الجمعة، 18 مايو 2012

المنع في الإنترنت.. بكم؟ وعلى حساب من؟


طالَبت لجنةُ النقل في مجلس الشعب بمنع المواقعِ الإباحيةِ عن الإنترنت، وسافرَِ وفدٌ منها إلى الإمارات للاستفادة من خبرتِها في هذا المجال. لماذا؟ تحقيقاً للفضيلةِ وحمايةً للشبابِ، هكذا قالوا في حزب النورِ.  أمرُ لا يجوز أن يمر مرور الكرام. أولاً، لن تُقبل المزايداتُ على أخلاقياتِ بشريةٍ في صورتِها السويةِ، من المؤكدِ أنه يستحيل أن يرضى مواطنٌ بسوء السلوكِ من تحرشٍ وبلطجةٍ وقطعٍ للطريقِ العامِ، مروراً بالدخولِ على المواقعِ الإباحيةِ. أما من الناحيةٍ الفنيةِ، وهي الأيسر، فإنه من الممكنِ منعَ أي موقعٍ على الإنترنت، لكن لفترةٍ محدودةٍ، فمن اليسير جداً أن تُغيرَ المواقعُ الإلكترونيةُ عناوينها وأن يكونَ لها أكثرُ من موقعٍ بديلٍ، وهو ما يجعلُ عبءُ متابعتِها مُكلفاً، إضافةً إلى مهارةِ جيلٍ صنعَ ثورةً من علي الإنترنت في التغلُبِ على كلِ المعوقاتِ وكل محاولاتِ التحاذُقِ عليه.

وإذا كان المنعُ، وهو أسهلَ ما في الحدوتةِ ممكناً لوقتٍ قصيرٍ، فإن مبدأَ المنعِ في حد ذاتِه هو المصيبةُ، لأنه سيبدأ بالمواقعِ الإباحيةِ سُلماً وطريقاً ملفوفاً للتعدي على المواقعِ السياسيةِ والفكريةِ المخالفةِ، وأيضاًعلى الفنون والأدابِ وغيرها وغيرها. هل قام المصريون بثورةٍ على من افترضوا فيهم الخنوعَ والقصورَ والغباء ليظهرَ غيرُهم تحت عباءةٍ أخرى؟! الإنترنت شارعٌ طويلٌ ممتدٌ بلا نهايةٍ، دكاكينُه على الصفين، فيها الجيدُ والردئ، ولكلِ الاختيارُ، حسب تربيتِه وضميرِه. التربيةُ هي المهمة الأصعب والأولى بالاهتمامِ بدلاً من تسطيحِ الأمورِ واختزالِها في شعاراتٍ تغلُفها المزايدة وضيق الأفقُ.

الإنترنت فيه سمٌ قاتلٌ، لكن ماذا عن المخدرات والسجائر والكولة؟ هل نجحَ المنعُ في القضاءِ على المخدراتِ؟ هل قَلَلَت من التدخين الصورُ المقززةُ على علَبِ السجائرِ؟ أين البحثُ الحقيقي عن مشاكلِ الاقتصادِ والديون والأمنِ والإسكان والطعامِ والصناعةِ والزراعةِ والنقل؟! مصر لن تكون كوريا الشمالية ولا أفغانستان ولا إيران، ولا هي دولةً خليجيةً في الطباعِ والفكرِ، وما شاهدَه أعضاءُ لجنةِ النقلِ بمجلسِ الشعبِ حال مكوثِهم خارج مصر، ليس لها.

ثم ماذا؟ حَكَمت محكمةٌ على الفنان عادل إمام بالحبس على ما سبقَ أن قدَمَه من أعمالٍ فنيةٍ، بأثر رجعي. وتناثرَت المقالاتُ الصحفيةُ وعبر الإنترنت عن مشروعات القوانين التي تُعَدُ وتُسَبَك للمنع والتقييد والتكبيلِ والتكميمِ، على الفنانين والصحفيين والُمعدين والمخرجين وغيرهم وغيرهم!! هل ستظهر قوانين تُمنعُ وتجرمُ الفضائيات وأجهزة الاستقبال والهوائيات؟! من أى جيب سافر أعضاء لجنة النقل والمواصلات إلى الإمارات؟ وماذا سيكون في حقائبهم حال عودتِِهم؟ وعلى من ستكون ملايين المنع المستحيل في الإنترنت؟ من جيب الشعب أم خصمًا من مُخصصات مشروعات أخرى؟ لقد أتى حزب النور وغيرُه إلي مجلس الشعب بفضل براعة شباب غَيرَ مصر في ٢٥ يناير ولم يكن تحت يده سوى الانترنت، لقد زادَت اللحى والجلاليب بفضل هؤلاء الشباب. هل يكون الآن الإنقلاب على الإنترنت؟

هل الأجدى أن تُمنعَ دراسةَ الحاسباتِ أصلاً وكذلك إدخالِ أجهزتِها بالَمرة حتى تعمُ الفضيلةُ،؟! أم في المنع عن دخولِ مواقعٍ إلكترونيةٍ بعينِها كفاية؟! هل تُمنعُ أيضًا دراسة الإعلام والفنون؟! هل فكرَ أعضاءُ لجنةِ النقلِ في كيف يكون دخول الجيل الرابعِ من خدمات الإنترنت إلى مصر؟  لقد عَلَمَ الإنترنت العالم الانفتاح، وغزَت الأقمار الصناعية والاتصالات كل الحُجُب، ألا يفهمون ما يتخطى ما لُقِنوا؟ هل الانترنت والإعلام يكونون حلالاً، في بعض الأحيان، لتمرير ما يُراد فقط؟

على كلِ عقلٍ الاختيارُ والتمييزُ بحريةٍ، بلا وصاية ولا مزايدة، لا مكانَ في عالمِ اليومِ لمن يمنعَ ويسمحَ حسب كيفه ومزاجه ومصلحته. العلم وٍالإنترنت والفن والإعلام على نفس الوجه من العملة، الحريةُ ليس لها إلا وجهٌ وحيدٌ، بلا تأويلٍ أو تلاعبٍٍ،،

Twitter: @albahary

مستقبلُ المواقعِ الاجتماعيةِ بعد طرحِ فيسبوك للاكتتاب العام: خمسةُ اتجاهاتٍ أمامَها


هذا المقالُ مأخوذٌ عن:
What's Next for Facebook and Social Media? 5 Trends to Watch After the IPO
بقلم Ryan Holmes ومنشور يوم 17/5/2012 بصحيفة HuffPost Tech.

صفقةُ طرح فيسبوك للاكتتاب العام هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، فقد حقَقَت عائدًا خياليًا طالَ  104 مليار دولار، وهو ما دَفعَ بقوةٍ تساؤلاً منطقيًا، هل يمكنُ للشركة الاستمرار في الابتكار حفاظًا على سعادة المساهمين فيها؟ وراء هذه التساؤلات واقعٌ لا يمكن إنكارُه، فالاكتتابُ في أسهم فيسبوك لحظةٌ فاصلةٌ على خط زمن الشبكات الاجتماعية،  فما من شك أنها  أصبحَت القوةَ الحقيقيةَ والثقافية والمالية في عالم اليوم، وأنها عملٌ ضخمٌ سيبقى مهما كانت المثالبُ وأيًا كانت الانتقاداتُ.

السؤالُ الكبيرُ هو، ما هي الخطوة التالية؟ فيسبوك وغيرها من الشبكات الاجتماعية تواجه تحدياتٍ ضخمةٍ حتى تستمرُ في الازدهارِ وإلا الخفوت والذبول. أمامَها خمسةُ  اتجاهاتٍ جديرةٍ بالمتابعةِ

1) الحاجةُ لهواتفٍ نقالةٍ أكثر تقدمًا وأكبر حجمًا:  أكثرُ من نصفِ مستخدمي فيسبوك  البالغُ عددهم 901 مليون يدخلون على موقعِه من خلال أجهزتِهم النقالة، علمًا بأنه  بحلولِ عام 2015 يُتوقَعُ أن يتجاوزَ عدد ُمستخدمي الهواتفِ النقالةِ والحواسيبِ اللوحيةِ مثل iPad و Samsung Galaxy عدد مستخدمي الحواسيب الشخصية.  ومع ذلك فإن تطبيقاتِ الشبكاتِ الاجتماعيةِ على الهواتفِ النقالةِ والحواسيبِ اللوحيةِ لا تزالُ في مراحلِها الأولى. من الضروري إذن زيادةُ امكاناتِ تلك الأجهزةِ من حيث الصوت والصورة والفيديو وابتكار تطبيقاتٍ تسمحُ بالإعلاناتِ التي تناسبُ صغرَ حجمِ شاشتِها، والإعلاناتُ هي روحُ تلك الشبكاتِ وحياتِها ومستقبلِها

2) المواءمةُ بين خصوصيةِ بياناتِ المستخدمين وتسويقِها:  هدفٌ تحقيقُه لا يكون إلا بالسير على سنِ سكينٍ،  فالنمو يعتمد على بناءِ ولاءِ المستخدمين للشبكةِ وثقتِهم فيها، ففي الولايات المتحدة يبلغُ متوسطُ الاستخدامِ للشخصِ البالغِ حوالي سبع ساعات شهريًا. لكن الربح يعتمد على حصادِ بياناتِ هؤلاء المستخدمين وايجادِ سبلٍ لبيعِها - مُباشِرةً أو غيرِ مُباشِرةٍ - للمُعلنين ولأطرافٍ أخرى.

