الجمعة، 23 نوفمبر 2018

ضوابطٌ جديدةٌ للتمييزِ في المعاهدِ الخاصةِ!!

تهلَلَت إحدى صفحاتِ التعليم بإحدى الصحفِ القريبةِ من الحكومةِ  بضوابطٍ يُقالُ أنها جديدةٌ للتعيينِ في المعاهد العليا الخاصة، سواء للتدريسِ أو للعمادةِ، ونُسِبَ لأحد أصحابِ هذه المعاهدِ قولُه أن التعيين لدرجةِ أستاذ سيكون من اثنتين وستين عامًا وحتى سبعين عامًا. ما الهدفُ؟ خوفًا من أن ينسى عضو هيئةِ التدريسِ المعلوماتِ، أو يظهرَ بمظهرِ غيرِ لائقٍ أمام الطلابِ، أو أن تكونَ مخارجُ الألفاظِ لديه غيرَ سليمةٍ!! طبعًا، كله احترامٌ لأعضاءِ هيئةِ التدريسِ!! وتنطبقُ ذاتُ القواعدِ على من يشغلُ العمادةِ حتى يتمكنُ من آداءِ مهامِه!!

مع الاحترامِ للجميعِ، إذا كان التمييزُ السِني قاعدةً، فكيف يُقبلُ أن تُقدَمَ أىُ قواعدٍ في أي مجالٍ من الذين تجاوزوا السبعين بمراحلٍ واستحوذوا على لجانٍ ما لها من حَصرٍ، كانت فيها المخمخةُ رائدَهم لعقودٍ؟ ثم هل توضعُ القواعدُ بتَمثلِ أشخاصٍ بعينِهم؟ وبأيةِ روحٍ توضعُ؟ وهل تنحصرُ مشاكلُ المعاهدِ العليا الخاصةِ في استبعادِ من تجاوزوا السنِ؟ أين انعدامُ المعاملُ والمكتباتُ وقاعاتُ الدرسِ وانخفاضُ مستوى المتقدمين للدراسةِ بها؟ وإذا كان التمييزُ بالسنِ سيرفعُ مستوى الدراسةِ بهذه المعاهدِ، أليس هناك من هم أصغرُ سنًا وفيهم أكثرُ  مما نسبَه للكبارِ السيدُ المُبَجلُ صاحبَ أحد هذه المعاهدِ؟ 

التمييزُ السِني عندنا أصبحَ كارثةً لا مثيلَ لها، فالدولُ التي تحترمُ الإنسانَ والآداءَ حقًا لا تعترفُ إلا بالكفاءةِ؛ أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا قرَرَت التنحي باختيارِها، دونالد ترامب الرئيس الأمريكي وتيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا لا يُثأثِؤون ولا يشدون شعورَهم، وغيرُهم وغيرُهم. هذا التمييزُ السني وهذه الألفاظِ في حقِ الكبارِ من أعضاءِ هيئةِ التدريسِ تمَسُ أيضًا كلَ كبيرٍ على مستوى الدولةِ سياسيًا وتتفيذيًا. ألا تتزينُ الصحفُ والإعلامُ والفنون بآراءِ الكبارِ وجَهدِهم وخبراتِهم ورؤاهم؟ 

التمكينُ في أي دولةٍ ناجحةٍ يكونُ للجميعِ أيًا كان سنُهم، لا بتذَلُفِ فئةٍ بعينِها، لأسبابٍ ليست الكفاءةُ أهمَها. كم من صغارٍ نسبيًا في السنِ أوردوا دولَهم في تهلُكةٍ وخرابٍ ومواقفٍ دوليةٍ محرجةٍ؛ لنرجعْ بالتاريخِ والذاكرةِ، فدولُ هذه المنطقةِ مُتخمةً بالتجاربِ التعيسةِ


لماذا يستمرُ كبارُ أساتذةِ الجامعاتِ في العملِ؟ لأن العِلمَ لا يشيخُ، وللمعاشاتِ الهزليةِ التي يتقاضونها في ظلٍ انكارٍ للعلمِ قبل أن يكونَ لهم. هل مطلوب من أي كبيرٍ أن يكره نفسَه؟!

كيف تكون صفحةٌ تعليميةٌ منبرَ تأليبٍ؟ وماذا عن استخدامِ ألفاظٍ من نوعيةِ المعاهد أصبحت جراجات من تخطوا الستين، مُتغافلةً عن كارثتِها الحقيقيةِ. إذا كان كِبرُ السنِ عورةً أيُستَبعدُ من الدولةِ كلُ كبارِ السنِ وأولُهم من استوطنوا لعقودٍ اللجانَ والجوائزَ في وزارةِ التعليمِ العالي والمجلسِ الأعلى للجامعاتِ؟ هذا علمًا بأن الصفَ الثاني الأصغرُ يصعُبَ أن يكونَ بأفضلٍ لأنه إما من نفسِ الدائرةِ أو خرجَ منها وجلسَ على مقهى فيسبوك إدعاءً بالعبقريةِ والتفردِ والنزاهةِ

اللهم لوجهك نكتب علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،


Twitter: @albahary

ليست هناك تعليقات: