الاثنين، 28 أكتوبر 2019

عقودٌ مؤقتةٌ للمتفوقين في الجامعاتِ ...

أثارَ قرارُ المجلسِ الأعلى للجامعاتِ بعدمِ تعيين معيدين والاكتفاءِ بالتعاقدِ معهم مؤقتًا، لحين حصولِهم على درجةِ الماجستير ثم الدكتوراه بعدَها، استياءً كبيرًا. القرارُ يخالفُ نصوصَ قانونِ تنظيمِ الجامعاتِ، وينبئ بتجاهلٍ للقوانينِ بمبرراتٍ تُفتَعلُ.

قانونُ الجامعاتِ واضحٌ في التحويلِ لوظيفةٍ إداريةٍ  لمن يفشلُ في الحصولِ على الدرجةِ العلميةِ في مدةٍ محددةٍ، لماذا لا يِطبقُِ، وقد طُبِقَ فعلًا في حالاتٍ عدةٍ؟ هل لعدمِ وجودِ ميزانياتٍ؟ هل الأمرُ إذن في سياساتٍ يفرضُها البنك الدولي؟ هل ستمتدُ هذه القراراتُ في فتراتٍ لاحقةٍ للتخلصِ من كبارِ الأساتذةِ، ثم تُعممُ العقودُ في علاقاتِ أعضاءِ هيئةِ التدزيسِ بالجامعاتِ؟

هناك من يقولون أن نظامَ العقودِ المؤقتةِ مطبقٌ في الخارجِ. لماذا ننتقي جزيئًا مما في الخارجِ ونُنكرُ معظمَ ما فيه؟! هل يوجدُ مجلسٌ أعلى للجامعاتِ في الخارجِ؟ ثم كيف ومن يعينون لرئاسةِ الجامعاتِ وغيرِها في الخارجِ؟ في الخارجِ الكثيرُ والكثيرُ، لمن يريدُ أن يتعلمَ ويعلمَ

المشكلاتُ  تتعاظمُ مع التشككِ في أيةِ قراراتٍ وفي دوافعِها وفي مُصدريها؛ الثقةُ هشةً في من تُسنَدُ إليهم مسؤوليةٌ وفي مدى حريتِهم في اتخاذ القرارتِ. لماذا انهارَت الثقةُ في كثيرٍ من المسؤولين؟ بوضوحٍ، انتهاجُ الصوتِ العالي للفتِ الأنظارِ والقفزُ على انجازاتِ الآخرين، الدعايةُ الشخصيةُ على مواقعِ التواصلِ بادعاءِ المواقفِ والألمعية، انتقاءُ البطاناتِ من أهلِ نعم ونعمين؛ ممارساتٌ من الممكنِ أن تكون للكراسي مهدَت

الغضبُِ سادَ الوسطَ الجامعي لعدمِ الإحساسِ بعدالةِ المقصدِ من وراءِ التعاقدِ مع المتفوقين بدلًا من تعيينِهم. أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِِ وخاصةً المتفرغين منهم يشعرون بالغبنِ الشديدِ لتجاهلِ سوءِ أحوالِهم الماليةِ

أي متفوقٍ سيرضى بعقدٍ مؤقتٍ يرهنُ مستقبلَه بسرابٍ، خاصةً في التخصصاتِ العلميةِ المتطورةِ؟! ثم ألن تؤدي هذه العقودِ إلى الإقبالِ على مشرفي تكبير المخِ والرسائلِ المتواضعةِ، طبعًا مع إدعاءِ الإنجازِ العلمي الكاسحِ؟!

عقودٌ مؤقتةٌ للمتفوقين، تخلصٌ من الأساتذةِ الكبارِ  (إن حدث)، عقودُ عملٍ للأساتذةِ العاملين (إن حدث)، هي الوصفةُ الأكيدةُ للتخلصِ من الجامعاتِ. ألا يفكرُ متخذو قراراتٍ كتلك في صورة الدولة داخليًا وخارجيًا؟


اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،


Twitter: @albahary

الجمعة، 18 أكتوبر 2019

‏... في التاريخ


الأعلى،الأكبر ، صيغُ تفضيلٍ شاعَت دون أن تستندَ في أحيانٍ كثيرةٍ على حقيقةٍ. الفيلمُ الفلاني حققَ أكبرَ إيراداتٍ في التاريخ. لو عَلَمنا أن تذكرةَ أفخرِ دارِ سينما كانت جنيه واحد عام ١٩٨٠، بينما سعرُها الأن ٨٠ جنيه، لتَيقَنا من قدرِ المُخادعةِ بعد أن زادَ سعرُ التذكرةِ ثمانين ضِعفًا. مائة ألف مشاهد عام ١٩٨٠ لن يتعدى إيرادُ تذاكرهم ١٠٠،٠٠٠ جنيه، بينما الآن ١،٢٥٠ مشاهدًا فقط يحققون نفسَ الإيراد!! أي أن عددًا أقلَ من المشاهدين على الرغمِ من زيادةِ عددِ السكانِ يحققُ نفسَ الإيرادِ!! ولو كانت التذكرةُ قبل التعويمِ بعشرين جنيها فإن ١٠٠،٠٠٠ مشاهدًا كانوا يحققون إيرادًا قدرُه ٢ مليون جنيه، وهو ما يحققه الآن عددُ ٢٥،٠٠٠ مشاهدًا فقط!!

