أنشأ جون يوانيديس John Ioannidis ومشاركوه في جامعة ستانفورد قاعدةَ بياناتٍ Stanford list للعلماء الأكثر اِستشهادًا (ذِكرًا لمقالاتِهم) في العالم باِستخدام بيانات سكوبوس Scopus ودار النشر إلسفير Elsevier. هذه القائمةُ البيانيةُ، وُصِفت بأنها نهجٌ جديدٌ للقضاء على إساءةِ استخدامِ مقاييسِ الاِستشهادِ citation. وقد رجعَت لها العديدُ من المؤسساتِ كمعيارٍ لتقييمِ جودةِ الباحثين. في الوقتِ نفسِه، ينظرُ باحثون لهذه القائمة بتشككٍ من المنهجيةِ المستخدمةِ في التصنيفِ.
وقد أُُجرىت تحليلاتٌ مفصلةٌ لدلالاتِ تلك القائمة استنادا إلى قاعدة بيانات 2023 سنوردُ بعضًا منها فينا يلي.
التقريرُ الأولُ:
How Reliable is Stanford University's List of the World's Top 2% Scientists?
ما مدى موثوقية قائمة جامعة ستانفورد لأفضل 2٪ من العلماء في العالم؟
بمقارنةِ ترتيبِ الأسماءِ الواردةِ بها ، تمَ اِختيارُ الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياءِ والكيمياءِ والطبِ خلالَ الخمسة وعشرين عامًا الماضية، ومقارنتُهم بأفضلِ مائة اِسمٍ في القائمةِ. اِتضحَ أن معظمَ الحائزين على نوبل في الفيزياء والكيمياء خلال هذه الفِترةِ لم يظهروا بها. في المقابلِ فإن كلَ من حصلوا على نوبل في الطبِ وعددهم ٦٢ ورَدوا بالقائمة، وكانت تقييماتُهم بها أقلَ بكثير ٍمقارنةً بأفضلِ مائةِ مصنفٍ بها. أيضًا، بين أفضلِ مائةِ اسمٍ في قائمةِ ستانفورد، ظهرَ أربعة فقط من الحائزين على جائزةِ نوبل في العلومِ. وهو ما يعكسُ خللًا في مصداقيتِها.
وفي تقريرٍ ثانٍ:
Report: The Top 2% Scientists List -A Hoax Disguised as Prestige
تقرير: قائمة أفضل ٢٪ من العلماء - خديعة متنكرة في هيئة وقورة
اِكتسبَ اِنتشار "قائمةِ أفضل 2٪ من العلماءِ باعتبارِها صادرةً من جامعةِ ستانفورد" اعترافًا واسعَ النطاقِ واِحتفالًا في الأوساطِ الأكاديميةِ والعلميةِ، ولكن الواقعَ أقلَ سحرًا بكثيرٍ. في حين تدَعي القائمةُ أنها تُحدِدُ العلماءَ الأكثرَ تأثيرًا في العالمِ اِستنادًا إلى مقاييسِ الاِستشهادِ، تَكشِفُ نظرةً أعمقَ أنها ليسَت تصنيفًا رسميًا لجامعةِ ستانفورد بل هي قاعدةُ بياناتٍ مستقلةٍ أنشأها جون يوانيديس وفريقُه، مستفيدين من بياناتٍ من مؤشر اقتباس سكوبوس Scopus Index.
القائمةُ تعاني عيوبًا كثيرةً وعدمَ دقةٍ وتلاعباتٍ، مما يُلقي بظلالٍ من الشكِ على مصداقيتِها، مما يجعلُها خدعةً:
- القائمةُ ليست مبادرةً رسميةً لجامعة ستانفورد إذ لا تدعمُها الجامعة أو تديرُها مباشرةً.
- المنهجيةُ المُعيبةُ وعدمُ دقةِ التصنيفِ، الذي تم إنشاؤه باستخدامِ مقاييسِ اِقتباسِ سكوبوس. فترتيبُ العلماءِ يقيسُ الاستشهاداتِ في المقامِ الأولِ دونَ النظرِ إلى الجودةِ أو السياقِ أو الأهميةِ. الاستشهاداتُ هي مقياسٌ غيرُ مكتملٍ للتأثيرِ العلمي، حيث يمكنُ التلاعبُ بها أو تضخيمُها بشكلٍ مصطنعٍ، وقد تكونُ بلا معنى في سياقاتٍ معينةٍ كذكرِها كمجردِ عددٍ يُضافُ إلى قائمةِ المراجعِ.
