الأحد، 26 يوليو 2020

‏الحكومي أم الخاص؟


الثانويةُ العامةُ موسمُ القلقِ، التوترِ، الحساباتِ، الأملِ، الرجاءِ؛ الأملُ في مجموعٍ يؤهلُ للجامعةِ المَرجوةِ. المقارنةُ بين الجامعاتِ الحكوميةِ والخاصةِ عنوانٌ رئيسيٌ؛ أحيانًا تكونُ الجامعاتُ الخاصةُ هي الاختيارُ للإحساسِ بالتميزِ الاجتماعي، وأحيانًا تكونُ بحكمِ المجموعِ.  ‏سيتضحُ مدى تأثيرِ انخفاضِ الدخلِ بفعلِ محنةِ كورونا على الالتحاقِ بالجامعاتِ الخاصةِ

الجامعاتُ الخاصةُ في تنافسٍ شأنُها شانُ أي مشروعٍ خاصٍ،فهي تستقطبُمن جامعاتِ الحكومةِ أفضلَ أعضاءِ هيئةِ التدريسِاللذين يشغلون بكفاءةٍ ما يُسندُ إليهم من مناصبٍ إداريةٍ ومن أعباءٍ تدريسيهٍكما أنها تُوفرُ بيئةً تعليميةً مناسبةً من مكتباتٍ وقاعاتِ درسٍ ومعاملٍ وطبعًا كافتريات. المأخذُ الأكبر ُعلى التعليمِ الخاصِ هو الرضوخُ للطالبِ على حسابِ العمليةِ التربويةِ والتعليميةِ،لابدَ أن يكونَ مزاجُه عال العال، الزبونُ دائمًا على حقِ. ‏النجاحُ في أحيانٍ كثيرةٍ يكونُ يسيرًا لأن نسبةَ أعمالِ السنةِ تكونُ في حدودِ ٥٠٪؜ أو ٦٠٪؜ ما يُبقي للاِمتحانِ النهائي ٥٠٪؜ أو ٤٠٪، بسيطة؜. 

الجامعاتُ الحكوميةُ لما اِحتاجَت الفلوسَ أنشأت أيضا التعليمَ الخاصَ، بنظامِ نجاحٍ أسهلِ من نظيرِه المجاني. وبدلاً من أن يُحاكي التعليمُ الخاصُ بها نظيرَه الحكومي لجأت بعضُ الإداراتِ إلى تحويلِ نظامِ التعليمِ الحكومي لنظيرِه الخاصِ!!  مع الاسفِ لم تستطيعْ جامعاتُ الحكومةُ تقديرَ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ وحافَظت على تواضعِ رواتبِهم.  ‏‏بينما تزدادُ معاناةُ الأساتذةِ المُتفرغين بها لثباتِ ما يتقاضونه شهريًاوكان الأسعارَ لا تزيدُ يوميًا، ولرغبةِ بعض الجامعاتِ في التعنتِ في إعاراتِهم. ‏هناك من يتصورون في الجامعاتِ الحكوميةِ، على كافةِ مستوياتِها، أن الاستاذَ المتفرغَ يتقاضى حسنةً لا أكثرَ،رغم ما يتحملُه كثيرون منهم من أعباءٍ تدريسيةٍ. في إداراتِ الجامعاتِ الحكوميةِ من يعتبرون الكراسي الأعلى تطورًا طبيعيًا للوظيفةِ الجامعيةِ، وهو ما يُغلِبُ المنظرةَ المُبالِغةَ على أدائهم

المشكلةُ الأكبرُ في التعليمِ الحكومي والتعليمِ الخاصِ هو إتجاهُ البعضِ "لتقليدِ بره" بحجةِ التطويرِ،  متغافلين أن التعليمَ نظامٌ اجتماعيٌ لا يمكنُ فيه فَصلُ التعليمِ الجامعي عن التعليمِ الثانوي وما قبلِه. مع الأسفِ تطغى في أحيانٍ كثيرةٍ الطموحاتُ الشخصيةُوتَرفعُ شعاراتٍ لا تتلاءمُ مع نُظُمِنا الاجتماعيةِ والتعليميةِ؛تطويرُ التعليمِ لا يكونُ "زي بره" ولا بالتربيطاتِ. ‏اللهم اِحمْ التعليمَ الهندسي من المتشعبطين في "زي بره". 



الجامعاتُ الخاصةُبحكمِ إمكاناتِها ورغبتِها في إرضاءِ الطلابِ تُقدمُ مناخًا أكثرَ فرفشةٍ وملائمةٍ للراغبين في التعليمِ السياحي، إذا كانوا يَقدرون عليه







اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،


Twitter: @albahary

الخميس، 19 مارس 2020

هل تُحول كلياتُ الهندسةِ إلى صنايع؟؟

موضة هذه الأيام، إذا أريدَ إسكاتُ أي نقاشٍ مخالفٍ أن يكونَ الردُ التقليدي "زي بره"، أي علينا أن نفعلَ مثلَهم لأنهم النموذجُ والقدوةُ. طبعًا "زي بره" تتحولُ إلى نحن لنا خصوصيتُنا وما يجري في الخارجِ لا ينطبقُ علينا، عندما يُرادُ التملُص مما يجري بره!!

