الخميس، 19 مارس 2020

هل تُحول كلياتُ الهندسةِ إلى صنايع؟؟

موضة هذه الأيام، إذا أريدَ إسكاتُ أي نقاشٍ مخالفٍ أن يكونَ الردُ التقليدي "زي بره"، أي علينا أن نفعلَ مثلَهم لأنهم النموذجُ والقدوةُ. طبعًا "زي بره" تتحولُ إلى نحن لنا خصوصيتُنا وما يجري في الخارجِ لا ينطبقُ علينا، عندما يُرادُ التملُص مما يجري بره!!

ع البحري


أقول ذلك بمناسبة ما يُدبرُ للتعليم الهندسي في مصر. تطويرُ التعليمِ علمٌمستقرٌلا يعرفُالتقلباتِ ولا الفجائياتِ. ‏ يرتبطُالتعليمُ ارتباطًا وثيقًا بالمجتمعِ، أخلاقياتُه وعاداتُه وأعرافُه؛المجتمعُ القائمُ على الأمانةِ والصراحةِيُجَرمُ تعليمُه الغشَ والكذبَ والإدعاءَ وسرقةَ مجهودِ الآخرين. ‏‏نظامُ التعليم في أوروبا واليابان والصين وكوريا والهند يختلفُ عن نظام التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا،وهناك تصميمٌ على هذا الاختلاف لأنه بيئةُ وثقافةُ مجتمعاتٍ تتمسكُ بشخصياتِها.  ‏لايمكنُ لنظامِ تعليمٍ أن يغيرَ عاداتِ المجتمع وموروثاتِه، ولا يُمْكِنُ أن يتجاوزَ الإمكاناتِ التي توفرُها البيئةُ التعليميةُ من معاملٍ وقاعاتِ درسٍ ومكتباتٍ وشبكاتِ الإنترنت. ‏
‏ 
الان يُراد تقليلُ سنواتِ الدراسةِ  بكلياتِ الهندسةِ لتقتصرُ على أربعِ سنواتٍ، زي ألمانيا. عباقرةُ الهندسةِ الذين وضعوا قواعدَ دراستِها كانوا على غلط لعقود!! الدراساتُ الهندسيةُ في كليات الهندسةِ تختلفُ عنها في المعاهدِ العليا الصناعيةِ بشمولِها الشقين النظري والتطبيقي، فيكون الخريجُ قادرًا علي الدخولِ في التطبيقاتِ بخلفيةٍ نظريةٍ تمكنُه من التصميمِ لا مجردَ الإصلاحِ، وهو الفارقُ الكبيرُ بين المهندسِ والفني. خريجٌ بلا تخصصٍ اقربُ إلي الفهلوي. أهي محاولةٌ للتنصلِ من توفير معاملٍ حقيقيةٍ بكلياتِ الهندسةِ؟أهو لتقليصِ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ؟ أهو لتخفيفِ العبءِ عن نظامٍ بالساعاتِ المعتمدةِ طُبِقَ دون أن يكونَ ملائمًا للأعدادِ الكبيرةِ؟ أهوإخضاعُ كلياتِ الهندسةِ العريقةِ لإنشاءاتٍ تُقامُ بمسمياتٍ أكاديميةٍ؟أهو لتحليلِ استمراريةِ لجانٍ؟ وهل نظام التعليمِ قبل الجامعي في مصر فيه من النظام الألماني؟  هل ظروفُ العملِ في ألمانيا موجودةٌ في مصر؟ 

"زي بره" إلغاء سنة من كليات الهندسة، واستنساخُ نظمِ دراسةٍ بالساعاتِ المعتمدةِ لا تتفقُ والأعدادِ الكبيرةِ وقلةِ الإمكاناتِ الماديةِ والبشريةِ. ‏"زي بره" ما يُرددُ عن إلغاء الكنترولات وترك النتيجةَ تمامًا للمصححين. "زي بره" ورقة امتحان بنظام الاختيارات المتعددة لا يسمحُ بمعرفةِ مقدرةِ الطالبِ على الكتابةِ العلميةِ. "زي برة" زيادةُ درجاتِ أعمالِ السنةِ علي حسابِ درجاتِ الامتحانِ النهائى كي يكونُ النجاحُ بأقلِ مجهودٍ بلا اختبارٍ حقيقي. هل لو كلُّه "زي بره" ستُخدعُ الدولُ وتظنُ أن التعليمَ المصري تقدمَ؟! لا مؤاخذة لو لبسَ القردُ بدلة اسموكنج سيظلُ قردًا. ‏

هناك وجوهٌ مستديمةٌ في لجانٍ بالمجلسِ الأعلى للجامعات، أهو "زي بره"؟! هل يُتركُ تشكيلُ اللجانِ لإرادةِ القائمين عليها، يضمون ويستبعدون؟  ‏هل من نرجسيةٍ في اتخاذِ القراراتِ المصيريةِ؟ ما هي الخطوطُ الفاصلةُ بين الصالحِ العامِ وبعضِ الطموحاتِ؟



مع الاحترامِ للجميعِ، "زي بره" في التعليم بكلِ مستوياتِه كارثيةٌ

يا خسارتك يا هندسة، حسرةٌ علماءِ الهندسةِ الغيورين على مهنتِهم، الذين يُبدعون ويُستبعدون ولا يُسمَعُ لهم رأي،،

اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،


Twitter: @albahary

الخميس، 12 مارس 2020

جامعات جامعات جامعات...


جامعاتٌ دوليةٌ تُفتَتَحُ، لرفعِ مستوى التعليمِ العالي، وحتى لا يتغربُ  الطلابُ للدراسةِ، هذا ما يُعلنُ. بدايةً، فإن كلَ ما يرتقي بالتعليمِ والعلمِ مطلوبٌ. إلا أن هذه الجامعاتِ قد أُقيمَت بمعرفةِ رجالِ أعمالٍ، أي بلغةِ المكسبِ والخسارةِ. لم يثبثْ في ثقافةِ رجالِ الأعمالِ عندنا، أن النشاطَ الاجتماعي المُجردَ يدخلُ في حساباتِهم، على النقيضِ تمامًا من رجالِ الأعمالِ في الخارجِ. هذه الجامعاتُ إذن مشروعاتٌ استثماريةٌ تقومُ على شراءِ أراضٍ مقابلِ إنشائها؛ قد تكونُ من بابِ الوجاهةٍ بعد أن ولى زمنُ إنشاءِ المدارسِ الدوليةِ

عندنا، التعليمُ والمالُ لغتان مختلفتان، التعليمُ مقابل المالِ مؤداه أن ينجحَ الطالبُ بفلوسِه، وأن يتصورَ أن المشروعَ الذي التحقَ به رهنُ ما دَفعَ. مشروعاتٌ تتقاضى من أسرةِ الطالبِ ما لايقلُ عن مائتي ألف جنيه سنويًا أو ما يُقابلُها بالدولار أو الاسترليني، ليست لعمومِ المصريين ولا الميسورين منهم. هذا التعليمُ يكرسُ ثقافةَ التَميُّز الاجتماعي وأن المالَ مفتاحُ كلِ شئ، ثقافةٌ شديدةُ الخطورةِ

جامعاتُ الحكومةِ لما اِحتاجَت المالَ لجأت للتعليمِ المدفوعُ ثمنِه، وتغاضَت كثيرًا عن أخلاقياتِ التعليمِ الحقيقي وجديتِه وسلوكياتِه، كُلُه في مقابلِ ستين ألف جنيه سنويًا. كيف سيكون التنازلُ عندما يصلُ المقابلُ لمائتي ألف جنيه فما فوق؟! إعلاناتُ ترغيبِ الأسرِ المقتدرةِ في الجامعاتِ الخاصةِ الحاليةِ لا تعدو كونَها صورًا لطلابٍ يرقصون ويغنون!! تعليمٌ في حرمٍ جامعي أم في نادٍ؟! كيف ستكون إذن وسائلُ الترغيبِ في جامعاتِ الميجا مصاريفِ؟!

لم يثبتْ أن هذه المشروعاتِ تنتسبُ حقًا لجامعاتٍ كبرى، فهل ستكونُ فعلًا إضافةً للسلوكياتِ الاجتماعيةِ وللكفاءةِ في التعلمِ والعلمِ؟ هل ستكونُ جامعاتٍ سياحيةٍ؟ وهل ما يترددُ عن تقليلِ سنواتِ الدراسةِ بكلياتِ الهندسةِ الحكوميةِ هو لمسايرةِ منشأتٍ تظهرُ بمسمياتٍ أكاديميةٍ عدةٍ؟

اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،


Twitter: @albahary

السبت، 29 فبراير 2020

تعليق على الدورة ٩٢ للأوسكار


الدورة 92 للأوسكار جاءت مبكرة عن المعتاد (9 فبراير 2020) وحاملة مفاجأة مدوية كتبت تاريخآ جديدآ لهذه الإحتفالية المرموقة التى جرت أحداثها هذا العام فى ليلة ممطرة على مسرح دولبى بلوس أنجلوس, وفيما يلى أهم ما يتعلق بها من ملاحظات:




1) لأول مرة فى تاريخ الأوسكار يفوز فيلم غير ناطق بالإنجليزية Parasite  بأوسكار أحسن فيلم إلى جانب أنه أول فيلم كورى جنوبى يفوز بالأوسكار وأول فيلم فى تاريخ الأوسكار يجمع بين جائزتىأحسن فيلم وأحسن فيلم عالمى (التسمية الجديدة لفيلم غير ناطق بالإنجليزية). الفيلم يستحق جائزة أحسن فيلم (كما كان يستحقه فيلم Romaالعام الماضى) ويبدو أن التحديث الذى تم فى أعضاء أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية الأمريكية وإشراك عدد أكبر من النساء, الملونين والأجانب (الممثلة / يسرا أصبحت عضوة) أثمر وأدى إلى تقييم أفضل للأفلام.


2) تابع الحفل الذى جاء بدون مضيف رئيسى للعام الثانى على التوالى 23.6 مليون مشاهد وهو أقل عدد فى تاريخ الأوسكار إلا أن عدد مشاهدى حفلات الجوائز عامة فى الهبوط.

3) أصبح المخرج الكورى الجنوبى بونج يون هو ثانى مخرج على التوالى لفيلم غير ناطق بالإنجليزية يحرز أوسكار أحسن مخرج بعد ألفونسو كوارون مخرج فيلم Romaالعام الماضى.

4) تسعة من آخر عشرة مخرجين أحرزوا أوسكار أحسن مخرج غير أمريكيين والأمريكى الوحيد كان داميان شازيل (وهو ليس امريكيآ 100%) عام 2017 عن فيلمه La La Land

5) كانت جوائز هذه الدورة محسومة مسبقآ لعدد كبير من المرشحين مثل جوائز التمثيل, التصوير, المونتاج, الملابس, الماكياج, الموسيقى التصويرية, الأغنية, المؤثرات البصرية, التحريك والسيناريو المقتبس ولم تحدث أية مفاجآت بخصوصها.

6) مدير التصوير الإنجليزى روجر ديكنز أحرز ثانى أوسكار له خلال ثلاث دورات بعد تاريخ طويل من الترشيحات. 

جواكين فينيكس
إسكارليت جوهانسون
7) الممثلة الأمريكية إسكارليت جوهانسون هى الممثلة الثانية عشرة التى تنال ترشيح مزدوج فى نفس الدورة وأفضل هدية عيد ميلاد كان من نصيب الممثلة لورا ديرن التى نالت أول أوسكار فى حياتها قبل عيد ميلادها بيوم وأول أوسكار لبراد بيت كممثل بعد أن ناله من قبل كمنتج وأصبح جواكين فينيكس ثانى ممثل, بعد الراحل هيث ليدجر عام 2008, يحرز أول أوسكار فى حياته لأداء دور الجوكر.


لورا ديرن

8) ظهرت بعض الأصوات تتهم الأكاديمية مرة أخرى بالعنصرية ضد المرأة فى إختياراتها للمخرجين أو ضد الملونات فى إختياراتها للممثلات ولكن الحق يقال لا شبهة فى إختيارات هذه الدورة.

9) شركة نتفليكس أحرزت أوسكارآ وحيدآ فقط من بين الترشيحات العديدة التى نالتها أفلامها الثلاثة         The Irishman” “The Two Popes” “Marriage Story.  

10) لأول مرة فى تاريخ الأوسكار يقدم ممثل يعانى من متلازمة الداون إحدى الجوائز.

11) مغنى الراب الأمريكى إمينيم قدم فقرة مفاجأة فى الحفل وأدى أغنيته Lose Yourselfالتى حازت على الأوسكار من 17 سنة وكان قد غاب عن الحفل فى حينها إعتقادآ منه أنه لن يفوز وإستقبله جمهور هذه الدورة إستقبالآ حارآ.

12) الأيسلندية هيلدور جوانادوتير أول إمرأة تحرز أوسكار أحسن موسيقى تصويرية (Joker)منذ عام 1998.

