الاثنين، 2 مايو 2011

تسيير أعمال أم تكبير مخ؟ أم ماذا؟


مظاهراتٌ لأى سبب ومن أى شخص أو مجموعة، اعتصامات، بلطجة، مطالبات فئوية وغيره لم تسلم منها فئة، حتى الجامعات. الكل يرى أنه على حق وعلى صواب، ما على الدولة إلا الطاعة والانصياع، لكن كيف والتفاهم مفتقد والمجتمع أصيب بانعدام تقبل الآخرين؟ انفلَت الشارع المصرى، القاعدة أصبحت الوقوف فى الممنوع والسير عكس الاتجاه، القيادة مخاطرة، لم يسلم منها شارع رئيسى أو جانبى، الأكشاك العشوائية فُرِضَت بوضع اليد فى كل مكان، جماعاتٌ تحت أردية دينية تسطو على ما قدمه الخامس والعشرون من يناير، تحت سمع وبصر الدولة تحتل المساجد وتقيم الحدود، وتتعدى على المخالفين فى العقيدة والفكر. البلطجة هى السيد، تحت أى مسمى، أين الدولة؟ هل تضمحل بطول الوقوف على جنب؟ بالركنة؟

مصر تمر الآن بحالةٍ شديدة الغرابة، تلاشت فيها سلطة الدولة لصالح الغوغائية والفوضى والعنف، لم تتمكن من فرض رؤيتها، إن كانت ترى، جمدت محافظ قنا، تركت المساجد تُسحب من وزارة الأوقاف، غضَت الطرف عن محاسبة التعدى على هيبتها، فوضت أمرها لمشايخ استحوزوا على الأضواء والكاميرات، انسحبت من أى مواجهة، لم تحاول ولو من باب ذر الرماد!! وضعٌ ترسخَ فى المشهد العام، الكل نسى الدولة، لا يراها، يعتبرها انتهت، عليه تدبير أموره بنفسه، عادت مصر إلى البدائية القانونية والحضارية.

حالٌ محزنٌ، مقلقٌ، مخيفٌ، الانفلات جرثومة معدية، إذا استشرت يتعذر القضاء عليها، وإذا قُضِى عليها بعد فوات الآوان فالثمنُ باهظٌ، تُرِك الانفلات على كيفه، تحت وهم تحقيق الهدوء والاستقرار وتهدئة الخواطر! كيف تفكر وزارة شرف؟ هل تنحصر مسئوليتها فى تمشية الحال وتُرَحَيلُ الشيلة لمن يأتى بعدها؟ وضعٌ يستحيلُ أن يزرعَ ثقةً فى حاضرِ مصر ومستقبلِها، الصورة الداخلية المهزوزة الباهتة لا بد وأن تنعكس على السياسة والاقتصاد، من الطبيعى أن يتراجعَ دور مصر السياسى وهى عاجزة عن التحكمِ فى داخلها، من المستحيل أن يستثمرَ فيها من لن يأمن على نفسِه ومالِه، لن يجازفُ بزيارتِها من يرى ما فيها من عنفِ وعدم تقبُل للآخرين.

مصر تحت اختبار العالم، كيف تعالج التطرف الدينى، كيف تبنى الدولة الحديثة، ولو بدأت متأخرة، ولو سبقها الكثيرون، فى هذا الزمن لا تملك دولةٌ الانعزالَ، ليس فى مقدورِها التعدى على المعتقدات والحريات العامة، عالم اليوم طويل الذراع وقاسٍ، يفرضُ ما يريدُ ولو تغاضى فترة. دروسُ اليومِ لا يستوعبها من يتصورون أنهم وحدُهم على حق، وهنا الكارثة، واضحة فى ليبيا وقبلها فى السودان. فى مصر التنوع والفكر والثقافة، ولو تخيل من يسطون على الخامس والعشرين من يناير أنهم وحدهم الحق والغلبة، ولو خطفوا الخامس والعشرين من يناير من الآخر، بعد أن صنَعه غيرُهم.

مصر مسئولية من يحبونها، من يريدونها واحدة متماسكة، من يفهمون أن الأخطار التى تواجهها من بلطجة وانتهاك للقانون تهدد كيانها ووجودها. على حكومة شرف أن تتعب لا أن تفتح مخها، عليها أن تقف مع الحق ولا تنحنى للبلطجة ولى الذراع، من أى كائن أو مجموعة، مهما كانت، عليها أن تُعلى القانون بعد طول تناسى، بعد أن أصبحت هيبة الدولة مستباحة.

هل تعى حكومة شرف؟ الوقت ليس فى صالحِها لو كانت مصر فى خاطرِها،،

Twitter: @albahary

ليست هناك تعليقات: