المواعينِ وارتدي ملابسَ السفرجيةِ وسكنَ أحياءَ العبيدِ، ولنرجعَ للأفلامِ العربيةِ القديمةِ وقبلَها الجديدةِ، إن كنا ننسي أو نتعامي. أحدُ زعماءِ الفصاحةِ العربِ قالََ منشكحاً أن أوباما سيكون ضد العربِ لأنه معقدٌ ومصابٌ بمركباتِ نقصٍ لسوادِ بشرتِه!!
أمريكا تخلصَت من العبوديةِ عبرَ تاريخِها القصيرِ، تأقلمَت وتطورَت، لذا ستسودُ وتسودُ أياً كانت أزماتُها، أما التجمعاتُ الإسلاميةُ والعربيةُ فعجزَت رغمَ تاريخٍ امتدَ لمئات السنين، اخفاقاتُه محفورةٌ منقوشةٌ مخطوطةٌ، انكارٌ لحقوقِ الانسانِ وتمييزٌ بالعنصرِ والجنسِ والدينِ والعقيدةِ واللونِ. تجمعاتٌ يستحيلُ أن تتغيرَ، مفهومُها للحياةِ يقومُ علي توهمِِ الأفضليةِ والتفوقِ، بلا أساسٍ حقيقي، لذا اندحرَت وتمزقَت وتفتَت وتخلفَت؛ تجترُ ماضي ضبابي غائمٍ وكأن فيه مفاتيحُ المستقبلِ الموعودِ، مصباحُ علاء الدين السحري، خزعبلاتٌ في خزعبلاتٍ، صراعٌ مع طواحينِ الهواءِ، مع نفسِها وجلدِها. مصادفةٌ، صورةٌ، دعايةٌ، إذا تولي مخالفٌ في الدينِ أو العقيدةِ أو اللونِ أو الجنسِ أو العشيرةِ أو الفصيلةِ، أو حتي في المزاجِ!!
لا تشتري العبدَ إلا والعصا معه، قيلَت نكايةً في كافور الأخشيدى لما تولي الحكمَ منذ مئات السنين، مازالَت، في امريكا سيتولي أي اخشيدي وأي كافور، ستلحقُ بها أوروبا والعالم المتحضرُ؛ ستظلُ التجمعاتُ الإسلاميةُ والعربيةُ في أوهامِ الأفضلِ والأخيرِ، ستزولُ، قبلَ قيامِ الساعةِ، لا عزاءَ، لمن يهتفون بنصرِ أوباما، من تغفيلِهم،،