المبالغةُ إذن فيها من الاِستخفافِ الشئُ الكثيرُ. لحسابِ الإيرادِ حقًا لابدَ من اِعتبارِ انخفاضِ سعرِ العملةِ مع الزمنِ إما بنبستِها للدولارِ أو للذهبِ. أما مُجردُ الحسابِ بأرقامٍ مطلقةٍ فلا معنى له، بل أنه من العَيبِ أن يكونَ نهجَ تفكيرٍ. ولو كانَ عددُ المشاهدين هو المعيارُ، لا إيرادَ التذاكرِ، فإنه لابدَ أيضًا من نسبتِه لعددِ السكانِ؛ مائة ألف مشاهد من ٤٠ مليون مواطن عام ١٩٨٠ غير مائة ألف مشاهد من ١٠٠ مليون مواطن اليوم. مائة ألف مشاهد عام ١٩٨٠ تناظر ٢٥٠،٠٠٠ مشاهد اليوم، أو بمعنى آخر لو شاهد الفيلم ١٠٠،٠٠٠ مشاهد اليوم فإن ذلك يناظر ٤٠،٠٠٠ مشاهد فقط عام ١٩٨٠

المواطنُ واعٍ ومُدركٌ، ينتقي مصادرَ المعلوماتِ ويصنُفها، يستبعدُ ويقاطعُ المفبركاتية. لكن هناك من لا يُقدِرون ذكاءه ويستسهِلون باعتبارِهم خبراءٌ في دهان الهوا. اللافتُ أن الأكبرَ والأعلى في التاريخ أصبحَ أسلوبًا لعددٍ كبيرٍ من المسؤولين ووسائلِ الإعلام. اِكتشافُ الحقيقةِ ليسَ بالعسيرِ في زمن الإنترنت الذي لا يَنسى ولا يُخدَعُ، هل يَعون؟ 

لست ضد السينما ولا ضد أي إنجازٍ حقيقي

اُتركوا التاريخَ في حالِه، الكبير كبير ...


اللهم اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،


نُشِرَت بجريدة السبورة يوم السبت ٢٤ أغسطس ٢٠١٩ 

Twitter: @albahary

الخميس، 17 أكتوبر 2019

مؤلف داعشي …


نشرَت مطربةٌ معروفةٌ أغنيةً لها على يوتيوب جاءَ من ضمنِ كلماتِها " بعد ما الموضوع دبحها". يريدُ المؤلفُ التعبيرَ عن قدرِ كبيرٍ من الأذى يتجاوزُ الجرحَ، لكن أليس من الأفضلِ أن يضغطَ على نفسِه ويستخدمُ كلمةً أخفَ من الذبح؟ هل من الضروري أن يعيشَ الدورِ لهذه الدرجةِ؟ هل أصبحَت الأغنياتُ العاطفيةُ محلًا للعنفِ بدلًا من الرقةِ؟ وهل غابَ عن الملحنِ والمطربةِ قدرُ الفجاجةِ والافتعالِ في اللفظِ؟ ألا تكفي أفلامُ البلطجةِ والعنفِ التي تتبارى في تحقيقِ أعلى الإيراداتِ من خلالِ إظهارِ البراعةِ في البذاءاتِ واستخدامِ السنجِ والمطاوي؟ 

هل اِنحدرَ الذوقُ العامُ لدرجةِ التألُفِ مع سلوكياتِ العنفِ واِعتبارِها مكونًا للحياةِ اليوميةِ؟ لا غرابةَ إذن في قيامِ بعضُ التلاميذِ بتَسلُقِ سورِ مدرسةٍ، وإحراقِ حجرةِ المدرسين. لماذا؟ تعبيرًا عن غضبِهم منهم وتأديبًا للمدرسةِ ككلِ!! ولا غرابةَ في دفاعِ أهلِهم عنهم بحجةِ أن المدرسين اِضطهدوهم واِستفزوهم ثم في اِستغاثتهم بهيئاتِ الدفاعِ عن الطفولةِ حمايةً لهؤلاءِ الملائكةِ من العقابِ!!

أبو سنجة قُدوةٌ وإلهام، يا عيني ع الصبر!! العيبُ تجاوزَ حمو بيكا وشاكوش وحنجرة، على الأقل اِستخدموا ألفاظًا على قدرِ تعليمِهم


الشعرُ الرقيقُ أصبحَ "نكتة بايخة"،،


Twitter: @albahary