الاثنين، 28 يناير 2019

التوك توكيزم...

التوكتوك أو الباجاج أو الستوتة (تسمية عراقية) والجمع تكاتك، هو مركبةٌ ناريةٌ ذات ثلاتِ عجلاتٍ، تُستخدمُ غالبًا كوسيلةٍ للانتقالِ بالأجرةِ؛ وينتشرُ التوكتوك بكثرةٍ في أسيا وفي البلادِ العربيةِ وخصوصًا في مصر والسودان. ويتسعُ التوكتوك لراكبين بالمقعدِ الخلفي (أو ثلاثة محشورين بجانب بعض) بالإضافة الي السائقِ الذي يجلسُ في المقدمةِ. هناك من يقولُ أن توك توك هو صوتُ الماكينة. هذا ما وجدتَه على الإنترنت عن كلمةِ توك توك. تستحقُ الالتفاتَ قصةُ كفاحِ التوك توك في مصر، منذ ظهرَ من سنواتٍ خجِلًا في بعض الأحياءِ الشعبيةِ والأزقةِ حتى وصلَ ماشاءَ الله إلى الأحياءِ المُصنفةِ راقيةً

التوك توكيزم كلمةٌ من عندي، تتناسبُ مع اِنتشارِ التوك توك وتوغلِه، أعني بها أسلوبًا أو نهجًا، وهي على نَسَقِ كلمةِ ميكانيزم الإنجليزية mechanism، ولعلنا نتذكرُ المدبوليزم التي كان يوصفُ بها نهجُ أو مدرسةُ الفنانِ الكبيرِ الراحلِ عبد المنعم مدبولي في الكوميديا. التوك توكيزم هو أسلوبٌ ونهجٌ لتمريرِ المخالفةِ والاعتيادِ عليها، من جانبِ المُخالفِ والدولةِ على حدٍ سواءِ. المُخالفُ هو في الأغلبِ المواطنُ، غنيًا كان أو فقيرًا، الذي ينتهكُ القانونَ، ويبتكرُ مخالفةً سواء كانت باستيراد التوك توك ثم بيعِه بتسهيلاتٍ، بالبناءِ في الممنوعِ أو بتجاوزِ الارتفاعَ المسموحَ، بإقامةِ مقهى، عربةِ مأكولاتٍ، كشك. المهم أن تبدأَ المخالفةُ ثم تُكرسُ وجودَها أمرًا واقعًا اِستقرَ بطولِ تغاضى جهاتِ الدولةِ الرقابيةِ والتنفيذيةِ كالأحياءِ

التوك توكيزم يقومُ على طرفين، مواطن ودولة، تآلفا على المخالفةِ وتَصالحا عليها. مجلسُ الشعبِ يبحثُ تقنينَ مخالفاتِ البناءِ، وعرباتِ المأكولاتِ، وترخيصَ التوك توك. سلطاتُ الدولةِ اعترَفت بالمخالفاتِ ووافقَت عليها، لأنها لم تتمكنْ من إيقافِها أو تردَدَت في منعِها وهي في بداياتِها، فانتشرَت وتغلغَلَت بقوةِ الأمرِ الواقعِ خارجةً عن السيطرةِ. غزوةُ التوك توك يقودُها أطفالٌ، في الحي العاشرِ من مدينةِ نصر، في المطريةِ، في شبرا، في طنطا، في سوهاج، في البحيرة والصعيد. مثالٌ صارخٌ لكيف أصبحَ التوك توكيزم رمزًا للحياةِ في مصر. النظرةُ للتوك توك بعد أن كانت مُستغرِبةً غاضبةً، أصبحت مصحوبةً بابتسامةٍ مُتناسيةٍ مُتصالحةٍ

تمريرُ لوائحٍ وتطبيقِها بدون استيفاءِ حقِها من الإجراءاتِ هو التوك توكيزم بعينِه. المخالفاتُ أصبَحت ركنًا أساسيًا في حياتِنا، اعتادناها بقوةِ التوك توكيزم







كلما قَوى التوك توكيزم، وهو ما نراه، كلما ضَعُفَت سلطةُ الدولةُ، وهو ما لا نَرضاه ...

اللهم اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،

نُشِرَت بجريدة السبورة يوم الثلاثاء ٢٩ يناير ٢٠١٩ 

Twitter: @albahary

الأحد، 27 يناير 2019

بلا ورقةٍ ولا قلمٍ ...