وقد تسبَبَ استغلالُ بياناتِ المستخدمين  في صداعٍ مزمنٍ  للشبكات الاجتماعية، من ناحيةٍ إزاء التشديدِ والرقابةِ والتضييقِ الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ومن ناحيةٍ أخرى أمام حساسيةٍ مفهومةٍ للمستخدمين من تداولِ بياناتهِم الشخصيةِ.  إلا أنه مع طرحِ فيسبوك أسهمِها للاكتتاب العام ومع إلحاحِ المساهمين على الربح، فإن الضغطَ على الشبكاتِ الاجتماعيةِ باتجاهِ تسويقِ بياناتِ مُستخدميها سيزدادُ.

3) ضرورةُ ابتكارِ أنشطةٍ بديلةٍ لكسبِ المالِ: وقد ظهرت هذه الأنشطةُ فعلًا من دون تنفيرِ المستخدمين أو استفزازِ الحكوماتوعلى سبيل المثال العملاتُ الافتراضيةُ التي تُستخدم لشراء السلع من خلال ألعاب الإنترنت، وقد سدَدَ الأميركيون، العام الماضي وحده، مبلغ  2.3 مليار دولار  لشراءِ أشياءٍ وهميةٍ في ألعابٍ مثل FarmVille وحروب المافيا. ومن المنتظرِ أن تَنحَى الشبكاتُ الاجتماعية ُهذا النموذجَ، فقد بدأت فيسبوك، تلك الأعمال التجارية الإفتراضية، في العام الماضي لما أتاحت لمستخدميها الحصولَ على ألعابٍ إلكترونيةٍ وتطبيقاتٍ عند تجميعِ نقاطٍ.

وهناك نموذجُ الحد المجاني freemium  الذي ابتكرَته الخدماتُ السحابيةُ مثل Dropbox  وSpotify، حيث تُتيحُ تخزينًا مجانيًا حتى حدٍ ما، وما يزيدُ عنه يخضعُ لسياسةٍ سعريةٍ، دون الإخلالِ بخصوصيةِ بيانات المستخدمين جميعًا، وهو نموذجٌ تستخدمهُ أيضًا خدمات Flickr لتبادل الصور وLinkedln لتبادل المعلومات المهنية.  

4) التعاونُ بين مواقع التواصل الاجتماعي والشركات: صفحاتُ فيسبوك هى بالفعِل أداةُ الشركاتِ الصغيرة للتفاعل مع عملائها على شبكة الإنترنت. ومع الحاجةِ  لمصادرِ دخلٍ بديلةٍ، من الواردِ أن تنشئ فيسبوك للشركات والأنشطة الاجتماعية صفحاتٍ بمقابلٍ، وهو ما يتفقُ مع قيمتِها التي أكدَها الاكتتابِ العامِ ومع رغبةِ الشركاتِ في الترويجِ لأنشطتِها

5) التكاملُ للازدهارِ: من أسبابِ نجاحِ فيسبوك التكاملُ مع شركاءٍ يضيفون تطبيقاتٍ وألعابٍ إليها، وعلى سبيل المثال لعبة Zynga الشهيرة، وهذا الانفتاحُ ينقُصُ مواقعًا منافسةً مثل +Google. وقد وعَت الشبكاتُ الاجتماعيةُ الأخرى هذا الدرسَ من القلب  بالسماحِ لشركاءٍ متعددين بالمساهمةِ في أنشطتِها، عملًا بمبدأ تكاملُ شركاتٍ جيدةٍ يُعطي شركةً عظيمةً

فيسبوك يتطلعُ إلى البقاءِ لسنواتٍ، هكذا أكدَ المؤسِسُ مارك زوكربيرج، وهو ما لن يكون إلا بالتكاملِ والتعاونِ  مع كلِ شركةٍ أو نشاطٍ يرغبُ في الازدهارِ المُتبادلِعبقري شاب غَيرَ وجه العالمِ.



فيسبوك، نجاحٌ لم تُحققه دولٌ، هل نتعلمُ؟ 


Twitter: @albahary