الأحد، 8 يوليو 2012

تحية التوك توك ...

ألقى الرئيس المنتخب خطابًا يوم الإثنين الموافق ٢٥/٦/٢٠١٢، بعد أن أعلنت نتيجة انتخابات الرئاسة يوم الأحد الموافق ٢٤/٦/٢٠١٢،  وفي ليلة الأربعاء الموافق ٢٧/٦/٢٠١٢ (بعد ٤٨ ساعة) جاء ممثلو الانحطاط السلوكي والأخلاقي متمثلين في رجل وامرأة وطفلين ليعودوا للإقامة الكاملة في الحديقة المواجهة للعمارة رقم ١٥ شارع الطاقة بمدينة المبعوثين بجوار النادي الأهلي بمدينة نصر!! لقد سبق أن أجلاهم السيد مدير الأمن يوم  الثلاثاء الموافق ٣/٤/٢٠١٢ بعد أن نَشَرت بأهرام يوم الأحد الموافق ١/٤/٢٠١٢ التضرر والاشمئزاز والقرف من هذا التعدي غير الأخلاقي. ونشرت أيضًا بأهرام يوم الأربعاء الموافق ٢/٥/٢٠١٢ شكرًا فيه التوجس كله، وها قد تحقق ما كنت أتخوفه ممن يكمنون كالثعابين في انتظار لحظة الانقضاض.

هل هذه العودة غير الأخلاقية جاءت بعد تحية الرئيس المنتخب لأهل التوك توك؟! هل فُهمت تحيته  على أننا مُقبلون على عهدٍ من العشوائية والانفلاتِ السلوكي في مقابل الكرسي؟! هل تيقنوا أنها إشارةٌ خضراءٌ لتحدي القانون والسلوكيات؟ هل يستطيع مدير الأمن العودة مرة أخرى لإزالتهم؟ طبعًا حي مدينة نصر خارج التساؤلات فهو يوزع أرضها أكشاكًا على حساب سيولة المرور وعلى حساب السلوكيات والأخلاقيات، وكشك المثلجات الموجود بلا أصولٍ عند تقاطع شارع الطاقة مع شارع أبي داود الظاهري شاهدٌ على الخيبة كلها

الانفلات والانتهازية وسوء السلوك أصبحت عنوانًا لهذه المرحلة، هل تُحتل ميادين مصر بالخيام من سييء السمعة والأخلاق؟! هل ستختفي الشرطة والأحياء؟! هل كله سيهون في مقابل الاستمرار على الكرسي؟! هل ستعلو أولوياتٌ أخرى على القضاء على الفوضى والانتهازية والعشوائية؟


نُشِرَت بجريدة الأخبار يوم الخميس ٥ يوليو ٢٠١٢


Twitter: @albahary

العلمُ محايدٌ ...

حضرت يوم السبت الموافق ٢٠١٢/٧/٧ اجتماعَ السيد رئيس الجمهورية مع أعضاء المجلس الأعلى للجامعات ومجلس الجامعات الخاصة وممثلين عن أندية أعضاء هيئة التدريس. في هذه الاجتماعات يكون الاستماعُ فضيلةَ الفضائلِ، الوقتُ محدودٌ والكلامُ لن يكون متاحًا إلا إذا امتدت الجلسة للصباح. لذا سأكتب ما تمنيت أن أقوله، وما يقرأه الآلاف أوضح مما قد يسمعه مائة. أردت أن أذكر أن الجامعات مناراتٌ للعلم، من واجبها أن تكرسَه في طلابِها فتتشربه سلوكياتُهم ومنهم يسري في مجتمعِهم.


 العلمُ ليس مُنحازًا ولا مُنافقًا، لكنه مُحايدٌ، لا يعرفُ إلا الحقائقَ العلميةَ ومنها يصلُ إلى النتائجِ. العلمُ تراكميٌ، يجمعُ معطياتِه من مصادرٍ مُتعددةٍ ومن أزمنةٍ متتاليةٍ، لا ينسى ولا يُغفِل. حياديةُ العلمِ تعني أنه لا وجودَ لعلمٍ حزبي، أو ديني، أو طائفي، أو حسب الجنس أو اللغة. فعلى سبيل المثال، شبكات الحاسبات وأشهرها الإنترنت اتسعت وغيرت أنظمةً بلغاتٍ غير تلك التي قامت بها علومُها. وكذلك علم الروبوتات (الإنسان الآلي) لا يوجد منه الأمريكي أو الصيني، هو علمٌ وحيد لكن تتعدد تطبيقاتُه. كذلك علم الفضاء لا يوجد منه علمٌ مسيحي وعلم إسلامي، وعلم صناعة السيارات لا يوجد منه علم رجالي وعلم حريمي. 

إذا تذكرَت الجامعاتُ أن رسالتَها الأولى هي غرسُ العلمِ وسلوكياتِه، ما سادَ التعصبُ، ما حدَثت مأساةُ استاد بورسعيد. ترَدَت أحوالُ مصر لما غابَ التسامحُ وقبولُ الاختلافِ، لما تخيلَ كلُ فردٍ أو مجموعةٍ أن الحقيقةً ملكُهم وحدُهم، عندما غابَت الموضوعيةُ وغامَ بعدُ النظرِ، عندما سادَت الفهلوةُ. بوضوحٍ لو كان العلمُ محلَ احترامٍ لكان المجتمعُ محايدًا، يُحكِمُ عقلَه، لا اللسانَ، ولا الذراعَ، ولا المطواة،،

مش أنا ده هو ...



