الأربعاء، 30 يوليو 2014

الشيزوفرينيا وجنون العَظَمة ...

الإعلامُ سلاحٌ كثير الحدودِ، منها ما يصيب ومنها ما يَخيبُ بالقوي، وأنه من خيبتِه يصيبُ نفسَه، فيوقعُ المللَ والنفورَ والمقاطعةَ والاستهجانَ في نفوسِ المشاهدين، وهو ما يجعلُه إعلامًا موصومًا بعدم المصداقيةِ والارتزاقِ، هذا إذا لم يكنْ مُساقًا لخدمةِ أولوياتٍ ما.  مقدمةٌ سخيفةٌ، أنا عارف، لكن ما العمل وقد انضَمَمت لطابور مقاطعي الفضائيات، كرهت الشخط والنطر والحَزق والوعظ والإرشاد والفَذلكة والفلسفة والنصاحة والفتاكة والتحاذُق وبذاءات الشوارع. لكن لماذا صَعُب علىَّ الفن فجأة وكتبت؟! مذيعة فضائية تفتعل حوار تليفوني على الهواء مع سفير أثيوبيا وترزع السكة في وشه، وأخرى أعطت نفسها الحق في سب النساء المغربيات في أعراضهن!! 

قبلهن في إحدى الفضائياتِ الممولةِ  رياليًا، "حَزَقَ" أحدَ كسيبةِ الإعلامِ، دون أن يكونَ دارسًا له ولأصولِه وآدابِه،   وبصوتٍ مُنفرٍ كالمعتادِ، وفي غيابِ الكاريزما الشخصية، وزارةٌ عجوزةٌ مثل رئيسها!! يقصد د. حازم الببلاوي. مش فاهم هل يندرجُ هذا المسلكُ تحت بندِ النقدِ، أم تحت بندٍ آخر سماه هذا النغنوغ الزغنون في نفس الحلقة قلة ...، ولن أردد ما قاله؟

تقليعةٌ، يتصابى كل من يريدُ أن يبدو ثوريًا، يصبغُ شعرَه، يدهنه جل، أو تسرسع واحدة بالصوت الحياني وهات يا ردح، هجوم في الفاضية والمليانة، تهييج، إثارة  قضايا بلا قضايا حقيقية؛ هل الارتزاق من أي افتعالة واشتغاله هو لأكل العيش أم إرضاءٌ لحب الظهورِ؟ الإعلامُ يتصدرُ الآن مرحلةَ كل من عنده كلمة يقولها، ولو كانت فارغة.  لا تخلو فضائيةٌ من انتقادات وكأن مقدمي برامجِها يحملون مفاتيحَ الحكمة، منتقدون صباحيون وآخرون للمساءِ والسهرةِ!! نهجٌ جديدٌ في إعلام اللا إعلام، هاجم تعيش وشَخَص تأكل قراقيش!! 

المنتسبون للإعلامِ بدون أمارةٍ أعطوا لأنفسِهم الحق في الإساءةِ لعلاقاتِ مصر الخارجية، ولتأليب الداخلِ، إديني الوزير الفلاني، وأنا عايز من الوزير العلاني، كده على الهواء، أصل البيه المذيع جامد قوي. من الضروري فحص السلامةِ النفسيةِ لكل من يستحوذ على ميكروفون.  

الشيزفرينيا وجنون العظمة ليست من صفات الإعلامي الحقيقي، في بلاد الدنيا، مش عندنا،،




Twitter: @albahary

الأربعاء، 2 يوليو 2014

مونديال البرازيل 2014: عناوين دور ال16



جوليو سيزاز
1- حارس ينقذ دولة من الضياع
حفظ المتألق جوليو سيزار ماء وجه الدولة المنظمة وعبر بها إلى الدور التالى إلا أن البرازيليين لم يقدموا المستوى الذى يرشحهم للفوز بالكأس.





جيمس رودريجز
2- ظهور ولد ذهبى جديد
قاد جيمس رودريجيز منتخب كولومبيا إلى الدور التالى بتسجيله هدفين رائعين فى غياب الكولومبى الهداف فالكاو والأوروجوائى العضاض سواريز.






ويسلي شنايدر
3- نهاية حلم ليلة صيف
ألف شيكسبير مسرحيته فى القرن ال16 ليلعبها المكسيكيون فى البرازيل فيما كتب الهولاندى فان جال النهاية فى الدور ال16 وقضى شنايدر على إسطورة أوتشوا بطلقة فى الدقيقة 88.  






