الأربعاء، 18 فبراير 2009

مصر مُضرِبةٌ..


أحدثُ الإضراباتِ، من سائقي مقطوراتِ النقلِ والصيادلةِ، تساوي من حصلوا علي قسطٍ وافرٍ من التعليم مع من لم ينولوا منه الكثيرَ، اختلفوا في الطبقةِ الاجتماعيةِ واتفقوا علي الرفضِ وضرورةِ التعبيرِ عنه. اضراباتٌ تليها اضراباتٌ، اعتصاماتٌ وغضبٌ وتذمرٌ، نظامٌ في وادٍ والشعبُ في آخرٍ. اتسَعَت الفجوةُ بين النظامِ الحاكمِ بكلِ مفراداتِه من سياساتٍ وأشخاصٍ وبين الشعبِ، اصبحَ للنفورِ القولُ الفصلُ، نفورٌ متبادلٌ بين الشعبِ وحاكميه.
أشخاصُ النظامِ فقدوا القدرةَ علي الاحساسِ بالمتاعبِ العامةِ، تسلطَت عليهم أوهامُ الفهمِ المطلقِ ورجاحةِ العقلِ، إنهم يرون ما يعجزُ عنه شعبٌ كسولٌ خاملٌ، أقلُ بفراسخٍ من مستوي عبقريتِهم وألمعيتهم؛ من فرطِ غرقِهم في ذاتِهم تمادوا في تجاهلِ الآلامِ والأوجاعِ والأنينِ، تخيلوا في ممارساتِهم دواءً مراً لا بدَ منه، توهموا أن ما يدبرونه بليلٍ ينطلي ويخدعُ، منتهي البؤسِ. الشعبُ أنصحُ من إدراكِهم، لاعبَهم بطريقتِه، أنكرَهم، قاطعَهم، كذَبَ كل ما يفعلون ويقولون، شمَتَ في اِخفاقاتِهم، وقفَ لهم بالمرصادِ علي كلِ هفوةٍ، أضرَبَ واعتصمَ مع كلِ كبوةٍ.
علاقةُ الشعبِ بحاكميه مَرَضيةٌ، أساسُها الكراهيةُ المتبادلةُ، من يحكمون فقدوا الاقناعَ والمصداقيةَ، ما أمامهم إلا العنادُ والمكابرةُ، الحكمةُ ليست للشعبِ، إنها لخارجِ الحدودِ. الإعلامُ في حالٍ مؤسيٍ من الجمودِ وفقدانِ المنطقِ، صحفُ الحكومةِ علي الأرصفةِ حتي المساءِ، الإذاعةُ والتليفزيون يبغبغان للهواءِ، المسئولون لا يهدفون إلا استمرارَ مغانمِهم؛ كلُ ما يُنسَبُ للنظامِ بلا أرضيةٍ، مترنحٌ مرتعشٌ مهتزٌ. الشعبُ يقاومُ، تارةً بأسلوبِ غاندي مع الانجليز، تارةً بالخروجِ للشوارع؛ يُقاطعُ كل ما يمثلُ النظامَ من أشخاصٍ وسياساتٍ وإعلامٍ، يُتلفِ بلا وجلٍ الممتلكاتِ العامةِ، يمتنعُ عن العملِ تباطأً في المؤسساتِ والمصانعِ ثم اضراباً واعتصاماً.
كلُ الفئاتِ جَرَبَت الاضرابات، القضاةُ، أعضاءُ هيئات التدريسِ بالجامعاتِ، المدرسون، عمالُ المصانعِ، الموظفون، السائقون، المهنيون، التجارُ، الطلابُ. حالٌ شائكٌ منفجرٌ مدمرٌ، علي الجميعِ، العقلُ صمَت، تراجَعَ، لا صوتَ إلا للعنفِ.
مصرُ كلها أضربَت، لم يتبقْ إلا الرُضَعُ، ماذا يدبرون؟!

