الجمعة، 12 أغسطس 2016

مِخماخ يرى .. أستاذ الجامعة بالتعاقد!!



مِخماخ من مَخمَخ يٌمّخمِخ، ومعناها يَفتكسٌ، يتَجلى، وجمعها مَخاميخٌظاهرة المخاميخ، استشرَت وضربت الدولة وتهدد سلامَها الاجتماعي في كل المجالات بدءا بالاقتصاد والتعليم بكل مستوياته. ولقد أغضبَ أعضاءَ هيئات التدريس بالجامعات تصريحاتٌ تكررت منسوبة لأحد أعضاء مجلس الشعب، جاء فيها أنه غير راضٍ عن ترقيات أعضاء هيئات التدريس بالجامعات لأنها تتم بالمجاملات، وأنه يجب أن يكون أستاذ الجامعة بالتعاقد تحقيقًا لجودة العملية التعليمية.  



مع الاحترام للجميع، ضربَت هذه العنتريات عدة كراسي في كل الكلوبات، كما سبَق ونُسِب لزميله في المجلس أن المدرسين خَيل الحكومة. بداية هل أصبحنا في دولة تأكل مواطنيها بعد أن فشلت في الوفاء لهم بحياةٍ كريمةٍ واجبةٍ؟! وهل أصبحت أبوابُ التعليم في الصحف بمحرريها أوصياءً على التعليم بمستوياته؟ هل أصبحت وسيلةَ تأليبٍ وتهييجٍ وإثارةٍ؟ هل نَصَب مُحَرروها من أنفسهم أبطالا ناصحين واعظين شأنهم شأن بتوع الفضائيات؟! وهل أثَر كرسي المجلس وغيرُه على البعض فشطحوا وأفاضَوا تفتقاتٍ إعلاميةٍ؟!


لنسألَ بمرارة وتَعجُب، هل المخاميخ  المُفتكِسون المُتفتِقون يدخلون محاضراتٍ؟ هل يعيشون الحياة الجامعية بأشواكِها ومرارتِها؟ أليس منهم من لم يدخل محاضرةً منذ قرابة العشرين عامًا وانحصرَت وظيفته في المخمَخة؟ هل ما يُرى في أي نظام عالمي يُجتزأ ويؤخذ منه فقط ما هو على المزاج؟ هل هو استمرارٌ لمسلسلِ تجاهلِ آراء أعضاءِ هيئات التدريس بالجامعاتِ فيما يخصُهم ويخصُ العملية التعليمية والبحثية؟

السيد عضو مجلس الشعب المحترم المُستاء من نظام الترقيات، لم يسألْ نفسه عن عيوبٍ فادحةٍ في قواعد الترقيات تُرِكت لترقية من لا يَرقي بمقالاتٍ في مؤتمراتٍ ودورياتٍ تجاريةٍ سياحيةٍ. لم يسألْ نفسه عن مُدعي الأهمية ممن يتدخلون في أعمال اللجان العلمية بالكتابة في الصحف لترقية معارفهم. لم يسأل نفسه عن أبواب التعليم التي تُمارِس في الصحفِ، لأغراضِها، الفتونة على اللجانِ العلميةِ للترقياتِ وعلى أعضاء هيئات التدريس بالجامعات. لم يسأل العضو المستاء نفسه لماذا طال بقاءُ بعض أعضاء هيئات التدريس في درجة مدرس. لم يسأل نفسه كيف تَعَفف هؤلاء عن اللهاث وراء التسجيلات للماجستير والدكتوراة بعد أن أخفقت الأقسام العلمية في توزيعها بعدالة، تاركةً باب التكويش علي التسجيلات لمن يتهافت عليه الطلاب من مشرفي تفتيح المخ والأونطة.

السيد العضو المستاء تغاضى عما يُسببه نظام العقود من كوارثٍ على العملية التعليمية والبحثية في الجامعات في مجتمعٍ تضربُه المحسوبيةُ والمجاملاتُ والطائفية. هل تُجَدَد العقود لأصحاب الرأي أم للحبايب والمنافقين وبتوع نعم ونعمين وحاضر وأحلام سيادتك أوامر؟! هل يرتقي المجتمع الجامعي والدولة ككل بالمنافقين الإمعات والعشيرة والقبيلة؟ أم هؤلاء مَرغوبون في حد ذاتهم؟! أغفل السيد العضو المُستاء كيف تُوزع جوائز الدولة والجامعات وما يشوبُها من مجاملاتٍ فظةٍ فجةٍ. أغفل السيد العضو المُستاء أنه لا عقودَ في قوانين الدولة الوظيفية ولا عقودَ في الجيشً والشرطة والقضاء؛ هل حقًّا غفَل عنها سهوًا؟ من خبرتي أيضًا في لجان الترقيات لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات أن المجاملاتِ بشرٌ سواء في الترقيات بقواعدِها المُترهلةِ أو في العقود بانتقائيتها بكل هوى. 

لطالما شكونا من انفراد المخاميخ بما يُسمى تطوير التعليم، وكأن كل الفكر والمفهومية انحصروا فيهم. ما أكثر ما لفتنا الأنظار لما تتعرض له اللوائح الدراسية في كليات الهندسة من تفتقاتٍ ضارة بالدراسة والمهنة على حدٍ سواء؛ تفتقاتٌ أهملت آراء أعضاء هيئات التدريس بكليات الهندسة. لكن هل العيب على المخاميخ أم على من لم يحاسبْهم على ما تعانيه كليات الهندسة وهي مرفقٌ عامٌ من مرافق الدولة؟!


مع الاحترام للجميعِ، ألا تُحترم عقول وأدمية أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ بالجامعاتِ؟ شلةُ المَخمخة في دوائر المجلس الأعلى للجامعات ووزارة التعليم العالي لم تتغيرْ منذ عقودٍ، هي وراء كُلِّ إيعازٍ وكلامٍ، فليس كل من يتكلمُ يُمَخمِخ، غالبًا. هل كل مصيبة تُفتَكس في مصر الآن باسم الإصلاح؟ هل حاز المخاميخُ  بوضع اليد على الرأي والقرار؟ هل أصبحت مِخماخُ وظيفةً في مصر؟! هل أصبحت مصر دولةَ المستائين؟ مستاؤون يُمَخمِخون، ومستاؤون ممن يُمَخمِخون؟! إلى أين؟ من المؤكد لما لا يَسُر، وربنا يستر ...


Twitter: @albahary



ليست هناك تعليقات: