الاثنين، 10 أكتوبر 2011

أقباطٌ مواطنون وليسوا أقليةً مهاجرةً …


اشتباكاتٌ دامية بين أقباطٍ حزانى على هدم كنيسةٍ لهم في أسوان، انتهَت بليلٍ دامٍ بعشراتِ القتلي من الجيشِ والأقباطِ. من بدأ؟ غير معلوم. من أطلق النار أولاً؟ غير معلوم. من أطلق النار أصلاً؟ غير معلوم. مصيبة أن تنامَ مصر علي ضحايا أبرياءٍ من أبناءٍ لها تقاتلوا، أو قتلوا سوياً. من أشعلَ هذه النارَ ليس من فلولِ الحزبِ الوطني أو النظامِ السابقِ كما يحلو للبعضِ أن يدعي تكبيراً للدماغِ وهرباً من عناءِ التفكيرِ والبحثِ الأمينِ.

من المؤكدِ أن اعتبارَِ الأقباطِ أقليةٌ سَهَلَ لضعافِ النفوسِ الاستقواءِ عليهم، من المؤكدِ أن ركوبَ ما بعدِ الخامسِ والعشرين من يناير بفعلِ تياراتٍ دينيةٍ أخافَ الأقباطَ ومسلمين كُثر على حدٍ سواءٍ. من المؤكدِ أن المناخَ العامَ في مصر أصبح بعد الخامس والعشرين من يناير باعثاً علي القلقِ والخوفِ من مستقبلٍ يجعلُ مصرَ نسخةً خليجيةً أو صوماليةً أو أفغانيةً أو سودانيةً. من المؤكدِ أن الفكرَ الشعبي ينظرُ للأقباطِ من أعلى، وأن هناك من كرَسَ فيه أن بناءَ الكنائسِ عملٌ آثمٌ، وهو ما يتجلى بمنتهى الوضوح في المناطق الريفيةِ والفقيرةِ التي يتصدى ساكنوها من تلقاءِ أنفسِهم لبناءِ الكنائسِ. من المؤكدِ أن المجتمعَ يعيشُ حالةً من التعصبِ الكريه تبدو جليةٍَ في مباريات كرة القدمِ الترفيهيةِ التي تتحولُ إلى معاركٍ ضاريةٍمن المؤكدِ أن إنشاءَ المساجدِ في أى مكانٍ ولو ضاقَ، وأن احتلالَ الشوارعِ أوقاتِ الصلاةِ، وأن رفعَ ميكروفوناتِها في كلِ الأوقاتِ يثيرُ توتراً اجتماعياً بين الأقباطِ والمسلمين على حدٍ سواءٍ. من المؤكدِ أن عدم تطبيقِ القانونِ مع من يعتدي علي الرموزِ الدينيةِ القبطيةِ ودورِ العبادة والممتلكاتِ المسيحيةِ رَسَخَ في مفهومِهم وفي أدمغةِ الجناةِ أن القبطي مُستباحٌ. من المؤكدِ أن التعاملَ مع القبطي لم يتعدْ اعتبارَِه جزءً من الديكور سواء ببعض الوظائف العليا أو في كنيسةٍ تبنى هنا أو هناك. من المؤكدِ أن التضييقِ علي الأقباطِ في بناءِ الكنائسِ أثارَ غضبَهم المتراكمَ عبر قرونٍ اِعتُبِروا فيها مواطنين درجة ثانية.

التعاملُ مع الأقباطِ إذن لم يكنْ في أي وقتٍ باعتبارِهم مواطنين مصريين لهم نفس ُ الحقوقِ وعليهم نفسِ الواجباتِ، لدرجةِ أن حزب الأخوان المسلمين طالبَ بمقاطعةِ شركة موبينيل المملوكة لقبطي تأديباً له على ما اعتبروه تعدياً علي الإسلامِ وكأنه نرويجي أو دانمركي، وكأن آلاف المسلمين العاملون بموبينيل بلا حقوقٍ في الحفاظِ علي شركتِهم وأكلِ عيشِهم. لهده الدرجةِ بلغَ الأمرُ بمن يريدون حكمَ مصر، فكيف يكون الأمرُ مع المواطنِ العادي قليلِ الحظِ في التعليمِ والثقافةِ؟ الدولةُ في تعاملِها مع أوجاعِ الأقباطِ نسيت القانونَ وتبَنَت شعاراتِ علي شاكلةِ بيتِ العيلةِ الذي لوَحَ به الأزهر، والجلساتِ العرفيةِ، وكلُها بالغةُ الدلالةِ علي أن القانونِ علي جنب فيما يتعلقُ بالأقباطِ، وأن مصر تُحكَمُ بالصوتِ العالي والعافيةِ ولي الذراعِ.

في الإعلامِ والمواقعِ الإلكترونيةِ هناك من يقارنُ بين الأقباطِ في مصر وبين المسلمين في أوروبا، ويمنُ عليهم بأن كفاية عليهم كده، وأن ما يحصلون عليه يفوقُ ما ينوبُ المسلمين في أوروبا، وأن كلَ تضييقٍ علي المسلمين في أوروبا لا بدَ وأن يقابلُه تضييقٌ علي الأقباطِ. منطقٌ مغلوطٌ مُعوجٌ يساوي بين أقباطٍ يعيشون أرضَ مصر منذ آلاف السنين وبين مسلمين هاجروا إلي أوروبا في أعقابِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ طلباً للرزقِ وأكلِ العيشِ؟ مع كلِ الأسفِ أن هذا الفهمَ غير القويمِ له مؤيدوه ومرددوه في أوساطِ المتشحين بشعاراتِ حكمِ مصر باسم الدين، ويتلازمُ معه وجوبُ دفعِ الجزيةِ وإجبارِ المسلماتِ والقبطياتِ علي حدٍ سواءٍ بما يرونه شرعي، مع الترويجِ علناً لكلِ ما يُرادُ فرضُه من قوانين وتشريعاتٍ لا بدَ أن تتسقَ مع الشريعةِ. الأهمُ أن منطقَ الإقناعِ ولغةَ هذا الزمنِ لا تُغيرُ ما بعقولٍ تتصورُ الصوابَ، وأنها لن تتراجعَ عن مخططِاتِها للاسيتلاء علي مصر، أياً كانت العواقبُ.

في خضمِ هذه الأزمةِ التي تهددُ وجودَ مصر، من الواضحِ أن أيادي الظلامِ لن تهدأ وستستمرُ في تخريبِ كل ما هو مصر، من الواضحِ أن السلطةَ في مصر قليلةُ الحيلةِ وأنها مفعولٌ به لا فاعلٌ، وأنها لم تشاركْ في صنعِ الأحداثِ لكنها أشعلتها بصمتِها عن تطبيقِ القانونِ علي الجميعِ، وأن أوجاعَ الأقباطِ لعبةُ مزايداتٍ لسرقة كرسي الحكمِ، ليس إلا، ولا يخرجُ منها ضَمُ قبطي لحزبِ ذي شعاراتٍ إسلاميةٍ. سلطةُ الحكمِ في مصر تُعاني، لا هي قادرةٌ علي تطبيقِ القانونِ، ولا هي قادرةٌ علي مواجهةِ الضغوطِ الخارجيةِ إن هي طبقَته بشدةٍ، ما وجدَت بحوزتِها إلا حيلةَ الضعيفِ، الطبطبةُ.

ما يحدثُ في مصر الآن بالغُ الخطورةِ علي وجودِها كدولةٍ، المجتمعُ الدولي يستحيلُ أن يقبلُ التجني علي حقوقِ الأقباطِ، ولن يُتسامحُ معه بالحقِ وبالباطلِ أيضاً. الأقباطُ شأنهم شأن كلِ ألوان العرقياتِ والمذاهبِ كالأكرادِ والأمازيغ والطوارقِ، ليسوا أقلياتٍ عدديةٍ إنما ركنٌ أساسيٌ في مجتمعاتِهم، وما تزالُ مذابحُ الأرمن في الدولةِ العثمانيةِ تطاردُ الدولةَ التركيةَ، مهما تجمَلَت أو تصورَت أن التاريخَ نَسى.

مصر ليست الدولةَ الصحراويةَ التي تُحكَمُ بفكرٍ أحادى، دينيٍ كان أو سياسى. يستحيلُ أن تُحكَمُ دولةٌ في هذا الزمنِ دينياً إلا إذا كان المطلوبُ تمزيقَها واسقاطَها. حافظوا علي الأقباطِ تسلمُ مصر.

لا مجاملةَ ولا مواربةَ، لا بدَ من منتهى الصراحةِ والمواجهةِ، مش ناقصة،،


Twitter: @albahary

الخميس، 6 أكتوبر 2011

ثورةٌ أم غسيلُ ماضي؟!


الخامس والعشرون من يناير غيرَ مصر، من علي السطح دون أن يمتد إلي الأعماق، لم يطلْ ما يجبُ الوصولُ إليه. ما يشاهدُ الآن، في معظمِه، عروضٌ ماسخةٌ كريهةٌ من محاولاتِ التجملِ والتلون وكأن المجتمعِ المحيطَ بلا ذاكرةٍ ولا عقلٍ، وكأن الفوضي الحاليةَ والبلطجةَ ستاراً خافياً مُلهياً عن خطايا ماضي مُتخمٌ بكلِ ما لا يُذكرُ بخيرٍ لأفرادٍ وجماعاتٍ وتجمعاتٍ، لا يشعرون، أو يَحِسون لكنهم يتصورون أن ماضيهم ذهب مع الريحِ.

الفضائياتُ والإعلامُ بكلِ مسمياتِه، من أوائلِ من تصدروا صفوفَ كذبٍِ يستحيلُ أن يُجَملَ، وجوهٌ وأقلامٌ تغيرِت من الضدِ للضدِ، من اليمين لليسار ومن اليسار لليمين، تصنعُ ما تشاءُ دون أن تستحي، تتبارى في ذمِ وسبِ نظامٍ طالما صفَقَت له ومنه ارتزقَت، ما أكثرَ من امتهنوا احترافَ البطولاتِ، وصالوا وجالوا في الصحفِ والفضائياتِ، وكنزوا ولا يزالون يقبضون الثمنَ، وكأنهم علي خشبةِ مسرحٍ تتعددُ عروضُه وما تتغيرُ أدوارُهم. كلُ من كانَ وكانت علي خصومةٍ مع نظامٍ هوى، جعلَ من قلمٍ بحوزتِه أو شاشةٍ تُظهره، سلاحاً لتصفيةِ حساباتِه الشخصيةِ التي لا صالحَ فيها للأغلبيةِ المطحونةِ من أحوالٍ شديدةِ التردي والخطورةِ. فضائياتٌ لا همَ لها سوى الربحِ ولو علي أشلاءٍ مبعثرةٍ، وصحفٌٍ طالما سُميت قوميةً، لم تعدْ تتسعُ إلا لأقلامٍ ومواضيعٍ بعينِها تُظهرُها وكأنها ثوريةٌ بالقوي، وكأن ماضيها غفلَت عنه التكنولوجيا الحديثةُ وعلي قمتِها الإنترنت.

أشخاصٌ وجدوا فيما بعد الخامسِ والعشرين من يناير فرصةً لا تُفَوتُ للحصولِ علي مغنمٍ يغيرُ شظفَ حالِهم أو طريقاً لسبوبةٍ جديدةٍ مغنمُها أكبرُ، طبعاً ما يثيرونه من صخبٍ وضجةٍ ومطالبٍ بلا آخرٍ وما يرفعونه من شعاراتٍ مُلونةٍ سيغطي علي ماضيهم، هكذا يتخيلون. من امتهنوا الدروسَ الخصوصيةَ تصدروا الصفوفَ، معهم من ملأت السرقاتُ العلميةُ ملفاتِهم ومن كان الفشلُ الوظيفي والاجتماعي قرينُهم، من جاءَوا من الجبِ ظَهَرَوا فجأةً واعظين مُصلحين، من تبنتهم الفضائياتُ الخارجيةُ استمرأوا لقبَ ثوري، كلُهم صدقوا أنفسَهم. من ترشحوا لرئاسةِ الجمهوريةِ عاشوا أدوارَهم وكأنهم زعماءٌ بصحيح، حتي لو كانت امكاناتُهم ومنطقُهم تحت المستوي، ولو كان ماضيهم منهم ينفرُ.

جماعاتٌ بلافتاتٍ مذهبيةٍ تسترَت، مارسَت العنفَ كلَه وغسيلَ الأموالِ، لا تؤمنُ بحريةٍ وديمقراطيةٍ وحقوقِ إنسانٍ، لا تعترفُ بالاختلافِ في الدينِ أوالجنسِ أو الفكرِ، تحتكرُ لنفسِها وحدِها الصوابَ غير منقوصٍ؛ مع كلِ ما في ماضيها من فظائعٍ احتلَت الصفوفَ الأولى، وكأنها صاحبةُ ثورةٍ ما لها من مالكٍ. تتصورُ أنها تشتري شعباً بشعاراتٍ وبزيتِ التموين وسُكرِه. منطقٌ لم يتغيرْ، اضحك علي الغوغاءِ بكلمةٍ ولقمةٍ، واسحبهم واجعلهم وقودَ نيرانٍ لا بدَ وأن تشتعلَ بفعلِهم وبردودِ أفعالٍ ما منها من مَفرٍ. التاريخُ لا يكذبُ، لكنهم يفبركونَه ويبدلونه ويحصرونَه فيهم وفي ما يصورونه انجازاتِهم.

شئٌ مضحكٌ، حتي أردوغان التركي وجَدَ في الدولِ العربيةِ لعبتَه، ينصحُها تارة، يهددُها تارةً أخري، يدلُها علي ما يراه سبيلَ صوابٍ، يتصرفُ بإشارات خضراءٍ من دولٍ عظمى وظفَته مرسالَها؛ في غمرةِ اندماجِه في دورِه يخرجُ عن النصِ، يُلَوِحُ بسيفٍ من ورقٍ في وجهِ اسرائيل، وكأنه سيعاقبُها بصحيح وبجد، وكأن من تركوه يدخلُ الدولَ العربيةَ منفوخاً سيفتحوا أمامه الطريقَ إلي اسرائيل، نسى في غفلتِه أن العين في عالم اليوم يستحيلُ أن تعلو الحاجبَ. انفتَحَت شهيتَه للكلامِ والمنظرةِ بعد طولِ صمتٍٍ وهدهدةٍ لأنظمةٍ هوَت بغيرِ فعلِه وتأثيرِه، غَيرَ جلدَه لأن العربَ ينسون، هكذا يَفهمُ تاريخَهم فهل يعونَ تاريخَ تركيا كلَها؟

تاريخُ مصر يكتبُ الآن، لمصلحةٍ أخرى، تاريخٌ جديدٌ يكتبُ بالهوى، بعين واحدة وجزءِ من عقلٍ، كالمعتادِ، يُبدلَ ويُغيرُ وُيمسحُ. كلُ من أصابَه العَطبُ في عيشتِه لسوءِ فعلِه ورداءةِ اختياراتِه، كلُ من يبحثُ عن سبوبةٍ يُفبركُ لشخصِه تاريخاً جديداً، يظهرُ فيه ثورياً مُنفعلاً مُعتصماً مُتظاهراً، وكأنه في محيطٍ بلا ذاكرةٍ، خيبةٌ ونكبةٌ والله، ما أتعسَ بلداً يكون هؤلاءُ من متصدري صفوفِه،،

نُشِرَت بجريدة الجمهورية يوم الجمعة ١١ نوفمبر ٢٠١١

Twitter: @albahary

الاثنين، 12 سبتمبر 2011

أساتذة الفيسبوك …


فيسبوك هو أكبر تجمع على الكرة الأرضية لا تحتويه مساحةٌ مكانيةٌ محددةٌ، فهو يمتدُ ليشمل كل القارات واللغات والمعتقدات والأجناس والأعمار، دون لقاءٍ حقيقى أو تيقنٍ من حقيقةِ المتصلِ، فهناك أكثر من 500 مليون مستخدم نشط لفيسبوك.

أما عن إيجابيات وسلبيات فيسبوك، فهناك من المستخدمين من يُغرمون بفيسبوك وينفقون ساعاتٍٍ فى استعراض بياناتِ وإضافاتِ الآخرين، في حين أن هناك من لا يتقبلونه على الرغم من أنهم يجيدون استخدامه.

ومن ايجابيات الفيسبوك يمكنُ أن نوردَ ما يلي:
  • البحثُ عن الأصدقاء القدامى وإعادةُ التواصلِ معهم.
  • الاتصالُ بالأصدقاءِ فى أى وقتٍ مهما كان التباعدُ الجسدي.
  • إبقاءُ الأسرةِ والأصدقاءِ على علمٍ دائمٍ بما يحدثُ ويجدُ.
  • الدعايةُ الشخصيةُ والتجاريةُِ والسياسيةُ والاجتماعيةُ والفكريةُ والعقائديةُ.
  • تكوينُ صداقاتٍ جديدةٍ ومتنوعةٍ من خلال الانضمامِ إلى مختلف المجموعات والتجمعاتِ.
  • التشاركُ مع الأصدقاءِ في الموسيقى المفضلة ومقاطع الفيديو والصورِ.
إلا أن هناك من السلبيات ما تَبعدُ الكثيرين عن الانضمام لفيسبوك:
  • إنهمارُ سيلٌ من طلبات الصداقةِ غيرِ المرغوبةِ من إناسٍ غير معروفين.
  • إتاحةُ البياناتِ الخاصةِ والصورِ على الملأ وتعرضُها لإساءةِ الاستخدامِ.
  • إقامةُ علاقاتِ صداقةٍ عن طريق الخطأ مع أشخاصٍ سيئى النوايا.
  • تلقي النشراتٍ الإخباريةٍ غير المرغوب فيها عن أنشطةِ الأصدقاءِ على فيسبوك.
  • تلقي رسائلِ إعلانيةٍ مُزعجةٍ على البريد الإلكتروني.
  • نشرُ مستنداتٍ وظيفيةٍ تحظرُ قوانينُ العملِ نشرِها والتفريطِ فيها.
  • تطلبُ تطبيقاتٌ عدة العديد من التفاصيل الشخصية التي يتَحَرجُ المستخدمُ عادةً من اِتاحتِِها.
  • إدمانُ فيسبوك وقضاءُ ساعاتٍ طويلةٍ معه، وجعلُه المتنفسِ الوحيدِ للتعبيرِ عن الذاتِ خاصةً للأشخاصِ الإنطوائيين، وهو ما يزدادُ فى البلدانِ العربيةِ التي يصعبُ فيها التواصلُ الحقيقى والحر مع الآخرين.
  • عَدمُ شفافيةِ التعاملُ مع فيسبوك، ذلك أنه يستحيلُ التيقنِ من هُويةِ الأصدقاءِ ومكانِهم، مما يجعلُ الانجرافَ في تجمعاتٍ وتحركاتٍ أمراً فيه من المغامرةِ الشئ الكثيرِ، فقد تكون النداءاتُ والدعواتُ من جهاتٍ معاديةٍ وأجهزةِ استخباراتٍ.

