الاثنين، 19 مايو 2014

الصرصار الصغير ...


قَلَب الإعلامُ الدنيا عن مخترع في المرحلة الثانوية اختارته شركة إنتل العالمية لعرضِ تفتقاتِ ذهنِه،  كلامٌ جَميلٌ لو كان صحيحًا، لكنه منتهى الفشنك والهجص والجهلِ بتلك المسابقاتِ، رُوِجَت حكاية الظلمِ الذي واجهه في سبيل عَرضِ اختراعِه. الإعلامُ يصنعُ الأصنامَ ويطالبُ بعبادتِها، كل من معه ميكروفون وجلَسَ أمام كاميرا تصورَ في نفسِه العبقريةِ ورجاحةِ الرأي، أصيبَ بجنونِ العظمةِ، وتخيلَ أن أحلامَه أوامرٌ.  طالب السبعة عشر عامًا، لا يمكنُه اختراع ما يفوزُ لأنه بمنتهى الصراحة والواقعية لا يملك الإمكانات العلميةَ والماديةِ التى تؤهلُه للمنافسةِ الحقيقيةِ، نفس الطبل والزمرِ لكلِ من يدعي اكتشافاتِ ولابدَ أن تكونَ مصحوبةً باضطهاد حتى يكتملُ السيناريو المعتاد، هل نسينا مستشار رئيس الجمهورية العلمي الذي سبق ولعب نفس المسرحية وفلسَع؟! 

الغريب أن نهجَ التهييضُ أصبحَ في الدمِ، ويدخلُ فيه اللقاءات التي تسمى تجديد النخبة!! كلامُ لا يُبلعُ ولا يهضمُ، لقاءات مع خريجي هارفارد والسوربون، لأن من تعلموا في مصر لا يفهمون، أنسينا النشطين إياهم الذين فُتِحَت أمامهم وسائل الإعلام ثم انكشفوا وبانوا وانفَضَحَت لغتُهم ومصطلحاتُهم؟! في الدولةِ الآن من يتصورون أنهم يجددون النخبةَ ويأتون بغيرِها، حاجة تقطع القلب وتقرف!!  شيزوفرينيا؟! الوجوه الإعلامية تريد بقاءها بأي شكل ولو باختراع أشخاص وقضايا، حكاوي وروايات دون الرجوع للحقيقةِ، دون تعبِ السؤالِ والمراجعةِ، وأغلب الأحيانِ تكون البمبكة والفرقعة هي الغاية الوحيدة.  

ظهرَت في مجتمعنا بكلِ مؤسساتِه طائفةٌ ممن يدَعون العبقريةَ ويريدون أن نبلَعها بالعافيةِ، مبدعون بوضعِ اليدِ في الجامعاتِ وغيرِها، جوائز فشنك حصلوا عليها من مصر ومن خارجها، ومؤلفاتٌ في دورِ نشرِ تحت السلم، والمفروض علينا أن نصدقَ بالعافية!! عقليةُ تَصَورِ النصاحة وجهلِ الآخرين وتغفيلهم هو نمطُ فكرٍ خائبٍ  في مجتمعٍ غيرِ جادٍ.  المخترعون عندنا بالكوم، وكذلك السياسيون والإعلاميون والفلاسفة وبتوع الاقتصاد، دلالةٌ أكيدةٌ على إفلاسٍ في السياسة والعلمِ والفلسفةِ والاقتصاد، وفي كلِه. 

الصرصار هَرَبَ صَدقَ نَفسَه وشَتَم، اشربوا، مخترعٌ صغيرٌ!!  ليس إلا صرصارًا، هو ومن رَوَجَ له، وغنى له، وكلُ من على شاكلتِه من مدعي العبقريةِ التي جَرتنا للوراء بسرعةِ الصاروخ. آآآه من أمةٍ ضَحَكَت من صراصيرِها الأممُ،،

Twitter: @albahary 

ليست هناك تعليقات: