الجمعة، 25 فبراير 2011

لنا وعلينا ... فى الجامعاتِ

الجو فى مصر مُلبدٌ بالزعابيبِ والرياحِ والتقلباتِ، ليس بسبب أمشير، إنما من كثرةِ الوقفاتِ الاحتجاجيةِ والتجمعاتِ المُطالبةِ بما يُرى أنه تحسينٌ لأجواءِ العملِ. لا اعتراضَ على أيةِ مطالبٍ تُقللُ من التفاوتِ الشديدِ بين الدخولِ فى نفسِ مكانِ العملِ على الرغمِ من التساوى فى المؤهلِ، وأيضاً وهو المهم فى الكفاءةِ. وإذا كان من الضرورى التروى حتى تهدأُ الأوضاعُ بعد توقفٍ طالَ ويبدأُ الاقتصادُ فى شدِ مصر الدولة حتى تقفُ لمكانةٍ هى بها جديرةٌ، فإنه من الواجبِ أيضاً التجردُ عند أية مطالباتٍ ماليةٍ أو غيرِها. وإذا كان الشبابُ قد غيروا وجهَ مصر اعتباراُ من الخامسِ والعشرين من يناير واستمروا على عطائهم حتى هذه اللحظةِ بتجميلِ الشوارعَ فإن اللافتَ للانتباهِ من يستغلون فترةَ الفورةِ بما لا يتلاءمَ وجلالها.

لن أتعرضَ للانفلاتِ الأمنى والبلطجةِ وتعطيلِ العملِ، لكنى سأعرضُ وجهةَ نظرى الشخصيةِ فى بعضِ ما يُطلَبُ فى الجامعاتِ، بعد أن دخلَت الأسلاكُ بعضُها فى بعضٍ وبدا التباينُ واضحاً وكذلك التعارضُ فى المصالحِ والمرامى، بدايةً من المُطالباتِ الماليةِ إلى الدعوةِ لانتخاباتِ رؤساءِ الجامعاتِ وعمداءِ ووكلاءِ الكلياتِ وصولاً لرؤساءِ الأقسامِ. الغريبُ أن هناك من طلبوا برفعِ مرتبِ أستاذ الجامعةِ فى جامعاتِ الحكومةِ إلى أربعة وعشرين ألف جنيه شهرياً، رقمٌ لا يُسمعُ عنه أصلاً فى الجامعاتِ الخاصةِ!! كيف يُقبلُ من أساتذةِ الجامعاتِ أن تُنسبَ لهم مطالباتٌ كتلك فى زمنٍ تشحُ فيه مواردُ الدولةِ ويقلُ متوسط الدخلُ السنوى فيها عن ثلاثة ألاف جنيه؟

 
أما ما يُطالبُ به من انتخاباتٍ للإداراتِ الجامعيةِ فإنى أراهُ كلمةَ حقٍ لا يُرادُ بها حقٌ، فجميعُ جامعاتِ العالمِ لا تعرفُ إلا التعيينَ بمعرفةِ لجانٍ متخصصةٍ تنأى بهذه المناصبِ عن السياسةِ وعن الانتماءاتِ المذهبيةِ. الانتخاباتُ كما عرفَها عالمُ السياسةِ هى وسيلةٌ لتداولِ السلطةِ، أما فى عالمِ الإدارةِ فكيف يُديرُ من يُدينُ بكرسيه لمن انتخبوه؟ كيف سيُحاسِبُ مُخطئيهم ومُنفلتيهم؟! لستُ من أهلِ السياسةِ ولا كنت فى الحزبِ الوطنى وما أكثرُ ما كَتَبتُ عن أوضاعٍ خاطئةٍ دفعتُ ثمنَها استبعاداتٍ بلا أخرِ، لكن الحقَ أحقُ أن يُتبَعَ حتى لو علا الضجيجُ. كيف يُمكن انتخابُ رئيسِ الجامعةِ وأعضاءُ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ يكادُ يعرفُ بعضُهم بعضاً؟! أما انتخاباتُ العمادةِ فلم تكن معروفةٌ فى الجامعاتِ لفترةٍ طويلةٍ وأُلغيَت فى ظروفٍ غامضةٍ بفعلِ ترزيةِ القوانين، لكن من الممكنِ الوصولُ إلى صيغةٍ متوسطةٍ تُحققُ التوائمَ بين حقِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ فى اختيارِ من يمثلُهم وحقُ جهةِ الإدارةِ فى من تتعاملُ معه. أما وقد وصلنا لانتخاباتِ رؤساءِ الأقسامِ، فهى واقعاً غيرُ عمليةٍ لقلةِ عددِ الأساتذةِ بالأقسامِ ولما تُخَلِفه انتخاباتُ كتلك من حَزازاتٍ وحساسياتٍ تنعكسُ سلباً على العملِ. وإذا كانت الممارساتُ الفَظَةُ والفَجةُ للجنةِ السياساتِ بالحزبِ الوطنى قد وضَعَت، فى العامين الأخيرين تحديداً، أعضاءً منها فوق كلِ الكراسى الجامعيةِ، فإنه من الضرورى أن يكونَ قانونُ الجامعاتِ مانعاً لأوضاعٍ كتلك لا موجداً لأخطاءٍ جديدةٍ. الغريبُ أن من يطالبون بالانتخاباتِ فى الكراسى الجامعيةِ قضوا صامتين ساكنين بالخليج سنواتٍ حيث لا انتخاباتَ ولا غيره!!

لم يَتَعرضْ أساتذةُ الجامعاتِ المطالبون لواجبِهم فى التواجدِ الحقيقى بكلياتِهم وهم يقيناً يعلمون أنهم أو كثيرٌ منهم يعملون معظم الوقتِ فى شركاتٍ ومكاتبٍ استشاريةٍ قضَت تماماً على التزامِهم الوظيفى لدرجةِ أن وصلَ الأمرُ بهم إلى التفضلِ على العملِ وفرضِ سلوكياتٍ غيرِ جامعيةٍ مَرفوضةٍ مَمجوجةٍ.

طلبةُ أساتذةِ الجامعاتِ كانوا قدوةً من الخامس والعشرين من يناير وحتى الآن، ليتَ أساتذةُ الجامعاتِ منهم يتعلمون. الكلام  مع الزحمة سهل، الكلام بهدوء صعب وثقيل بس لازم ومفيش زعل،،

Twitter: @albahary