لكن لماذا الكلامُ الآن عن فسبوك؟ إحصائياً وُجِدَ أن ٤٧٪ من مستخدمي فيسبوك يقلُ عمرُهم عن خمسة وعشرين عاماً، وأن نسبةَ مستخدميه حتي ما دون الخمسةِ والثلاثين عاماً تبلغ ٧٤٪. وهي أرقام شديدة الدلالة علي أن مستخدمي فيسبوك في معظمهم من الشباب صغير السن الذي تغلبُه الإنطوائيةُ والذي يعجز عن التفاعلِ الحقيقي مع المجتمعِ المحيطِ. أما عندنا فالحالُ شديدُ الغرابةِ، فمستخدمو فيسبوك فيهم من تخطوا هذا السن بكثير وأصبحَ إدمانُه متنفسَهم الوحيدَ، وما خَرَجَ من هذا الفخِ أعضاءُ هيئاتِ تدريسٍ بالجامعاتِ ممن اعتبرَوه وسيطَ نقلِِ ما يتصورونه خلاصةَ أفكارِهم وإبداعاتٍهم وفلسفاتٍهم وتفرداتٍهم ومواقفٍهم التي يرونها ثوريةً. فيسبوك وسيلتُهم المجانيةُ للنشرِ وأيضاً لتأليبِ الطلابِ المتابعين لهم لو بحسنِ نيةٍ.

من الطبيعي في إطار فوضي اليومِ أن تكون دعاوي انتخابِ القياداتِ الجامعيةِ منتشرةِ عبر فيسبوك علي ما فيها من نشاذٍ وشذوذٍ وإهدارِ للقيمِ والأخلاقياتِ الجامعيةِ المعتبرةِ في العالمِ أجمعِه. إن ظاهرةَ أساتذةِ فيسبوك تستحقُ دراسةً نفسيةً واجتماعيةً، فأعضاءُ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ فيهم من تركَ البحثِ العلمي أو ركنَه جانباً، وتفرَغَ لقعدةِ فيسبوك بالساعاتِ، بعد أن شابَ شعرُهم وسقطَ !!

لقد أحدَثَ فيسبوك تغييراتٍ جوهريةٍ في الدولِ العربيةِ ذات الأنظمةِ القمعيةِ بعد أن ضاقت سبلُ التعبيرِ الحقيقي أمام ملايين المثقفين والشباب، لكن هل كانت هذه التغييراتُ وليدةُ مجموعاتٍ وتجمعاتٍ مُتجانسةٍ مُتحدةٍ حقاً في الأفكار والمرامي؟ هل يظلُ ما يُنشَرُ على فيسبوك من وثائقٍ بمنآى عن المساءلةِ القانونيةِ التي يجب أن تلاحقَ كلَ مخالفٍ كما في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ وأوروبا؟ لم يغيرْ فيسبوك الحياةَ في الولاياتِ المتحدةِ حيث نشأَ ولا في أوروبا واليابان، لكنه استأسَدَ في مصر، هل هى مصادفةً؟ لا بدَ أن نتساءلَ ونتفَهَمَ ونحترسَ، فالمستخبي أكثرَ مما بانَ، وما هو آتٍ أخطرَ مما حَدَثَ،،


نُشِرَت بجريدة الوفد يوم الإثنين ١٢ سبتمبر ٢٠١١


نُشِرَت بجريدة الأهرام يوم الجمعة ٢٥ نوفمبر ٢٠١١

Twitter: @albahary

السبت، 3 سبتمبر 2011

شاهدت في السينما



الجزء الثانى من الفصل السابع والأخيرلسلسلة أفلام هارى بوتر حيث تتم المواجهة الحاسمة بين هارى بوتر والشرير فالدمورت.
أفضل من الجزء السابق من حيث الإيقاع والمؤثرات البصرية كما أضاف البعد الثالث الذى يستخدم لأول مرة فى السلسلة للفيلم.
بعض المشاهد تذكرنا بما رأيناه فى ثلاثية "سيد الخواتم" خاصة مشاهد هجوم قوى الشر على مدرسة السحرة التى يحتمى فيها هارى بوتر وأصدقاؤه.
نهاية موفقة للسلسلة التى حطمت الأرقام القياسية وحققت أعلى الإيرادات.
درجة الفيلم : 7 من عشرة

دراما فى إطار أكشن حول قيام شخص, وفى عزلة تامة, بتدريب فتاة منذ طفولتها لتكون سلاحآ قاتلآ وتقوم بمهمة خاصة.
بعد المرأة السوبر (Salt)  فى الصيف الماضى ها هى الفتاة السوبر هذا الصيف ورغم وجود الثنائى الممثلة ساورسى رونان والمخرج جو رايت (Atonement  جاء الفيلم ضعيفآ وغير مقنعآ.
درجة الفيلم : 5,5 من عشرة




الجزء الخامس من سلسلة أفلام السريع والغاضب حيث يلتقى محترفو السيارات السريعة فى مدينة ريو البرازيلية ويخططوا لسرقة زعيم عصابة يهيمن على المدينة ويطاردهم.
أهم ما يميز الفيلم مشاهد الأكشن والمطاردات التى برع فيها المخرج الصينى الأصل جاستن لين فى ثالث لقاء له معالسلسلة إلى جانب المشاهد الساحرة للمدينة البرازيلية.
واحد من أمتع وأنجح أفلام الصيف. 
درجة الفيلم : 6,5 من عشرة

فيلم بريطانى تاريخى تدور أحداثه فى إنجلترا عام 1215 (عام إبرام الماجنا كارتا) حول قيام فارس ومعه بضعة رجال بمنع الملك جون المستبد وجيشه المكون من المرتزقة من إستعادة السيطرة على البلاد بعد موافقته على الوثيقة التى أقرت بحقوق الشعب الإنجليزى.
الفيلم رغم أنه تاريخى إلا أنه يتواءم مع الأحداث الحالية خاصة فى المنطقة العربية ومطالب شعوبها.
حرص المخرج وهو متخصص فى أفلام المغامرات والحركة على تقديم فيلم يحمل مواصفات تجارية حتى يضمنإقبال الجمهور مثل العنف الزائد والقتال حتى الموت من أجل الحرية والحق.
الفيلم رغم أنه بريطانى إلا أنه يذكرنا بالفيلم اليابانى "الساموراى السبعة" الذى تم تحويله إلى الفيلم الأمريكى "العظماء السبعة"منذ أكثر من خمسين سنة.
درجة الفيلم : 6,5 من عشرة
ف
فيلم فانتازيا حول فتاة, على وشك الزواج, تعيش فى قرية صغيرة فى القرون الوسطى وتصبح محط إهتمام رجل ذئب يحوم حول القرية.
نجح كاتب سيناريو الفيلم فى تحوير الحدوتة الشعبية المعروفة التى ظهرت فى القرن السابع عشر من تأليف الفرنسى شارل بيرو والتى أعاد كتابتها الأخوان جريم فى القرن التاسع عشر, وفى عرض المعتقدات والخرافات السائدة فى تلك الفترة المظلمة من التاريخ كما نجحت المخرجة كاثرين هاردويك (Twilight)  فى تهيئة جو وشكل مناسبين لسرد الحدوتة.
الممثلة الإنجليزية الشهيرة جولى كريستى التى ما زالت محتفظة بجمالها رغم سنها المتقدم تظهر فى دور جدة الفتاة.
درجة الفيلم : 6,5 من عشرة

فيلم فانتازيا حول رجل سياسى يكتشف وجود مكتب يقوم العاملون به بالتأكد من مسايرة الناس للخطة الموضوعة لحياتهم والتدخل إذا إنحرفوا عن مسارهم المخطط.
الفيلم مقتبس من قصة قصيرة للمؤلف الأمريكى الشهير والراحل فيليب ك. ديك (Blade Runner, The Minority Report وهو أول إخراج لكاتب سيناريو الفيلم جورج نولفى.
الفيلم يطرح موضوع القدر فى شكل مبتكر ويوازن بين التصرف المبنى على العقل والتصرف المبنى على القلب مع التأكيد على أهمية الإرادة القوية لتحقيق الأهداف.
درجة الفيلم : 7,5 من عشرة

مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

الجمعة، 2 سبتمبر 2011

هل تصبحُ مصرُ دولةَ العبيدِ والسبايا؟


جاءَ الخامسُ والعشرون من يناير بآمالٍ كبيرةٍ وبطموحاتٍ عاليةٍ لتغييرِ واقعٍ غلَبَه اليأسُ والإحباطُ، تحققَ الكثيرُ ومازالَ الكثيرُ على قائمةِ الانتظارِ، يستحيلُ تغييرُ الكونِ بين رمشةِ عينٍ وانتباهتِها. ما بين الخامسِ والعشرين من يناير واليومِ توالَت الأحداثُ بسرعةٍ غَلَبَت التوقعاتِ، أحداثٌ كنا نتمناها غيرَت ركودَ واِخفاقاتِ عقودٍ، وأحداثٌ كَرِهناها وأخافَتنا على مستقبلِ بلدٍ نريدُه مُزدَهِراً، واحداً كما كان لآلافِ السنين. 


ما يُخيفُ الآن، على سلامةِ هذا البلدِ، كمٌ مَهولٌ مُفزِعٌ من الاِنتهاكاتِ والاِنقلاباتِ على كلُ ما هو نظامٍ واحترامٍ لقواعدٍ عامةٍ فى الشارعِ والمَسكنِ والعملِ والجامعةِ والمدرسةِ. الكلُ تصورُ أنه صاحبُ حقٍ فى أى شئ، الكلُ تجرأ وتعدى على ما هو من أساسياتِ المجتمعاتِ السَويةِ؛ وماهي البلطجةُ وما وصلت إليه من فظائع والانتقام المضادُ منها، إلا مثالاً صارخاً كئيباً على ما وصلَ إليه هذا البلدُ من تسيبٍ وانفلاتٍ وانعدامِ أمنٍ وعجزٍ من سلطةِ الحكمِ في السيطرةِ على ما يمورُ به سطحُ الأرضِ وباطنِها من مخاطرٍ جِسامٍ.