4- مبارة تاريخية
فشل اليونانيون رغم ماضيهم العريق فى منع كوستاريكا من قصة نجاح ملفتة للنظر ومستحقة رغم التفوق العددى والعمرى.


بول بوجبا
5- الديوك تمنع النسور من التحليق عاليآ
تمكن الفرنسيون من إقصاء نيجيريا بفضل تألق نجمهم الجديد بوجبا مع إستمرار النيولوك الذى ظهر به الفريق فى هذا المونديال ولكن إلى متى؟




6- لقاء الذكريات
شبح مونديال 1982 ما زال عالقآ بالأذهان والمبارة صعبة فنيآ وبدنيآ وذهنيآ حسمها بكفاءة لألمان المنضبطون وخسرها بشرف الجزائريون الشجعان. 

ليونيل ميسي
7- الرقصة التى تأخر موعدها
نجح السويسريون وهم ملوك التوقيت فى العالم فى تأخير أداء الرقصة التى نفذتها الفرقة الأرجنتينية بقيادة راقصها الفذ ميسى.






روميلو لوكاكو
8- الحل فى البديل
مبارة مثيرة سريعة تمكن فيها البدلاء من فك الإشتباك فصنع البديل البلجيكى لوكاكو هدفآ وسجل هدفآ وعدل البديل الأمريكى جرين النتيجة.





                              



                               بقلم  مهندس/ دانيال تانليان

كُلُنا غشاشون ...

موسمُ الثانويةِ العامةِ هو الموسمُ السنوي للكلامِ عن الغشِ والغشاشين  والأخلاقِ وفسادِ الذممِ، نفسُ الكلامِ كل عام، وكأن ما قيلَ العام الماضي، وقبل الماضي ولأعوامٍ  عديدةٍ للوراءِ، قد نُسِي.  حاجة تضحك، نَرى ونتفرج ونْحَكَي، لكن دون حَلٍ، بالعكسِ، التكنولوجيا كالعادة تتخطانا وتتطور أساليب الغش، مثل فيسبوك، ولا نملك حلًا إلا  بكلام فشنك من فصيلة كَلَمنا فيسبوك وتويتر!! طب وهما مالهم بالذمة؟!! الخيبة عندنا والغُربُ جَرَسونا. 

الغشُ في الثانوية العامة ثقافة مجتمع، الغشُ هو أساس التعاملاتِ، في الشعبِ، في السياسيين،  في الحكومة، كُلُه يغشُ ويكذبُ، وأولهم القائمون على التعليم. إذا تَصَوَرَ الطلابُ وأهلُهم الامتحانَ صعبًا، أوعى تزعل ياحبيبي، سيُلغى السؤال، ستوزعُ الدرجاتُ، سيُحالُ واضعو الأسئلة للتحقيقِ،  سنخرب لك بيوتهم وبيوت اللي جابهم. حتى الجامعات لم تسلم من هذا الفكرِ البائسِ، وكلياتُها تحصلُ على شهادةِ الجودةِ والاعتمادِ بالهَجصِ، بتكويمِ الورقِ والسلام، تمامًا مثل المجاميعِ الخرافية في الثانوية العامةِ بلا علمٍ ولا فهمٍ. كيف يتعلمُ الطالبُ ألا يغشُ وكل من حوله يغش؟!!

من منا يشتري سلعة، ولا َتركَبُه الوساوسُ عن ملاءمةِ سعرِها وجودتِها؟ كم سياسيًا صَدَقَ فيما قالَ؟ كم واعظًا وَعَظَ نفسَه قبل غيرِه؟ كم عاملًا عَمَلَ وكم موظفًا أدَى؟ كم وزيرًا اِستقالَ لعجزِه عن تنفيذِ ما كُلِفَ به؟ كم وزيرًا اعترَفَ أن الحالَ مالَ بما يفوقُ طاقَتَه وطاقةَ من يتشَدَدَ له؟ كم وزيرًا عَمَلَ بجدٍ ولم يدخرْ جَهدَه لفترةِ الإعلان عن تعديلٍ وزاري جديدٍ؟ كم من أهلِ الإعلامِ لم يجعلْه سَبوبةً وبُقين كلام والسلام؟ كم باحثًا قرأ وكَدَ وتعبَ ولم َيغِشْ وينسِب لنفسِه ما لغيرِه؟ كم فاشلًا أجوَفًا وُضِعَ على كرسي لمجردِ حركتين ومَنظَرين وتمثيليتين؟

الغشُ والتحرشُ والعشوائياتُ والباعةُ الجائلون ظواهرٌ طبيعيةٌ جدًا في مجتمعٍ  يضحكُ على نَفْسِه في كلِ نَفَسٍ، يتكلمُ عن الأخلاقِ والإيمانِ وسيادةِ القانونِ دون أن يمارسَ أو يطبقُ أيًا منها، وكأن رئيسًا جديدًا سيعدلُ ما انكسَرَ نيابةً عن الشعبِ وبالأصالةِ عنه وعن الحكومةِ!!

السبكي يبوس يده وِش وظَهر، لو كانَ فيلم حلاوة روح معروضًا الآن لقبضوا عليه بتهمةِ التحريضِ على التحرشِ في ميدان التحرير،،






Twitter: @albahary
      

الجمعة، 27 يونيو 2014

بلطجية فوانيس رمضان ليلة التنصيب .. وتمثيليات الإزالة

أقيم في منتصف ليل ٢٠١٤/٦/٨ سرادق عشوائي لبيع فوانيس رمضان وذلك عند تقاطع امتداد أبي داود الظاهري مع شارع الطاقة بالحي الثامن من مدينة نصر، بجوار النادي الأهلي وأمام مدينتي القضاة والمبعوثين. منتهى الفوضى والعشوائية والبلطجة وانتهاز الفرص، وكأن البلد غابة مفتوحة، لا اعتبار فيها لمرور ولا لأمن ولا لنظافة ولا لسرقة فاجرة للتيار الكهربائي، وكلُه ليلة التنصيب والدنيا ضَلمة والناس نايمة والشرطة مشغولة. تخطيط وتكتيك وفتاكة ونصاحة، من أقاموا السرادق شايفينها كده. 

نفس المكان يسكنه كل مناسبة من رمضان أو عيد أو موسم، عند المسلمين والمسيحيين، من يقيم خيمة من بطانيات ويسكن الحديقة الموجودة بالشارع مع مراته وعياله، يبيع طراطير وبمب وحاجات ممكن تقرمش!! هل هناك توصيف غير فعل فاضح في الطريق العام وقلة أدب وتناحة وبرادة وتلامة؟!! 

أصبح أكل العيش عنوانًا للبلطجة، م الآخر كدة. 

هل هناك دولة؟ أم أنها أُسقطت بوضع اليد؟

في السُقوطِ عِظاتٌ وبقدرِ الآمالِ يكونُ الغضبُ

السُقوطُ هو الوقوعُ من عَلٍ، والجديد؟ هو تغيرُ الحالِ من حسنٍ لسيئ، من جاهٍ وسلطانٍ لبؤسٍ وسجونٍ، من عزٍ ورفاهيةٍ لحاجةٍ وفقرٍ والعياذُ بالله. السقوطُ يكونُ لسوءِ التدبيرِ ولغدرِ الزمانِ وقانا الله غدرَه. شَهدَت دولٌ عربيةٌ سقوطَ حكامِها، لكن مصر تفوقَت، أسقَطَت  إثنين منهم في ثلاثةِ أعوامٍ لتدخلَ موسوعةَ القياسياتِ.  لابدَ أن تكونَ العِظةُ  إذن مَظلةَ من يتصدرُ لحكمِها ومفتاحًا لفهمِ طبيعةِ شعبِها بعد أن استغفَلَه من سقَطا. 

العجيبُ، أن الحاكمين الذين سَقَطا تَشابها في أهم أسبابِ السقوطِ، وهي سوءُ الاختيارِ،  سواء كان اختيارُ الوجوهِ التي تمثلُ النظامِ في السلطةِ التنفيذيةِ أو في البطانةِ التي تحيطُ بالكيانِ الرئاسي، ولا أحبُ مصطلحَ مؤسسةِ الرئاسةِ، فهي لم تكنْ  إلا تكيةً، أما الكيانُ  ففيه الصَلِبُ وفيه الهُلامي، وقد كان هلاميًا بامتياز.  أسلوبُ اختيارِ من تَصدَروا للمسؤوليةِ والكاميرات والإعلامِ عَكَسَ فكرًا خائبًا، بالتَجربةِ، مَرَتان مُرَتان.  

