السبت، 11 يونيو 2016

الغشُ مجتمعٌ ودولةٌ ...

بانت ظاهرة الغش في امتحانات الثانوية العامة، هذا العام، مثل كل عام. هل اقتصر الغش على الثانوية العامة؟ أبدا، هو في كل مراحل التعليم، حتى الجامعي منه، لكن طبيعة الثانوية العامة تفضحه وتفضح المجتمع كله. الغش يبدأ من ضعاف النفوس بوزارة التربية والتعليم، ومن خارجها حيث الأهالي يفرضونه بالقوة وبتكنولوجيا الاتصالات


الغش فاض وخرج عن السيطرة. الغش في الامتحانات الوهمية في كل مراحل التعليم، حتى الجامعي منه. الغش في رفع النتائج حتى تبدو الدنيا ربيع. الغش في الجودة الكاذبة التي تستنفذ الميزانيات وتؤكد على مبدأ الأونطة فيما نطرح ونتناول. الغش في من يزعمون تطوير التعليم الجامعي وغير الجامعي وهم يستأثرون بالرأي وكأنهم مُنزلون على مرافق الدولة العامة، وما أكثر ما شكوناه مما يُراد للتعليم الهندسي. الغش في أهل النفاق والارتزاق الذي يُولون وما من ورائهم إلا التصريحات والأرقام المفبركةالغش في منح من لا يستحق عيني عينك، وظيفة أو جائزة. الغش في التلاعب في أية إجراءات حتى تبدو سليمة. لننظر في من يُعينون ويُمنحون، وفي إجراءات التعيين والمنح حتى نتأكد من كم الغش. الغش في البحث العلمي وما يُقدم لترقية أعضاء هيئات التدريس بالجامعات

 حياتنا غش في غش، في البيع والشراء، في كل التعاملات حتى في صباح الخير. الغش مجتمع وحكومة على حد سواء. يستحيل أن تكون حكومةٌ صالحة من مجتمع الغشُ يسوده. لقد وصل بِنَا الحال لدرجة الظلم، ظلمُ من لا يغش، كيف تقوم العدالة إذا مُنع الغش في لجنة وفُتح على البحري في باقي اللجان؟! ثم، من يضمن عدالة التصحيح؟

تغيير وزير التربية والتعليم، و أي وزير، لن يمنع الغش، الوزير لا يدير فعلًا إلا مكتبه، هو فاقد السيطرة على آلاف اللجان الموزعة في كل مكان. منع الغش يبدأ من الداخل، من المجتمع؛ لكن المجتمع هو من يدعمه بكل الوسائل بدءا من تهديد المراقبين في اللجان، مرورا بتسريب الامتحانات من داخل اللجان، انتهاءا باستخدام التكنولوجيا الحديثة في الاتصالات. لا غرابة من اللجان الخاصة المميزة، هل يغش المجتمع ولا تحاكيه وزارة التربية والتعليم؟

الغش متغلغل، تمامًا كالإرهاب. الغش ثقافة وفتَّاكة وفهلوة، نظام حياة، الغش هو الحكومة والمؤسسات والمدارس والجامعات، كل هيئات الدولة، والمجتمع معهم. التغلب على الغش يتطلب إرادة، هل هي موجودة؟!

نُشِرَت بجريدة السبورة يوم السبت ١١ يونيو ٢٠١٦ 

نُشِرَت بجريدة الجمهورية يوم السبت ١٦ يوليو ٢٠١٦


Twitter: @albahary

الجمعة، 10 يونيو 2016

حديث الجوائز ...

الجوائز هي التقدير للمجتهد، بناء على ما أدى وفقًا لقواعد تحقق العدالة، احترامًا للجهة المانحة، دولة كانت أو جامعة وللحاصلين عليها. عدالة الجائزة أيًّا كان مستواها هي عنوان للدولة كلها. حديث الجوائز كله شجون، فهو يثير في النفوس أسي يتناسب مع ما تحمله الجوائز في أحيان ليست بالقليلة من غيابٍ للشفافية والموضوعية

فإذا بدأنا بالجوائز التي تمنحها الدولة، فنجد أن عددًا لا بأس به من الحاصلين عليها يضم وزراء سابقين ومحافظين وإدارات جامعية ومقربين بصورة أو بأخرى من دوائر المجلس الأعلى للجامعات ووزارة التعليم العالي. حتى الترشيحات للجوائز لا بد لها من تربيطات. جوائز بمئات الآلاف من الجنيهات لكل شخص لا تمنح لمن هب ودب. جوائز بالملايين من ميزانية الدولة بلا حسيب

أما جوائز الجامعات فحدوتة، هي بعيدة عن العين، واللا شفافية أهم عناوينها. من الوارد أن تمنحها الإدارات الجامعية لنفسها تحت أي مسمى. أما الترشيح لها فيكون في أحيان مشهودة بسيف الحياء وبالجلد السميككيف؟ يترشح نفس الشخص للجائزة لسنوات متتالية وكأن الأقسام خلت من غيره!! ثم أضف أسفًا على أسف، لجان الكليات القائمة على فحص ملفات المتقدمين للجائزة تظل لسنوات طويلة بلا تغيير، وتفحص ملفات خارج تخصصها، ومن الوارد أن يتركز الاختيار للجائزة في أقسام بعينها، وأن يستبعد منها صاحب المواقف. هي جوائز ولاء ورضا، ولاء لمن يأخذ قرار المنح ورضا منه عن الحاصل على الجائزة. في الجامعات تنغلق تمامًا قنوات الحوار في ما يخص أوجاع أعضاء هيئات التدريس وتنفتح على البحري لما يشكو الطلاب!!


هل الحاصلون على الجوائز هم الأفضل؟ أحيانًا. على فكرة، قال لي أحد الزملاء "المسؤولون لا يقرأون"،  ماشي، لكنهم لن يمنعون الفضفضة. إدي له جائزة يا صادق أفندي، هل يكون عنوانًا أنسب للجوائز في مصر؟



نُشِرَت بجريدة السبورة يوم السبت ١١ يونيو ٢٠١٦ 

نُشِرَت بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء ١٤ يونيو ٢٠١٦ 
















نُشِرَت بجريدة آلجمهورية يوم السبت ٢ يوليو ٢٠١٦ 









Twitter: @albahary