الخميس، 2 أبريل 2009

كحكُ ما بعد قعدةِ الدوحةِ..


اجتمعَ أولو أمرِ العربِ في الدوحةِ، بعضُهم، حتي لا يزعلُ البعضُ، جلسوا وقعدوا، تناولوا القهوةَ في فناجينٍ صغيرةٍ، لا بد أنها شديدةُ المرارةِ ومن الجائزِ أن تكون شديدةُ الحلاوةِ، ما علينا، ماذا أضافَت القعدةُ، لا شئ يبدو واضحاً ولا يبدو أنه سيبدو. غريبٌ أمر العرب، قبل قعداتِهم تنهمرُ آمالُ إعلامِهم عن المصالحةِ وتوحيدِ الصفوفِ وشحذِ الهممِ، إعلامٌ مغيبٌ مزقوقٌ؛ أما إعلامُ من هم ضد القعدةِ فيسيرُ في اتجاهٍ آخر، مخالفٍ تماماً، يروي الحكاوي عن حكمةِ المقاطعةِ وعن الكرامةِ التي حُفِظَت، مسحوبٌ أيضاً لكن من ذيلِه.
لم أفهمْ كيف حُفِظَت الكرامةُ بعدمِ الاهتمامِ بقعدةِ الدوحةِ، مع يقيني بتفاهتها ككلِ سابقاتِها، الكرامةُ أكبرُ بكثيرٍ من عدمِ الاهتمامِ، إنها في توفيرِ حياةٍ كريمةٍ للمواطنين تحترمُ أدميتَهم، تعدديتَهم، حريتَهم، لا تلقيهُم فريسةً لأسماك البحرِ بعد أن ضاقَت بهم بلادُهم، لا تتركُهم أزلاءَ تحت رحمةِ كُفلاءٍ فَجَرةٍ. شعاراتُ الشقيقةِ الكبري لا تصادفُ هويً لا في مصر ولا خارجها، رُدِدَت كثيراً للتغاضي عن إهانات المصريين في كل مكان، نُحييَت جانباً عندما تعلَقَ الأمرُ بالتطاولِ علي النظامِ السياسي؛ كم كنت اتمني أن تُقاطعَ القعداتُ كلُها إذا مُسَت كرامة أي مصري، وقتها لن يكون للجرأةِ علي مصر منفذٌ.
الإخوةُ العربُ من أولي الأمر لا يجدون لهم نصيراً أو راعياً إلا هوجو شافيز الرئيس الفنزويلي، لم يدعوه للقمةِ، يتخيلون أنه يُدافعُ عن قضاياهم، نسوا كدأبِهم أنه يتحركُ بأولوياتِه، أنه لا يفكرُ فيهم بل علي العكسِ قد يكِنُ لهم ما لا يَسُرُهم. في القعداتِ العربيةِ مهرجاناتٌ للخطابةِ والأزياءِ والدلعِ في المشيةِ، فيها الشعرُ الطويلُ المفرودُ المصبوغُ، فيها الذقونُ المتنوعةُ، أكيد للعطورِ الفواحةِ وجودٌ وإن لم تنقلها الصورُ. قعداتٌ مسرحيةٌ هزليةٌ، ما فيها إلا الخناقاتُ واصطناعُ المواقفِ والبطولاتِ، أبطالٌ علي بعضِهم البعض، مُستأنسين جداً مع أي من هَبَ ودَبَ.
حقيقي زَهِقنا وطَهِقنا، نحن الرعايا، جلسوا علي أنفاسنا وما مَلّوا، جابونا لأخرِ كلِ الصفوفِ ومازالوا علي وعودِهم بالديمقراطيةِ وحقوقِ الإنسانِ والتقدمِ والرفاهيةِ، بعد العيد لا يُعجَن الكحك، لم يُرْ في قعدةِ الدوحة عيدٌ، لنأكلُ الكحكَ من باب تَخَيُل الأعياد، طبعاً لو معنا فلوسه،،