الاثنين، 9 فبراير 2009

في الجامعات..خللي البط يعوم


الجامعاتُ مرايا المجتمعِ، كلما تمسكَ بالعلمِ علَت، كلما كانت الأخلاقُ سَيدَه سَمَت؛ لكن مع تردي أوضاعِ المجتمعِ ككل وغلبةِ مشاعرِ التربصِ والبغضِ بين الشعبِ وحاكميه لم تعدْ العلاقاتُ داخلِ الكليات أو بين الجامعاتِ والنظامِ ممثلاً في المسئولين عن التعليمِ والبحث العلمي إلا تأكيداً علي علةٍ أصبح البراءُ منها صعبَ المنالِ. الصحفُ تبرزُ تصريحاتٍ لمسئولين تبعدُ تماماً عن الواقعِ والكياسةِ الوظيفيةِ، ما فيها إلا عنترياتٍ عن جودةِ العمليةِ التعليميةِ وتَهَجمٍ علي أعضاءِ هيئاتِ التدريس بالجامعاتِ باعتبارِهم سببُ البلايا، طبعاً مع تحابيش عن دعم البحث العلمي، تقابلُها تعليقاتٌ من أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ فيها كلُ السخريةِ والتهكمِ. حوائطٌ عاليةٌ تفصلُ تماماً بين أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ والنظامِ، شأنُ كلِ فئاتِ المجتمعِ.
لا مجالَ لمدحِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ وتصويرِهم ملائكةً، فيهم من انحدرَت سلوكياتُهم لأدني ما في "الشرشحةِ" والبذاءةِ، فيهم من يجمعُ بين وظيفتِه في الجامعةِ مع وظيفتِه في شركةٍ خاصةٍ بقلبِ من حديدِ، ببجاحةٍ، فيهم من لا يقرأ ولا يطلعُ، فيهم من يوافقُ علي درجاتٍ علميةٍ منحطةٍ، فيهم من لا يهتمُ إلا بمصالحِه الخاصةِ علي حسابِ أخلاقياتِ العمل الجامعي ومتطلباتِه. التعييناتُ في الكراسي الإداريةِ ليست بأفضلِ حالاً، علي مستوي عماداتِ الكلياتِ ووكلاتِها ورئاسات الأقسامِ، مسئولون أُجلِسوا بعكسِ ما تتيحُه امكانتُهم الشخصيةُ والإداريةُ، قراراتٌ ملفقةٌ تمرُ، لجانٌ بالتفصيلِ علي مقاسِ فلانٍ وعلانٍ، إدارةٌ بالأذنِ لا بالعقلِ وترجيحِه، شللياتٌ، تقريبٌ وابعادٌ؛ الكراسي ترفضُ شاغليها بعد أن كانت حكراً علي من يستحقونها، غطسَ فيها من كانت لهم مجردَ حلمٍ في يقظةٍ ومنامٍ، قياداتٌ شكليةٌ، أشباحٌ تتوهمُ نفسَها واقعاً وكياناً مرئياً محترماً، تشخطُ وتنطرُ هرباً من جفافِ فكرِها وضياعِ منطقِها.
جامعاتُ الحكومةِ كانت الأصلِ، هي البدايةُ، بدلاً من أن تقدمُ المثلَ لما تلاها من مؤسساتٍ تعليميةٍ، اسماً مع الأسفِ، تجاريةٌ حتي الأعماقِ، أخذَت منها أسوأ ما فيها، انكارُ قيمةِ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ، إعلاءُ سلوكياتِ انكارِ العلمِ والأخلاقِ من أجلِ مالٍ يُجبي تحت مسمياتٍ عدةٍ، تدليلُ الطلابِ طالما دفعوا، تلفيقُ المناهجِ والامتحاناتِ والنتائجِ والشهاداتِ. جامعاتُ الحكومةِ أصبحَت مَسخاً، تماماً مثل النظامِ، تمحَكَت فيما أطلقَت عليه تعليماً مميزاً، غَرِقَ في كل خطايا التعليمِ الخاصِ، لا جديةَ ولا أمانةَ، أداءٌ تمثيلي، طلابٌ علي مقاعدِ علمٍ، وعمداءٌ ووكلاءٌ وقائمون بالتدريسٍ، كلٌ يؤدي دورَه، آخر النهارِ يُسدَلُ الستارُ، استعداداً لتكرارِ عرضٍ هابطٍ في اليوم التالي والتالي والتالي.
ألفاظُ وبلطجةُ الباطنيةُ وعزبةُ الهجانةِ بدأت في دخولِ الجامعةِ، بقوةٍ، مع بعضِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ والطلابِ، ليس فيها ما يُثيرُ الرفضِ ولا حتي العجبِ، انزوي ذوو الأخلاقِ وأهلِ الذي كان؛ إنه حالُ مجتمعٍ بأكملِه، في مجلسِ الشعبِ، في حواراتِ الفضائياتِ والأرضياتِ، في ممارساتِ الأحزابِ وأصحابِ الحلولِ، في تعليقاتِ القراءِ علي مقالاتٍ بالكادِ يفهمونها، في الشوارعِ والأنديةِ، بين الجيران وفي العملِ.
لا غرابةَ إذا أسِنَت أحوالُ الجامعاتِ، إذا طفا علي سطحِها ما لا يسرُ عيناً ولا أذناً ولا أنفاً، من له منفعةٌ موجودٌ، البطُ، انتَسَبَ للإنسانِ أو الحيوانِ ،،

الخميس، 5 فبراير 2009

تسييسُ مجمعِ اللغةِ العربيةِ ..


جرَت الشهر الماضي انتخاباتُ العضويةِ بمجمعِ اللغةِ العربيةِ، وطبعاً شأنُها شأنُ كل الانتخابات لا مفرَ من التربيطاتِ، كلٌ يُجمِعُ من يزيدونه نفوذاً داخلَ المجمعِ. المرشحون أيضاً يرون في عضويتِه مركزاً أدبياً ولو كانت عندهم منها تُخمةٌ، ولو كان وقتُهم لن يسمحُ لأنشطةِ المجمعِ بالاستفادةِ منهم.
مجمعُ اللغةِ العربيةِ بعيدٌ عن تدخلاتِ الحكومةِ، لذا فإنه ساحةٌ للتيارِ المتشحِ بشعاراتٍ دينيةٍ، لإثباتِ الوجودِ ولو في غير مكانِه، وقد تجلي ذلك واضحاً من الفائزِ الوحيدِ في انتخاباتِ هذا العامِ وقد عُرِفَ بانتشارِه في إحدي الفضائياتِ السعوديةِ علي الأرضِ المصريةِ وفي ما يناهضُ النظامَ من ورقياتٍ. من المؤكدِ أن هناك العشراتَ الذين يمكنهم إفادةَ اللغةِ العربيةِ لاتساعِ وقتِهم ولبعدِهم عن السياسةِ، لكن زهدُهم وبعدُ الأضواءِ عنهم رغم معرفةِ المتخصصين بهم ألقاهم جانباً مفسحاً مقعداً لمن لم يُساهم في أي نشاطٍ بالمجمعِ.
يُفترضُ أن مجمعَ اللغةِ العربيةِ يهدفُ للنهوضِ باللغةِ العربيةِ وتقريبِها من الناسِ بدلاً من أن تنكمشُ من فرطِ الإنغراقِ في شعاراتِ الحفاظِ عليها وهي واقعاً دعواتٌ لمزيدٍ من عَزلِها سواءَ بمصطلحاتٍ يستحيلُ أن يتقبلُها الوسطُ العلمي والشعبي خاصةً في مجالات العلومِ، والحاسباتُ علي رأسِها، أو بالبعدِ عن مجالاتِ العلومِ الحديثةِ لصالحِ الانغماسِ في الجِدالاتِ اللغويةِ التي لم ولن تُقدمُ. وتحضُرُني هنا ترجمةُ بالمجمعِ لمصطلحِ "مودم" بكلمةِ "فاكٌ ضامٌ "، وهو ما يُذكرني بترجمةِ نجمِ الكوميديا فؤاد المهندس لكلمةِ "كافتيريا" بكلمةِ "قهويشا". لقد استوعبَت اللغاتُ المنتشرةُ في عالمِ اليومِ، بامتدادِ اسهاماتِها الحضاريةِ علماً وفكراً، العديدَ من المصطلحاتِ الانجليزيةِ دون حساسياتٍ وذلك حتي يستمرُ ازدهارُها؛ وعلي سبيل المثال بعيداً عن الحصرِ فإن كلماتٌ مثل Modem و PC وEmail وFormat وFile و WindowsوIphone وغيرها وغيرها قد دخلت اللغات الفرنسية والألمانية واليابانية فزادتها بهاءً.
وإذا كان البعضُ يري مثلاً يُردُده عن التجربةِ السوريةِ لتعريبِ العلومِ، فهو قولٌ يفتقرُ للدقةِ، علي أقلِ تقديرٍ، فلا المراجعُ العلميةُ ولا المؤتمراتُ العلميةُ تذكرُ اسهاماً سورياً إما في صورةِ بحثٍ أو اكتشافٍ، وازدادَ انعزالُ المعاهدِ العلميةِ السوريةِ عن التطورِ لعدمِ القدرةِ علي فهمِ المصطلحاتِ الحديثةِ والتجاوبِ معها. وإذا كانت التجربةُ السوريةُ في التعريبِ مثارُ ذكرٍ فهو في إطارِ تسييسِ اللغةِ ولو كان علي حسابِ العلمِ وفهمِه والتجاوبِ معه.
انجرافُ مجمعِ اللغةِ العربيةِ وراءَ التجمعاتِ التي تهدِفُ مصلحتَها لا يصبُ في منفعتِه، فالأولياتُ مختلفةٌ، والتكتلاتُ محتومةٌ، ومن الطبيعي أن يُبعَدُ عن أنشطتِه من يستطيعون لكن لا ينضوون تحت جناحٍ ما، ولو أعطوا في المجمعِ وخارجَه.
من أسفٍ أن يهبِطَ علي الكراسي من لا يُعرفون إلا بشعاراتٍ ومن أسفٍ أن مجمعَ اللغةِ العربيةِ بعراقتِه سيرجعُ لجِدالاتِ قرونٍ ولَت ولن تعودُ إلا علي منصاتِه، وَحدُه،

الاثنين، 26 يناير 2009

طبولُ النصرِ..


انتهَت مؤقتاً حربُ غزة، لا بدَ وللهدوءِ من نهايةٍ، لماذا؟ المقدِماتُ واضحةٌ، هي ذاتُها، بصخبِها، بمنطقِها في فهمِ الأشياءِ وتبريرِ الأفعالِ، ولو كانت في غيرِ محلِها. بعد الحروبِ يكون كشفُ الحسابِ، حسابُ الأرباحِ والخسائرِ، حماس خرَجَت منتصرةً، هكذا تقولُ ويرددُ نافخو النارِ في إعلامِهم، بكلِ أنواعِه. للنصرِ العربي معنيً آخر، مختلفٌ، اِختُزِلَ في تحملِ كلِ أنواعِ الضربِ، في المخابئ، في المدارسِ، في المساجدِ، في المنازلِ، المهم البقاءُ ضمن الأحياءِ، لا تقديرَ للحياةِ الإنسانيةِ، ولا للبؤسِ الإنساني، الشعاراتُ أولي، ولو ولَت إلي غيرِ رجعةٍ.
طبولُ النصرِ علا ضجيجُها، العدو اندحرَ وخابَت مخططاتُه، هكذا تحولَت هزيمةُ 1967 إلي نكسةٍ، ولو استمرَت أثارُها حتي اليومِ، هكذا انكسرَ صدام حسين في الوقتِ الذي بشرَ فيه وزيرُ إعلامِه من إحدي الخراباتِ بطردِ العلوجِ، هكذا اُزيح حسن نصر الله من جنوب لبنانٍ تعرضَ للتدميرِ والتخريبِ، هكذا ظهرَت مصطلحاتُ التمثيلِ المشرفِ بمعني الهزيمةِ بأقلِ قدرٍ من الأهدافِ، هكذا أصبحَت الهزيمةُ مقبولةٌ مبررةٌ، هكذا أصبحَ الخداعُ ركنٌ أساسيٌ في معيشةٍ تقومُ عليه، وحدِه. الانجازاتُ العربيةُ، كلامٌ في كلامٍ، هَجسٌ وفَشرٌ ونَخعٌ، لا انجازاتٍ ولا نجاحاتٍ، تبارٍ في السبابِ والاتهاماتِ، غرقٌ في الأوهامِ، أوهامُ الأفضليةِ، وجوبِ النصرِ.
أكدَت حربُ غزة أن العربَ هم العربُ، منذ مئات السنين، لم يتغيروا، لم يتعظوا، برغمِ ما في تاريخِهم من عبرٍ وعظاتٍ، لا يعتبرون بها، يتناسنوها، يؤولونها، حتي يتوهوا عن الواقعِ، يغرقون في ظلماتٍ من نسجِ أوهامِهم وخُيالاتِهم. في حربِ غزة تقاتلَ العربُ بكلِ الشراسةِ الإعلاميةِ، حتي مواقعِ الانترنت أكدت ما في الشارعِ العربي من رفضٍ لتعددِ الآراءِ، من بذاءةِ ما في الألسنةِ، من عقولٍ تيبسَت من فَرطِ كُرهِ التفكيرِ. الفضائياتُ العربيةُ تمثلُ قمةَ الخداعِ والتضليلِ والتزييفِ، فيها فهلوةُ العرضِ وسطحيةُ الطرحِ، مع افتعالِ اللطافةِ والظرافةِ والخفافةِ، روحي روحي روحي. العربُ ظاهرةٌ منها عرِفَ العالمُ كيف يتجنبُ الفشلَ، كيف بالعلمِ يرتقي، كيف يتقبلُ التعددَ والاختلافَ حتي يُكتبُ له الاستمرارُ.
