الاثنين، 12 سبتمبر 2011

أساتذة الفيسبوك …


فيسبوك هو أكبر تجمع على الكرة الأرضية لا تحتويه مساحةٌ مكانيةٌ محددةٌ، فهو يمتدُ ليشمل كل القارات واللغات والمعتقدات والأجناس والأعمار، دون لقاءٍ حقيقى أو تيقنٍ من حقيقةِ المتصلِ، فهناك أكثر من 500 مليون مستخدم نشط لفيسبوك.

أما عن إيجابيات وسلبيات فيسبوك، فهناك من المستخدمين من يُغرمون بفيسبوك وينفقون ساعاتٍٍ فى استعراض بياناتِ وإضافاتِ الآخرين، في حين أن هناك من لا يتقبلونه على الرغم من أنهم يجيدون استخدامه.

ومن ايجابيات الفيسبوك يمكنُ أن نوردَ ما يلي:
  • البحثُ عن الأصدقاء القدامى وإعادةُ التواصلِ معهم.
  • الاتصالُ بالأصدقاءِ فى أى وقتٍ مهما كان التباعدُ الجسدي.
  • إبقاءُ الأسرةِ والأصدقاءِ على علمٍ دائمٍ بما يحدثُ ويجدُ.
  • الدعايةُ الشخصيةُ والتجاريةُِ والسياسيةُ والاجتماعيةُ والفكريةُ والعقائديةُ.
  • تكوينُ صداقاتٍ جديدةٍ ومتنوعةٍ من خلال الانضمامِ إلى مختلف المجموعات والتجمعاتِ.
  • التشاركُ مع الأصدقاءِ في الموسيقى المفضلة ومقاطع الفيديو والصورِ.
إلا أن هناك من السلبيات ما تَبعدُ الكثيرين عن الانضمام لفيسبوك:
  • إنهمارُ سيلٌ من طلبات الصداقةِ غيرِ المرغوبةِ من إناسٍ غير معروفين.
  • إتاحةُ البياناتِ الخاصةِ والصورِ على الملأ وتعرضُها لإساءةِ الاستخدامِ.
  • إقامةُ علاقاتِ صداقةٍ عن طريق الخطأ مع أشخاصٍ سيئى النوايا.
  • تلقي النشراتٍ الإخباريةٍ غير المرغوب فيها عن أنشطةِ الأصدقاءِ على فيسبوك.
  • تلقي رسائلِ إعلانيةٍ مُزعجةٍ على البريد الإلكتروني.
  • نشرُ مستنداتٍ وظيفيةٍ تحظرُ قوانينُ العملِ نشرِها والتفريطِ فيها.
  • تطلبُ تطبيقاتٌ عدة العديد من التفاصيل الشخصية التي يتَحَرجُ المستخدمُ عادةً من اِتاحتِِها.
  • إدمانُ فيسبوك وقضاءُ ساعاتٍ طويلةٍ معه، وجعلُه المتنفسِ الوحيدِ للتعبيرِ عن الذاتِ خاصةً للأشخاصِ الإنطوائيين، وهو ما يزدادُ فى البلدانِ العربيةِ التي يصعبُ فيها التواصلُ الحقيقى والحر مع الآخرين.
  • عَدمُ شفافيةِ التعاملُ مع فيسبوك، ذلك أنه يستحيلُ التيقنِ من هُويةِ الأصدقاءِ ومكانِهم، مما يجعلُ الانجرافَ في تجمعاتٍ وتحركاتٍ أمراً فيه من المغامرةِ الشئ الكثيرِ، فقد تكون النداءاتُ والدعواتُ من جهاتٍ معاديةٍ وأجهزةِ استخباراتٍ.

لكن لماذا الكلامُ الآن عن فسبوك؟ إحصائياً وُجِدَ أن ٤٧٪ من مستخدمي فيسبوك يقلُ عمرُهم عن خمسة وعشرين عاماً، وأن نسبةَ مستخدميه حتي ما دون الخمسةِ والثلاثين عاماً تبلغ ٧٤٪. وهي أرقام شديدة الدلالة علي أن مستخدمي فيسبوك في معظمهم من الشباب صغير السن الذي تغلبُه الإنطوائيةُ والذي يعجز عن التفاعلِ الحقيقي مع المجتمعِ المحيطِ. أما عندنا فالحالُ شديدُ الغرابةِ، فمستخدمو فيسبوك فيهم من تخطوا هذا السن بكثير وأصبحَ إدمانُه متنفسَهم الوحيدَ، وما خَرَجَ من هذا الفخِ أعضاءُ هيئاتِ تدريسٍ بالجامعاتِ ممن اعتبرَوه وسيطَ نقلِِ ما يتصورونه خلاصةَ أفكارِهم وإبداعاتٍهم وفلسفاتٍهم وتفرداتٍهم ومواقفٍهم التي يرونها ثوريةً. فيسبوك وسيلتُهم المجانيةُ للنشرِ وأيضاً لتأليبِ الطلابِ المتابعين لهم لو بحسنِ نيةٍ.

من الطبيعي في إطار فوضي اليومِ أن تكون دعاوي انتخابِ القياداتِ الجامعيةِ منتشرةِ عبر فيسبوك علي ما فيها من نشاذٍ وشذوذٍ وإهدارِ للقيمِ والأخلاقياتِ الجامعيةِ المعتبرةِ في العالمِ أجمعِه. إن ظاهرةَ أساتذةِ فيسبوك تستحقُ دراسةً نفسيةً واجتماعيةً، فأعضاءُ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ فيهم من تركَ البحثِ العلمي أو ركنَه جانباً، وتفرَغَ لقعدةِ فيسبوك بالساعاتِ، بعد أن شابَ شعرُهم وسقطَ !!

لقد أحدَثَ فيسبوك تغييراتٍ جوهريةٍ في الدولِ العربيةِ ذات الأنظمةِ القمعيةِ بعد أن ضاقت سبلُ التعبيرِ الحقيقي أمام ملايين المثقفين والشباب، لكن هل كانت هذه التغييراتُ وليدةُ مجموعاتٍ وتجمعاتٍ مُتجانسةٍ مُتحدةٍ حقاً في الأفكار والمرامي؟ هل يظلُ ما يُنشَرُ على فيسبوك من وثائقٍ بمنآى عن المساءلةِ القانونيةِ التي يجب أن تلاحقَ كلَ مخالفٍ كما في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ وأوروبا؟ لم يغيرْ فيسبوك الحياةَ في الولاياتِ المتحدةِ حيث نشأَ ولا في أوروبا واليابان، لكنه استأسَدَ في مصر، هل هى مصادفةً؟ لا بدَ أن نتساءلَ ونتفَهَمَ ونحترسَ، فالمستخبي أكثرَ مما بانَ، وما هو آتٍ أخطرَ مما حَدَثَ،،


نُشِرَت بجريدة الوفد يوم الإثنين ١٢ سبتمبر ٢٠١١


نُشِرَت بجريدة الأهرام يوم الجمعة ٢٥ نوفمبر ٢٠١١

Twitter: @albahary