- ورَدَت حالاتٌ شاذةٌ في هذه القائمةِ كإدراجِ علماءٍ تاريخيين مثل البرت أينشتاين واعتبارِهم علماءٍ نشطين ينشرون في القرن الحادي والعشرين.
وفي تقريرٍ ثالثٍ:
Self-citation Pattern among World's top 2 % of the Scientists
نمط الاستشهاد الذاتي بين أعلى 2٪ من العلماء في العالم
![]() |
ترتيب الدول حسب العدد الكلي للاستشهادات وبعد استيعاد الاستشهادات الذاتية عن الفترة ٢٠٢٢-٢٠٢٣ |
على الرغمِ من أن الاِستشهادَ الذاتي هو ممارسةٌ شائعةٌ بين العلماءِ، إلا أن تأثيرَه وأهميتَه لا يزالان قيدَ التدقيقِ داخلَ المجتمعِ الأكاديمي. تقدمُ هذه الدراسةُ تحليلًا مفصلًا لتصنيفِ أفضلَ 2٪ من العلماءِ بناءً على الاِستشهادِ الذاتي. وقد وُجِدَ أن بين أفضل ٢٠ دولة ظهرَ لها علماءٌ في تصنيفِ ستانفورد فإن نسبةَ الاستشهادِ الذاتي تتجاوز متوسط 25.96٪. وبمزيدٍ من التحديدِ فإن نسبةَ الاستشهاداتِ الذاتيةِ تراوحت بين 22.84٪ في بولندا إلى 41.31٪ في أرمينيا. وقد شهدَت معظمُ البلدانِ انخفاضًا في الترتيبِ العامِ عندما تمَ اِستبعادَ الاِستشهاداتِ الذاتيةِ، حيث أظهرَت مصر أكبرَ اِنخفاضٍ في الترتيبِ العامِ، من المركز 38 إلى المركز 156.
وهو ما يسلطُ الضوءَ على ضرورةِ اِستبعادِ الاِستشهادِ الذاتي للوصولِ إلى دقةِ التصنيفِ.
وفي تقريرٍ رابعٍ:
The Stanford “Top 2% Scientist List” is NOT a measure of quality!
قائمة ستانفورد للعلماء الأعلى بنسبة 2٪ ليست مقياسا للجودة!
كلُ عامٍ، عندما يتمُ إصدارُ هذه القائمةِ، يبدأ التباهي. تدَعي الجامعات و الباحثون بفخرٍ أن الإدراجَ فيها يثبتُ التمَيُّزَ. لكن هذا مُضَلِل:
- تقيس القائمةُ مقاييسَ الاِستشهادِ فقط، بينما هي لا تعكسُ جودةَ البحثِ أو صدقهَ أو نزاهتَه.
- بشكلٍ صادمٍ، زادَت بدرجةٍ كبيرةٍ في هذه القائمةِ خلالَ عامٍ واحدٍ وفي العديدِ من البلدانِ، النسبةُ المئويةُ للمؤلفين ببحثٍ واحدٍ على الأقلِ مسحوبٌ retracted لعدمِ الأمانةِ العلميةِ، وهو ما يؤكدُ أن الإدراجَ في القائمةِ ليس ضمانًا للجودةِ.
- أيضا، يتضمنُ الترتيبُ الاِستشهاداتِ الذاتيةِ، والتي تُعزِزُ الترتيبَ بدرجةٍ غيرِ عادلةٍ لبعضِ الباحثين.
![]() |
ترتيب الدول حسب المقالات المسحوبة لعدم استيفاء النزاهة العلمية عن عامي ٢٠٢٤-٢٠٢٥ |
ومع ذلك، وفقًا للتقريرِ، يُساءُ اِستخدامُ القائمةَ على نطاقٍ واسعٍ في البلدانِ الناميةِ. إذ تُعلنُ الجامعاتُ عن تصنيفِ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ الواردين بها لجذبِ الطلابِ، مما يجعلُ الأمرُ يبدو كما لو كانت شارةَ الجودةِ. هذا يضرُ العِلمَ و يضلِلُ الباحثين في المستقبلِ.
إذن، من الضروري عدمُ الإنسياقِ وراءَ التصنيفاتِ أيًا كان مُسماها، لأن الحقيقةَ تفرضُ نفسَها، أيًا كانَ التباهي عالي الضجيجِ.
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًاٍ بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،
Twitter: @albahary