أخيرآ وليس آخرآ شكرآ لقراء الموقع ومعذرة لعدم نشر ترشيحاتى لهذا العام بسبب ضيق الوقت والتوقيت المبكر للأوسكار وشكر خاص لصديقى وزميلى الدكتور/حسام لجهده الوافر وتشجيعه الدائم وكل عام وأنتم بخير.  

مهندس/ دانيال تانيليان - سكندري عاشق للسينما ومحب للفنون

الاثنين، 28 أكتوبر 2019

عقودٌ مؤقتةٌ للمتفوقين في الجامعاتِ ...

أثارَ قرارُ المجلسِ الأعلى للجامعاتِ بعدمِ تعيين معيدين والاكتفاءِ بالتعاقدِ معهم مؤقتًا، لحين حصولِهم على درجةِ الماجستير ثم الدكتوراه بعدَها، استياءً كبيرًا. القرارُ يخالفُ نصوصَ قانونِ تنظيمِ الجامعاتِ، وينبئ بتجاهلٍ للقوانينِ بمبرراتٍ تُفتَعلُ.

قانونُ الجامعاتِ واضحٌ في التحويلِ لوظيفةٍ إداريةٍ  لمن يفشلُ في الحصولِ على الدرجةِ العلميةِ في مدةٍ محددةٍ، لماذا لا يِطبقُِ، وقد طُبِقَ فعلًا في حالاتٍ عدةٍ؟ هل لعدمِ وجودِ ميزانياتٍ؟ هل الأمرُ إذن في سياساتٍ يفرضُها البنك الدولي؟ هل ستمتدُ هذه القراراتُ في فتراتٍ لاحقةٍ للتخلصِ من كبارِ الأساتذةِ، ثم تُعممُ العقودُ في علاقاتِ أعضاءِ هيئةِ التدزيسِ بالجامعاتِ؟

هناك من يقولون أن نظامَ العقودِ المؤقتةِ مطبقٌ في الخارجِ. لماذا ننتقي جزيئًا مما في الخارجِ ونُنكرُ معظمَ ما فيه؟! هل يوجدُ مجلسٌ أعلى للجامعاتِ في الخارجِ؟ ثم كيف ومن يعينون لرئاسةِ الجامعاتِ وغيرِها في الخارجِ؟ في الخارجِ الكثيرُ والكثيرُ، لمن يريدُ أن يتعلمَ ويعلمَ

المشكلاتُ  تتعاظمُ مع التشككِ في أيةِ قراراتٍ وفي دوافعِها وفي مُصدريها؛ الثقةُ هشةً في من تُسنَدُ إليهم مسؤوليةٌ وفي مدى حريتِهم في اتخاذ القرارتِ. لماذا انهارَت الثقةُ في كثيرٍ من المسؤولين؟ بوضوحٍ، انتهاجُ الصوتِ العالي للفتِ الأنظارِ والقفزُ على انجازاتِ الآخرين، الدعايةُ الشخصيةُ على مواقعِ التواصلِ بادعاءِ المواقفِ والألمعية، انتقاءُ البطاناتِ من أهلِ نعم ونعمين؛ ممارساتٌ من الممكنِ أن تكون للكراسي مهدَت

الغضبُِ سادَ الوسطَ الجامعي لعدمِ الإحساسِ بعدالةِ المقصدِ من وراءِ التعاقدِ مع المتفوقين بدلًا من تعيينِهم. أعضاءُ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِِ وخاصةً المتفرغين منهم يشعرون بالغبنِ الشديدِ لتجاهلِ سوءِ أحوالِهم الماليةِ

أي متفوقٍ سيرضى بعقدٍ مؤقتٍ يرهنُ مستقبلَه بسرابٍ، خاصةً في التخصصاتِ العلميةِ المتطورةِ؟! ثم ألن تؤدي هذه العقودِ إلى الإقبالِ على مشرفي تكبير المخِ والرسائلِ المتواضعةِ، طبعًا مع إدعاءِ الإنجازِ العلمي الكاسحِ؟!

عقودٌ مؤقتةٌ للمتفوقين، تخلصٌ من الأساتذةِ الكبارِ  (إن حدث)، عقودُ عملٍ للأساتذةِ العاملين (إن حدث)، هي الوصفةُ الأكيدةُ للتخلصِ من الجامعاتِ. ألا يفكرُ متخذو قراراتٍ كتلك في صورة الدولة داخليًا وخارجيًا؟


اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،


Twitter: @albahary