ظاهرةٌ مُلفتة، طلابٌ يدخلون المحاضراتِ وما في أيديهم غير المحمول!! قد يُظَن أنهم يستَخدمونه لكتابةِ ملحوظاتٍ عن المحاضرة، أبدًا، إنه وسيلةُ تسليةٍ أثناءها!! أضفْ إلى ذلك الدخولَ بالزي الرياضى training suit، وممكن بصندل Croc، هذا في حالة الحضور، لأن نسبةَ الغيابِ عن المحاضراتِ مرتفعةً!! ليس كلُ الطلابِ على هذا المسلكِ، لكن نسبةً منهم لا بأسَ بها!!

هل يمكنُ لطالبٍ أن يزورَ أحدَ أقارِبِه على هذه الصورةِ؟ هل سيقابلُ رئيسَه في العملِ بالصندلِ؟ هل يستطيع دخول المبنى الاجتماعي في أي نادٍ بالزي الرياضي؟ أبدًا. لكن يمكنُه في الجامعةِ!! هذا المستوى من التجاوزِ في حقِ المؤسساتِ التعليميةِ ناتجًا عن مناخٍ عام، أخطاءٌ غرَقَ فيها المجتمعُ بعدما انعدمَ دور الأسرةِ في التربيةِ، وغاصَت فيها المؤسساتُ التعليميةُ بالجودةِ السطحيةِ المخادعةِ التي أصبحَت في معظمِها سبوبةً أباحَت للطلابِ شكوى الأساتذةِ دون غرسِ سلوكياتِ الإلتزامِ لديهم. أضف بعضَ الأفلامِ والمسلسلاتِ التي صورَت الجامعاتِ وكأنها سداح مداح

حلو الامتحان ياحبيبي، عجبك الدكتور يا نور عيني، أوعى يكون زعلك يا قطقوط؛ ليست أسئلةُ أمٍ لإبنِها في الحضانةِ، إنها نغمةُ الاستبياناتِ التي يوزعُها أهلُ الجودةِ على طلابٍ يتغيبون عن المحاضراتِ ابتغاءَ رضاهم؛ نغمةُ تتصورُ إداراتُ الكلياتِ والجودةِ أنها ستفتحُ عليها أبوابًا أوسعَ. لا توجدُ في الاستبياناتِ أسئلةٌ عن المعاملِ، والمكتباتِ والمدرجاتِ ولا حتى دوراتِ المياه. كما شاعَ منذ عقودٍ تجاوزُ وزارةِ التربيةِ والتعليمِ في حقِ المعلمين باعتبارِه أسهلَ وسائلِ نفاقِِ الرأي العام، أخذت الإداراتُ في الجامعاتِ والكلياتِ الحكوميةِ نفسَ منطقِ اللامنطقِ، مدفوعةً بما يجري عليه الأمرُِ في كثيرٍ من الجامعاتِ الخاصةِ. الطالبُ أصبح زبونًا في سوبرماركت أو مطعم أو كافتيريا، لا بدَ أن يكونَ على حقٍ؛ اِنهارَ الفاصلُ بين منطقِ البيع والشراءِ وأخلاقياتِ التعليمِ وسلوكياتِه!! 

 التجاوزُ في حقِ المؤسساتِ التعليميةِ خطرٌ  في الحاضرِ قبل المستقبلِ، خطرٌ على الدولةِ، بما ينتجُ عنه من سلوكياتِ الألتراس والتمردِ والتخاذُلِ وتسطيحِ الفكرِ. خطرٌ عاجلٌ، تسبَبَ فيه إنغماسُ الأسرِ في لقمةِ العيش، واستغراقُ أهلِ الجودةِ الجامعيةِ في التكريسِ لأنفسِهم على حسابِ أخلاقياتٍ وسلوكياتٍ واجبةِ الاحترامِ. لا نلومُ على صناعِ الأفلامِ والمسلسلاتِ لأنهم يرمحون وراء القرشِ، ولأن لهم أبناءً في الجامعاتِ، داخلين طالعين يد ورا ويد قدام بالزي الرياضي.

كم تبلغُ ميزانيةُ الجودةِ وما نصيبُ المكافآتِ فيها؟ وهل تَصلحُ إداراتٍ جامعيةٍ تتوهمُ النفعَ في إبعادِ أعضاءِ هيئةِ تدريسِ إرضاءً للطلابٍ؟ أم هو إرضاءٌ لنفسِها؟ وهل تُدارُ جامعاتِ الحكومةِ بمنأى عن أعضاء هيئاتِ التدريسِ؟ وهل أصبحت الجامعاتُ الخاصةُ قدوتَها؟ 

ثم ، أي شبابٍ يُرادُ تمكينُهم، إذا كانوا لا يحترمون الحرمَ الجامعي ولا أي حرمٍ؟! الخطأُ على الدولةِ والمجتمعِ،،




أهل الجودة يا عين تاهت مواضيعهم
واتجمعوا يا عين بس ياترى مين معهم








اللهم لوجهك نكتب علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،