الخميس، 4 فبراير 2016

كوريا الشمالية والألتراس ...

في يومين متتاليين ارتفعت الجمارك حتى على أمواس الحلاقة والبامبرز، واحتل الألتراس ملعب النادي الأهلي وكرروا شعاراتهم. في ذات اليومين انهمرت اتهامات العمالة والخيانة على المستوردين وعلى الألتراس، من نفس الإعلام. وكأن من لا يوافقون على ما تراه الدولة ليسوا منها، وكأن الدولة على صواب وشعبُها ظالمٌ لها

الواضح أن حلول الإصلاح الاقتصادي انحصرت تمامًا في رفع أسعار الخدمات الواجبة من كهرباء ومياه ومواصلات، مع تخفيض الدخول الشهرية تحت مسميات عدة ورفع أسعار كل السلع. سلعٌ استفزازية لا تُشترى أصلًا كانت الشماعة لرفعِ أسعار كل ما يُبقي حياة ويقيم منزلًا، وطبعًا مع حدوتة تهديد التجار إذا رفعوا الأسعار على الغلابة!! كله في إطار إعلام فضائي وحكومي موالي مُروَض لا يتوانى عن توزيع الاتهامات متناسيًا أو متعاميًا عن فقدان مصداقيته وأنه ما عاد ملاذًا لتبييض وجه أو آداء

لقد وصل المصريون إلى مرحلة العجز عن سداد المياه والكهرباء واستيفاء أساسيات حياتهم، بينما محصلو الملايين في الإعلام يهللون ويطبلون لرفعِ الأسعار. كل أسفارهم للخارج بلا انقطاع توفر لهم السلع فوق الاستفزازية بينما يُطبلون لزيادة أسعار أمواس الحلاقة والبامبرز والصابون والملاعق والأطباق!! أضف اللجان الإلكترونية الحكومية مُكملةً الطبل والزمر ومُسفهةً التعليقات الغاضبة على سياسات طاحنة مُتمادية.  

لقد أثبتت عودة الألتراس بالآلاف أن الجراح لا تندمل بسهولة، وأن الجُرح عميق، وأن اتهامات الخيانة وقلة الأدب هي منتهى قلة الحيلة، تمامًا مثل ما يُسمى إصلاح اقتصادي. هل تعود مصر لأيام حجز الثلاجة إيديال والسيارة نصر؟ هل ستُترك تحت رحمة سلع أساسية مصنوعة تحت سلالم الأحياء الشعبية؟ هل جاء رفع الأسعار لصالح سلع رديئة على حساب أمان المصريين؟ كيف يُصدق المصريون أن هناك إصلاحًا وهم يسمعون عنه منذ عقود دون أن يرونه؟ كيف يصدق المصريون وهم يرون نفس الوجوه على مدار عقود وعقود؟ هل تقوى مصر أن تنعزل مثل كوريا الشمالية؟ مستحيل، لا موقعها يسمح، ولا موازين السياسة الدولية تقبل، ولا من يحكمونها بقادرين على إنكار شعبِها ولو تمادوا في الضغط عليه


لست ألتراس ولا مستورد ولا إخوان، إنما مصري مهموم مطحون. غضب الشعوب لا راد له، عبرةٌ غالية ...


Twitter: @albahary


ليست هناك تعليقات: