السبت، 6 ديسمبر 2008

روز اليوسف ليست ظاهرة ..


طفَت أصدارات روزاليوسف علي صدارةِ الأحداثِ، لا السبقَ في الأخبارِ، بأسلوبِها في اختيارِ الموضوعاتِ والشخصياتِ. أسلوبٌ متفردٌ في اختيارِ مفراداتِه وألفاظِه، انحدرَ مع الأسفِ إلي مستوياتٍ جعلَت من السكوتِ عليه لزمنٍ تقديرٌ ومباركةٌ ودفعٌ للمزيدِ. اختيارُ القائمين علي تلك الإصداراتِ يؤكدُ علي نهجٍ بعينِه، فيه البلطجةُ بالقولِ والتلفيقِ، فيه تجرؤٌ علي الحرماتِ، تَرصُدٌ، قذفٌ وتباهٌ به. لا غرابةَ إذن إذا سادَت في المجتمعِ سلوكياتٌ شبيهةٌ تتلهفُ علي فرصةٍ لإثباتِ أنها لا تقلُ براعةً في هذا الانحدارِ، لا غرابةَ إذا أصبحَت نهجَ حياةٍ، صباحاً ومساءاً، في الشارعِ، العملِ، النادي، المنزلِ. إصداراتُ روزاليوسف قريبةٌ من النظامِ، هي من أدواتِه، فيها الإرهابُ والتهديدُ والوعيدُ، فيها تلويثُ السُمعةِ، من خافَ عليه الابتعادُ، ليست سِكتُه، من خافَ سَلِمَ.
روزاليوسف هي أساسُ الموضوعِ، ليس لأنها روزاليوسف، إنما لما يمثلُه الارتكانُ عليها والثقةُ فيها، مهما انحدرَ ما تؤدي وتمارسُ. روزاليوسف ليست الإصدارتُ، إنها كل من أُجلِسَ علي كرسي لأنه هي، يفعلُ كما تفعلُ، يردحُ مثلَها، يفرشُ ملاءتَها، يستخدمُ عصاتَها ومطوتَها وسنجتَها، إنها العديِدُ من المسئولين، علي كافةِ المستوياتِ، طالما عُينوا ليسيروا علي خُطاها، قدوةٌ هي في زمانٍ انسحَبَ فيه المحترمون. الكراسي عنوانُ النظامِ، كلما عفَت ممارساتُهم وتصرفاتُهم، كلما كان نزيهاً عفيفاً، والعكسُ بالعكسِ. ما أكثرَ المسئولين الذين أثاروا بفلتانٍ ألسنتِهم وتصرفاتِهم توتراتٍ وهياجاً، وكأنَ الاستفزازَ العامَ هدفٌ قائمٌ بذاتِه.
المشكلةُ الأكبرُ في انتشارِ داءِ روزاليوسف علي النطاقِ الأعمِ باعتبارِه نهجاً رسمياً، قدوةٌ، مع الأسفِ فيما لا يجوز، مسلكٌ لا يُحتذي، انتشرَ لأنه يتلاءمُ مع مرحلةٍ عمَت فيها فوضي غيرُ مسبوقةٍ، غابةٌ تعلو فيها الأصواتُ بالباطلِ قبل الحقِ، يخرجُ من الألسنةِ ما تُعاقبُ عليه القوانين، تُستخدمُ العصي وما اشد بدلاً من الحوارِ والنقاشِ. روز اليوسف هي تعاملُ النظامِ مع المخالفين، تباكي المعارضين بالحقِ والباطلِ، إعلامُ التهييجِ والإثارةِ، فضائياتُ التربحِ علي حسابِ السمعةِ والحقيقةِ، تجاوزاتُ المسئولين علي كافةِ المستوياتِ. الكراسي التي شغلَها طه حسين وأحمد لطفي السيد ومصطفي أمين ومحمد حسنين هيكل، شُغِلت بمن تمثلَت روزاليوسف في مسلكِهم.
روزاليوسف، عنوانُ واقعٍ، بسياساتِه، أشخاصِه، ليست ظاهرةً، في الأمثالِ قالوا إبن ... يجيب لأهلِه الشتيمة، وأكيد ما هو أسوء بكثير، لكن من يشعرُ ويحسُ؟؟