الاثنين، 3 نوفمبر 2008

وكأنه حقيقي وبصحيح وبجد...


احتلَ مؤتمرُ الحزبِ الوطني هذه الأيام، زماناً ومكاناً، الشوارعُ تحملُ لافتاتِه، الإعلامُ يرسلُ كاميراتُه وميكروفوناتُه بالعشراتِ لنقلِ ما يجري في القاعاتِ الفخيمةِ التي استضافته. استنفارٌ للمواردِ، إعلامٌ، صحفٌ، طرقاتٌ، مجاميعٌ من البشرِ، الشئ لزوم الشئ، مصاريفٌ لا يُعرفُ مقدارُها؛ تجمعٌ ظاهرُه مؤتمرٌ للحزبِ، واقعاً لم يُرْ في ما سبقَه من مؤتمراتٍ غيرُ حياةِ الضنكِ والبؤسِ. بدلٌ سوداءٌ، كرافتات، وجوهٌ يبدو عليها الاهتمامُ والتركيزُ حينما تنصتُ ومتحدثون يرسمون الجديةَ والإلمامَ والصرامةِ، كلُه جدٌ في جدٍ، علي السطحِ. لم يجدْ المؤتمرُ صديً، لا في الشارعِ ولا في وسائلِ الإعلامِ الخارجيةِ، منتهي التجاهلِ، عدمُ الاكتراثِ، كأن شيئاً لم يكن، هل لتزامنِه مع الانتخاباتِ الأمريكيةِ؟ قطعاً لا، المقارنةٌ غيرُ واردةٍ، التجاهلُ متواصلٌ متعمدُ منذ بدأت هذه الحلقاتُ من المؤتمراتِ.
التسابقُ والتباري في اتهامِ المعارضةِ بالنباحِ ظاهرةٌ، إعلامُ الحكومةِ يستخدمُ مفرداتٍ علي شاكلةِ، فلان ألقي قفازَ التحدي، في وجه من؟! كلامٌ بلا مضمونٍ، مجردُ رَصِ خاناتٍ، لست من المعارضةِ، تحمِلُ كلَ مثالبِ الحزبِ الكاتمِ علي كلِ ما يطولُ، اتهامُها بتعويقِ مسيرةِ الانجازاتِ لا يتفقُ مع حالٍ بلا انجازاتٍ أو شحيحِها، مع سيطرةِ القلةِ علي كل الفرصِ، مع تدهورِ الأحوالِ الاقتصاديةِ، تهميشِ الجامعاتِ والعلمِ، توليةِ من لا يجيدون غيرَ إثارةِ التوترِ. تدَني وضعُ المصريين في بلدِهم فهانوا خارجَها، المصري يئنُ في كلِ مكانٍ، لم تَفتحْ له سوي الأرصفةِ أزرُعَها. المعارضةُ إذا هاجمت حزباً يسيطرُ بلا أساسٍ حقيقي فلا عتابَ عليها، الشعبُ كلُه يرددُ ما تنشرُه صحفُها حتي لو لم يقرأُها، إذا صرخَت، فمن قلةِ حيلتِها، من انكارِها، من المنِ عليها بأقلِ ما يجبُ.
الشعبُ، قبل المعارضةِ، لا يصدقُ ما يقالُ عن عدمِ التوريثِ، عن السياساتِ والخُططِ، عن المكانةِ والريادةِ، لماذا يُصدقُ؟ الثقةُ معدومةُ فيمن يحكمون، الحياةُ سنتُها التغييرُ، الحزبُ الكاتمُ لا يعترفُ به إلا عندما يُزيحُ من يعارضونه، من داخلِه أو خارجِه، مُنزهٌ هو عن التغييرِ، عن تركِ الحكمِ لغيرِه، لا يوجدُ من يُضاهيه عقلاً وفكراً وكفاءةً، هكذا يتوهمُ. من يعارضونه ليسوا بأفضلِ، مهما كانت شعاراتُهم، مهما اعتصموا وصرخوا وانتقدوا، زعيقُهم مبررٌ، سُدَت أمامَهم كلُ السبلِ، بلطجيةُ الحزبِ الكاتمِ يحاصرون أي رأي، في أي مكان، حتي علي الإنترنت، طبعاً، إنه حزبٌ حكومتُه زكيةٌ، يفهمُ كيف يردُ علي منتقديه، كيف يقضي علي بطالةِ الشبابِ، البلطجةُ بالعصي في الشوارعِ وبالسبابِ في مواقعِ الرأي الإلكترونيةِ.
نصبَ الحزبُ مؤتمرَه، هناك من يتركزُ دورُهم في الكلامِ أمام الميكروفوناتِ والشاشاتِ، هناك من يقومون بدورِ المنصتين باهتمامٍ، أخرون يؤدون مشاهدَ المناقشين، معهم ملفاتٌ كبيرةٌ ضخمةٌ، مكتوبٌ عليها عناوينٌ خطيرةٌ، الأزمةُ الاقتصاديةُ، حقوقُ الفقراءِ، السياسةُ الخارجيةُ، الأمنُ القومي، حقوقُ المرأةِ والطفلِ، الأوراقُ بداخلِ الملفاتِ بيضاءٌ، غير مهم، كلُه تمثيلٌ في تمثيلٍ، أدوارٌ علي مسرحِ قاعةِ المؤتمراتِ، بلا روح، المهمُ الأجرُ، وزارةٌ، إدارةٌ، سفريةُ، أرضٌ، فيلا، شقةٌ، كلُه خير.
زحمةٌ، كلٌ يغني علي ليلاه، الحضورُ ضروريٌ، أبعديةٌ، مصر،،