احتفالاتٌ بالنصرِ من علي الخرائبِ والأنقاضِ، لم يحاربوا، لم يقاوموا، الشعبُ هو الوقودُ، هو الذي يعاني ويئنُ ويتعذبُ، بلسانِه يتكلمون دون أن يسألونَه أو يُشاوروه، علي أشلائه يطبقون نظرياتِهم وخلفَه يختبئون من النيران. الإنسانُ العربي بلا كرامةٍ علي أرضِه، مستباحٌ مُهمشٌ مُكبلٌ، اعتادَ المعيشةَ علي الهامشِ، قَنِعَ بنصيبِه، من فرطِ يأسِه وقلةِ حيلتِه، من شدةِ قهرِه، من اعتيادِه علي الأغلالِ، ولو آلمتَه وأدمتَه، أغلي أمانيه أن يفوزَ فريقُه في مباراةِ كرةِ قدمٍ، فقط لا غير، قبلَ رغيفِ الخبزِ وأنبوبةِ البوتاجاز، والكرامةِ.
ستستمرُ احتفالاتُ النصرِ والعروضُ العسكريةُ بصيحاتِها وطبولِها، ضاعَت المعاني، الهزيمةُ هي النصرُ، التراجعُ هو التقدمُ، وعجبي،،

الخميس، 22 يناير 2009

معارض مكتبة الإسكندرية - يناير 2009


معرضان جديران بالمشاهدة:

1- السراب والتأمل Mirage and Reflection
معرض لوحات زيتية مشترك للفنانة المصرية الدنماركية ليز علام Lise Allam والفنانة الدنماركية بيا أندرسن Pia Andersen (
www.piaandersen.com)
لوحات الفنانة ليز علام كلها تقريبآ من الحجم الكبير وتمثل أشخاص أحيانآ على شكل خيال أو طيف وأحيانآ أخرى على شكل "سلويت". تتميز معظم لوحاتها بخطوط رقيقة وإحساس عالى وإختيار جيد للألوان.
أعجبت خاصة باللوحتين الزرقاوتين واللوحة التى تمثل سيدة جالسة على دكة وخلفها سيدات مسنات.
أما لوحات الفنانة بيا أندرسن جاءت كلها على شكل واحد لكن فى أحجام وألوان مختلفة. لوحاتها عبارة عن طبقات أفقية تختلف فى سمكها فالجزء الأمامى أوسع من الخلفى وبينهما فاصل وهي مرسومة بالشكل التأثيرى وحسب اللون المستخدم يمكن للمشاهد أن يتخيل المنظر كما لو كان حقلآ أو بحيرة أو غابة وفى الخلف السماء. ألوانها جذابة ومتناسقة ولوحاتها تدعو للتأمل.

2- إنفجار Blow-Up
معرض صور من عالم النانو يجمع بين العلم والفن وينظم فى إطار إنطلاق عام العلم المصرى الإيطالى.
النانو تكنولوجى من أحدث التطبيقات العلمية والنانو يساوى واحد من المليارمن الوحدة.
فى الجانب العلمى من المعرض نكتشف من خلال الصور كيفية التصوير فى عالم النانو وكيفية وزن المواد النانوية وكيفية تشكيل سطحها سواء عن طريق الحفر أو الترسيب.
وحيث أن هذه الصور الإلكترونية ليست ملونة وإنما تظهر فى درجات متفاوتة الكثافة من اللون الرمادى يتم عادة إضافة الألوان لتوضيحها فتبدو فى بعض الأحيان كلوحات فنية جذابة. إلى جانب أن إختيار الكادر المناسب للصورة مثل جزء معين من سطح المادة قد يجعل منها أيضآ لوحة فنية جذابة. وإختيار اللون والكادر يمثل الجانب الفنى من المعرض.


مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

شاهدت في السينما


1) طلباتكم أوامر Yes Man

فيلم جديد للممثل جيم كارى من النوعية التى اعتاد أن يقدم فيها دور الذى يعانى من مشكلة ما فى سلوكه فى إطار كوميدى خفيف.
الفيلم لطيف وأداء جيم كارى مناسب لا مبالغة فيه ولااسفاف.
يقول أفيش الفيلم "كلمة واحدة يمكن أن تغير كل شئ". ربما! لكن المهم أن الفيلم ينجح فى دفع المشاهد للتأمل وجعله يشعر بالسعادة.
درجة الفيلم : 6,5 من عشرة


2)
العين المراقبة Eagle Eye

يطرح الفيلم موضوع يشغل بال الكثيرين خاصة بعد التطور التكنولوجى الهائل فى الحواسب ووسائل المراقبة.
الفيلم مثير الى حد ما لكن المشاهد يحتاج ليقتنع بقصته إلى خيال واسع يساوى على الأقل خيال كتاب السيناريو.
لم يبرز أحد من مجموعة العمل والشكل تجارى بحت.

درجة الفيلم : 6 من عشرة

3) المنتقم Punisher: War Zone

عودة شخصية المعاقب Punisher من سلسلة كتب مارفيل كوميكس Marvel Comics بعد أربع سنوات من الظهور لأول مرة على الشاشة الفضية. لكن هذه المرة جانب التوفيق مخرج الفيلم وممثل الدور الرئيسى حيث فشلا فى إظهار الشخصية بالشكل الملائم.
الفيلم بإيجاز شديد : قليل من الإبتكار .. كثير من العنف.

درجة الفيلم : 5,5 من عشرة

4) بابل بعد الميلاد Babylon A.D

فيلم تدور أحداثه فى المستقبل القريب حين تعم الفوضى ويغيب الأمن وتتصارع الجماعات للسيطرة على العالم.
مخرج الفيلم الفرنسى الذى قدم من قبل أفلام Gothika , La Haine حسنته الوحيدة هنا خلق جيد للمناخ الذى تدور خلاله الأحداث.
مع أن هدف بطل الفيلم إنقاذ العالم ( كما يدعى فى سرده للقصة ) إلا أن الفيلم بهذا المستوى لن يحقق شيئآ.
درجة الفيلم : 5 من عشرة


مهندس / دانيال تانيليان - سكندرى عاشق للسينما ومحب للفنون

الاثنين، 12 يناير 2009

نظامٌ يدفعُ الثمنَ..


الهجومُ الإسرائيلي علي غزة بعد إلغاء حماس للهدنةِ ومبادرتِها بإطلاقِ الصورايخِ، لم يأتْ بجديدِ، الحالُ هو الحالُ، العربُ هم العربُ، لا يتغيرون، العالمُ تغيرَ، اسرائيل وجدَت من المناصرين بأكثرِ مما كانت تحلمُ أو تتمني، في وضعِ دفاعٍ عن النفسِ هي، تردُ الإرهابَ، حرام المدنيين، إلي الجحيمِ حماس، هكذا قال الاتحادُ الأوروبي والولاياتُ الأمريكيةُ كعادتِها. العربُ مزقَ بعضُهم بعضَه، ما بين الخيانةِ والعمالةِ، لم ينطلقْ صاروخٌ من عابري المسافاتِ الطويلةِ، لا من إيران ولا من سوريا ولا من حزب الله، فنجرية كلام، لا أكثر، قطعاً الحال من بعضه في قطر واليمن.
مع كلِ خسائرِ تلك الحربِ الماديةِ والمعنويةِ يقفُ النظامُ في مصر علي قمةِ الخاسرين، المظاهراتُ ضده في الداخلِ والخارجِ، في دولٍ أجنبيةٍ وأخري عربيةٍ، في الفضائياتِ والورقياتِ، المرئي والمسموعِ، في مجلسِ الشعبِ المصري وفي الشارعِ. نظامٌ اِتُهِمَ، كما جرَت العادةُ، في ممارساتِه خاصةً ما يتصلُ منها بالقضيةِ الفلسطينيةِ، نظامٌ أخفَقَ في كسبِ مؤيدين، الأنطاعُ تجرأوا عليه، إعلامُه فشلَ في تجميلِه والترويجِ له، أقلامُه حالُها من حالِه، لا قبولَ ولا مصداقيةَ، كارثةٌ لمن يجلسُ علي كرسي السلطةِ. إذا كان للنظامِ مناصرون في الداخلِ لهانَت معاناتُه في الخارجِ، لكن عندما يتوحَدُ الداخلُ مع الخارجِ في الاتهاماتِ والمشاعرِ الكارهةِ فمن المؤكدِ أن الخطأَ فيه، يستحيلُ أن يكونوا كلهم عليه.
لماذا كَرِهَه الداخلُ؟ الإجابةُ ليست بالعويصةِ، طولُ بقاءٍ لا يبررُه ضيقُ معيشةٍ وقلةُ رزقٍ وفرصٍ، وزراءٌ ومسئولون أُجلِسوا بلا استحقاقٍ ولا كفاءةٍ، أثاروا من الغضبِ والنقمةِ بما يوحي أن تعيينَهم لا يُقصدُ به سوي الإلهاءِ العامِ، فئاتٌ أُفقِرَت حتي تُغلَقُ عقولُها، أعضاءُ هيئاتِ تدريسٍ بالجامعاتِ علي رأسِها، تضييقُ حرياتٍ وظلمٌ، تفاوتٌ اجتماعيٌ شاسعٌ، استهتارٌ بحقوقِ المصريين في الخارجِ، تبذيرٌ حيث يجبُ التقتيرُ وتقتيرٌ عندما يجبُ التبذيرُ، بلدٌ بلا مكانةٍ تليقُ به وتُرضي غرورَ شعبِه ، علمياً أو صناعياً أو اجتماعياً أو سياسياً.
الخارجُ لا يعترفُ إلا بالقوي داخلياً، لا بالعسكرِ والسجونِ، لكن بشرعيةِ البقاءِ والاستمرارِ، مقاعدُ مجلسِ الأمنِ المُجَدَد لن تُعطي جزافاً، إنما هي للأنظمةِ التي تستوفي معاييرَ احترامِ حقوقِ الإنسانِ أياً كان لونُه وجنسُه ودينُه وعرقُه. ريادةٌ ومكانةٌ، يُطنطنُ بها إعلامُ النظامِ، تنفيها المظاهراتُ ضده، احتقاره للشعبِ أبعده عنه، تصورُه أن في معاندتِه القوةُ والمنعةُ أفقده مساندتَه، نظامٌ بلا تأييدٍ داخلي كمن لا أهلَ له، بائسٌ، يتيمٌ، منبوذٌ، ضعيفٌ، ولو توهمَ غير ذلك.
مصر، تاريخٌ مبهرٌ، أما الحاضرٌ فمُقفرٌ والمستقبلٌ دامسٌ، لهذا كرهوا نظامَها، من الداخلِ أولاً، نظامٌ بلا سندٍ، لهذا دفعَ الثمنَ باهظاً، علي حسابِ المصريين، للأسفِ،،