الجمعة، 21 مارس 2014

رَمادي ...



كما نعرفُ جميعًا، الرَمادي هو اللون الذي يقع بين الأبيض والأسود، ثم ماذا؟ الرَمادي هو ما لا لونَ له، لا أبيضَ ولا أسودَ، بَين بَين، لونٌ مُترِبٌ، غائمٌ؛ أبيضُ النهارِ للعملِ والنشاطِ، سوادُ الليلِ للراحةِ، الرمادي لا هو راحة ولا هو نوم. في بني أدم نفس الكلام، شخصٌ رمادي، شخصٌ غير واضحٍ، مُسَطَح، أملَس، آراؤه في المنتَصَف، تَنفع كده وكده، لن يُمسَكَ عليه رأيٌ أو موقفٌ، المهم عنده ألا يواجه، نشاطُه من تحت لتحت، مقالبٌ وزُنَب ونذالة.  

ما يَمرُ به البلدُ الآن لم يُظهرْ  إلا وجوهًا رَماديةً، على كافةِ المستوياتِ، فلانٌ يُبدي رأيًا، ويَلحَسُه لما يُنتَقدُ، البياناتُ لم تكنْ دقيقةٌ،  الحجة الآزلية.  نُعيدُ الحرسَ الجامعي أم لا، للشخصِ الواحدِ وجوهٌ عِدة، لكلِ مكانٍ وزمانٍ لسانٌ!! عالمٌ زِئبَقيةٌ، "مِزَفلطة"، لا مَسكةَ لها، هكذا يَتَصَوَرون.  نَفسُ الحالِ، في الجامعاتِ، تعليمٌ ما يَعلمُ به إلا ربُنا، أعضاءُ هيئةِ تدريسِ يُدَرِسون في غير تخصصاتِهم، بَغبَغة والسلام، طلابٌ يَستَقوون على المؤسساتِ التعليميةِ، إداراتٌ تتناومُ وتتغافلُ عن التردي في مقابلِ إعادةِ انتخابِها، المهم بعد ده كله يتحدثون عن الجودة!! جودة فيه إيه بالضبط؟! مناخٌ عَبثيٌ زائفٌ، لكنه مكشوفٌ، مُخادِعٌ غيرُ خادِعٍ،  ومع ذلك فيه مستمرون!! طبعًا التعليمُ في المدارسِ مكانُه تحت أي عنوانٍ غير التعليم، ممكن أريد حلًا، أو إبحث مع الشرطةِ، او غرائب الطبيعة، حاجة كدة.  

دَعمٌ أم لا دَعم؟ حد أدنى للمرتباتِ أم حد أعلى؟ أزمة الكهرباء، في يوم؟ في شهر؟ في سنة؟ العيش، وفي قولٍ أخر الخبز؟ كلُ مسؤولٍ وشاغلِ كاميرا وظروفُه، لا تنتظرْ إجابةً. فلانٌ النهاردة يمين وبكرة شمال، بشنب ومن غير شنب، بذقن ومن غير ذقن، ببدلة وبجلابية، ببنطلون وبشورت، المهم أن يظلَ في الصورةِ، على كرسي، أي كرسي. زمن الرَمادِيات للرَماديين، موسى في الظاهرِ وفرعون إبن فرعون في الحقيقةِ، ولكلِ فرعونٍ خُدامُه من الرَماديين، رَماديون في بعض، والطيورُ على شاكلتِها واقعةٌ!! في السياسةِ، في الجامعاتِ، في الإعلامِ.  ممكن أقول حاجة وأجري على الله؟ من لهم لونٌ هم من يخرجون عن القطيعِ، من يختارون لونًا، غَيرَ الرَمادي. 

بمَبي بَمبي بَمبي، لأ لأ،  ليس الآن، رَمادي رَمادي رَمادي،،


Twitter: @albahary  

الأربعاء، 19 مارس 2014

حفلة الأوسكار ال86 – ليلة صاخبة لم تحسم التساؤلات

عند صعوده إلى المسرح للمرة الثانية لتسلم جائزة أفضل مخرج عن فيلمه "جاذبية" من كل من أنجلينا جولى وسيدنى بواتييه وجه ألفونسو كوارون الشكر إلى بطلته المرشحة لجائزة أفضل ممثلة ساندرا بولوك واصفآ إياها بمصدر الجاذبية والثقل فى فيلمه وختم حديثه القصير بالثناء على جميع أفراد طاقم عمل الفيلم فى كفاحهم نحو تتويج الفيلم ب7 جوائز أوسكار فى هذه الليلة إلا أن مشاعر النشوة التى نثرها كوارون على طاقم فيلمه سرعان ما تبددت حينما أعلن ويل سميث فوز "12 سنة عبد" بجائزة أفضل فيلم معيدآ إلى الأذهان ما حدث العام الماضى حينما فاز فيلم "أرجو" لبن أفلك بجائزة أفضل فيلم وحصد أنج لى جائزة أفضل مخرج. 
ألفونسو كوارون 

Alfonso Cuarón




كما فاز كوارون بثانى أوسكار شخصى مناصفة مع مارك سانجر فى المونتاج فازت كاثرين مارتين بجائزتى أوسكار فى  الديكور مناصفة مع بيفرلى دان   وفى تصميم الملابس عن فيلم "جاتسبى العظيم" الذى إفتتح مهرجان كان 2013 فى حين افتتح "جاذبية" مهرجان فينيسيا فى نفس العام.