ع البحري


أقول ذلك بمناسبة ما يُدبرُ للتعليم الهندسي في مصر. تطويرُ التعليمِ علمٌمستقرٌلا يعرفُالتقلباتِ ولا الفجائياتِ. ‏ يرتبطُالتعليمُ ارتباطًا وثيقًا بالمجتمعِ، أخلاقياتُه وعاداتُه وأعرافُه؛المجتمعُ القائمُ على الأمانةِ والصراحةِيُجَرمُ تعليمُه الغشَ والكذبَ والإدعاءَ وسرقةَ مجهودِ الآخرين. ‏‏نظامُ التعليم في أوروبا واليابان والصين وكوريا والهند يختلفُ عن نظام التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا،وهناك تصميمٌ على هذا الاختلاف لأنه بيئةُ وثقافةُ مجتمعاتٍ تتمسكُ بشخصياتِها.  ‏لايمكنُ لنظامِ تعليمٍ أن يغيرَ عاداتِ المجتمع وموروثاتِه، ولا يُمْكِنُ أن يتجاوزَ الإمكاناتِ التي توفرُها البيئةُ التعليميةُ من معاملٍ وقاعاتِ درسٍ ومكتباتٍ وشبكاتِ الإنترنت. ‏
‏ 
الان يُراد تقليلُ سنواتِ الدراسةِ  بكلياتِ الهندسةِ لتقتصرُ على أربعِ سنواتٍ، زي ألمانيا. عباقرةُ الهندسةِ الذين وضعوا قواعدَ دراستِها كانوا على غلط لعقود!! الدراساتُ الهندسيةُ في كليات الهندسةِ تختلفُ عنها في المعاهدِ العليا الصناعيةِ بشمولِها الشقين النظري والتطبيقي، فيكون الخريجُ قادرًا علي الدخولِ في التطبيقاتِ بخلفيةٍ نظريةٍ تمكنُه من التصميمِ لا مجردَ الإصلاحِ، وهو الفارقُ الكبيرُ بين المهندسِ والفني. خريجٌ بلا تخصصٍ اقربُ إلي الفهلوي. أهي محاولةٌ للتنصلِ من توفير معاملٍ حقيقيةٍ بكلياتِ الهندسةِ؟أهو لتقليصِ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ؟ أهو لتخفيفِ العبءِ عن نظامٍ بالساعاتِ المعتمدةِ طُبِقَ دون أن يكونَ ملائمًا للأعدادِ الكبيرةِ؟ أهوإخضاعُ كلياتِ الهندسةِ العريقةِ لإنشاءاتٍ تُقامُ بمسمياتٍ أكاديميةٍ؟أهو لتحليلِ استمراريةِ لجانٍ؟ وهل نظام التعليمِ قبل الجامعي في مصر فيه من النظام الألماني؟  هل ظروفُ العملِ في ألمانيا موجودةٌ في مصر؟ 

"زي بره" إلغاء سنة من كليات الهندسة، واستنساخُ نظمِ دراسةٍ بالساعاتِ المعتمدةِ لا تتفقُ والأعدادِ الكبيرةِ وقلةِ الإمكاناتِ الماديةِ والبشريةِ. ‏"زي بره" ما يُرددُ عن إلغاء الكنترولات وترك النتيجةَ تمامًا للمصححين. "زي بره" ورقة امتحان بنظام الاختيارات المتعددة لا يسمحُ بمعرفةِ مقدرةِ الطالبِ على الكتابةِ العلميةِ. "زي برة" زيادةُ درجاتِ أعمالِ السنةِ علي حسابِ درجاتِ الامتحانِ النهائى كي يكونُ النجاحُ بأقلِ مجهودٍ بلا اختبارٍ حقيقي. هل لو كلُّه "زي بره" ستُخدعُ الدولُ وتظنُ أن التعليمَ المصري تقدمَ؟! لا مؤاخذة لو لبسَ القردُ بدلة اسموكنج سيظلُ قردًا. ‏

هناك وجوهٌ مستديمةٌ في لجانٍ بالمجلسِ الأعلى للجامعات، أهو "زي بره"؟! هل يُتركُ تشكيلُ اللجانِ لإرادةِ القائمين عليها، يضمون ويستبعدون؟  ‏هل من نرجسيةٍ في اتخاذِ القراراتِ المصيريةِ؟ ما هي الخطوطُ الفاصلةُ بين الصالحِ العامِ وبعضِ الطموحاتِ؟



مع الاحترامِ للجميعِ، "زي بره" في التعليم بكلِ مستوياتِه كارثيةٌ

يا خسارتك يا هندسة، حسرةٌ علماءِ الهندسةِ الغيورين على مهنتِهم، الذين يُبدعون ويُستبعدون ولا يُسمَعُ لهم رأي،،

اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،


Twitter: @albahary