قَتَلَ ثلاثةُ ملتحين شابًا من السويس، بلد الكفاح، لقد ارتكبَ معصيةً بسيرِه مع خطيبتِه في الطريق العام. قبلها قَتَل ملتحون في الشرقية اثنين من العاملين في فرقة موسيقية، الموسيقى حرام. هكذا استفتَحت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عملها في مصر، وأكدت بياناتها على الإنترنت ما فعلوه، استخدموا الإنترنت الكافر لنقل رسائلهم وفتوحاتهم وكذلك موتوسيكلات الصين الملحد للهرب. 

كالعادة تبرأت جماعة الإخوان وحزبها، وكذلك حزب النور من تلك الجرائم، نَوَعوا من تُلصَقُ بهم تُهمُها، إما أمن الدولة،  أو الحزب الوطني المنحل،  أو مارقين لم يحددوهم!! نفس السيناريو بعد كل بلوى، الكل خطاؤن إلا هم!! إذا رجعنا بالذاكرة لكارثة استاد بورسعيد، ما نسينا التباري في سردِ التهمِ وتوزيعِها بنفس النمطِ، تَجَلى مرشحو الرئاسة وأعضاءُ مجلسِ الشعبِ المنحلِ في المطالبةِ بتفريق مساجين النظام السابق على السجون لأنهم دبروا تلك المصيبة؛ ثم جاءت تحقيقاتُ النيابةِ ولجنةُ تقصي الحقائق، لا الجناةَ من الحزب الوطني والنظامِ السابق، ولا هم أمن الدولة، لكن ما هو جرى نتيجةٌ  لسوءِ النظامِ في الاستاد وللحقدِ والتعصبِ الذي ملأ نفوسَ المجتمعِ المصري وفاضَ. استُغِلت كارثةُ استاد بورسعيد لتصفيةِ الحساباتِ والظهورِ، تعاموا جميعًا بكل العمدِ،  لما في نفوسِهم وتدبيرِهم، عن الحقيقةِ الواضحة. 

يتغاضى الإخوان والسلفيون عن المطالبةِ بمحاسبةِ من يرتكبون باسم الدين أبشعَ الجرائمِ، يباركونهم خفيةً، لم يُقبضْ على مجرمٍ، وكأن المباحثِ اسمٌ بلا مُسَمى، وكأن الشرطةَ على وشك الحَل لتحلُ محلَها جماعاتٌ وميليشياتٌ لتأديب الناس. حتى ما يتعرض له جنودُ مصر في سيناء غُضَ عنه البصرُ وتعامى عنه المتحدث الإعلامي باسم حزب جماعة الإخوان المسلمين. من الآن لن تخرجُ السناريوهات عن جماعاتٍٍ تدعي الدين وتحتكره، مُتبجةٍ بفجرٍ في ظل حمايةٍ من الأحزابِ الدينيةِ والدولةِ الرسميةِ الكسيحةِ، حمايةٌ بالصمت وبتوزيع التهم. أين الأمن الذي يسمع دبةَ النملةِ؟ هل عجَزَ عن تتبعِ الموقع الإلكتروني الذي تَصدرُ عنه بياناتُ التخويفِ والتهديدِ؟! هل ذابَ مرتكبو تلك الجرائم؟! هل هو ترخيصٌ بالقتلِ؟! هل يستطيعُ الإخوان تتبعُ تلك الجماعاتِ ومحاكمتِها فيخسرون تحالفَهم مع السلفيين؟   

مهمةُ الصحافةِ أصبحَت في غايةِ الصعوبةِ، مجلسُ الشورى يهدفُ إلى تحويلِها إلى معارضٍ لإنجازات الجماعات الدينية وستائرٍ على خطاياها ونواياها، يريدونها خرساءً عمياءً عما يكشفُهم أو حتى ينصحهم، ما هم بحاجةٍ للنصحِ، هم الحق وما دونهم باطلٌ وخطأٌ وضلالٌ. الصحفيون الشرفاءُ كان الله في عونِهم، آوان المرتزقةِ والمنافقين.

ماذا لو كان قتلى الشرقية والسويس أقباطًا؟ الإجابةُ بسيطةٌ جدًا، نارٌ وحرائقٌ، وحربٌ أهليةٌ، سيكون أول من يدخلُها الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل وحلف الأطلنطي. ألهذا أيدَت الولايات المتحدة الأمريكية وصولَ الإخوانِ للحكم؟ للأسف الصورةُ قاتمةٌ مظلمةٌ، لا أعرفُ كيف أتفاءل. على القوى المناديةِ بالحرية والديمقراطية أن تتجمعَ، غيرَت  النظامَ السابقَ ثم استُبعِدَت واستولى غيرُها على السلطةِ، لا مكان لنزاعاتٍ جانبيةٍ وتشتتٍ، ليتحدوا بأمانةٍ. 

في ظلِ الخوفِ الصحفي على الكراسي هل تخرجُ الآراءُ كلُها إلى العلنِ؟  ليتذكر الجميعُ، اللهُ في عونِ كلِ من يساعدُ نفسَه، غيرِ الخانعِ الراضي بالعصا والضرب على القفا وبالمطوة. يستحيلُ أن يصدقَ أحدٌ التهربَ من المسؤوليةِ بحكايةِ "مش أنا ده هو" ، هذا الزمنُ لا مكانَ فيه للتغفيلِ ولا للمغفلين.

Twitter: @albahary