السبت، 6 مايو 2017

رئيس دكاترة ...

العمل الجامعي أساسه جماعية القرار، من خلال المجالس، بدءًا بمجالس الأقسام، ثم مجلس الكلية، انتهاءًا بمجلس الجامعة، مرورًا بالعديد من اللجان التي تَدرس الموضوعات الأكاديمية والإدارية قبل عرضها على مجالس الكلية والجامعة حتى تكون القرارات النهائية مستوفاة الدراسةلا توجد في علاقات أعضاء هيئات التدريس برئيس مجلس القسم أو العميد أو رئيس الجامعة سلطة إفعل يا دكتور فلان وإلا، خاصة وأن رئيس القسم ليس أقدم أستاذ في القسم، وأن العميد ليس أقدم أستاذ في الكلية، ولا رئيس الجامعة هو أقدم أستاذ في الجامعة. إضافة إلى أن الوظائف الجامعية مؤقتة يعود بعدها شاغلها إلى مكانه في قسمه العلمي

لكن من العجب فإن بعض النفوس تجد في شغل منصبًا كرئيس قسم وغيره فرصة لممارسة المنظرة والمريسةفهناك من يحاولون السطو على رئاسة لجان علمية لمناقشة الرسائل أو الامتحانات الشفهية رغم أن القواعد تنص على أن رئاسة تلك اللجان للأقدم في الأستاذية احترامًا للمكانة العلمية في المقام الأول. أضف الفظاظة في التعاملات وتصور المنصب المؤقت تسلطًا على الجميع. هذا المسلك الإداري والأكاديمي غير السوي ناتج عن خلل نفسي من ناحية، وهو من ناحية أخرى مكتسب لدى البعض  نتيجة للعمل في دول خليجية بعينِها يكون تجديد العقود فيها من سلطات رئيس القسم. من ذاقوا مرارة العمل تحت سيف سلطة رئيس القسم لسنوات تطول العشرة تتكسر شخصياتهم ويتصورون بعد عودتهم أنهم سيمارسون في جامعاتهم ما تعرضوا له.   

تتعرض الجامعات لمشكلات عدة من جراء من وضعتهم الظروف في الإدارة دون أن يكونوا لها، وما عاد بغريب ما نرى لدى البعض من اشتياق ووله بالمناصب ما ورائهم إلا انبطاح وارتجاء لمناصب أعلى على حساب أخلاقيات وتعفف العمل الجامعي،،


ليس بعجيب أن يتصور من تكون هذه نفسيته أنه "رئيس دكاترة"،،

Twitter: @albahary

هَلس لا علمي ...

العلم دقة وأمانة وحقائق ومنهج ونتائج منشورة في دوريات علمية عالمية محترمة. عندنا الدنيا مقلوبة، بدلاً من الكد والتعب غَلبت الفبركة وتكبير الدماغ، وبدلاً من النشر العلمي المحترم أصبح النشر في وسائل الإعلام من صحف وفضائيات!! الطالب الفلاني اخترع سيارة تعمل بالماء أو غواصة تطير وكَرَمه المحافظ، الطالبة العلانية اخترعت دواءًا لأمراض عويصة فاحتفت بها وزارة التربية والتعليم أمام الكاميرات وفِي الصحف المكتوبة والإلكترونية!! بمنتهى البساطة المصري جبار والعيب في النظام التعليمي الذي أفلتت من براثنه هذه الفتوحات العبقرية!! 

الجامعات ومراكز الأبحاث ليست ببعيدة عن جو الهمبكة والأونطة. مشروع تخرج يحصد قدرًا من التهليل باعتباره إنجازًا فاز في مسابقات عالمية!! ماشي قد يكون فاز فعلًا، لكن في إطار تشجيع الطلاب على مواصلة الكد، لا باعتباره فتحًا كاسحًا ترتج له وسائل الإعلام ومواقع الردح اللاجتماعي التي تتصيد السقطة واللقطة لتشغيل أسطوانات الشرشحة والتباكي. أما على مستوى الدراسات العليا فالحال مزري. الطلابُ أفواجًا على مواد بعينِها لأعضاء هيئات تدريسٍ بعينهم معروف عنهم تفتيح المخ وتوزيع أعلى الدرجات بعض النظر عن نوعية الأجوبة في ورقة الامتحان!! طبعًا تسجيلاتُ الدراسات العليا مُنهمرةً على أعضاء هيئات التدريس الذين يمنحون درجات الماجستير والدكتوراة بأقل مجهود!! وطبيعي أن يدعي أعضاء هيئات التدريس هؤلاء أنهم مدارس علمية تستحق تكريم جامعاتهم!! مدارس علمية نعم، لكن في التسطيح والفتاكة ودهان ألهوا

هذا الجو اللاعلمي، نتاج مجتمع ودولة لا يعترفان بالجدية والمنهج في الحياة عمومًا وفِي العلم تحديدًا؛ هات م الأخر هو شعار اليوم ومن المؤكد غدًا. طلابٌ يدعون العبقرية وهم بعد يفكون الخط، أولياء أمور يُحرضون ويساعدون أبنائهم على الغش الجماعي، دراسات عليا لا تؤكد إلا على السطحية والدرجات العلمية الفشنك، وكَمٌ من أعضاء هيئات تدريس بالجامعاتِ يتكالبون ويُكوشون على التسجيلات للدرجات العلمية بتقديم عروض تنازل عن الجدية العلمية الواجبة!! هذا الكَمُ من أعضاء هيئات التدريس يتصدر مشهد الإنجاز العلمي!! وهذا هو الإعلام الذي يروج لكل هذا الهَجس

ولما كان الشئ بالشئ دائمًا يُذكِر، فإن هيمنة وجوه مؤبدة على كل لجان وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات جعل من الجمود والفزلكة والتفلسف عنوانًا للعمل بالوزارة المسؤولة عن إعداد مناخ وعقول البحث العلمي في مصر!!

بالذمة أليس هذا الهلس اللاعلمي فاضحًا لأسباب الإخفاق العام؟!

Twitter: @albahary

الأربعاء، 15 مارس 2017

عقلك حصانك ...


في حياة الأشخاص للعاطفة مكانٌ كبيرٌ ولكن في آخر المطاف للعقل القولُ الفصلُ، أو هكذا يجب أن يكون.  ‏أما في حياة الشعوب فالعقلُ هو أساس كل شيء،تخطيطٌ وتدبيرٌ بامانة، بلا عفينة واستقواء أو خداع. ‏أقول ذلك بسبب  ممارسات وأقوال أثارت كثيرًا من الغضب خلال الأسابيع الماضية. ‏

لنبدأ من الآخر حيث أثارت الغضبَ والاستغرابَ تصريحاتُ وزير الصحة عن مجانية عبد الناصرالتي تسببت في ما آل إليه التعليم والصحة من تدهور. ‏فاتَ جدًا السيد الوزير أن الدولةَ ليست تاجرًا وأن عليها وظيفةٌ اجتماعيةٌ في الحفاظ على صحة الشعب وتعليمه حتى ترتقي بين الدول،غائبٌ تماما عن عقل السيد الوزير أن الدول الأوروبية بغربها وشرقها،  وكذلكالولايات المتحدة الامريكية  بجلالة قدرها، توفرُتعليمًا أساسيًّا مجانيًا، وان التأمين الصحي بها أحد أهم وسائل تحقيق أمن المواطن وبالتالي أمن الدولة ورُقيها. ‏هل تَذكَر السيد وزير الصحة كوبا، تلك الجزيرة  اللاتينية الصغيرة التي عانت لعقود من حصار أمريكي طاحن؟ كوبا بها أفضل تعليم وأفضل صحة، حتى في الرياضة لا تغيب عنها ميداليات الأولمبيادالذهبية الحقيقية. ‏هل أصبح الوزير فيلسوفًا مُفكرًا في كل المجالات مُتناسيا حدود دوره التنفيذي في السياسة العامة للدولة. ‏هل هو تصريح عفوي أم هو تعبيرٌ عن تَوجُه للدولة؟ أم انه يستشعر انه تَوجهٌ فبادر به بعد أن أعجبه بالكرسي؟مع الاسف كلُها أسئلة بلا إجابات مريحة

‏‏اما أزمة رغيف العيش التي تسببت في خروج الناس للشوارع في بعض المحافظات، واحتلت مساحات شاسعة في الإعلام الخارجي، فإنها نتيجة لعدم تقدير الأمورولاستعجال الظهور،مع المبالغة في تقدير رغبة القيادة السياسية في الحد من الدعم. ‏الأسوء المكابرةُ ونسبةُ غضب الناس للمؤامرات والشماعات المعتادة!!




ثم نآتي الى السيد وزير التربية والتعليم الذي قال عن البوكليت أنه ‏فكرة عبيطة. ‏جاء البوكليت في عهد سابقه، الله اعلم ‏من فكر فيه، ‏لكن من المؤكد أنهم من داخل الوزارة، ‏فهل رحلوا مع الوزير السابق؟! ‏هل هي سياسة وزارة، أم سياسة وزير داخل ووزير طالع؟! ‏في الحالتين الإجابة غير مريحة. 














اما عن تهديدات أحد أعضاء البرلمان باستخدام الجِزمة فهي واقعة بلا سابقة، لأنها تنقل الجِزمه من أداة للمشي الى  سلاح ‏برلماني للتأديب الشامل ‏وإصابة المخالفين!! وهناك تنبيهٌ آخر حاد، من أحد أعضاء البرلمان، لمذيع توك شو فضائي، بضرورة الحذر عند مخاطبة أعضاء البرلمان. انتفخت ذات السيد العضو البرلماني، م الآخر كده!! ‏طبعًا لا يفوتنا أن نُذَكِر بمقولة ميسي اهبل، ‏التي أثارت ضجة في الصحف العالمية، وَجَب الاعتذارُ عنها. 


إعمالُ العقل أساسُ السياسات والإدارة، لابد من التآني والتروي والدراسة. من الضروري عدمُ نسيان أن للدولة وظيفةً أساسيةً وهي  توفيرُ الحياة الكريمة للمواطنين، وأن تعليمَهم وصحتَهم وراحتَهم ورضاهم أساسُ بقائها وتقدمِها. الدولةُ ليست تاجرًا تسترزقُ وتتكسبُ من مواطنيها. ‏والأهمُ أن الشعوبَ حادةُ المزاج، لا تعرفُ حاكمًا إلا بقدر ما أعطاها لا ما أخَذ منها. 


لسانك حصانك على القهوة، أما عدا ذلك فعقلك هو من يصون،،

نُشِرَت بجريدة السبورة يوم الأربعاء ١٥ مارس ٢٠١٧

Twitter: @albahary