الثلاثاء، 1 ديسمبر 2009

لا لتدميرِ التعليمِ الهندسي..بلا كللٍٍ


تعرَضتُ من قبل لما يتعرضُ له التعليمُ الهندسي من مخاطرِ تصوراتٍ خاصةٍ ستعصفُ به بأكثرِ مما أعلَه وأثقلَه، ولما كانت الأقاويلُ عما يُدَبرُ لا تهدأ في كليات الهندسةِ الحكوميةِ، فإن السكوتُ علي ما قد يُحاكُ ترفاً لا نملُكه ويعدو من الواجبِ وأمانةِ المسئوليةِ والكلمةِ أن نستمرَ في مواجهةِ مخططاتٍ يستحيلُ أن يكون لها من نفعٍ. المؤتمراتُ التي تنظمُها "المجموعةُ" المهيمنةُ علي قطاعِ الدراساتِ الهندسيةِ في وزارة التعليم العالي و"الجودة" لا تدلُ إلا علي الإصرارِ علي تكريسِ وفرضِ ما لا يراه سواها؛ مؤتمراتٌ من تلك التي يُنتقي فيها المتكلمون والحضورُ، سيناريوهاتُها معروفةٌ وتوصياتُها مُعَدةُ سلفاً. كلُ الأسفِ والحزنِ لما آلَ إليه الحالُ، إنكارٌ تامٌ متعمدٌ للآراءِ مع حصرِها في "شلةٍ" ضيقةٍ، أياً كان مسماها، خبراءٌ، مستشارون، حتي التعيينات في المراكزِ القياديةِ بالجامعاتِ لا تكون إلا لتنفيذِ ما يُري، لا لوضعِ أفكارٍ مستقلةٍ وتصوراتٍ جديدةٍ، نفسُ ما اِتُبِعَ لما شُكِلَت اللجانُ العلميةُ للترقياتِ، بلا أساسٍ علميٍ مميزٍ إلا الرضا والاستبعادِ.
الدراساتًُ الهندسيةُ تتعرضُ لخطرٍ كاسحٍ، شلةُ التصوراتِِ والرؤي قرَرَت ولا رادَ لما عَنَ لها وخطَرَ ببالِها، هكذا تنتشرُ المخاوفُ في كلياتِ الهندسةِ الحكوميةِ، الدراساتُ الهندسيةُ لا بدَ أن تكونَ علي أربعِ سنواتٍ، هو كده، عناد وعافية، أمريكا وأوروبا كده!! ما دارَت عليه الدراساتُ الهندسيةُ لسنواتٍ كوم وما تراه هذه "الدائرةُ" كوم آخر، وجدوا التايهة، اختصارُ سنوات دراسة الهندسة. أهو تصورٌ خاصٌ لإظهارِ الابتكارِ والإبداعِ؟ أهو رضوخٌ لنفوذِ الجامعاتِ والأكاديمياتِ الخاصةِ التي تريدُ الطالبَ وبسرعةٍ تقلبه؟ لقد ألحقوا بدراسةِ الهندسةِ بها طلابَ ثانوية عامة حاصلين علي ٦٤٪، مجموعٌ لا يعني إلا انخفاضَ مستوي الذكاءِ والتحصيلِ والالتزامِ. حتي الدراساتِ العليا، التي تتطلبُ امكاناتٍ ومهاراتٍ عقليةً وعلميةً متميزةً، انفتحَت واسعةً في كلياتِ الهندسةِ الحكوميةِ لطلابِ الأكاديمياتِ والكلياتِ والمعاهدِ الخاصة، طلابٌ يبتغون غسلَ شهاداتِهم إياها وكلياتٌ حكوميةٌ تلهثُ وراء فلوسِهم، رغماً عن الأقسامِ العلميةِ التي ترفضُهم لقلةِ مقدرتِها من حيث أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ والمعاملِ ولتردي مستواهم العلمي. هانَت مهنةُ الهندسةِ وضربتَها البطالةُ من فرطِ ما اِبتُذِلَت بكلياتٍ ومعاهدٍ خاصةٍ أُنشئت بلا حسابٍ ولا تخطيطٍ وبلا تعليمٍ ولا تربيةٍ. سوبرماركت الدراساتِ الهندسيةِ أحطَ من جلالِها، شهاداتٌ من كل لون، تعليمٌ ترفيهي، سطحيٌ، خُذ شهادة واحصُل علي الأخري مجاناً!!
مصيبةٌ والله ما نحن فيه، الأقوالُ تدورُ في كلياتِ الهندسةِ الحكوميةِ عما يدبرُونه بليلٍ ويُسكَتُ عنهً؛ ما يسمعون إلا أنفسَهم، مهما رأي المحايدون المتجردون المنزهون عن هوي الكرسي والشُهرةِ. هنا دورُ الإعلامِ المخلصِ في تسليطِ الضوءِ علي المصائبِ وكشفِها، بلا حساباتٍٍ إلا الحقيقةَ، مهما فُصِلَت المؤتمراتُ وأزيعَت التوصياتُ إياها. من قبلِ بعشوائيةٍ ألغوا السادسةِ الإبتدائيةِ وبقدرةِ قادرٍ أعادوها، وهكذا تريدُ "الشلة" إلغاءَ سنةٍ بطولِها من الدراساتِ الهندسيةَ. أغيثوا الدراساتِ الهندسيةَ ومهنةَ الهندسةِ مما يُحاكُ باسم التطويرِ، أنقذوها من نكبةٍ في غيابِ الصراحةِ والوضوح والمحاسبةِ والمتابعةِ والمراجعةِ.
التطويرُ يستحيلُ بالهدمِ، بانكارِ عقودًٍِ تخرَج خلالها عباقرةُ المهندسين وما أثبَت الزمنُ خيبةَ تأسيسِهم وتعليمِهم ويستحيلُ أن تكون الخيبةُ ألا في إلغاءِ سنةٍ من الدراسةِ الهندسيةِ. اللهم لوجهك كتبنا،،

الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

شاهدت في السينما

الهاوية

Red Cliff

فيلم صينى تاريخى ذو إنتاج ضخم (80 مليون دولار) حول معركة مصيرية قادتها قوات الإمبراطور من شمال الصين تحت قيادة قائد مستبد لإخضاع مقاطعتين جنوبيتين متمردتين خلال القرن الثالث الميلادى.

فيلم متميز للمخرج الصينى الأصل جون وو الذى خاض تجربة هوليوود (Face/Off) ويقدم لنا هنا سردآ تفصيليآ لتلك المعركة من بدايتها إلى نهايتها فيتعايش معها المشاهد. ولم ينسى المخرج إبراز بعض ما عرفته الصين قبل غيرها مثل البارود والشاى. فيلم ممتع يستحق المشاهدة.

درجة الفيلم : 7 من عشرة

الفرصة الأخيرة

Last Chance Harvey

فيلم رومانسى خاص بكبار السن كتبه وأخرجه الشاب الإنجليزى جويل هوبكنز بإسلوب تقليدى لكن بإحساس بالغ ومشاعر جياشة. الفيلم يحمل الكثير من المواقف المؤثرة مثل علاقات أسرية مضطربة, الحاجة إلى الحب وأخيرآ الميعاد الذى لا يتم. أداء رائع من داستن هوفمان وإيما تومسون. فيلم من النوعية التى لا نمل من مشاهدتها.

درجة الفيلم : 7 من عشرة

لعبة الموث

Gamer

فيلم تدور أحداثه فى المستقبل القريب عن ألعاب شبيهة بألعاب الفيديو لكن بإستخدام أشخاص حقيقيين بدلآ من الخيال. الفكرة رأيناها كثيرآ من قبل وقد يكون الفيلم مستوحى من فيلم The Running Man الذى أنتج منذ أكثر من عشرين عامآ مأخوذآ من قصة كتبها ستيفن كنج ولكن لم يتم ذكر ذلك. إستخدم صانعا الفيلم إسلوب الإبهار وهو المناسب لموضوع الفيلم. يحسب للفيلم إختيار إحدى أجمل أغنيات الثمانينيات للثعبير عن الموضوع وهى أغنية Sweet Dreams لفريق Eurythmics لكن بأداء جديد. كما يحسب له وجود بعض الفكر الإيجابى رغم الشكل الترفيهى الغالب.

درجة الفيلم : 6 من عشرة

مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون


شاهدت في السينما


المحاربون الشرسون

Inglorious Basterds

قصة من نسج خيال المخرج كوينتن تارانتينو (Pulp Fiction) حول مجموعة من اليهود الأمريكان يتم إرسالهم إلى فرنسا المحتلة لمحاربة الألمان النازيين. فيلم ممتع رغم العنف وعدم مصداقية بعض الأحداث والمواقف حيث أن إسلوب المخرج (المعتاد) يذكرنا دائمآ بأننا أمام عمل درامى سينمائى. أداء الممثلين جيد وأبرزهم كريستوف وولتز (القائد النازى) مع ظهور للممثل القديم رود تايلور فى لقطة قصيرة فى دور تشرتشل.

الفيلم يظهر مدى عشق المخرج للسينما وإستمتاعه بعمله فيها وشغفه للأفلام القديمة وأفلام رعاة البقر.

درجة الفيلم : 7 من عشرة

فارس المعبد

Arn, the knight templar

قصة حب من بلاد الشمال فى زمن الحروب الصليبية وتدور الأحداث ما بين شمال أوروبا والأراضى المقدسة (القدس) مع ظهور مشرف لشخصية الناصر صلاح الدين. الفيلم القادم من السويد تم إنتاجه فى عام 2007 ويذكرنا بفيلمى Braveheart, Kingdom of Heaven. جميع عناصره متميزة ويحمل رسالة حب وسلام مع التأكيد على أهمية الشرف. تشارك الممثلة السويدية الكبيرة بيبى أندرسون فى دور الراهبة الأم.

درجة الفيلم : 7 من عشرة

التحدى

Defiance

فيلم عن مجموعة من اليهود فى بيلا روسيا المحتلة من ألمانيا النازية يفرون إلى الغابة هربآ من القتل وسعيآ للحرية. الفيلم مبنى على قصة حقيقية وبطولة دانيال كريج (أحدث جيمس بوند) ومن إخراج القدير إدوارد زويك (The Last Samurai) الذى نجح فى ثصوير معاناة هؤلاء والظروف المحيطة بهم بالإضافة لبعض مشاهد القتال الثى يتميز بها. الفيلم يخص فئة من الناس لكن فكرة الكفاح من أجل الحرية والبقاء حيآ تخص الإنسانية عامة.

درجة الفيلم : 6,5 من عشرة

مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

الصورةُ لا تكذب... تنظيم المرور بالطوب




تقاطع شارع الطاقة مع امتداد أبي داود الظاهري بجوار النادي الأهلي من أكثر ميادين مدينة نصر ازدحاماً، شكونا وشكونا وشكونا من كثرة الحوادث والمشاجرات بين السائقين بسبب سلوكيات مرضية في القيادة. تفضلوا بعد طول طناش بتنظيم الميدان، لكن بشوية طوب، والصورة خير شاهد، مرفقة ومنشورة علي مدونتي، الاستيقاظ أصبح علي اصوات ارتطام السيارات بالطوب بدلاً من اصطدامها بعضها ببعض!!
استهتار وحداقة، هما اسلوب تناول المشكلات، لذا فالتقدم يكون دوماً في الاتجاه العكسي، نهجٌ في القيادة، للوراء، عكس باقي الخلق،،

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009

مصر والجزائر...




حالةُ حربٍ، غيرُ معلنةٍ، تدميرٌ، تحطيمٌ، نداءاتُ استغاثةٍ، دعواتُ مقاطعةٍ، طردٌ للعمالةِ، منعٌ للتأشيراتِ، حصارٌ للمتلكاتِ، حبسٌ للمواطنين، لم يتبقْ إلا استخدامُ الجيوشِ. هكذا وصلَ الحالُ بين مصر والجزائر، ما تدهورَت العلاقاتُ بين الدولِ العربيةِ واسرائيل بمثلِه، ولا بينها وبين دولٍ احتلتَها أو عادَتَها أو سَبتَها. مباراياتُ مصر مع دولِ المغربِ، جنوب البحر المتوسط، تتحولُ إلي حروبٍ، ضربٌ ولطشٌ وسبابٌ، ما تحولُ دونه خطوطٌ حمراءٌ في التعاملاتِ الدوليةِ يعدو مباحاً إذا تَعَلقَ بمصر.
من الطبيعي أن تكون مصرُ مسئولةً عن جزءٍ مما تتعرضُ له؛ تحت وهمٍ ردَدَه إعلامُها وتمادي، استسهَلَ من جلسوا علي كراسي المسئوليةِ شعارَ الشقيقةُ الكبري، بأمارة إيه؟! الشقيقُ يعترفُ به أشقاؤه، لا يفرضُ نفسَه أو يمنُ أو يتخيلُ، في غيبوبةِ هذا الوهمِ، تخلَت الحكوماتُ المصريةُ، في كلِ مستوياتِها عن كرامةِ المصريين، في الداخلِ والخارجِ، أصبحَ من السهلِ ضربُهم وسبُهم وطردُهم وقتلُهم وجلدُهم، حتي لو كانوا سفراءً. التفريطُ في الكرامةِ المصريةِ باسمِ العقلِ والحكمةِ مرمغها في الترابِ، كلُ من هبَ ودبَ تطاولَ عليها وخزلَها.
أما الدولُ المجاورةُ، يميناً ويساراً وجنوباً، فلم تبدْ مع مصر إلا مشاعراً في معظمِها عدائيةً كارهةً، لأسبابٍ تاريخيةٍ، جائزٌ، لأسبابٍ سياسةٍ، جائزٌ، لأسبابٍ اجتماعيةٍ، جائزٌ، كلُه ممكنٌ. الخلاصةُ، أن علاقةَ مصر بمن حولِها ليست علي ما يُرام، حتي لو ادعَت أو ادعي ساستُها وساسةُ من حولِها العكسَ. دورُ مصر انكمشَ مع وضعِها الاقتصادى، مع انفصالِ شعبِها عن حكامِه، لم تعد متجانسةٌ، متحدةُ، غلبتُها مشاكلُها وفوضويةُ واقعُها.
يُضافُ أيضاً قبليةُ دولِ المنطقةِ، إنهم اليمن، غزة، لبنان، الجزائر، المغرب، مصر، الصومال، لبنان، الكلُ يتقاتلون من أجلِ لاشئ، ولو علي حسابِ وجودِهم، يسقطون في صراعاتٍ مذهبيةٍ وطائفيةٍ وكرويةٍ، بسبب الجيرةِ والبيع والشراءِ، في المعاملاتِ اليوميةِ؛ الخارجُ من منزلِه لا يعرفُ كيف سينتهي يومُه، معيشةٌ أقربُ للغابِ من حياةِ الإنسان. المثقفون مغلوبون علي أمرِهم، مُحاربون، مهمشون، متهمون بالتفكيرِ، بالانفصالِ عن الواقعٍِ. الإعلامُ مصيبةُ المصائبِ، أشاعَ الفرقةَ والجهلَ والتطرفَ والصراعاتِ، غابَ عنه الترغيبُ في العلمِ، يدعو إلي التطرفِ والإنغلاقِ، المالُ هدفُه، بأي ثمنٍ، ولو كانت الحياةُ ذاتُها.
من الطبيعي أن تنقلبُ الدنيا بين مصر والجزائر، ما يحدثُ متوقعٌ، طبيعيٌ، مؤكدٌ، ما عداه بعيدُ المنالِ،،

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

وزاراتُ الفكِ والتركيبِ...


فاضت الصحفُ والإعلامُ عن التشكيل الوزاري وتوقعاتِه وترشيحاتِه، وتباري الكلُ في إدعاءِ العلمِ بالأمورِ وبواطنِها، ثم نامَت الدنيا وكأن شيئاً لم يُقَلْ. نسي الجميعُ أن التشكيلَ الوزاري في مصرٌ من الأسرارِ الحربيةِ العظمي وأن التطرقَ إليه لا يعدو كونَه تمنياً في تغييرٍ أياً كان، تنفيساً عن نفوسٍ مختنقةٍ حانقةٍ علي أوضاعٍ يتعذرُ استمرارُها. تمني الجميعُ التغييرَ بعد أن ضاقَت حياتُهم وزادَ كربُهم، مؤتمراتٌ تُعقدُ وكأن منظميها من كوكبٍ آخرٍ، يعيشون قضاياهم الخاصةَ لا القضايا الناسِ، تدعي شعاراتُهم ما لا يُثيرُ اهتماماً ولا تصديقاً. التغييرُ أصبحَ أمنيةً طالَ انتظارُها، ليس في مجردِ وزيرٍ أو أكثر لكن فيما هو أعمَقَ، جداً جداً.
الوزراءُ وما شابهَهم ليسوا إلا صورةً، أداةً، لإلهاءِ الخلقِ، اختيارُهم مرهونٌ بمقدرتِهم علي إثارةِ المشاعرِ العامةِ، وما أدلُ علي ذلك أكثرُ من تردي حالِ التعليمِ العالي والمدرسي، النقلِ، المواصلاتِ، الصحةِ، الزراعةِ، الصناعةِ، السياسةِ. الوزيرُ من الناحيةِ العمليةِ يستحيلُ أن يحولَ الفسيخَ إلي عسلٍ، هو يعلمُ وإن لم يعلمْ فلا بدَ من علاجِه نفسياً، الأمرُ بالنسبةِ له سبوبةٌ، مغنمٌ، تحسينٌ للسيرةِ العائليةِ والذاتيةِ، لما بعدِ الوزارةِ. من يُختارون للوزارةِ يكونون من الموهوبين في تحملِ النقدِ والاستهجانِ، من المُتمادين في الغتاتةِ، من ذوي الجلودِ السميكةِ الذين يفعلون كل ما يوصِلُهم للكرسي ويبقيهم عليه، يتقربون لمتخذِ القرارِ علي حسابِ أخلاقياتٍ عامةٍ في التعاملِ الإنساني والوظيفي.
الوزارتُ في مصر تُعلَنُ لها أهدافٌ، لا يتحققُ منها شيئٌ، تارةً تدمجُ في بعضِها، كالتعليمِ والتعليمِ العالي واسمه إيه البحث العلمي، وتارةً تُفصلُ وتُفَكُ، طبعاً لتحقيقِ احتياجاتِ المرحلةِ الحاليةِ من التاريخِ المليئةِ بالانجازاتِ والتجلياتِ. الوزارتُ تبقي وتُعَمِرُ لأسبابٍ لا نعرفُها وتُقلَشُ لنفسِ الأسبابِ. وزراءٌ ورؤساؤهم لا يعرفون لإجلاسِهم أو لزحلقتِهم سبباً، ومع ذلك يعيشون أدواراً تفوقُ مقدرتَهم النفسيةَ والعلميةَ والإداريةَ، يُصدقون أنفسَهم، ويكون العلاجُ النفسيُ قرينُهم بعد خلعِهم. طينةٌ هم من البشرِ مختلفةٌ، تعشقُ الكرسي والأضواءَ والتكويشَ، في سبيلِها يدوسون علي أنفسِهم وعلي من حولِهم.
مع كل الأسي، اختيارُ الوزراءِ يعكسُ نظرةً لا تعني إلا معاندةَ الشعبِ، إنكارَ إرادتِه وعقلِه وقدرتِه، وهو أسلوبٌ متوقعٌ لم يتغيرْ، أورَثَ نفوراً استحكَمَ وجفوةً يستحيلُ سَدُها بين الشعبِ ومن يحكمونه بإنكارٍ وتجاهلٍ. من السهلِ علي من ينتقدُ أن يجدَ أذاناً تستحيلُ علي من يحكمُ، ولو ضحَكَ وتبَسمَ وقرَرَ وعينَ وأقالَ.
الوزاراتُ في مصر، قصٌ ولصقُ، فكٌ وتركيبٌ، المحصلةُ واحدةٌ، تخلفٌ وتقهقرٌ، إسألوا السكةَ الحديدَ والخنازيرَ وانفلونزا H1N1،،

الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

وزير النقل وحده؟!


كارثةُ سكةِ حديدٍ متوقعةٌ، من المؤكدِ أن تحدثَ وتتكررَ، خرجَ علي إثرِها ثاني وزيرِ نقلٍ، دُقي يا مزيكا، النظامُ والحزبُ يحاسبان، يتعاملان بشفافيةٍ، لا مكانَ للتقصيرِ، لم يصدقْ أحدٌ ما يري، لم يأكلْ الأونطة. السكةُ الحديدُ هي كل مصر، هي أداءُ النظامِ والحكومةِ والشعبِ، الكلُ شركاءٌ في النكباتِ، مسرحياتُ الإدانة والشجبِ في مجلسِ الشعبِ ومن أهلِ النظامِ اعتادها الشعبُ بعد كلِ مصيبةٍ، تكررَت وباخَت شاخَت.
الآداءُ في كلِ المجالات يسيرُ بدون تخطيطِ، بلا اهتمامٍ، بأنانيةٍ، برغبةٍ في الاحتفاظِ بكل المغانمِ، بالتكويشِ، علي كراسي السلطةِ، علي الفرصِ، علي المالِ، علي الأرضِ. أعضاءُ مجلسِ الشعبِ يعتدون علي جنودِ الشرطةِ، يقتحمون المدارسِ، يستولون علي الأراضي، بالذمة إذا كان هذا آداءُ من يُشرِعون، من يطالبون بالحقِِ ويحاربون الفسادَ، فكيف يكون التعاملِ خارجَه، في الشارعِ؟ لا غرابةَ في البلطجةِ والفوضي وسوءِ السلوكِ، في إهدارِ وقتِ العملِ، في تلفيقِ التهمِ، في إعلامٍ مُضللٍ، لا غرابةَ في هذا التدهورِ الذي ما لم من نهايةٍ سعيدةٍ.
خرَجَ وزيرُ النقلِ لأن مصيبَته بانَت، لكن ماذا عن الذين دمروا التعليمَ بشقيه المدرسي والجامعي؟ ماذا عن الذين انحدروا بالدراساتِ الهندسيةِ لتقبلَ طلاباً في الجامعاتِ والمعاهدِ الخاصةِ بالكادِ يفكون الخطِ؟ ماذا عن الذين يريدون قصفَ سنةٍ من عمرِ التعليمِ الهندسي؟ ماذا عن تردي أحوالِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ؟ ماذا عن محاولاتِ كسرِ عيونهم ونفوسِهم؟ ماذا عما آلت إليه الخدماتِ الصحيةِ؟ ماذا عن شربِ المياهِ الملوثةِ؟ ماذا عن الأكلِ المخلوطِ بالمجاري؟ ماذا عن الإعلامِ الذي سُخِرَ للطبلِ والزمرِ وإخفاءِ الحقائقِ؟ ماذا عن نقاباتٍ مهنيةٍ دَمَرَت أحلامَ طلابٍ وأسرِهم من أجلِ مصالحٍ خاصةٍ؟
الحكايةُ ليست في مصيبةِ السككِ الحديدةِ، إنها في مصيبةٍ أكبر، أفدح، إنها في الاستمرارِ في البحثِ عن كبشِ فداءِ، إنها في تسطيحِ الأمورِ، في حصرِها في حادثةٍ علنيةٍ شوهِدَت علي الفضائيات؛ هناك من المصائبِ ما لا يظهرُ إلا بعد فتراتٍ قد تطولُ، ألم تَرفضُ بعض الدولِ العربيةِ إرسالَ طلابِها للدراسةِ ببعضِ الجامعاتِ والمعاهدِ المصريةِ؟ لماذا لم يصرخْ الإعلامُ علي تلك الفضيحةِ؟ لماذا لم يثرْ مجلسِ الشعبِ؟ هل لا بدّ من دماءٍ؟ من قتلي؟
وزيرُ النقلِ لايستحقُ الخروجَ وحدُه، كلُهم مسئولون عما آلَت إليه السكةِ الحديدِ، مصر، كلُ يفكرُ في نفسِه، كيف يستمرُ، كيف يستحوزُ، الوهنُ ضرَبَ، لم يتركْ شيئاً علي حيلِه.
الشعبُ المصري ساءَ خُلُقُه، اِكتئبَ، مش من شوية،،