السبت، 31 مايو 2008

وامتلكتُ بيتاً



كتبتُ طويلاً وكثيراً، حُجِبَت مقالاتي، تغيرت عناوينها، تعرضت للقصقصةِ، حتي اسمي حرفوه!! تعاملت مع الصحفِ الحكوميةِ والمعارضةِ والمستقلةِ، مع الصحفِ العربيةِ الصادرةِ في لندن، ومع صحافةِ الانترنت، كلُهم واحد. يتحدثون عن الحرية وتعدد الآراء ولا ينشرون إلا ما يتفق مع ما يُرجون له. إذا كتبت في صحيفةٍ حكوميةٍ لا بد أن تشيد بالإنجازات وعبقريةِ القياداتِ، وإذا كتبت في صحيفةٍ معارضةٍ لا بدَ أن تسبَ الحكومةَ وتُمجدَ الحزبَ. أما إذا كتبتَ في صحيفةٍ عربيةٍ لندنيةٍ فمن الواجب أن تشتمَ مصر وتدعي القوميةَ العربيةَ والهويةَ الإسلاميةَ. صحافةُ الإنترنت وأغلبُها صادرٌ بأموالٍ سعوديةٍ، كالفضائياتِ تماماً، قائمةٌ علي الإشادةِ بعبقريةِ الأسرة الحاكمةِ وأقاربِها ومعارفِها، وبالطبعِ سبِ مصر وأمريكا وبوش.
كنت أول من نشرَ ترتيبَ الخمسمائة جامعة الأفضل علي مستوي العالمِ وكان ذلك بتاريخ 31/1/2005 في بابِ شباب وتعليم بجريدةِ الأهرامِ وبتاريخ 11/2/2004 في باب آراء حرة بجريدة الوفد. بقدرةِ قادرٍ أصبح اسمي حسام محمود أحمد فتحي في جريدةِ الأهرامِ!! هكذا، بمنتهي البساطةِ في صفحةِ الشباب والتعليم التي تتحدثُ عن الأخلاقياتِ الواجبةِ ونسبةِ المجهودِ لأهلِه في المؤسساتِ التعليميةِ والمجتمعِ.
كتبتُ في القدسِ العربيةِ الصادرةِ في لندن، كانت المقالةُ تتحولُ بعد كلِ نشرٍ إلي شئ آخرٍ، لم أعرف أنه لي إلا بالشبهِ. الكتابةُ في الصحفِ المعارضةِ من فرطِ الحجبِ أيضاً تصبغُ الكاتبَ علي غير إرادتِه بلونِ الحزبِ وجريدتِه، وكأنه ما كتبَ إلا في القليلِ الذي نُشرَ له، تضعه في إطارٍ ليس من صنعِه، تخنقُه. أما جريدةُ إيلافِ الإلكترونيةِ فلا شكَ إنها جذابةٌ، ولا بدَ من مطالعتِها، ولكن وآآه من لكن، فهي تنشرُ لمن ينتقدُ أوضاعَ مصر والعراق وطبعاً الولايات المتحدة الأمريكية وبوش في وسط الكلامِ، تمجيدُ الأسرةِ المالكةِ وأشخاصِها من المسلماتِ، لا حريةَ رأي في ذلك ولا غيره.
وجدتُ لي بيتاً يستضيفُني،
الحوار المتمدن، نشرَ معظم مقالاتي، لم يضيق علي، لم يقصها ولم يحذف منها، فتحَ لي طاقةَ هواءٍ منها تنفست ورأيت النورَ، تعرفت من خلالها علي أفكارٍ حقيقيةٍ، حرةٍ، متنوعةٍ، وعلي كتابٍ لم أكن قد سمعتَ عنهم، لا يشترطُ أن أتفقُ معهم، بل اختلفُ معهم كثيراً، لكن أُقدرُ مجهودَهم الفكري.بعد طولِ تشتتٍ بين الصحفِ ويأسٍ، اشتريتُ بيتاً، امتلكته، في الفضاءِ الواسعِ الرحبِ، في دنيا الانترنت، أصبحت لي مدونةٌ، سأكتبُ بدونِ خوفٍ من حجبٍ وقصقصةٍ، لن أظهرَ بلونٍ غير لوني، لن يغضبُ مني أحدٌ تصورني علي صورةٍ ليست لي، سألتزمُ أدبَ الحوارِ ومسئوليةِ القلمِ، لن أكذبَ أو أنافقَ، سأعبرُ عن نفسي كما أُريدُ، لن أتخلي عن بيتي في الحوار المتمدن، لا أستطيعُ، سأواصل الكتابةَ في الصحفِ، بقلبٍ أقوي، فبيتي موجودٌ، ولو حذفوا أو حرَفوا،،