الأحد، 6 يناير 2013

إخواني ...


في المجتمعات المريضة يُعرفُ الشخص بانتمائه، الديني أو العرقي أو السياسي أو الاجتماعي، فهذا يهودي، وهذه إمرأة، وهذا صعيدي، وهذا فقير، وهذا أسود، ووفقاً لهذا التصنيف تكون المعاملةُ والنظرةُ، المُعدة سلفًا والمُعلبة، دون نظرٍ لكفاءةٍ شخصيةٍ. هذه المجتمعاتُ البدائيةُ في فهمِها لحقِ الإنسانِ في حريةِ العقيدةِ والفكرِ وفي الفرصِ المتساوية في المعيشةِ، أصبحت موجودةٌ وزاعقةٌ في أفغانستان والصومال والسودان، وهي أشباهُ دولٍ مزقتها الطائفيةُ والعنصريةُ، وللأسف فإن العراق على ذات الطريقِ الوعرِ ماضيةٌ، وكذلك مصر. 

في مصر الآن مصطلحاتٌ بعينِها تُشيرُ للشخصِ وتَحكُمُ النظرةَ إليه، قبل أن يتكلمَ أو يعملَ، وإخواني على أولِ قائمتِها. فالإخواني أصبحَ مرادفًا للفِ والدورانِ والملاوعةِ والانتهازية والعملِ في الخفاءِ، وغيرِها من صفاتٍ تجافي الصراحةَ وأمانةَ التعاملِ. لماذا؟ لأن عامين بعد ٢٥ يناير ٢٠١١ أظهرا بوضوحٍ مشهدًا لم يكن في صالحِ الإخوان ولو كسبوا انتخاباتٍ واستفتاءً، واتهاماتُ التزويرِ والرشاوى قائمةٌ شاهدةٌ رغم النفي والتكذيبِ. لم يتمكنْ الإخوانُ من بناءِ الثقةِ مع غيرِهم، بعدما أنكروهم ولاوَعوهم ورَوعَوهم وأبعَدوهم، الإخوانُ في واديهم ولو على حسابِ مصلحةِ وطنٍ يئنُ ويتمزقُ.  سياستُهم تقومُ على توزيع الاتهاماتِ وإلصاقِ الفشلِ بشماعاتٍ يعلقونها على غيرِهم، مخطَطُهم الاستيلاءُ على وطنٍ بمن فيه، بأي ثمنٍ، بأية تضحيةٍ من دماءِ وقوتِ أبنائه. 

عدمُ الاستقرارِ وتردى الأمنِ ووقوعُ الاقتصادِ ترجعُ إلى النظرةِ الإقصائيةِ، إلى التصنيفِ حسب الانتماءِ الفكري والديني، بدأه الإخوانُ ومن شايعوهم من سلفيين، وسقطوا فيه، أصبحَ الإخواني  محلَ نظرٍ بالريبةِ والشكِ. في فترةِ الستينات كانت كلمةُ يهودي تعني الخبثَ والبخلَ، ودَلَت  إقطاعي على من يستغلُ غيرَه ويعيش في رفاهية، كانت فترةٌ مريضةٌ بالإنغراقِ في الذاتِ، بإنكارِ ذكاءِ الآخرين وقدراتِهم، وانتَهت، نهايةً منطقيةً، بهزيمةٍ ساحقةٍ غيرَت وجه مصر والمنطقةِ إلى الأبدِ. 

ما عهدُ الإخوانِ بمختلفٍ، فيه غَضُ البصرِ عن العشوائياتِ، فيه انتشارُ الباعةِ الجائلين وعرباتُ الفول في كل مكان، لم تعدْ المناطقُ راقيةً، انظروا في شارع الطاقة على امتداده، بجوار نادي أهلي مدينة نصر. في عهدهم ظهرَ إعلامٌ ديني طويلُ اللسانِ مسكوتٌ عنه، في مقابلِ إعلامٌ آخرٌ مغضوبٌ عليه مُحاصرٌ ومسحوبٌ إلى النيابات والمحاكم، في عهدهم شَهدَ القضاءُ إهاناتٍ لم يُسكَتْ عنها طوال تاريخِه، في عهدِهم للقانونِ يقظةٌ وسُباتٌ،  في عهدِهم لا تستأهلُ المعارضةُ إلا السبابَ والتخوينَ والعمالةَ، في عهدِهم انقَسَم الشعبُ المصري بأكثر مما يستطيعه أعدى الأعداء. 

هل يُقالُ وزيرٌ إخواني من منصبِه؟ هل تُسحَبُ الثقةُ من وزارةٍ إخوانيةٍ؟ هل يعترفون بفشلٍ؟ هل يعملون لإزالة ما باحَت به صفة إخواني وشاعَت؟

نُشِرَت بجريدة الأهالي يوم الأربعاء ٩ يناير ٢٠١٣

Twitter: @albahary

ليست هناك تعليقات: