الجمعة، 27 يونيو 2014

مُتَلَطِعٌ ونَطْعٌ

المتلطعُ هو الواقفُ على الأبوابِ والموائدِ دون دعوةٍ، يريدُ المنفعةَ وملءَ البطنِ  بأية وسيلةٍ، ولا يَهمُه أن يُهانَ بكلمةٍ أو نظرةٍ. أما النَطعُ فهو المُتَشَدِقُ في الكلامِ، بُقٌ كبيرٌ والسلام.  خَطَرَ المُتَلَطِعُ والمُتَنَطِعُ ببالي وأنا أشاهدُ الانتخاباتِ الرئاسيةَ، اليومُ يومُهم، والفرصةُ لهم، هكذا يرون، غصبًا عن الرأي فيهم، والاحتقارِ والقَرفِ، ذَكَروني بأنفسِهم في أزمنةٍ وأمكنةٍ ليست بالضرورةِ سياسيةٍ. المتلطِعون والأنطاعُ يظهرون في كلِ التجمعاتِ بالوجه الذي يناسبُها، شابًا أو حكيمًا، وكذلك باللسانِ، ثائرًا أو عاقِلًا، وأيضًا بالصوتِ، أحيانًا صارخًا وأخرى خفيضًا،  لكل ِ مقامٍ مقالُه ولكلِ زمانٍ شعاراتُه وحركاتُه وتمثيلياتُه ومسرحياتُه وأفلامُه وأشعارُه وأزجالُه. 

المتلطِعون والأنطاعُ يستشعرون الاتجاهَ العامَ وعليه يضبطون الإيريال، قرون استشعارُهم تتجه نحو الزحمةِ الرائجةِ، إذا تطَلَبَ الأمرَ أن يكونوا شبابًا، فهم الشبابُ كلُه، وإذا  كانت الضرورة تحتاج شعرًا أبيضًا فهم جاهزون وما أحلى وأسهل لو كانوا صُلعًا؛ يهاجمون ويدافعون، يثورون ويفورون حسب القَعدة والتَجَمُع، لا لونَ لهم، المهمُ منفعتُهم الخاصةُ، كرسي أحلامِهم هو هدَفُهم الوحيدُ من أي لمَةٍ وتحت أي شعارٍ ولافتةٍ. من انتهى زمانُهم ومن يريدون أن ينهبوا ما يظنونه زمانَهم وآوانَهم ودورَهم، هم أبطالُ فيلمٍ ردئٍ ما له من عنوانٍ إلا المتلطعُ والنطعُ. 

وزراءٌ، سياسيون، إعلاميون انتهى زمانُهم  وعمرُهم الافتراضي قَبوا من جديدٍ، مُرتَزقةٌ ومنافقون من كلِ لونٍ، من الجامعاتِ والإعلامِ ومن غيرِها، يَرونها فرصةً لتَصَنُعِ الشبابِ والثوريةِ، وكلُ رصيدُهم لا  يحتوي إلا النفاقَ والادعاءَ والكذبَ والتلون. من لزوم الشبابِ والروشنة التلَطُعُ على فيسبوك، المتنطعون إذن هم الشبابُ كلُه ومفيش مانع أبوه وأمه، كلامُهم الزائفُ وثوريتُهم المُزورةُ وحكمتُهم الخبيثةُ، تفضحُهم وكذلك سخافتُهم ولزوجةُ دمِهم بما يتجاوزَ المعتادَ. بالمناسبةِ كم تجمعٍ حملَ اسمَ حُماةِ الثورةِ ومجلسِ أمناءِ الثورةِ؟! ليه وبأي أمارةٍ، خناشيرًا كُنْتُمْ أو شبابًا؟!

المتلطِعون والأنطاعُ تجمعُهم صفةً لا بدَ منها، وهي تَصَورُ الألمعيةِ والذكاءِ وتغفيلِ الآخرين، قمةُ الغباء، مفهومين ومفقوسين، تاريخُهم وكلامُهم وحركاتُهم في كلِ ذاكرةٍ، لكنهم من غبائهم الشديد لا يفهمون أن الكلَ يعلمُ أنهم متلطعون أنطاعٌ.  

لكن، الأهمُ آلا ينالُ أي متلطعٍ ونَطْعٍ مرادَه،،



Twitter: @albahary      
      

ليست هناك تعليقات: