الأربعاء، 10 سبتمبر 2008

المالُ والسلطةُ .. والطبقةُ المتوسطةُ


رجالُ ما تُسمي أعمالٌ، متهمون بما تصلُ عقوبتُه إلي الإعدام، تاهوا فخراً بسلطانهم وسطوتهم، حازوا كل ما طالته أعينهم، تخطوا كل الخطوط الحمراء والزرقاء والخضراء والصفراء، لطالما أفلتوا من المساءلة، شاركوا في الحكم، في سن القوانين. مصر تحت سيطرة من ملكوا المال والسلطان، ملايين أهلها تحت سطوة فئة مالها من المؤهلات إلا المال المُيسر بلا حساب ولا حصر.
مصرُ تعيشُ علي جمر أوضاع سياسية واجتماعية يستحيلُ أن ينتج عنها تطورٌ صناعي أو زراعيٌ أو اقتصاديٌ، غابت عنها العدالةُ الاجتماعيةُ مع توحش سطوة أهل المال الذين تملكوا بدون استحقاق، سيطروا علي مقاعد السياسة وميكروفونات وشاشات الإعلام المقروء والأرضي والفضائي. التوترُ الاجتماعي أسخن من أن يُنكر، فورانه عالي الصوت والإيقاع، الإناءُ يهتزُ بعنف، غطاؤه علي وشك الانفجار.
مع سيطرة طبقة أهل مال بلا حساب ولا مشروعية سادت سلوكيات الأنانية والأنامالية والسطحية، مشروعاتٌ تحتكرُ الدعاية، جوفاءٌ، فارغةٌ، لامتصاص ما في الجيوب، ليست للتنمية؛ مشروعاتُ البر والخير، أغطيةٌ لجرائم من كل تصنيف. غاب مفهومُ الدولة، اختُزلت في مشروع تجاري، أما الشعب فمجموعة من المستهلكين، زبائنٌ، عملاءٌ، مشترون، لا أكثر. ضاع مفهومُ المواطنة والتشاركُ في السلطة، الشعبُ وحدُه يتحملُ فشل المشروعات المسماة تجاوزاً سياسات، مصر تحولت إلي سوبرماركت تتملكه القلة من حائزي السلطة والمال، من أهل الدائرة الضيقة والدوائر الملتصقة بها، طمعاً في المزيد من المشروعات، الغنائم.
المثقفون، تاهوا، غُيبوا، أبعدوا، ليس لديهم المال، موظفونٌ هم، يُلقيهم في الشارع معاشٌ مبكر، يُجلسهم ضيق الحال في بيوتهم. أهلُ الفكر والعقل لا دور لهم، لا يُسمعون، عمداً وجهلاً، مهما كتبوا أو قالوا أو أبدعوا، رغم ضيق حالهم. لم يظهر مثقفٌ متعففٌ علي كرسي سلطة؛ كراسي السلطة فقط لمن عشقوا الجلوس عليها وعبدوها، من أبدوا بسخاء كل فروض الخنوع واصطناع الولاء، من انعدمت رؤيتهم وغاب عنهم الفكر السوي.
من الطبيعي مع السيطرة المطلقة لمن أعماهم المال والسلطان ولمن أسكرهم عشقُ الكراسي أن تكثر مصائبُهم وخطاياهم وتجاوزاتهم، أن تفوح نتانة رائحتها، أن ينكشف علي الملأ احتقارُهم لأي قانون وأي نظام، هم الكلُ في الكل. هكذا ابتليت مصر بمن وُضعوا علي كراسي بكثرة مالهم وبمثقفين فقط بالاسم، هكذا أصبح الإخفاقُ واقعاً، هكذا عم الغضبُ العامُ، هكذا غام المستقبلُ. مصر في محنة طاحنة، طالما تغول فيها من ملكوا المال وسيطروا، طالما تجبر فيها من انتسبوا للطبقة المتوسطة وهم واقعاً بعيدون عن فكرها ورؤيتها، مؤهلاتهم تتلخص في كيفية الوصول إلي الكرسي والبقاء عليه، بأي ثمن.
يستحيلُ أن تقوم قائمةٌ لمجتمع بلا عقل، بلا طبقة متوسطة تقوده بكرامة، بلا نفاق، بدون الوقوع في وله الكرسي، أي كرسي،،

الاثنين، 8 سبتمبر 2008

لا يا فضيلة المفتي..


أكتب تقديراً لجلال واحترام منصبك، لعلمك الغزير ولو لم أتفق مع بعض ما قد تنتهي إليه، لكن فضيلتك مفتي مصر، قبل أي اعتبار. الإعلانات ليست مجال عمل المفتي، خاصة في الفترة الإعلانية الرئيسية بالبرنامج العام قبل مدفع الإفطار، صوتك رخيم، لكن الأداء التمثيلي لا يتفق مع وقار منصبك، وسط طوفان إعلانات عن الأكل والشرب والسكن. قد تكون داعياً للخير، لكن من أدراك أنك لم تقع في شرك من يرجون لأنفسهم باسم منصبك؟ ألم يفعلونها مع غيرك عندما روجوا لتوظيف الأموال؟ ألم يكن الشيخ متولي الشعراوي أحد الداعين لهم؟
المناخ فاسد، لا تصلح معه النوايا الحسنة وحدها، لا بد من الحذر، من مقاومة إغراءاتهم، إغراءات من يحوزون المال والسلطة، من يريدون المزيد بأي أسلوب، من أي طريق. فضيلة المفتي الدعوة للخير ممكنة بدون إعلانات، البرامج مفتوحة أمامك في الإذاعة والتليفزيون والفضائيات والصحف بأنواعها، لن تعوزك الوسيلة ولن يقف أمام خيرك عائق.
كتبت ولن أطيل، فضيلتك أكبر من إغراءاتهم، موقعك أسمي من أن يكون مكانه فترة إعلانية،،