الثلاثاء، 11 يونيو 2013

التَهييضُ .. في الجامعاتِ أيضًا

هَياضٌ، شخصٌ مبالغٌ، يجعلُ من الحبةِ قبةً، ومن النملةِ فيلًا، ومن الخلِ عصيرَ أناناسٍ. التهييضُ إذن هو المبالغةُ في ذكرِ الإنجازاتِ، الشخصيةِ منها بالذاتِ، وهو لي الحقائق بما يظهرُ الأشياءَ بغيرِ حقيقتها، فيضخمُها ويخفي أو يقللُ من عيوبِها ومساوئها. وللهياضِ جوقتُه من المنتفعين الذين يلتفون حوله ترويجًا، وخللي حمادة يلعب. التهييضُ فيه الكثيرُ من فشرِ أبو لمعة الذي كان يشكلُ فريقَ كرة قدمٍ منه وحده في كل المراكز، وفيه من هَجصِ شجيع السيما الذي كان يضربُ دستةِ أشرارٍ واقفين في طابور الضربِ ويُكوِمُهم واحدًا بعد الأخر.  

وقد ارتبطَ التهييضُ بكلِ من تولى مسئوليةً واستمرأ الكرسي، وأيضاً بكل من هفا وجدانُه لكرسي وبه هامَ عشقًا. كم شاهدنا وحفظنا حركاتِ من بنوا مشاريعًا وما كانت إلا من رمالٍ، وبنوا مصانعًا وما كانت إلا لقشٍ، أوهموا بها شعبًا، وسخروا لها من يَشيدُ ويمدحُ، لعبةُ مصالحٍ، ونَفْعٌ واستَرزاقٌ. لقد عاشَت مصر تاريخًا طويلاً مع التهييضِ بدأ لما كان الفرعون يبني باسمِه وبوضعِ اسمِه مكان أسماءِ من سبقوه، حتى يأتي من بعدِه ويحذو حذَوه. للتهييضِ في مصر نوادرٌ منها تصريحاتُ المسئولين عن استصلاحِ أراضٍ وتوفيرِ فرصِ عملٍ بما يفوقُ المنطقَ والممكنَ والمتاحَ. التجميعُ صُوِرَ صناعةً، والتقليدُ أُظهِرَ ابتكارًا، الصمُ والحفظُ في المدارس والجامعات أصبحا من علاماتِ العبقريةِ. 

التهييضُ ليس على مستوى الدولة الرسميةِ فقط، لكنه أيضًا على المستوى الشعبي، فصاحبُ الدكان يعلقُ أعلاه لافتة سوبرماركت، وسائقُ سيارة ١٢٧ قديمة يضعُ عليها علامة مرسيدس، وعربةُ الفول تكونُ بقدرةِ قادرٍ مطعمًا،  الفول فيها هو الكهرمان واللوز، ماشي إن كانت تحليةَ معيشةٍ وتجَمُلًا بلا كذبِ. أي عازفٍ هو موسيقارٌ، أي مُغنٍ هو أميٌر وكروانٌ وبلبلٌ، أي مُمثلٍ هو نجمٌ، أي لاعبِ كرةٍ هو ميسي، أي مقدمِ برامجٍ هو الرأيُ العام، كلُ من كتبَ كلمتين هو مفكرٌ، كلُ من أطالَ ذقنَه هو شيخٌ وحاجٌ، وكلُ من صاحَ صيحتين هو ثائرٌ. 

الجامعةُ جزءٌ من المجتمعِ، من ثقافتِه، فيها كلُ عِلاتِه، من أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ من يُهَيِّضون، يُهَجِصون، لم تمنعهم دراستُهم من الوقوعِ في فخِ التهييض، الدوريات متوسطة المستوى التي تصدرها الكليات يريدون اعتبارُها عالمية حتى لو نَدُرَ قراؤها، يَدَّعون أبحاثًا ومعاملًا واسهاماتٍ. مع الانتخاباتِ في الجامعات، مثل كلِ انتخاباتٍ، يكونُ التهييضُ حرفةً، وسيلةً، لا بدَ من حركاتِ الإنجازاتِ، من تمثيلياتِ الافتتاحاتِ، من الحَليَطةِ للكلِ، من الإنحناءِ للأصغرِ، هكذا تكونُ الثورةُ. من يُهيضُ قد تكونُ على رأسِه بطحةٌ، يُضخمُ ويُفخمُ حجبًا لأخطاءٍ ومزالقٍ. 

مجتمعٌ التهييضُ ركنٌ في حياتِه، يضحكُ على نفسِه، لا على غيرِه، مفهوم ومهروش ومفقوس، للأسف أنه لا يعرفُ،،

Twitter: @albahary

ليست هناك تعليقات: