الجمعة، 20 فبراير 2015

هل تُحَولُ كلية الهندسة إلى كلية نظرية أدبية فنكوشية؟


من المفترض أن العملَ الأكاديمي يقومُ على احترامِ رأي أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ باعتبارِهم روادًا للفكرِ العلمي، لكن ما يحدثُ يتنافى تمامًا مع ما هو واجبٍ.  أقولُ هذا لما أرى من تعدٍ على اللوائحِ الدراسيةِ التي تقومُ بها الأقسامُ العلميةُ باعتبارِها من صميمِ تخصصِها بالمنطقِ وبقانونِ الجامعاتِ.  اللوائحُ الدراسيةُ بالجامعاتِ توضعُ وفقًا لأطرٍ عامةٍ تُحَدِدُها لجانُ القطاعِ بالمجلسِ الأعلى للجامعاتِ ثم تُطبقُ في كلِ الجامعاتِ بعد ذلك، لكن دون تجاوزٍ لرأي الأقسامِ العلميةِ في ما يدرسُ من موادٍ ومعاملٍ وفي عددِ الساعاتِ لكلِ مادة ومعمل. 

لكن أن يُسندَ إلى شخص أو جهة أو تجمع، مع الاحترام للجميع، عقدُ جلساتٍ لتعديلِ لوائحٍ دراسيةٍ وفقًا لتوصياتِ مؤتمراتٍ أو أوامرٍ عليا أو رؤى شخصيةٍ فهو ما لا يليقُ لا بالجامعاتِ ولا بالكلياتِ ولا بأعضاءِ هيئاتِ تدريسِ يُطلبُ منهم أن  أُبصُموا ووافقوا!! هل يُلغى جَهدٌ مُضن بذلَته أقسامٌ في تعديل اللوائحِ الدراسيةِ العلميةِ باجتهاداتٍ أيًّا كانت باعتبارِها المصدرَ الأساسي والأوحد؟! هل تخفيضُ عددِ ساعاتِ الدراسةِ للموادِ التخصصية بما يُخِلُ بمحتواها العلمي يندرجُ تحت ما يُمْكِنُ السكوتُ عنه؟ هل تدريسُ الموادَ الإنسانيةَ بنسبةٍ مرتفعةٍ يقضي على التطرفِ ويفتحُ الآفاقَ؟ أم أنه سيُسَطِحُ تدريسَها ويطيحُ بالموادِ العلميةِ على حدٍ سواءٍ؟  هل إلغاءُ مادةِ المعملِ في كلياتِ الهندسةِ كمادةٍ منفصلةٍ وتوزيعُ دمِها على المواد التخصصية دعمٌ للقدراتِ العمليةِ للطلابِ أم قضاءٌ مؤكدٌ عليها خاصةً مع تخفيضِ عددِ ساعاتِ الموادِ التخصصيةِ وكثرةِ الطلابِ وشُحِ الأماكنِ وتفاوت الإلتزامِ في تدريسِ المناهجِ مع قِلةِ عددِ أسابيعِ الفصلِ الدراسي وعدمِ استقرارِ العملية التعليميةِ؟ هل تدريسُ مادة لغة عربية ومادة عن نهر النيل ضرورةٌ في المرحلةِ الجامعيةِ؟ أم هو اعترافٌ بفشلِ ما فاتَ من تعليمٍ قبل الجامعي؟ أم، ولا مؤاخذة، تزلفٌ هو في غير مَكَانِه وآوانِه؟ رغم حبي الشديدِ للموسيقى، هل تدريسُها في عددٍ محدودٍ من الساعاتِ سيكونُ مجديًا أم خصمٌ هو من ساعاتِ موادٍ تخصصيةٍ؟ هل تُحَوَلُ كلياتُ الهندسةِ إلى كلياتٍ نظريةٍ للآدابِ والفنونِ؟ هل سَيسري هذا التدبيرُ على كلياتِ الطبِ والعلومِ والحقوقِ وغيرِها؟ هل يُفهمُ الدستورُ مُجتَزءًا؟ الأهمُ وفي المرتبةِ الأولى، هل تُدارُ الجامعاتُ بفكرٍ أحادي أيًّا كان منصبُ وسنُ صاحبِه أم بماذا وكيف وبأية أمارة؟ أين الشفافيةُ وأين احترامُ عقولِ الجامعاتِ؟

في الجامعاتِ يُعابُ على الطالبِ الذي يحفظُ بلا فهمٍ، والآن ونحن أعضاءُ هيئاتِ تدريسٍ بالجامعاتِ يُرادُ أن يُفرضَ علينا ما لا نفهمُ، تُوضعُ على عقولِنا الوصايةُ ممن يرى أنه الأعلمُ بالجديدِ. أين حريةُ البحثُ العلمي؟ ألا تُعتبرُ اللوائحُ الجامعيةُ من حرياتِ الأقسامِ "المُقَننةِ" وليست "المسلوبةِ"؟ مع كل الاحترام للجميع، أما آنَ الآوانُ لتغييرِ رؤساءِ وأعضاءِ لجانِ القطاعاتِ التخصصيةِ بالمجلسِ الأعلى للجامعاتِ بعد ما بقى البعضُ في عضويتِها لسنواتٍ طوالٍ بما يَتجاوزُ العقلَ والمنطقَ والعصرَ وطاقةَ النفسِ البشريةِ؟ لماذا لا تُستَبدلُ الوجوه المؤبدةُ في كلِ اللجانِ؟ هل نَضَبَت مصر؟ هل لا يزالُ فيها من يتخيلُ أن أحلامَه أوامرٌ؟ هل أُدخَلَ التعليمُ في التربيطاتِ والمزايداتِ؟ ثم أليس من الخطرِ الجلوسِ على كراسي مسؤوليةٍ لمجردِ اسيتفاءِ شكلٍ؟ 

أُما عن الجودةِ فحدِثُ. الجودةُ الحقيقية في التعليم مطلوبةٌ، فهى معاملٌ ومكتباتٌ ومدرجاتٌ وحضوٌر للطلابِ وأعضاءِ هيئةِ التدريسِ، لكن مع كلِ الأسفِ ما نراه فيه إنفاقٌ لوقتٍ ومالٍ شحيحٍ من الضروري أن يكونَ محلُ مراجعةٍ صارمةٍ في كلِ بنودِه. من إحقاقِ الحقِ التأكيدُ على أن مجهوداتِ الجودةِ وفَرَت دوراتِ مياهٍ وطرقاتٍ نظيفةٍ، لكن هل في ذلك تُختزَلُ الجودةُ؟ هل مجردُ استيفاءِ استماراتٍ على غيرِ الحقيقةِ يقعُ من الجودةِ سواء ملأها أعضاءُ هيئةِ التدريسِ أو الطلابُ؟ وسأضرب مثالاً باستبياناتٍ يُطلب من الطلاب مِلؤها، بكل الإلحاح والإصرار وكأن الجودةَ لن تكونَ إلا إذا اشتكى الطالب !! 

والتساؤل مع الأسفِ كله، هل أصبَحَت تلك الاستبياناتٍ آداةً تستخدُمها وحداتُ الجودةِ لدفعِ إداراتِ الكلياتِ لاتخاذِ قراراتٍ مصيريةٍ دون سندٍ من صوابٍ كإلغاءِ موادِ المعاملِ كموادٍ منفصلةٍ ودمجِها في الموادِ؟ وهو ما يعني فعليًّا إلغاءَ المعاملِ وتحويلِها إلى فُرجة.  هل يصلُ بتلك الاستبياناتِ غيرِ العلميةِ الأمرُ أن تصبحُ وسيلةَ تسَلُّطٍ  وعلى ضوئها تظهرُ آراءٌ مناديةٌ بإلغاءِ المعاملِ أو استبعادِ أعضاءِ هيئاتِ تدريسِ؟ هل الجودةُ فعلًا  رسالةٌ وهدفٌ؟ أم مكافآتٌ ومناصبُ؟ هل أصبَحَت إحدى محاكمُ التفتيشِ في الجامعاتِ؟ 

هل تُحَوِلُ كلياتِ الهندسةِ ضخمةِ الإعدادِ إلى كلياتٍ نظريةٍ عندما تُلغي المعاملَ كموادٍ منفصلةٍ وعندما تقل ساعات تدريس المواد التخصصية؟ هل ترضى الدولةُ؟ السياساتُ التعليميةُ ليست بالاستبياناتِ ولا بالرؤى ولا بالفوقيات، من الضروري الإجابةُ بكلِ الأمانةِ.  في زمنِ الجفافِ تنقلبُ الأمورُ، ويرى البعضُ أن أي نظامٍ ولو كان معطوبًا يمكن أن يحققَ التقدمَ، وكأن كلية الهندسة فأر تجارب، وكأنها ليست من مرافق الدولة،،

اللهم كتَبت، احترامًا لأمانة المسؤولية والكلمة، لم أُكَبِرْ مخي، اللهم فاشهد،،








  Twitter: @albahry

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

للأسف أصبح الهدف هو التسابق من أجل التلميع والكتابة في الصحافة ووسائل الإعلام إن الكلية الفلانية هي أول كلية تطبق نظاما معينا حتى لو لم يكن مدروسا بكل تفاصيله وتوابعه وعواقبه. الهدف هو الفرقعة الإعلامية. وأصبحت لغة الحوار هي شئتم أم أبيتم سنفعل ما نريد فنحن لا نريد منكم إلا مباركة مانريد ورأيكم ليس له قيمة