الخميس، 4 يونيو 2015

يا حاج ...

وسَع يا حاج، خد لك جنب يا حاج، أقعد يا حاج، ... استخداماتٌ متعددةٌ لكلمة يا حاج. صفةٌ هي أم لقبٌ كألقابٍ طفَت ثم اندثَرت أو تراجَعَت، مثل يا باشا، وَيَا بيه، ويا هندسة، ويا دَكتَرة، ويا أستَذة، ويا نِجم، ويا كابتن، ...؟ رَوى أحدُ الزملاءِ أنه دخل أحد البنوك فطلبَ منه موظفُ الأمن"افتح شنطتك يا حاج"، فقالَ له الزميلُ "منين عرفت إنني حاج؟"، سؤالٌ لم ينتظرْ إجابتَه. كنت راكبًا ترام الإسكندرية، وسَمَعت الكمساري يطلبُ من أحد الركابِ "تذكرة يا حاج"، التَفَت من باب الفضول فوجدت الحاج شاب عشريني!! حتى في التليفون يَحدُثُ عندما ترفعُ السماعةَ أو أثناء الحوار أن تسمع كلمة "بقول لك إيه يا حاج"، لا رأك ولا رأيته، لكنها مُتطلباتُ المكالمةِ!!

ولكلمةِ أو لقب حاج تفريعاتٌ أخرى مثل "حجيجة"، و"حَجوج"، و "بَرَكة"، و"يابا"، و"يا بابا"، وأيضًا "عمنا" و"عمو" من باب التبَسُطِ المصطنعِ.  الجرسون في كافيه "شيك" يقول للزبون "يا عمو" حتى يُكرسُ ويؤكدُ مبدأَ كلنا ولاد تسعة، ما بالكم لو كانت القهوة بلدي!!


 الغَرَض، اِبتُذِلَت كلمةُ يا حاج، شأنُها شأنُ كُلِّ ما كان له معنى، فُرِغَت من مضمونِها ومعناها، ولم تعدْ إلا وسيلةَ مناداةٍ، لكن غيرُِ بريئةٍ. يا حاج الآن للاستفزازِ، للتصغيرِ، لجرِ الشكلِ، للتعالي، لفرضِ الإحباطَ. يا حاج هذه الأيام لا تعني حاج بصحيح، هي بمعانٍ آخرى، لِم نَفْسَك مثلًا، أو خليك في حالك، أو اعرف حجمك، أو شوف من يكلمك، ... !! لتقليلِ القيمةِ لا التَوقير. طبعًا الحاج المفترض سيُخفي لسانَه ويغلقُ فمَه بالضبةِ والمفتاحِ، والله حَصَل وأتَت يا حاج مفعولها كان بها، ما كانش هناك بدائلٌ أخرى من البذاءاتِ. 

في زمنِ المساواةِ، النسخةُ المُذَكرةُ "الرجالي" من ياحاج تقابلُها النسخةُ الحريمي، ومحدش أحسن ولا أقل من حد!! إيييه، من "حَجِكك" "حَجِجُه"، صباح الخير "يا حاج"، صباح الفل "ياحجيجة"، عامل إيه "يا حاج"، الحمد لله "يا حَجوج".


Twitter: @albahary

ليست هناك تعليقات: