الثلاثاء، 20 مارس 2012

على كف عفريت ...


يخرُج المصري من بيتِه والقلقُ رفيقُه، في نزولِه السلالِم، في خروجِه إلى الشارعِ، داخل سيارتِه أو في وسيلة نقلِ عامةِ، يقضي وقتَه وفكرُه مشتتٌ، يعودُ إلى منزلِه وفراشِه وما في عقلِه وعينيه إلا النومُ الممزوجُ  بالقلقِ. المصري قلقٌه غالبٌ من خطرٍ  كامنٍ قد ينقضُ عليه، أو على من يحبُ، قليلُ الحيلةِ، أعزلَ؛ هكذا أصبحَ  وصار، المصريون. الخطرُ الكامنُ ليس مجهولاً، إنه معروفٌ يمرحُ بلا خوفٍ ولا رهبةٍ، بلطجةٌ تهددُ النفسَ أو المالَ، اعتصاماتٌ تمنعُ أي مصري عن عملِه وحاجاتِه، حقوقُه ضائعةٌ في وقتٍ عَزَ فيه الدفاعُ عنها، لا شرطةَ ولا قانونَ، رجعَ زمنُ الفتوات، من يأخذون القانون بأيديهم ويقيمون عدلَهم الظالمَ الفاجرَ

أصبحَ القلقُ مناخًا ونفَسًا، تساوى فيه العامةُ والدولةُ بمؤسساتِها التي فقدَت كيانَها وهيلمانَها وسيطرتَها ورؤيتَها، العفاريتُ تهددُ الجميعَ بلا تمييزٍ، الكلُ يُحضِرُها بالاعتصامات، بالانفلاتِ الأخلاقي، بالعشوائيات، بالتعدي على هيبةِ الدولةِ وأرضِها وأشخاصِها، باندحارِ الشرطةِ، بالانتهازيةِ السياسيةِ في مجلس الشعبِ وخارجِه، بالجشعِ الإعلامي الذي لا يفهمُ إلا لغةَ المال؛ أنانيةٌ طَغَت على حسابِ مستقبلِ دولةٍ أنشأت التاريخَ. كيف تسيرُ دولةٌ  وتستمرُ وكلُ من فيها مشغولٌ بهمٍ ثقيلٍ، بكيف ستكون دقيقتُه القادمةُ؟ هل سيجدُ فيها نفسَه؟ هل سيجدَ قوتَه؟ الكلُ على نفسِ السؤالِ والمرارةِ.  

حالُ مصر الآن لا يبشرُ، لا يبعثُ على الأملِ، مصر الدولةِ تُخطفُ سياسياً، ومصر المواطن تنهَبُ، الحالُ ساءَ بعد أملٍ لم يطُلْ زمانُه.  هل تقوى مصر على ثورةٍ جديدةٍ؟ هل مازالت فيها الطاقةُ؟ من المؤكدِ أن حالٍ كهذا لا يُبقي على دولةٍ، من المؤكدِ أن الحوارَ لم يعدْ عاقلاً ولا مُتسامحًا ولا مُنفتحًا.

هل تستمرُ دولةٌ وكلُ من فيها وما بها على كفِ عفريت؟ 

Twitter: @albahary