الخميس، 26 مايو 2016

الأخ كارفور .. لمن ومع من؟

أنشئت الهايبر ماركت لتوفير كل احتياجات المستهلك بأفضل الأسعار وفي مكان واحد. وبالفعل هذا ما كان عليه الحال لفترة طويلة. وبما أن دوام الحال من المحال وخاصة عندنا، فقد غير كارفور سياسته وفتح أبوابه على البحري للتجار من بقالين ودلالات. العروض على السكر والأرز ولوازم التنظيف وغيرها تخرج بعشرات الأكياس والعبوات والزجاجات للتجار، عيني عينك. ألغي الحد الأقصى على الشراء وحل محله هات وخد بالقوي. مناظر تكويش مستفزة لا تعكس إلا الانتهازية في التجارة والسلوكيات الفلتانة

الأخ كارفور يريد فلوسه بسرعة، والتاجر والدلالة يلهطون السلع ذات عروض التخفيض ويبيعونها للمستهلك بأغلى من سعرها قبل التخفيض!! أهو تحالف على المستهلك؟! أهو تأكيد على الجشع والانتهازية؟! أهو انعكاس لسلوكيات هذه الأيام؟!!


من الممكن أن يبيع الأخ كارفور من الباب الخلفي لمن يريد؛ هكذا تكون قواعد احترام الذات الكارفورية والتجارية، إلا إذا كانت الشفافية في المفهوم الكارفوري بهذا الشكل. ولما كان الشئ بالشئ يذكر، فأخلاقيات الأخ كارفور تغيرت من الأدب مع العميل إلى البجاحة والفظاظة، طبعًا بفلوسه وعروضه التي يستولي عليها التجار والدلالات،،
Twitter: @albahary

فيسبوك وتعليقاتُ القرّاء .. نعم ولكن

سأبدأ بنموذجين تمهيدًا للموضوع. نُشِرٓ بإحدى الصحف الإلكترونية خبرٌ عن تحرش عميد كلية إقليمية بعضوة هيئة تدريس، فصرخت حتى تجمع خلق الله. هذا هو الخبر، فما هو تعليق القرّاء؟ كانت التعليقات ستة، إثنان منها تَهَكَما على الموضوع، وإثنان جاءا خارج الموضوع تمامًا وكانا عن ضرورة التخلص من الأساتذة المتفرغين لإتاحة الفرصة للشباب، وإثنان ردًّا عليهما ما دخل الأساتذة المتفرغين بحكاية التحرش وبالخبر؟! وأية فرص أخذوها من الشباب وهم أصلًا مُبعدون ولا يشغلون مناصبًا إدارية؟!! تعليقان فيهما حقدٌ مَرَضي كريه يُظهٓر نفسَه في أيةِ فرصةٍ ولو كانت عن موضوع كروي أو اقتصادي أو طبيخ. 

النموذج الثاني هو صديق لي يتندر على أداء إبنِه في الامتحانات، فهو دائمًا يَطمئن منه على ما أدى، ويكون ردُ الإبن "لبلب يا بابا لبلب"، وإذا به راسب جدًا!! هذا هو فعلًا حال معلقي المواقع الإلكترونية والمتلطعين على فيسبوك. يتصورون في أنفسهم الذكاء والألمعية والموسوعية، في كل شئ، في الدين يتكلمون فيُفتون ويُفسرون أو يُسفهون الديانات الأخرى، في السياسة والاقتصاد تحليلاتُهم مُنهمِرةً، لا يعترفون أبدًا بالتخصص، لبلب لبلب. هذا غير الأخبار الكاذبة والفبركة والتأويل والمؤامرات الكونية والسِباب بكل الأقارب والمعارف. 


في أحيان ليست بالقليلة، غَدَت تعليقات القرّاء في المواقع الإلكترونية مع التلطع على فيسبوك متنفسًا لكل تعبان نفسيًّا وموجوع اجتماعيًّا ومشتاق وظيفيًا. لم تعد تلك المواقع مكانًا آمنًا للنقاش وتبادل الرأي ومصدرًا للمعلومة الصحيحة، فكم أظهرت ما نفوسٍ عديدةٍ من حقد وكره وكذب وتناحر. معرفة البشر على حقيقتهم من ضمن ما يمكن الخروج به من فيسبوك ومن تعليقات القرّاء، فمن اختبأ خلف الأخلاق والتعقل انكشفت على تلك المواقع سوءات ما بداخله. 

دون أن نَغفَل عن عقلاء فيسبوك والمُعلقين المنطقيين المنصفين، هناك كثيرٌ من الحقائق تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي كاشفةً ما لم يظهرْه الإعلام كاملًا، مثل التعدي المشين بكل الهمجية والتعصب على سيدة قبطية في قرية بالمنيا على خلفية شائعات عن علاقة بين إبنها الشاب مسيحي وفتاة مسلمة. غاب القانون واختفت الداخلية، لكن المواقع الإلكترونية استيقظت، ولا عيب عليها إذا بالغت ردًّا على ما صمَتت عنه الدولة وعَجَزَت، وأحسنَت فعلًا لما تباعدت عن النغمة الكريهة المخادعة المراوغة التي وصفت هذا الفعل الهمجي بأنه فردي وليس طائفي.  


فيسبوك من علامات عصر المعلومات، إنه مُحرك الحكومات والمجتمعات، لكنه لم يعد وغيره دومًا للتواصل الاجتماعي، إنما فيه أيضًا الفُرقة والحِقد والتحريض وقِلة الأدب، مع الأسف. من الضروري التمييزُ بين الصالح والطالح من تلك المواقع، دون المساس بحرية الرأي البريئة،  ولو كان فيها طول لسان ومبالغات،،




نُشِرَت بجريدة الجمهورية يوم الاثنين ٢٣ مايو ٢٠١٦

نُشِرَت بجريدة الجمهورية يوم السبت ٢ يوليو ٢٠١٦





Twitter: @albahary

الأحد، 22 مايو 2016

الكلامُ المُر ...

جَاءَ في رسالةٍ ما قاله أستاذ عاق لأستاذه الذي بلغ السبعين من عمره "انتهى عمرك الافتراضي". هذا بالفعل حال الجامعات الآن، يشكو كل من يقوم بالعملية التعليمية على كل مستوياتها من سوء سلوكيات وتجاوزات في حق الأكبر، وكأن الأستاذ تساوى مع تلميذه. ومع الأسف لقد أصبح هذا المسلك نهجًا في الدولة، تذلفًا تارة وعجزًا أخرى. أيضًا، نُشِرٓ بإحدى الصحف الإلكترونية خبرٌ عن تحرش عميد كلية إقليمية بعضوة هيئة تدريس، فصرخت حتى تجمع خلق الله. هذا هو الخبر، فما هو تعليق القرّاء؟ كانت التعليقات ستة، إثنان منها تَهَكَما على الموضوع، وإثنان جاءا خارج الموضوع تمامًا وكانا عن ضرورة التخلص من الأساتذة المتفرغين لإتاحة الفرصة للشباب، وإثنان ردا عليهما ما دخل الأساتذة المتفرغين بحكاية التحرش وبالخبر أصلًا؟!

نغمةُ التخلص من الأساتذة الذين بلغوا السبعين عامًا وكأنها المفتاح السحري لحل مشاكل الإقتصاد وإعطاء الفرصة للشباب تؤكد مع الأسف على مرضٍ في الطرحِ وفي الحلِ، وعلةٍ متأصلةٍ في النفسِ.  فالأساتذةُ المتفرغون مهمشين لا يشغلون أية مناصبًا إداريةً، ويُدرس معظمهم لمرحلة الدراسات العليا. ثم، كم يبلغ ما يتقاضونه حتى تُحَلُ أزمة الاقتصاد الفطسان؟! لنكن صرحاء، كثيرٌ ممن ينادون بالتخلص من الأساتذة فوق السبعين هم من يتصورون أن في ذلك مٓسحٌ لماضيهم غيرِ المشرف سلوكيًا وعلميًا، وهو قطعًا معلومٌ للأساتذةِ الكبار الذين درسوا لهم وخَبِروا نفوسٓهم وممارساتِهم ومسلكٓهم. 

وإذا كان توفير الميزانيات لازم، ألا يجبُ التخلصُ من الصغار الشباب النغانيغ الذين لا يترقون في الميعاد، والذين يعطون محاضراتٍ منقوصةً زمنًا وعددًا، والذين يقضون وقتهم في الانتدابات هنا وهناك، والذين بكلِ البجاحةِ يسرقون علميًا، والذين يلهثون على فيسبوك وغيره سعيًا وراء المنظرة الفاضية؟ وماذا عن البذاءاتِ مع الطلابِ؟ أليست تلك الممارساتُ الفضائحيةُ معلومةً وعلى مرآى من الجميع؟

ميشيل تامر رئيس البرازيل المؤقت
تخوض هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز ودونالد ترامب، وهم في ستينات وسبعينات العمر، انتخابات الرئاسة بالولايات المتحدة الأمريكية؛ لم يظهرْ نغانيغ أمريكان مطالبين بتسريحهم والتخلص منهم وإعطاء الفرصة للشباب!! القائم بأعمال رئيس الجمهورية في البرازيل، بعد تعليق رئيستها، لبناني الأصل عمره خمسة وسبعون عامًا، لكن يبدو أيضًا أن نغانيغ البرازيل مطنشين!! أما النغانيغ عندنا والشايبين على الكراسي فعاملين مش واخدين بالهم مما يجري في العالم، هَمُهم الأكبر التخلص من الأساتذة فوق السبعين، حتى يبدون شبابًا وينطلق الاقتصاد!! التخلصُ من الأساتذة فوق السبعين اقترفه أحد وزراء حسني مبارك ولُقِب على إثرِه بالمبيد، وألغيت هذه الفِعلةُ في حقِهم في فترة الرئيس الأسبق مرسي الذي أيضًا قَدَر أعضاء هيئات التدريس لأنه منهم، ودون أن أكون إخوانيًا لكنها كلمة حق واجبة. 

كم من الأساتذة تخطوا السبعين ويتواجدون في مكاتبهم من السابعة صباحًا، ولم يخرجوا من الدنيا إلا بسيارة انتهى عمرها الافتراضي من ثلاثين عامًا؛ تعفٓفوا وما زالوا، يتألمون من الحقد والغدرِ وسؤ الطوية. هل تُبنى دولةٌ بالغدرِ بمن أعطى طول العمر ولم يخرج في إعارة هنا وهناك؟! هل تُبنى دولةٌ بالحقد؟ هل تُبنى دولةٌ بمن يريدون غسلٓ ماضيهم؟ ثم هل يشيخ العلم؟ 


نُشِرَت بجريدة الجمهورية يوم الاثنين ٢٣ مايو ٢٠١٦


Twitter: @albahary