الجمعة، 12 يونيو 2009

مبروك يا ستات...


تمَ تعيينُ إمرآةٍ كأولِ سيدةٍ ترأسُ جامعةً، ألف نهار أبيض، قائمةُ الخمسمائةِ جامعةٍ في الانتظارِ. قبل أن استمرَ لا بدَ أن أؤكدَ وأوضحَ وأعيدَ وأكررَ أنني لست ضد توليةِ المرآةِ أي منصبٍ، بل علي العكسِ فهي من مظاليمِ المجتمعاتِ الشرقيةِ والمجتمعُ المصري منها. الموضوعُ ولو كان عنوانُه يوحي بالمرأةِ فهو يستهدفُ ما هو أكثر شمولاً وأسيً. تعيينُ المرأةِ لا يستهدفُ الرقي بها أو النهوضَ بالمجتمعِ ككلِ، مجردُ عمليةِ تجميلٍ للإيحاءِ بالتنوعِ وفتحِ الأبوابِ واسعةً لكلِ فئاتِ المجتمعِ للمشاركةِ في أنشطتِه كافةٍ، ولو كانت وهميةً خزعبليةً.
تعيينُ إمرآةٍ يعكسُ نظرةَ من علي السلطةِ للمناصبِ والأشخاصِ، فالكراسي محجوزةٌ بالاسمِ لمن يستوفون شروطَ الولاءِ والشكلِ، أدواتٌ هم في مشروعٍ أعلي، ليس لهم ولا هم جزءٌ منه، لا تهمُ الكفاءةَ إذاً. المثيرُ للشفقةِ أن من يوضعون علي الكراسي، في أحيانٍ كثيرةٍ يصدقون أنفسَهم، يتصورون أن ألمعيتَهم وضعتهم وأهلَتهم، يتحدثون للإعلامِ، يورنشون وجوهَهم وأحذيتِهم، يفتكسون برامجاً للتطويرِ و والتجويدِ، وما فيها إلا التخريبُ كلُه، منتهي البؤسِ. البؤسُ ينعكسُ علي المجتمعِ، يزيده يأساً واحباطاً، كراسي تُملأ ثم تُفَرغَ، لا أحدَ يفهمُ، طب وانت مالك، هي بلدك؟ دعَك وحالك، خللي البط يعوم.
تعيينُ المرأةِ، سيخدعُ العالمَ، سيتصورُ أن الديمقراطيةَ موجودةٌ، أن الناسَ سواسيةٌ، لا فرقَ بين مواطنٍ وآخر إلا بالعملِ والمقدرةِ، طبعاً فهو عالمٌ أهطلٌ أمامَ موطنِ الفهلوةِ والنصاحةِ والفتاكةِ. تعيينٌ قد تكون فيه زقةٌ لله للمرشحِ المصري لرئاسةِ اليونسكو، تأكيدٌ علي اعترافِ العالمِ بالريادةِ وأذهي الحِقبِ، طبعاً ألم يُؤكلوه البالوظةَ، ألم يضعوا إمرأةً علي كرسي كبيرٍ وعالٍ. الرجالُ لم يقدموا ما يُذكرُ، قد تستطيعُ المرأةُ، قد تنتشلُ بلداً طالَت فترةُ بقائه في الصفرِ.
المرأةُ وَجدَت من يتجملُ بها، أين باقي المواطنين، إن كانوا فعلاً مواطنون؟ أين المهمشون ولو تَعلموا وكَدوا وشَقوا؟ أين من لم يدخلوا لجنةَ السياساتِ وتوابعَها؟ أين المخالفون فكراً وعقيدةً؟ المرأةُ في خطرٍ، كَثُرَ عُزالُها والحاقدون. ما أكثر أدواتِ التجميلِ، انتخاباتٌ، مؤتمراتٌ، اجتماعاتٌ، افتتاحاتٌ، مهرجاناتٌ، شغلُ كراسي، ثم ماذا؟ لم يُرْ ما يُحركُ ركوداً طالَ وفاحَ، القعدةُ هي القعدةُ، طَب وبعدين؟
يا ست الستات، أي ست، أنت علي كرسي، لأسبابٍ ليست لك، تذكري أن اعترافَ المجتمعِ هو الأسبقُ، قبلّ أي شئ، من يَشغِلون الصورةَ بك لا يستهدفون تحسينَ حالِك أنت أو غيرِك منهم ومنهن، فالبؤسُ في أحوالِ المرأةِ عموماً، لن يُزيلُه وضعُك علي أي كرسي. يا ست الستات، أي ست جَلَبوها، لا ترفعي صوتَك، لا تُسَرسِعي و لا تكوني "شلق"، تذكري أنك في منصبٍ إداري لا خناقةَ مع الرجالِ، أن الوظيفةَ ليست تخليصَ حقٍ من مجتمعٍ ظلَمَ جنسَ "الحريمِ" ولا زالَ. من غيرِ زعلٍ، اِذهبي إلي السوقِ، تحدثي مع موظفِ الحجزِ في السكةِ الحديدِ أو غيرِها، لست بالنسبةِ له إلا "السِت الحاجة"، لا ألقابَ ولا وظائفَ، انسي ما تَلقينه داخلَ أسوارِ كرسي وُضعتي عليه.
يا من أُجلِستَ علي كرسي، لا تصدق نَفسَك، لا تفرحُ لإجلاسِك ولا تحزنُ لإزاحتِك، لا تخسرُ من حولِك، مهما طالَ وضعُك علي أي كرسي فأنت مُزالٌ مُزالٌ، مقلوشٌ مقلوشٌ، مكنوسٌ مكنوسٌ.
مبروك ياستات.. مبروك يا مصر؟ لا أظن، ما علينا، زغرودة، وررررررر،،

الاثنين، 8 يونيو 2009

مصر .. مغلوبةٌ بالثلاثةِ


طفحَ فريقُ كرةِ القدمِ المصري ثلاثةَ أهدافٍ في مباراةِ الجزائر، ليست عقدةً ولا غيرَه لكنها خيبةُ أملٍ كبيرةٍ. مباراةُ كرةِ قدمٍ لا تحكمُ علي شعبٍ أو بلدٍ أو نظامٍ، صحيحٌ إلي حدٍ، ومؤشِرٌ جدُ مؤكدٍ واضحُ الدلالةِ. الرياضةُ من مرايا الحكمِ علي الشعوبِ والأنظمةِ، شأنُها شأنُ السياسةِ والزراعةِ والصناعةِ والتربيةِ والتعليمِ وحقوقِ الإنسانِ. المقدماتُ واضحةٌ، الهزيمةُ منطقيةٌ وما عداها صدفةٌ في زمنٍ لا مكانَ فيه لخزعبلاتٍ وتفاؤلاتٍ وتبارُكاتٍ.
أكدَت الهزيمةُ علي عشوائيةِ التفكيرِ والتحليلِ ورؤيةِ الأمورِ، علي الفهلوةِ والفتاكةِ والنصاحةِ، صفاتُ شعبٍ ونظامٍ، علي قدمِ المساواةِ. الفريقُ تجمدَ عند كأسِ الأممِ الأفريقيةِ، لا إحلالَ ولا تجديدَ ولا ابتكارَ، لاعبون اغتنوا وكَبِروا واغتروا، قلََ حافزُهم، إعلامٌ وهميٌ يستبشرُ ببدلةِ إداري، يتحدثُ عن شوطٍ أولٍ بتفاؤلٍ وكأن المباراةَ حُسِمَت، ودخلَت الجيبَ، نظرُه محدودٌ كالمعتادِ. لا دراساتٍ بالمعني العلمي المتعارفِ عليه، كلُها تجلياتٌ، وارتكاناتٌ علي نظريةِ المؤامرةِ من شاكلةِ تسممِ الفريقِ وخيانةِ جوزيه وكأن الأهلي اشتراه واستعَبدَه.
المناخُ العامُ يقومُ أساساً علي الخداعِ والادعاءِ، تمثيلُ العلمِ والتعليمِ، الصناعةِ والانتاجِ، الإدارةِ والتطويرِ، الديمقراطيةِ وحقوقِ الإنسانِ، اختيارِ الأفضلِ للكراسي، أكاذيبٌ في أوهامٍ في تدليسٍ. الجالسون علي الكراسي يفهمون اللعبةَ ويدركونها، يُسرفون في التصريحاتِ واحتلالِ الشاشاتِ وتعليقِ اللافتاتِ، قرونُ استشعارِهم موجهةُ صوبَ ما يُطيلُ بقاءهم، يحاربون أساتذةّ الجامعاتِ، يرفعون جودَتَهم الوهميةَ، يطورون الثانويةَ العامةَ للخلفِ، يفتتحون المشاريعَ التي تُغلَقُ بعد افتتاحِها. الشعبُ نفسُه يَبغَضَ ذاتَه، مصرُ مفككةٌ، كلُه يكرَه كلَه، لا طائفيةَ معلنةً، لكنها في كلِ المعاملاتِ، هذا مسلمٌ وهذا مسيحي، مسلمٌ بذقن ومسلمٌ بدونِها، محجبةٌ وسافرةٌ، مؤمنٌ وعلماني، أهلاويٌ وغيرُه، نظامٌ وإخوانٌ، إخوانٌ ومعارضةٌ، غنيٌ وفقيرٌ، صعيديٌ وفلاحٌ، رجلٌ وامرأةٌ؛ لم يبقْ تقسيمٌ إلا وفرَقَ ومزَقَ وخرَبَ ودمَرَ.
في لبنان المنقسمِ إلي طوائفٍ تمكنوا بديقراطيةٍ واعيةٍ من التعبيرِ عن رأيِهِم؛ في مصر من الطبيعي أن يفوزَ الإخوانُ وحدُهم، لا حباً فيهم ولا في برامجِهم الهلاميةِ، لكن كُرهاً في من لعقودٍ داسوا علي الرقابِ وكتموا الأنفاسَ وداسوا علي الصدورِ، انتحارٌ يدفعُ إليه زلُ العيشِ، هروبٌ وراءَ سراويلٍ بيضاءٍ قصيرةٍ وأرديةٍ سوادءٍ قاتمةٍ، كأن الخلاصُ فيها، وما فيها إلا القبليةَ القائظةَ الجافةَ الغليظةَ.
مبارةُ كرةِ قدمٍ أيقظَت المواجعَ، فريقُ الأهلي الكروي، أداةٌ حكوميةٌ للتخديرِ وأفيون شعبٍ بائسٍ بفعلِه، أغفلَهم الطبلُ له والنفخُ فيه ومجاملتُه عن حقيقتِنا، عن مستوانا الصفري.
مصرُ مختنقةٌ، محتقنةٌ، مكتئبةٌ، مغلوبةُ بالثلاثةِ،،