الاثنين، 1 نوفمبر 2010

الحرس الجامعي ... كارت أحمر؟!

أصدرَ القضاءُ الإداري حكمَه بعدم جوازِ تواجدِ الحرسِ التابع لوزارةِ الداخليةِ داخلِ الحرم الجامعي؛ أقامَ البعضُ الزيناتِ وأطلقوا الشماريخَ، وانتابَ القلقُ آخرين خوفاً من انفلاتٍ وفوضى لا منجاةَ منهما. حكمٌ قضائىٌ وضعَ الجميعَ في حيرةٍ وترقبٍ، كلٌ يدبرُ لما هو آتٍ، يتحسبُ لما يمكنُ أن تؤولَ إليه الأمورُ، كلٌ يريدُ أن يشغلَ فراغاً ويحتلَ ساحةً يراها توشِكُ أن تخلو. القضاءُ أصبحَ وسيلةً لتغييرِ أوضاعٍ استقرَت منذ سنواتٍ بعد أن غَلَبَ الظنُ أنها ستستمرُ بلا نهايةٍ. لكن هل كان الحرسُ الجامعى إلي هذا الحدِ سيئأً متجاوزاً متجنياً؟

منذ عُينت معيداً حتى توليتُ رئاسةَ القسمِ توالى علي الكليةِ العديدُ والعديدُ من رجالِ الأمنِ، لم أكن يوماً من ممارسى السياسةِ وما زلتُ، كنت أسهرُ فى الكليةِ وأباتُ الليلَ، لم يتعرضْ لى أحدٌ ولم يعطلنى عن عملى، كانت محاضراتى مسائية وكانوا ساهرين بعيداً عن بيوتِهم حفاظاً على الكليةِ، كنت أتركُ سيارتى بالكليةِ عندما أكونُ على سفرٍ لثقتى فيمن يقومون على أمنِها، مثلى كُثرٌ. رجالُ أمنٍ بعنايةٍ أُختيروا، على خلقٍ وعلى وعىٍ، لم يدخلوا فى مشاكلٍ مع أىٍ من أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ. طبيعةُ عملِهم تُحَتمُ عليهم التصدى لمن يحاولون السيطرةِ على الكلياتِ بأفكارِهم وأولوياتِهم، وميليشاتِهم، لهذا كان لهم أعداءٌ، يرونهم قاطعين عليهم خباياهم.

في الكليةِ رؤساءُ أقسامٍ بلحى وبدونها، لم يقفْ الأمنُ أمامَ تعيينِهم، كثيرٌ من المعيدين كذلك، ما أوقَفَ رجلُ أمنٍ طالباً يدرسُ، وما تعرضَ إلا لمن يحاولون السيطرةَ وفرضَ الفوضى. ما أكثرَ ما قيلَ من باطلٍ وتلفيقٍ، من يريدون خروجَ الحرسِ من الجامعة ينحصرُ نهجُهم فى القمعِ والترويعِ والكبتِ والحبسِ والتكميمِ، حلالٌ لهم وأقلُه حرامٌ على غيرِهم، لا ديمقراطيةَ عندهم ولا حريةَ رأىٍ، انقيادٌ فقط، يريدونها على الغاربِ.

الأمنُ الخاصُ موجودٌ فى الجامعاتِ الخاصةِ، لأنها خرجَت عن أجندةِ من يحاولون احتلالَ المجتمعِ، لأن أعدادَ الطلابِ بها قليلةٌ، لأن كلَ طالبٍ دفعَ من دمِ قلبِه ثمنَ تعليمِه، التناكةُ الموجودةُ فى البلوشى ترفٌ غيرُ واردٍ فى الجامعاتِ الخاصةِ، ولا فى أى جامعةٍ فى العالمِ. ما أكثرَ من خرجوا فى إعاراتٍ لدولِ الخليجِ، ساروا على العجين أمام الحرسِ الذى لا يرحمُ، لم يُفتحْ لهم فمٌ، لم تفارقْ شفتةٌ لهم أختَها، لم يُسمعْ لهم صوتٌ، عَوضوها هنا، الحرس الجامعى المصرى ضيَقَ عليهم حريتَهم، وعطلَ أبحاثَهم!!

لم يخرجْ حكمُ القضاءِ عن النصِ على عدمِ جوازِ وجودِ الحرسِ الجامعى التابعِ لوزارةِ الداخليةِ داخلَ الجامعةِ، فى صحفٍ وفضائياتٍ ومنتدياتٍ وتجمعاتٍ حَوَلوا نصَه بقدرةِ قادرٍ لطردٍ!! الطردُ يكونُ بنصٍ صريحٍ، لفظٌ غيرٌ لائقٍ، يكونُ لمُحتلٍ غاصبٍ بعد حربٍ، لكنهم صوروا أنفسَهم أبطالاً، طردوا العدو، الحرس الجامعى المصرى، لكن بدونِ حربٍ، فى الظلِ والطراوةِ!! الكارتُ الأحمرُ لمن يُفبركُ الأمورَ على هواه، لمن يصطنعُ البطولةَ، لمن يُظهِرُ ما لا يبطنُ، لمن يَعيثُ فُرقةً وانقساماً، لمن يُميزُ الناسَ بدينِهم وجنسِهم وفكرِهم وطبقتِهم.

لست مدافعاً عن وجودِ أو عدمِ وجودِ الحرسِ الجامعى، لكننى أُفضفِضُ بما آراه واجباً، الحرسُ الجامعى أدَى ولتُثبتُ الأيامُ العكسَ، لا نريدُها صومالاً فى الجامعاتِ ولا فى أى نقطةٍ على أرضِ مصر، وربنا يسترُ،،



هناك تعليقان (2):

Mona Eltahan يقول...

مع حضرتك كل الحق ،إن حال الجامعات بدون الحرس فى المستقبل يقلق بشدة وخاصة أن أمن الجامعة المدنى غير مؤهل و ليس عندهم خبرة كافية فمعظهم تتفاوت مؤهلاتهم ما بين الآداب والحقوق و التجارة أو مؤهلات متوسطة ،حسب نفوذ ّذويهم بالجامعات،أعتقد إن الدنيا ستصبح آخر هيصة فى الجامعات ومش بعيد الحكومة تفكر فى تطبيق قانون الطوارئ عليهم

د. صابر أحمد عبدالباقي يقول...

مبروك عليك العمادة مقدما يا دكتور