تعدياتُ على الحرياتِ باسمِ الدينِ تُنذِرُ بعواقبٍ لا بدَ وأن تطالَ وحدةَ هذا البلدِ وكيانِه.ـ من اختفوا لسنواتٍ طوالٍ إيثاراً لسلامتِهم انتفضوا وكأنهم أصحابٌ بلا شريكٍ لما بعد الخامسِ والعشرين من يناير، باسم الدين يفرضون وصايتَهم علي بلدٍ فيه من المثقفين والعقول والتعدديةِ ما يستحيل كبتُه، يُحللون ويُحرمون ويُفتون، يحتلون الفضائياتِ والشوارعِ وكأنهم يسوقون قطعاناً من الإبلِ. ما أثاروه من من قضايا وما رفضوا من مظاهرِ الحياةِ الحديثةِ وقوانينِها أكَد مخاوفاً حقيقيةً من نواياهم وحكمهم إن هم تمكنوا، دولتُهم سيكون فيهاالمصريون عبيداً وسبايا. الأمثلةُ علي سقوطِ الدولِ الدينيةِ عديدةٌ في الماضي ولن يقبلُها الحاضرُ لا داخلياً ولا عالمياً، من المؤكدِ أنهم لا يهتمون بسلامةِ دولةٍ وشعبٍ من أجلِ شعاراتِهم، الحكمُ عندهم هدفٌ في حدِ ذاتِه ولو علي الأنقاضِ والخراباتِ، التي بهم ستكونُ مآلاً لا مهرَبَ منه.
كلُ من يريدُ دوراً ادعي الوطنيةَ علي حسابِ أمنِ مصر ووحدةِ أراضيها. دعاوٍ لحربِ مع اسرائيل يستحيلُ أن تنتهي لمصلحةِ مصر، تعدٍ علي السفارةِ الإسرائيليةِ بالمخالفةِ للقوانين الدوليةِ صُوِرَ وكأنه غزوة وبطولةُ، لعبٌ بالنارِ دون تقديرٍ للعواقبِ. من عاشوا الحربَ تعقلوا إلا فيمن يلهثون وراء دورٍ وبطولةٍ مصطنعةٍ، ومن لم يعيشوها يتصورونها نزهةً ولعبةً وصراخاً وضجيجاً. إذا كانت تركيا وإيران تملكان ترفَ المزايدةِ علي القضيةِ الفلسطينيةِ بالشعاراتِ والزعيقِ، فإن مصر دولةٌ حدوديةٌ عانَت ودفعَت ثمنَ العنترياتِ والمزايداتِ وصياحِ من اِعتبروا أشقاءً وأصدقاءً وفي مياهٍ باردةٍ أياديهم وأرجلِِهم، مصر عانَت التهجيرَ وفقدانَ الأرضِ وتدهورَ المرافقِ ولم تجنْ إلا الشفقةَ والمنَ.
مصر استُبيحَت أيضاً بفعلِ شعبِها، بعيداً عن السياسةِ وشهوةِ الحكمِ. هجومٌ شرسٌ على الأراضى الزراعيةِ بورَها لمصالحٍ شخصيةٍ عمياءٍ ضيقةٍ، أكشاكٌ عشوائيةٌ فى كلِ نقطةٍ من كلِ شارعٍ، وقوفٌ فى الممنوعِ لم يستثنْ شارعاً ولو كان رئيسياً، بلطجةٌ وسرقةٌ بالإكراهِ لم تَخشْ حتى ما هو ملكِ الدولةِ، تعطيلٌ للطرقِ والسككِ الحديديةِ،اعتصاماتٌ ومطالبٌ فئويةٌ يستحيلُ تنفيذُها فى الوقتِ الحالى وأحياناً أبداً، توقفٌ للانتاجِ قَلَلَ من مصادرِ الدخلِ لدرجةٍ تُنذِرُ بتوقفِ المرتباتِ. حتى فى الجامعاتِ، مطالبٌ للطلابِ تجورُ على أساسياتٍ تربويةٍ وتعليميةٍ، دارسو وحاملو شهاداتٍ مهنيةٍ يريدون بلا استحقاقٍ الركوبَ على مِهَنٍ أخرى؛ دعاوٍ لأعضاءِ هيئاتِ التدريس بانتخابِ القياداتِ الجامعيةِ على عكسِ ما هو متبعٌ فى العالمِ أجمعِ، وكأن الجامعاتِ نقاباتٌ فئويةٌ أو تجمعاتٌ اجتماعيةٌ، وكأن القياداتِ لا بدَ وأن تكون ألعوبةً تُؤمَرُ من المرؤسين فُتطاعُ، هل نصلِحُ فساداً بفسادٍ؟ 


الإعلامُ فقدَ تماماً كلَ مصداقيةٍ. الإعلامُ الحكومي، من صحفٍ وصوتياتٍ ومرئياتٍٍ، في محنةٍ طاحنةٍ، بعد أن كان أداةَ السلطةِ ولسانَها انقلَبَ تماماً ليغسلُ خطاياه، أصبح بلياتشو وأراجوز، يدعي الثورية، يسمحُ لكلِ من يدعي الثوريةَ، يطيلُ في مهاجمةِ نظامٍ طالما دافعَ عنه وبررَ له وارتزَقَ منه، الآن تغيرَ السيدُ وما تغيرَت أساليبُ النفاقِ وأحاديةُ الطرحِ ولا موضوعيةُ العرضِ، أنها مدرسةٌ وتقاليدٌ متأصلةٌ. الإعلامُ الخاصُ لا يبغي سوي الإعلاناتِ والربحَ، قضاياه سفسطةٌ وجدلٌ، تأليبُ مشاعرٍ، تهييجٌ وإثارةٌ، أياً كانت العواقبُ.
كلُ من اشتكى إخفاقاتٍ، يُسالُ عنها شخصياً، وغيرُ مُرتَبِطةٍ بأوضاعٍ سياسيةٍ أو اقتصاديةٍ أو اجتماعيةٍ تُنسَبُ للمجتمعِ، نظاماً كان أو أفراداً، لم يجدْ إلا الغوغائيةَ وسيلةً للتعبيرِ عن حِنقِه. كلُ من يبحثُ عن دورٍ أو كُرسىٍ نَصَبَ نفسَه ثورياً بطلاً، بكَذبٍ وغِشٍ يفضحانَه فى ماضيه وحاضرِه، وكأن من حولِه أغبياءً وبلا ذاكرةِ. بعض من شاخوا صوروا أنفسَهم ثوريين، على كِبَرٍ، أمرٌ ماسخٌ بلا طَعمٍ، مثل الجواز والخِلفةِ بعد أن شابَ الشعرِ. حتي العلمِ الإسرائيلي تنازعوا علي شخصِ من أزاله! فيسبوك، في العالمِ الذي اخترعه يخضعُ للرقابةِ والمتابعةِ ويفقدُ متابعوه، بينما هو عندنا محركٌ لا يُعرفُ يقيناً من وراءه ولا مدي صحةِ نواياه ودوافعِه، متنفسٌ نفسيٌ لكلِ من عجزَ عن التواصلِ الحقيقي والسوي مع العالمِ الخارجي، كارثةٌ أن يُقادُ مصيرُ دولةٍ وشعبٍ بمن تُجهلُ هُويتُهم.
ما تَستحيلُ المطالبةُ به فى أى ظروفٍ طبيعيةٍ أصبحَ الآن مباحاً مجهوراً به، وكأنه من مظاهرِ الخامسِ والعشرين من يناير وتوابعِه. المُطالبةُ بما لا يُطلَبُ فى أى مجتمعٍ سوىٍ تقومُ عليه سلطةٌ قادرةٌ، أصبحَ عنواناً بالخطِ الأحمرِ لهذه المرحلةِ التى يعيشُها هذا البلدِ، إلى متى؟ إلى أين؟ هل يَصيرُ ما يُحصَلُ عليه عنوةً أمراً واقعاً؟ كيف تُسَنُ قوانينٌ حقيقيةٌ مع كلِ هذا الانفلاتِ والضوضاءِ؟ هل تستمرُ مصر دولةً؟ هل تظلُ دولةً واحدةً؟ هل من إجابةٍ؟ مصر حفظَها الله، فيما مضي،،
Twitter: @albahary



السبت، 27 أغسطس 2011

موزع شركة Apple في مصر … ماذا فعلت؟!


من المتوقع من موزعي الشركات المحترمة مثل Apple أن يتحلوا بقدر غيرِ معتادٍ من المسؤولية حفاظاً علي اسم الشركة الأم من ناحية وعلي سوقهم في مصر من ناحية أخري. لكن يبدو أن المستهلك المصري لا بد أن يكون ملطشة ونهيبة لأن قوانين حمايته غير مُفعلة، خاصة في هذه الأيام. كما أنه من المتوقع أن تُحسن الشركات الكبري العاملة في مصر في اختيار وكلائها و موزعيها. لكن ما حدث معي ومع كثيرين غيري يؤكدُ أن الوكلاء والموزعين العاملين في مصر يطبقون مبدأ اِسحَب ما في الجيوب علي قد ما تقدر.

فقد عُرضَ في معارض تريد لاين موزعي شركة Apple للحاسبات، أجهزة iPad2 بسعر ٧٨٥٠جم (١٣١٥ دولار أمريكي) للنموذج الكامل؛ اشتريت أحدها يوم ١٣ يوليو ٢٠١١. فجأة وقبل مرور خمس وأربعون يوماً أعلن أن سعر الجهاز أصبح ٦٢٠٠جم (١٠٣٨ دولار أمريكي) !! سألت لماذا قالوا أن السعر الجديد هو الرسمي!! يعني الموزع المعتمد باع الجهاز للعملاء في السوق السوداء ولم ينبههم أن الجهاز سيطرح رسمياً خلال أقل من شهر ونصف الشهر!! أليس من الغباء التجاري أن يلهف الموزع ١٦٥٠ جم ويخسر سمعته ومصداقيته للأبد؟! هل لا يزال هناك من يتصور أن المصريين فريسة سهلة!! هل هكذا يكون التعامل المحترم بين موزع شركة Apple الكبري والمصريين من الباحثين عن التكنولوجيا الحديثة؟! ألم يكن الموزع علي علم بميعاد السعر الرسمي وهو يتاجر في السوق السوداء بالعلامة التجارية التي إئتُمِنَ عليها؟!

أليس للعملاء، الذين تعرضوا لهذا المَسلَك، الحق في التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي أضرتهم؟! لو كنا في دولة تقدر حقوق مواطنيها لما بقي هذا الموزع في السوقِ ثانية واحدة ولحاسبه المسؤولون عما ارتكبه مما يحاسبُ عليه القانون.

اللهم بلغت وشكوت،،

Twitter: @albahary

السبت، 20 أغسطس 2011

يا وزير التعليم العالي … كيف حصلت علي إحصائياتك ومن أين؟!


صرح الدكتور معتز خورشيد وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي والتكنولوجيا بأن الاستطلاع الذي جري في 19 جامعة حكومية أظهر أن مابين 85% و90% من الأساتذة اختاروا الانتخابات, بينما طلب 10% إلي 15% من الأساتذة نظام اللجنة. وقال الوزير إن النسبة في جامعات القاهرة الكبري تراوحت بين 74% إلي 89%, وفي جامعات الدلتا بين 85% و100%. هذا ما وردَ حرفياً في أهرام يوم الجمعة ١٩ أغسطس ٢٠١١. أسفت وحزنت، فبعد أن استبشرنا بسقوطِ نظامٍ أزلَ شعبَه، إذا بنا مسحوبون من قفانا آلى ما سيجرنا إلي الفوضى والتخوين والتشهير. صُدِمت أن يكون في مصر من لم يحاول التعرفَ علي العالم المتقدم، من لم يجتهد جهداً يسيراً ليرى أو يسأل كيف يتم اختيار القيادات الجامعية هناك.

المقترحاتُ العجبُ تقوم علي انتخابِ رؤساءِ الأقسامِ العلميةِ من خلالِ كلِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بالقسمِ وإضافةِ نسبة ١٠٪ من عددهم للمدرسين المساعدين والمعيدين!! كيف ينتخبُ طالبٌ أستاذه؟! كيف يحاسبُ رئيسُ القسمِ إذن من يتاجرُ في الكتبِ ويمتهنُ الدروسَ الخصوصيةَ؟! كيف يرفعُ عينَه فيمن يتغيبُ عن العملِ؟! كيف يمكنُ احترامُ أستاذٍ يلهثُ وراءَ أصواتٍ تُجلُسُه كسيراً خانعاً مُطأطةٌ رأسُه علي كرسي صوري؟! كيف يتمكنُ أستاذٌ من ترقيةِ مدرسٍ أو أستاذٍ مساعدٍ وهو يتسولُ كرسي؟! هل وُضِعَت هذه المقترحاتِ بمعرفةِ تجارِ الدروسِ الخصوصيةِ والكتبِ المنتسبن لأعضاءِ هيئاتِ التدريسِ؟! ألا يحقُ للمجتمعِ الجامعي معرفةِ تاريخِ كلِ من وضعِ هذه المقترحاتِ، دراسياً وسلوكياً ووظيفياً، وأكيد نفسياً؟!

أما علي مستوي العمادةِ، فمن المقترحاتِ انتخابُ العميدِ بمعرفةِ كلِ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ بالكليةِ، وتضافُ نسبةُ ١٠٪ من عددِهم للمدرسين المساعدين والمعيدين، نفس المصيبة!! أضف إليها أن من يعينُ عميداً يجُب ألا يحصل على أقلِ من ١٠٪ من الأصواتِ!! يا حلاوة، عميد منتخب يرفضه ٩٠٪ من أعضاءِ هيئةِ التدريسِ!! إحنا فين؟! هل تُرفعُ هذه المقترحاتُ لمجردِ فرضِ الرأى؟! هل الجامعاتُُ أنديةٌ اجتماعيةٌ أو نقاباتٌ مهنيةٌ؟! من سيذهب لانتخابِ رئيسِ الجامعةِ؟! وهل ستُعطلُ الدراسةُ لحضورِ الندواتِ والمساجلاتِ الانتخابيةِ؟! أهكذا يكونُ العملُ الاكاديمي؟!

أُرسِل المقترحان إلي الكليات يوم الأحد ٧ أغسطس واجتمعنا يوم الأربعاء ١٠ أغسطس وارسلنا رأينا يوم الخميس ١١ أغسطس كما طُلِبَ منا. كيف إذن تمَكنَ وزير التعليم العالي من الإعلان عن هذه الاحصائيات يوم الخميس ١٨ أغسطس؟! كيف تمكنَ في خمسة أيام من تجميع آراء الكليات من الجامعات كلِها، ثم تفريغها وإعلانها بهذه الثقة؟! وما هي نسبة المشاركين فيها؟ أم أنه اكتفي باستبيان أجري علي الإنترنت واعتبره معبراً عن آراءِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ؟! حسبما نعلم أن السيد الوزير عملَ في مجال الحاسبات ومن المؤكدِ أنه يعلم أن للدراساتِ الإحصائيةِ قواعداً وأصولاً علميةً متعارفٌ عليها. دائماً ما نحذر الطلابَ من التلفيق بغرضِ الوصولِ إلي نتائجٍ بعينِها، وطالما تندر الجميع باستفتاءات واستبيانات الانترنت، لكن هل أصبحَ التلفيقُ ميراثاً يتعذرُ منه خلاصٌ؟

حالةُ الفوضى والأنانية تلك، تذكرني بواقعةٍ تؤكدُ علي نمطِ التفكيرِ السائدِ في طلبِ ما لا يُطلبُ. فوجئتُ برسالةٍ إلكترونيةٍ غاضبةٍ من مصري مقيم بالخارجِ ويعملُ بجامعةٍ متواضعةٍ، كان غاضباً حانقاً لماذا يُرفضُ له بحثٌ في مؤتمرٍ أتولي تنظيمه، كيف أن الثلاثةَ محكمين لم يفهموا ما أبدعَ وافتكسَ، وأن مصر هي هي لم تتغيرْ بعد ٢٥ يناير، وأنه لا يصحُ أن أترأس هذا المؤتمرَ!! طبعاً فهو مصري مقيمٌ بالخارجِ ونحن بالداخلِ، أقل منه فهماً وعلماً ومعرفةً. هذا الشخصُ لم يجاوزْ الأربعين، واثنان ممن حكموا ما افتكسَ غيرُ مصريين. لكن يبدو من ساعة الجيل الفاشل التي أطلقها أحد المصريين المقيمين بالخارجِ استظرافاً واستلطافاً واستخفافاً تأكدَ أننا ملطشةٌ لمن يهبطون علي البلدِ بالبراشوت!! وللأسفِ لمن بالداخلِ ويتصورون أن الثورةَ حكراً عليهم.

لن اتعجب أن يدور الأساتذة، الذين ستتوفر لديهم جرأة عرض أنفسَهم، بأقلام وأجندات وملبس وشيكولاتة، وأن يسرفوا في القبلات والأحضان والضحكات والانحناءات، حتى يحوزوا الرضا السامي ويجلسوا على كرسي مخلع. ولن استغرب الدعوات التي رُفِعت لإشراك الطلاب والموظفين أيضاً في ُاختيار القياداتِ الجامعيةِ.

لهذه الحكومةِ مفتاحٌ عرِفَه الجميعُ، اِعتصِم وعَطَل العملَ واستلقْ علي الطرقات، أي سُكَها وأظهر لها العين الحمراء تَخُرُُ ساجدةً طائعةً، هل بهذا نُبِه علي وزرائها ولهذا اختيروا؟! كَرِهنا وهاجمنا الأسلوبَ السابقَ لاختيارِ القيادات الجامعيةِ علي مستوي رؤساءِ الجامعاتِ وعمداءِ الكلياتِ فإذا بنا أمام ما لا يقلُ عنه سوءاً وتخريباً وتدميراً. انطلقت أمريكا إلي كوكب المشتري، لكنها تاهت عن الانتخابات في الجامعات، فظهر في مصر من يخترعها. مقترحاتٌ كتلك ما وراءها إلا ضياعُ الإحترامِ في الجامعةِ، وانعدامُ الانضباطِ الوظيفي والسلوكي. تدميرُ الجامعةِ تدميرٌ لوطنٍ بأكملِه، طبعاً مش مهم. إييه، هي الفضفضة حرمت؟!


نُشِرَت بجريدة الجمهورية يوم الإثنين ٥ سبتمبر ٢٠١١


Twitter: @albahary