حصد الحصان الأسود لجوائز هذا العام فيلم "نادى مشتريى دالاس" ثلاث جوائز أوسكار من ضمن خمسة ترشيحات كأفضل ممثل لماثيو ماكونوهى عن دوره كمريض بفيروس نقص المناعة إلى جانب تقدير الأكاديمية لعودة جاريد ليتو الممثل المساعد فى الفيلم بعد غيبة أربع سنوات منذ آخر أفلامه وبالإضافة إلى جائزة الماكياج.

فى المقابل خرجت جميع الأفلام التى تتناول مواضيع أمريكية صرفة خالية   الوفاض مثل "نبراسكا" لألكسندر باين و"ذئب وول ستريت" لمارتن سكورسيز وخاصة "الاحتيال الأمريكى" لديفيد أوراسل والمرشح لعشر جوائز أوسكار مكررآ بذلك السيناريو الذى حدث مع فيلم "عصابات نيويورك" لمارتن سكورسيز عام 2002.

تفوقت كيت بلانشيت على نفسها هذا العام تحت إدارة العبقرى وودى ألان فى فبلم "الياسمين الأزرق" النسخة السينمائية لمسرحية تنيسى ويليامز "عربة إسمها الرغبة" مبددة آمال ساندرا بولوك فى التتويج بالأوسكار لثانى مرة بعد أن كانت المراهنات رجحت فوزها فى الساعات الأخيرة قبل إنطلاق الحفل مع وجود طاغى لجودى دنش رغم تخلفها عن الحضور.

لوبيتا نيونجو

Lupita Nyong'o

إستطاعت الكينية لوبيتا نيونجو كسر حظوظ تفاحة هوليوود جنيفر لورانس وإقتنصت جائزة أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم "12 سنة عبد" فى أول ظهور لها على الشاشة الفضية وكان لافتآ تجاهل جون ريدلى كاتب السيناريو الفائز بالأوسكار عن نفس الفيلم توجيه الشكر لمخرج الفيلم ستيف ماكوين الذى قام بدوره عند تسلمه جائزة أفضل فيلم بتوجيه الشكر لبراد بيت أحد منتجى الفيلم وتجاهل وجود جون ريدلى تمامآ.

فى حين ذهبت جائزة أفضل سيناريو أعد للسينما مباشرة وتحيطها علامات الإستفهام من كل جانب إلى مخرج فيلم "يخصها" سبايك جونز حيث نال هذا العمل العديد من المجاملات ليس أقلها تتويج بطلته صوتيآ سكارليت جوهانسون بجائزة أفضل ممثلة فى مهرجان روما الذى ترأس لجنة تحكيمه الأمريكى جيمس جراى خلافآ لكل المعايير المتفق عليها.

وعلى رغم تجاهله فى مسابقة كان 2013 نال الفيلم الإيطالى "الجمال العظيم" جائزة أفضل فيلم أجنبى برغم وجود الفيلم البلجيكى "إنهيار الدائرة المكسورة".
                                                                     


بقلم أيمن فتحى

       


Twitter: @albahary  

الأحد، 16 مارس 2014

لا زيفَ في العِلمِ، لكن الشئ لزوم الشئ

العِلمُ حقائقٌ مُجردةٌ، ونتائجٌ مبنيةٌ على أبحاثٍ علميةٍ، ثم نشرُها في مجلاتٍ علميةٍ عالميةٍ أو مؤتمراتٍ دوليةٍ. الطريقُ معروفٌ لمن يبحثُ بأمانةٍ والعقوباتُ مُشددةٌ على النصابين علميًا، في العالمِ طبعًا. عندنا، وآآه من عندنا، الحالُ هزليٌ، أبحاثٌ فشنك في مَناخٍ زائفٍ، لعيبٍ في الأشخاصِ بحجةِ قلةِ الإمكاناتِ، ذاتُ عُذرِ من يَسرقُ ويُحَلِلُ ويُبيحُ السَرقةَ لأنه لا يجدُ قوتَه.  

بعد المقدمةِ، يجبُ الإيضاحُ. المجلاتُ العلميةُ والمؤتمرات العالميةُ المحترمةُ معروفةٌ في كلِ تخَصُصِ، ولكن هناك مَجلاتٍ ومؤتمراتٍ هجاصي، بمعنى أي كلام، بمعنى إدفع ننشر لك، ولا تحكيم ولا غيره، وطبعًا يدخل فيها المجلاتُ المنشورةُ على الإنترنت بأسماءٍ تبدو محترمةً وما هي إلا تحريفٌ لأسماءٍ علميةٍ مَعروفةٍ.  هل تذكرون الماركة الشهيرة  Panasonic و تقليدُها Panasinic وPinasonic و Panisonic وNivea وتقليدُها Nivia؟ استبدالُ حَرفٍ وكأن العالمَ أعمى. هناك مجلاتٌ ومؤتمراتٌ تخصَصَت في النصبِ والدَجَلِ باسمِ العلمِ، وهناك من تَخَصَصوا في إصدارِ مجلاتٍ وتنظيمِ مؤتمراتٍ  باسمِ العلمِ، وهي سَبوبةٌ مُربِحَةٌ جدًا، وزبائنُها كُثرٌ ومنهم مصريون من الجامعاتِ ومراكزِ الأبحاثِ بأعدادٍ ما شاءَ الله. المهم، إذا رُفِضَت هذه "الأشياءُِ" المنشورةُ فيما لا يُقرأ ولا يُحترمُ يَعلو صراخُهم عن اِضطهادِ وظلمِ اللجانِ العلميةِ للترقياتِ لتلك المواهبِ العلميةِ الفذةِ!!

ولا يخرجُ عن هذا الزيفِ الدورياتُ التي تصدِرُها الجامعاتِ وتنشرُها بمقابلٍ عند ناشرٍ عالمي، َيكتبُ صراحةً في مكانٍ ظاهِرٍ أنه غيرُ مسؤولٍ عن مُحتوى الدوريةِ، وظيفتُه طباعتُها بشكلٍ جيدٍ مقابل قرشين، ليس إلا. العجيبُ أن هناك من يروجُ أن تلك الدورياتِ عالميةٌ حقًا!! وإذا كانت كذلك لماذا لا يُسندُ تحكيمُها للناشرِ الأجنبي المعروفِ؟ وإذا كانت مُحترمةً فعلًا، كيف يُتركُ المسؤولون عن تحريرِها ومزاجُهم في اختيارِ مُحَكِمي أبحاثِهم المنشورةِ في تلك الدورياتِ؟!  الدورياتُ الفشنك تَنشرُ عشرات المقالاتِ في العددِ الواحدِ، كلُه بالفلوسِ.  

من الزيفِ في مَناخٍ كاذبٍ مع الأسفِ، ما إِدُعِىَ أبحاثًا وعليها أسماءٌ لم تُشارِكُ فيها، مجاملةٌ بمقابل، كيف يكونُ المقابلُ؟ وضعُ اسمِ أستاذٍ أكبرٍ أو شاغلٍ لمنصبٍ، على البحثِ كي يكونُ جوازًا لقبولِه، وحتى تَنكسِفُ اللجنةُ العلميةُ للترقياتِ على دمِها وتُمرِرُه، أو تبادلُ وضعِ الأسماءِ على المُدَّعاةِ أبحاثًا، وشَيِلني واشيِلك؛ ليست أبحاثًا علميةً، هي شؤونٌ اجتماعيةٌ، ومنتهى الهزلِ فيما لا هزلَ فيه!! لكن من الزيفِ الفادحِ والمُدَمرِ أن توضعَ أسماءُ بعضِ أعضاءِ اللجانِ العلميةِ "فِردةً" على مقالاتٍ، حتى تفوتُ حلاوة، وكأنهم كَهنةُ العلمِ، أيًا كان ما وُضِعَت عليه أسماؤهم وأيًا كان مكانُ نشرِه!!

ما سبَقَ كانَ عن العلم كده وكده عند الكبارِ، وطبيعي ألا يخرجُ عن هذا الإطارِ عند الصغار.  الإعلامُ "التنويري" يتبارى كعادته في نشرِ أخبارٍ عن اختراعٍ طبي شافٍ  لطالب في ثانوي، وعن سفنٍ لا تغرقُ، وعن سياراتٍ تطير، وعن فوزِ الكليةِ الفلانيةِ بالجائزةِ الدوليةِ العلانيةِ، وكلُه في الهجايص.  يجبُ تشجيعُ المناخِ العلمي، تمام، لكن من الضروري أن يكون بجد وبصحيح وبحق وحقيقي، أما التهييضُ والدعاية الفشنك فلا ينتجُ عنها إلا غرسُ الفهلوةِ والفتاكةِ ودهان الهوا دوكو!! هل هذا هو المطلوب؟ إذا كان كده ماشي وعشرة على عشرة. هناك من يَتعَيَشون على الفشنك وبه يَعلون وتَنفَتِحُ أمامهم الأبوابِ، ويظهرون علماءً وخبراء وأهل رأي في كلِ شئ، لا تخصص ولا ديالو، عادي.   


والجوائزُ؟ حكايةُ الحكاياتِ، مش وقته ...

هل يُمْكِنُ أن نتقدَمَ والعيبُ فينا؟ ليتنا عرضنا خطايا الأقلِ تعليمًا، مع الأسفِ إنهم أهلُ الدكتوراة والأستاذية، كلام يزعل، ويؤلم، حاجة تقطع القلب،،



Twitter: @albahary