في فترةٍ طالَت لحسني مبارك اِنمحى في سنواتٍ قليلةٍ ما قد يُعتبَرُ حسنًا، إنتقاءُ  الوزراءِ والشخصياتِ العامةِ في مجلسي الشعبِ والشورى والجامعاتِ ومؤسساتِ الدولةِ غَلَبَ عليه طابعُ المعاندةِ والمكابرةِ وتأديبِ النَّاسِ، حتى يظهرُ الرئيسُ بطلًا لما يزيحُ متجبرًا عَيَنه بنفسِه على كرسيه؛ من عُيِّنوا كانوا مجردَ أدواتٍ للتجميلِ، تجميلُ سيادةِ الرئيسِ.  وزارتٌ تَدخُلُ كلَ بيتٍ تولاها من حَوَلوا حياةَ المصريين لتوترٍ وقلقٍ ونقمةٍ وعكننةٍ، فكرهوا الوزراءَ والنظامَ كلَه والحاكِمَ الذي عَيَنَهم وثاروا عليه قبل أن يثوروا عليهم. رؤساءُ جامعاتٍ يُخانقون أنفسَهم، وعمداءُ كلياتٍ من الجُبِ نُصِبوا وكأن المحترمين من الكفاءاتِ اِختفوا، لقد اِختفوا فعلًا، لكن من القرفِ. إعلاميون وكتابٌ اِمتهنوا النفاقَ غَيَبوا عن الحاكمِ بأمرِه الحقيقةَ، لم يَنقِلوا له أن النظامَ الذي تُكرَه وجوهُه يَسقُطُ.  أسلوبُ تأديبِ المصريين ومعاندتِهم هو عنوانُ مرحلةٍ طالَت بلا منطقٍ، فثاروا كما يوجِبُ المنطقُ. 

أما في فترةٍ لم تطلْ لمرسي، فقد سادَ منطقُ القبيلةِ، قبيلتي أولًا وأخيرًا، وكأن الشعبَ غَيرُ موجودٍ، ومش فاهم؛ وجوهٌ شتامةٌ كارهةٌ صارِخةٌ زاعقةٌ، انفَتَحَ لها كلُ بابٍ، نَفَّرَت الناسَ من عيشتِها، حتى كان يومُ السادس من أكتوبر ٢٠١٢ القَشَةَ التي أسقَطَت نظامًا خًطَطَ للبقاءِ الأبدي.  في هذا اليوم إحتَلَ مِنصةَ الاِحتفالِ من أفسَدوا عُرسَه وقَتلوا ودَمروا، هكذا عيني عينك، وكأن مصر بلا عقلٍ ولا وعي ولا شعبٍ؛ المصري لا ينسى أبدًا، يتذكرُ ويُخرجُ المستخبي عند الضرورةِ. كلُ أهلِ القبيلةِ من وزراءٍ ومسؤولين لم يخطرْ الرحيلُ ببالِهم، فارتكبوا ما اقترَفَه صنائعُ حسني مبارك من تجَبُرٍ وتجاهُلٍ للمشاعرِ العامةِ، بنفسِ التعامي ونفس الاستغفالِ. 

الآن، الإعلامُ يَجترُ الوجوهَ القديمةَ من وزراءٍ وسياسيين، يُفرِدُ لهم الساعاتٍ، وكأنهم نَجَحَوا وأنجَزَوا؛ هل لجذبِ الإعلاناتِ؟ هل هي بالوناتُ اِختبارٍ لجَسِ نبضِ تجربةِ عودتِهم من تاني؟! هل هي وصايةٌ وكأنهم مستودعُ الحكمةِ والخبرةِ؟!  تَجمعاتٌ طفيليةٌ من وجوهٍ سابقةٍ كُرِهَت ورُفِضَت تسطو على المشهدِ بتجمعاتٍ فارغةٍ مثل جبهةِ حُماةِ الثورةِ، والدبلوماسية الشعبيةِ، وتجمعُ كذا وهيئة كذا، وكُلُه باسمِ الثورةِ وفي حبِ مصر!!

لمن يحكُمُ مصر، البطانةُ قبل الطريقِ، للنِفاقِ مُحترفوه،  وللوصولِ بأي طريقٍ ناسُه، طولُ بقاءِ أشخاصٍ ليس مبرِرًا لاستمرارِهم، هناك من طالَ بهم الأمدُ لعقودٍ، كلُ لجانِ المجلسِ الأعلى للجامعاتِ وشللياتِ الوزراءِ السابقين، كلُ لجانِ التربيةِ والتعليمِ، وغيرُها وغيرُها، يتغيرُ رأسُ الدولةِ مَرةً من بعد مَرةٍ وهم باقون، وزراءٌ سابقون يُخَطِطون للتعليم العالي لعام ٢٠٢٠!!  ليه، وبأمارة إيه؟!! حاجة تِفقع.  

نظامٌ جديدٌ، لا بدَ أن يَكسِرَ الدوائرَ المُغلقةَ التي تُسيطرُ على القرارِ وتتداولُ فيما بينَها الكراسي، حتى يبقى كل من فيها في السلطةِ والمنفعةِ.  شعبُ مصر فقدَ قدرتَه على الصبرِ، أصبحَ مَلولًا غضوبًا من فرطِ ما تَحملَ وانتَظرَ، الرِهانُ على صبرِه وشدِ حزامِه يستحيلُ، لكنه فقط في كيف يُتَقى غَضَبُه،،

المصريون يَذرُفون الدمعَ في حبِ وطنِهم، لكن دموعَهم عزيزةٌ في مواجهةِ الظلمِ والتجَبُرِ والاستبدادِ،،

مُتَلَطِعٌ ونَطْعٌ

المتلطعُ هو الواقفُ على الأبوابِ والموائدِ دون دعوةٍ، يريدُ المنفعةَ وملءَ البطنِ  بأية وسيلةٍ، ولا يَهمُه أن يُهانَ بكلمةٍ أو نظرةٍ. أما النَطعُ فهو المُتَشَدِقُ في الكلامِ، بُقٌ كبيرٌ والسلام.  خَطَرَ المُتَلَطِعُ والمُتَنَطِعُ ببالي وأنا أشاهدُ الانتخاباتِ الرئاسيةَ، اليومُ يومُهم، والفرصةُ لهم، هكذا يرون، غصبًا عن الرأي فيهم، والاحتقارِ والقَرفِ، ذَكَروني بأنفسِهم في أزمنةٍ وأمكنةٍ ليست بالضرورةِ سياسيةٍ. المتلطِعون والأنطاعُ يظهرون في كلِ التجمعاتِ بالوجه الذي يناسبُها، شابًا أو حكيمًا، وكذلك باللسانِ، ثائرًا أو عاقِلًا، وأيضًا بالصوتِ، أحيانًا صارخًا وأخرى خفيضًا،  لكل ِ مقامٍ مقالُه ولكلِ زمانٍ شعاراتُه وحركاتُه وتمثيلياتُه ومسرحياتُه وأفلامُه وأشعارُه وأزجالُه. 

المتلطِعون والأنطاعُ يستشعرون الاتجاهَ العامَ وعليه يضبطون الإيريال، قرون استشعارُهم تتجه نحو الزحمةِ الرائجةِ، إذا تطَلَبَ الأمرَ أن يكونوا شبابًا، فهم الشبابُ كلُه، وإذا  كانت الضرورة تحتاج شعرًا أبيضًا فهم جاهزون وما أحلى وأسهل لو كانوا صُلعًا؛ يهاجمون ويدافعون، يثورون ويفورون حسب القَعدة والتَجَمُع، لا لونَ لهم، المهمُ منفعتُهم الخاصةُ، كرسي أحلامِهم هو هدَفُهم الوحيدُ من أي لمَةٍ وتحت أي شعارٍ ولافتةٍ. من انتهى زمانُهم ومن يريدون أن ينهبوا ما يظنونه زمانَهم وآوانَهم ودورَهم، هم أبطالُ فيلمٍ ردئٍ ما له من عنوانٍ إلا المتلطعُ والنطعُ. 

وزراءٌ، سياسيون، إعلاميون انتهى زمانُهم  وعمرُهم الافتراضي قَبوا من جديدٍ، مُرتَزقةٌ ومنافقون من كلِ لونٍ، من الجامعاتِ والإعلامِ ومن غيرِها، يَرونها فرصةً لتَصَنُعِ الشبابِ والثوريةِ، وكلُ رصيدُهم لا  يحتوي إلا النفاقَ والادعاءَ والكذبَ والتلون. من لزوم الشبابِ والروشنة التلَطُعُ على فيسبوك، المتنطعون إذن هم الشبابُ كلُه ومفيش مانع أبوه وأمه، كلامُهم الزائفُ وثوريتُهم المُزورةُ وحكمتُهم الخبيثةُ، تفضحُهم وكذلك سخافتُهم ولزوجةُ دمِهم بما يتجاوزَ المعتادَ. بالمناسبةِ كم تجمعٍ حملَ اسمَ حُماةِ الثورةِ ومجلسِ أمناءِ الثورةِ؟! ليه وبأي أمارةٍ، خناشيرًا كُنْتُمْ أو شبابًا؟!

المتلطِعون والأنطاعُ تجمعُهم صفةً لا بدَ منها، وهي تَصَورُ الألمعيةِ والذكاءِ وتغفيلِ الآخرين، قمةُ الغباء، مفهومين ومفقوسين، تاريخُهم وكلامُهم وحركاتُهم في كلِ ذاكرةٍ، لكنهم من غبائهم الشديد لا يفهمون أن الكلَ يعلمُ أنهم متلطعون أنطاعٌ.  

لكن، الأهمُ آلا ينالُ أي متلطعٍ ونَطْعٍ مرادَه،،



Twitter: @albahary      
      

الاثنين، 2 يونيو 2014

مهرجان كان 2014: خليفة جوناى يدرك أخيرآ السعفة الذهبية

الملصق الرسمي لكان ٦٧ بصورة مارشيللو ماستروياني من فيلم٨،٥ عام ١٩٦٣
ربما لم يلتفت أحد فى مسيرة عبقرى السينما العالمية التركى نورى بلجى سيلان إلى التناص الواضح فى عناوين أفلامه مع تحف خالدة حققها المعلم الكبير إنجمار برجمان في فيلمه "مناخات" (2006) الذى مثله مع زوجته إيبرو تشابه العنوان مع فيلم برجمان "طقوس" ثم جاء فيلمه "ثلاثة قرود"(2008) وفيلم برجمان "ثلاثة أنماط غريبة" وأخيرآ فيلمه "حدث ذات مرة فى الأناضول" (2011) الذى يصل لمرحلة التضاد مع فيلم برجمان "هذا ما لا يمكن حدوثه هنا".

لذا لم يكن مفاجئآ قول فنان السينما الأمريكية كوينتن تارانتينو لدى تسليمه السعفة الذهبية إلى سيلان  عن فيلمه "البيات الشتوى" الذى عاد فيه إلى التناص مرة أخرى مع تحفة برجمان "ضوء الشتاء"  أن سينما سيلان صعبة ومعقدة بما فيه الكفاية بالنسبة إليه كمخرج لكنها جديرة بالإهتمام والمتابعة    إذ أنها تجسد ما وصلت إليه مرحلة حديثة من الفكر السينمائى كما سبقته رئيسة لجنة التحكيم المخرجة جين كامبيون الحاصلة على السعفة الذهبية عام 1993 مناصفة مع فيلم شين كايجى "وداعآ محظيتى" بقولها إنه لو إمتد زمن الفيلم (ثلاثة ساعات وربع) ساعتين أخرتين لدرجت على متابعته بمنتهى الشغف وأبدت إعجابها الشديد بشخصية الشقيقة فى السيناريو الذى كتبته إيبرو زوجة جيلان والتى قامت بأدوار البطولة فى أشهر أعماله وأهمها "ثلاثة قرود".

نوري سيلان
هكذا وبعد تتويجه بالجائزة الكبرى مرتين أعوام 2002 و2011 عن فيلميه "مسافات" و"حدث ذات مرة فى الأناضول" وأفضل مخرج عام 2008 عن "ثلاثة قرود" يسترد سيلان  السعفة الذهبية للسينما التركية عام مئويتها بعد 31 عام من فوز مواطنه الأبرز يلمظ جوناى بالسعفة الذهبية عن فيلمه "يول" وكان لافتآ أن المخرج الذى حرر إنطباعات ممثليه بتلقائية على الشاشة راصدآ ملامح الإنهيار والتداعى فى أرواحهم بأعماله السابقة متأثرآ بأعمال برجمان النازعة للجدار الحاجب لما تعتريه النفس البشرية من ظلمات موغلة فى السيرورة أهدى فيلمه إلى شباب بلاده الذين فقدوا أرواحهم فى ساحة ميدان تقسيم إزاء القمع الدموى للسلطات.


أليس رورواشر
وسلمت أيقونة السينما الإيطالية صوفيا لورين الجائزة لكبرى إلى مواطنتها أليس رورواشر عن فيلمها "عجائب" والتى قامت ببطولته مونيكا بيلوتشىوإلتفتت لجنة التحكيم إلى مدى التغير الذى طرأ على أفكار أحد أقوى "المخربين" فى تاريخ السينما بعد رحيل لوى بونويل, جان لوك جودار بعد إتجاهه إلى تقنية البعد الثالث فى جديده "وداعآ للغةجائزة لجنة التحكيم الخاصة مع الكندى الشاب إكزافيه دولان عن فيلمه "مامى" والذى أحدث صدى واسعآ لدى عرضه فى الأيام الأخيرة للمهرجان.    

فيما ذهبت جائزة السيناريو إلى الفنان الروسي أندريه زفياجينتسيف عن فيلمه "ليفيافان" وسبق له الفوز بالجائزة الكبرى عام 2003 عن فيلمه "العودة" وكان قريبآ من السعفة الذهبية عام 2007 عن فيلمه "النفى/الإقصاء" ولا ينسى عشاق السينما عمله المتوهج "إلينا" عام 2011.

وفى أول مشاركة له بالمهرجان فى المسابقة الرسمية فاز المخرج الأمريكى بينيت ميللر بجائزة أفضل مخرج عن فيلمه "صائد الثعالب" والذى عاد فيه للتعاون مع كاتب السيناريو دان فاترمان والذى بلور تحفته السابقة "كابوت" عام 2005 التى قادت الراحل فيليب سيمور هوفمان للتتويج بالأوسكار, وإلى جانب إطلالة فانيسا ريدجريف الأسطورية يقود ميللر إنقلابآ كاملآ على بطله ستيف كاريل ويمنحه دورآ دراميآ حقيقيآ بعيد كل البعد عن أدواره الكوميدية السابقة.

جوليان مور
وسقطت جائزة أفضل ممثلة فى قبضة أحد أهم الممثلات الخالدات فى ترشيحات الأوسكار إلى جانب هولى هانتر, إيما تومسون وكيت بلانشيت حيث فازت جوليان مور, التى يحلو لها بين الفينة والأخرى أن تفاجئ نفسها قبل أن تفاجئ المخرجين الذين تعمل تحت إدارتهم, عن دورها فى فيلم ديفيد كرونينبرج "خرائط للنجوم" الذى تجسد فيه نجمة سينمائية تتابع مسيرتها وقد نضبت عنها الأضواء وكم كان كرونينرج محقآ حين ذكر إنه صعق من حجم الشجاعة التى تملكتها جوليان مور  حال تجسيدها للدور.

تيموثي سبول
مونيكا بيلوتشي
وسلمت فنانة السينما الإيطالية مونيكا بيلوتشى جائزة أفضل ممثل إلى البريطانى المسرحى تيموثى   سبول عن تجسيده لشخصية الرسام ويليام تيرنر فى فيلم مايك لى "مستر تيرنر" وقد تعجب سبول لدى تقبله الجائزة عن تلك القدرة الهائلة التى إنتابته لدى أدائه الدور رغم أنه مصاب باللوكيميا منذ سنوات قليلة وهو دائم الحضور فى سينما مايك لى ويعتبر ثانى ممثل يقوده مايك لى للجائزة بعد بريندا بليتين عام 1996 عن فيلمه الفائز بالسعفة الذهبية "أسرار وأكاذيب" من لجنة تحكيم بقيادة فرانسيس فورد كوبولا.

أخيرآ على الناقد الخبير ورئيس المهرجان الشهير الذي لم يتوان بعد إعلان النتائج عن التقليل من المستوى الفنى للفيلم الفائز بالسعفة الذهبية والتعجب من دمج إسم جودار مع المخرج الشاب دولان فى جائزة لجنة التحكيم الخاصة الإجابة على السؤالين التاليين:
أولآ، لماذا لم يتناول فى رسالته الصحفية شبه اليومية فيلم نوري سيلان "البيات الشتوى" خاصة أنه كان هناك متسع من الوقت حيث عرض الفيلم ثالث أيام المهرجان؟
ثانيآ، متى وأين قد ضبط سيادته أعضاء لجنة التحكيم متلبسين بتهمة وضع فارق العمر فى الإعتبار عند تقييم المستوى الإبداعى فى لغة السينما؟
                                                                                 
 بقلم  أيمن فتحى